قطر كان لها السبق في دعم شعبنا

alarab
حوارات 25 نوفمبر 2011 , 12:00ص
موفد العرب - ياسر مهني
أكد رئيس المجلس العسكري لطرابلس عبد الحكيم بلحاج أن دولة قطر كان لها السبق والمساهمة المحورية في دعم قضية الشعب الليبي، مشيرا إلى أن الدوحة امتلكت دورا رياديا في تزويد المجلس الانتقالي بالدعم سواء كان دعما طبيا وإغاثيا أو في مد يد العون بما طلب منها من دعم عسكري . وتحدث بلحاج عن علاقة الجماعة الإسلامية بتنظيم القاعدة ومراجعاتها الفكرية واصطدامها بنظام القذافي، كما تحدث عن انتفاضة العاصمة طرابلس ، كاشفا عن أسرار جديدة في أحداث ثورة 17 فبراير، وتحرير العاصمة، وإلى نص حواره مع “العرب”.  ما تقييمكم للدور القطري في دعم ثورة 17 فبراير؟ - يسرنا في البداية أن نلتقي بصحيفة «العرب» ونحن كثوار وكشعب ليبي نشكر كل من وقف معنا مساندا لقضيتنا العادلة، والذين كان لهم السبق في هذا الأمر هم دولة قطر الشقيقة، التي شاركت وأسهمت مساهمة محورية في دعم قضيتنا وكان لها الدور الريادي في تزويد المجلس الانتقالي بالدعم سواء كان دعما طبيا وإغاثيا للمهاجرين والمشردين في ليبيا أو في مد يد العون بما طلب منها من دعم عسكري. وهذا الدعم يمثل لبنة رئيسية في إقامة علاقات متينة ومتميزة بين الحكومة القطرية والحكومة والدولة الليبية الجديدة التي نريدها أن تقيم علاقات متينة مع قطر والدول التي ساندتنا وتفتح صفحة جديدة ومشرقة لليبيين بعد أن لطخ القذافي علاقاتنا مع الشعوب الأخرى التي مارس الإرهاب ضدها.. ونتوقع أن تكون علاقات التعاون مع قطر في كافة المجالات.  ماذا كان شكل نضالكم قبل ثورة 17 فبراير ضد نظام العقيد القذافي؟ - بالنسبة للدور النضالي الذي مارسه الليبيون ضد نظام العقيد القذافي طيلة 4 عقود ماضية لا شك أنه تاريخ حافل بالبطولات. وبالنسبة لي شخصيا أكرمني الله بأنني كنت ضمن قافلة المناضلين ضد هذا النظام، وسعينا جاهدين منذ أكثر من عقدين لإسقاط هذا النظام والإطاحة به، وكان لنا دور وحاولنا مرات مقارعة هذا النظام، وتمثلت صورة هذا النضال عندما كنت طالبا بكلية الهندسة في جامعة طرابلس فالتحقت بصفوف الطلاب الإسلاميين واجتمعنا من أجل أن يكون لنا كيان منظم يعمل من أجل التخلص من هذا النظام، وكان المشرفون على هذا التنظيم يعون خطر نظام القذافي على البلاد وعلى الإسلام وعلى الإنسانية كلها؛ حيث كان قد كشف عن أبشع صوره التي شاهدها العالم كله. وانضممت لهذا التنظيم وكان عملنا سريا.  أعتقد أنه كان الجماعة الإسلامية.. ماذا حدث بعد ذلك؟ - نعم تطور هذا التنظيم إلى أن وصل إلى شكل الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا، وكان لها مواجهات بعد أن تمت مطاردتها من جانب نظام القذافي في مطلع التسعينيات وكذلك تم إلقاء القبض على المئات من الإسلاميين وقتها، وكانت هذه الاعتقالات في نهاية الثمانينيات وتحديدا في عام 1989، كما قام النظام بحملة اعتقالات عشوائية خلال الأحداث التي شهدتها المناطق الشرقية في ليبيا، وفي عام 1996 قام النظام بقتل السجناء العزل في أبشع مذبحة شهدها التاريخ المعاصر وتمت تصفيتهم في غضون ساعات في سجن أبي سليم، وكان جزء كبير منهم يعد امتدادا لهذا التنظيم الذي كنا ننتمي إليه.  ألم تجعلكم كل هذه الأحداث تفكرون في سلمية النضال؟ - بدأنا بالفعل على مستوى الجماعة الإسلامية نفكر لبلورة منهج جديد يتواكب مع الوضع السياسي والتجربة السابقة إلى أن وصلنا إلى إخراج كتاب يحوي دراسات تصحيحية وتكلمنا فيه عن رؤيتنا أو تأصيلنا الشرعي عن المنهج الذي كان العديد من الشباب يتبنونه، وقبل إخراج هذا الكتاب تم القبض عليّ وعلى مجموعة من قيادات الجماعة، وكانت هناك مفاوضات مع الجهات الأمنية بنظام القذافي حتى أفرج عن أكثر من 700 سجين.  وما مقابل الإفراج عنكم؟ - نعلم جميعا أن المفاوضات تمت بناء على حاجة نظام القذافي لتبييض صورته السوداوية وكذلك احتياجه لحل هذا الملف الشائك، ونحن نعرف أيضا أن لهذا النظام ملفات شائكة مع شعبه في العديد من مناحي الحياة. ونوضح أنه بعد قمع وتصفية العديد من المحرضين من مختلف التيارات والتوجهات، خاصة الإسلاميين على اعتبار أنهم الكم الغالب في السجون، والذين تمت تصفيتهم في مذبحة أبي سليم عام 1996، كان على النظام أن يعالج هذه الإشكالية على المستوى الداخلي، وتم إجراء التفاوض معنا نحن الإسلاميين في السجون وأفرج عن العديد من السجناء.  ما علاقتكم بتنظيم القاعدة؟ - لم يكن لنا أية علاقة بتنظيم القاعدة، وكل ما في الأمر أن هناك خلطا أو التباسا مطروحا على اعتبار أننا كنا متواجدين في ساحة واحدة وهي أفغانستان، وأنا زرت هذا البلد وتواجدت فيه عندما كنا نساهم في دعم قضية الشعب الأفغاني بعد تعرضه للاحتلال السوفيتي. وتنظيم القاعدة -كما هو معروف- تم إنشاؤه في أفغانستان ولكننا لم ننتم إليه بل كنا في ساحة واحدة، وهذا التواجد في الساحة الواحدة لا يعني أننا مرتبطون فكريا أو تنظيميا بالقاعدة.  وماذا كان شكل تنظيمكم في أفغانستان؟ - تنظيمنا كان يسمى بـ»الجماعة الإسلامية المقاتلة»، وهذا التنظيم كان مختصاً بالليبيين هناك وهو جزء منهم وهو الذي ننتمي إليه وعاد هذا التنظيم بعد أفغانستان إلى ليبيا وتنقل أفراده في أكثر من مكان داخلها، لكن كانت قضية هذا التنظيم محصورة في ليبيا وتحديدا في جمع الشباب لتخليص الشعب الليبي من حكم القذافي، ولم يكن لنا أي ارتباط بقضية خارج ليبيا ولم نقدم على أي شيء من شأنه أن يؤثر على العلاقات بين ليبيا ودول العالم.  اعتقلتم وخرجتم من سجون القذافي.. ماذا فعلتم بعد ذلك؟ - عندما أفرج عنا، خرجت أنا شخصيا في شهر مارس من عام 2010 أي قبل اندلاع ثورة فبراير بنحو سنة تقريبا وكان لي دور في متابعة أحوال السجناء الذين كانوا يقبعون في مختلف معتقلات القذافي وسجن أبي سليم وكنت أتردد عليهم من أجل السعي للإفراج عنهم وهم بالمئات، وكذلك كنا كجماعة نتابع الأوضاع الداخلية وشؤون المفرج عنهم. وعندما بدأت الثورة التحقنا بها مباشرة ورأينا أنها تمثل آمال وطموحات الشعب الليبي الذي اجتمعت قواه السياسية في 17 فبراير للإطاحة بالنظام، وبفضل الله نشهد الآن تتويجا لمجهودات وتضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل إنقاذ ليبيا، وها نحن اليوم نترحم عليهم ونشهد ليبيا الجديدة بعد تضحيات بلغت أكثر من 25 ألف شهيد وأكثر من 90 ألف جريح.  هل من الممكن إعطاؤنا فكرة عن مراجعات الجماعة الإسلامية؟ - قبل أن يتم إلقاء القبض على جزء كبير من قيادات الجماعة في الخارج كنا نقوم بمراجعة ومتابعة ما تحقق من أهداف كنا قد اجتمعنا من أجل تحقيقها وهذه المراجعات كانت تتم بصورة دورية، وفي كل الفترات التي كانت تجتمع فيها قيادات الجماعة، وعقدنا جلسة تقييم لما تحقق من أهداف نتيجة لتواجدنا السياسي والعسكري، ونحن نعلم أن العمل السري إذا ما اتسعت مدته الزمنية كان ذلك عاملا مهما في كشفه، وعندما تمت المواجهة بين أعضاء الجماعة وسلطات القذافي الأمنية منذ عام 1995 وحتى عام 1997 كنا ندرس هذه الأوضاع، وخلصنا إلى أن التجربة المسلحة غير مجدية وجاء التفكير مبكرا في عام 2000 ونحن في الخارج وقبل أن يتم إلقاء القبض علينا، وكان لا بد لنا من إعادة تشكيل رؤية جديدة لمنهج الجماعة الذي تبلور عام 2000 في أن يقتصر نشاطنا على أن يكون نشاطا سياسيا دعويا أكثر من نشاط مسلح. وهذا الأمر شغلنا كثيرا بعد دراسة مستفيضة للأحداث واستخلاص العبر واستشراف المستقبل ووفق إمكانياتنا كجماعة وما تبقى من كوادرها وكذلك وفق الظروف التي تغيرت فيها أوضاع الجماعة كقوة في الداخل بعد كشف العديد من كوادر التنظيم لدينا، وكذلك الوضع الإقليمي والعالمي، والذي أكد لنا ضرورة أن يكون هناك رؤية جديدة تحمل عملا سياسيا أوسع من نطاق العمل العسكري.  كيف انتفضت طرابلس وتحررت؟ - طرابلس انتفضت مع انتفاضة ثوار بني غازي في 17 فبراير الماضي، وما يجدر الإشارة له والإشادة به أن أحياء طرابلس قامت كرجل واحد ضد نظام القذافي مثل حي فاشلوم، وكان ثوار طرابلس يهتفون بمساندة بني غازي وأنهم فداء لها، ومع أن التركيز الأمني في العاصمة طرابلس أكثر من غيره في المدن، إلا أن هذا لم يمنعنا من الخروج، وحدثت مواجهات مع النظام وسقط قتلى وجرحى، والعديد من الأحياء انتفضت لكن تم بعد ذلك قمع انتفاضتهم بعد عمليات اعتقالات وقتل وسحل للمواطنين، وبدأ النضال داخل العاصمة من خلال توزيع منشورات وبيانات تحرض على نظام القذافي وتدعم الثورة، ومن خلال إعادة تنظيم صفوف الثوار.  وأين كنت في خضم هذه الأحداث؟ - كنت في طرابلس في يوم 17 فبراير ثم انتقلت إلى مدينة مصراتة في اليوم التالي ولما عدت عرفت أن الأمن يسأل عني في منزلي وكنت مطاردا فهم يعلمون أن المسجونين السابقين هم من أسهموا مساهمة مباشرة في التحريض على المشاركة في الثورة وإسقاط النظام، وأتى لهم عملاؤهم بصورنا، وفي يومي 18 و19 فبراير اعتقلوا أبي وأخي حتى أسلم نفسي، إلا أنني بعد ذلك تنقلت بين منازل طرابلس وحاولت أن أتصل بشباب 17 فبراير لنرتب الصفوف ونحشد إمكانات تتمثل في أماكن تأويهم ومحاولة تسليحهم وجمع ما يمكن أن يعيد صفوف هؤلاء الثوار لمقارعة النظام.  كيف حصلتم على أسلحة؟ - حاولنا أن نتصل بالضباط المنشقين عن النظام والمؤيدين للثورة للتسليح ببعض القطع، ولكن عددنا وقتها لم يكن كبيرا، ما اضطرني إلى مغادرة ليبيا بعد شهر ونصف تقريبا من الثورة.  أين كانت وجهتكم؟ - خرجت إلى تونس عن طريق البحر والتقيت ببعض الثوار المقيمين هناك وبدأنا نرتب أمر معسكرات الثوار في منطقة الجبل الغربي؛ حيث كانت هناك مناطق محررة ولم يسيطر عليها النظام، وانتقلت فيما بعد إلى بني غازي للقاء الثوار هناك وبالفعل التقيت بأعضاء المجلس الانتقالي والسيد مصطفى عبدالجليل ووزير الدفاع وطلبنا الدعم العسكري ووفقنا الله؛ حيث رحب السيد عبدالجليل والمجلس الانتقالي بدعم جبهة طرابلس، وبالفعل كان التعاون مع تجمع سرايا الثوار ببني غازي الذين أمدونا بالسلاح ودخلنا عن طريق البحر بكميات من الأسلحة لدعم ثوار الداخل، وبعد ذلك تنقلت في مدن الجبل الغربي لنقل كميات من الأسلحة عن طريق الجو وبالفعل تم إدخال جزء من الأسلحة للعاصمة من الجنوب. كما بدأت في تجميع الشباب في منطقة الجبل الغربي وكان لنا دور في مساندة شباب العاصمة الذين انتفضوا في 20 رمضان وكنا ننسق معهم، الأمر الذي جعلنا ندخل العاصمة لنساند انتفاضة سكانها على كتائب القذافي وبعد ذلك تم التحرير، وتعاملنا مع المواقع والجيوب التي لم تتحرر مثل باب العزيزية مقر إقامة القذافي وحصنه حتى أعلنا تحرير طرابلس بالكامل.  لكن يقال: إن مقاومة كتائب القذافي في طرابلس كانت ضعيفة. - بالعكس كانت مقاومة عنيفة للغاية، ففي يوم 20 رمضان كانت الكتائب تجوب شوارع طرابلس المليئة بالقواعد والمعسكرات، إلا أنه بعد انتفاضة أهالي طرابلس من جميع المناطق فاجأ هذا الأمر الكتائب الأمنية وقاومت في البداية مقاومة شرسة، إلا أن العديد منها انسحب إلى المعسكرات التي تعاملنا معها فيما بعد وبعضها انسحب إلى بني وليد وسرت.  ما شكل الدولة الجديدة التي تريدونها إسلامية أم ليبرالية؟ - تعلمون أن تعداد سكان ليبيا يصل إلى 7 ملايين نسمة وهم يدينون بالدين الإسلامي ويمتد هذا المجتمع في أصالته إلى مجتمع محافظ وعادات وتقاليد راسخة، ونحن كشعب يربطنا نسيج اجتماعي واحد ومتماسك. نعم لدينا أقليات مثل الأمازيغ والطوارق لكن الكل يدين بالإسلام والكل ينظر نظرة تفاؤل لليبيا الجديدة وما نريده هو أن يكون لنا دولة مدنية. دولة قانون ومؤسسات ترفرف عليها رايات الحرية والعدل والذي كنا ننشده منذ 40 عاما. ونرجو أن تحقق الدولة الجديدة آمال وطموحات الليبيين الذين قدموا قوافل الشهداء وناضلوا وكافحوا كثيرا وشردوا واعتقلوا. وهذه الثورة تتويج لتضحياتهم العظيمة وبحجم هذه التضحيات نرجو أن نبني ليبيا جديدة تحتضن الجميع وننشد فيها استقرارنا.  لكن هل تطبقون الشريعة الإسلامية؟ - نحن نقول إننا شعب مسلم وينتمي إلى حضارة إسلامية.. لكن سيترك هذا الأمر وتحديد معالمه للذين سوف يقولون كلمتهم في الدستور الذي سيعد لاحقا. وما نود أن نراه هو أن يطبق العدل وتسود قيم الفضيلة في مجتمعنا وأن يكون حكمنا يجعل منا نموذجا لغيرنا.  ما معنى المجلس العسكري وهل يتقاطع عمله مع الجيش؟ - الجيش الوطني هو ما نسعى لبنائه ونود أن نراه جيشا قويا يحمي بر وبحر وجو ليبيا ويقوم على معايير تنسجم مع أهداف ثورة 17 فبراير وليس على أساس ما بناه القذافي، فالقذافي لم يبن جيشا ولا مؤسسات دولة كانت هناك كتائب تحمي نظامه وتنفذ رغباته فقط، لكن ما نطمح إليه هو بناء جيش يحرس حدود ليبيا ويبني بناء علميا ونرى وجوها فيه تحمل أهداف الثورة، أما المجلس العسكري فهو مجلس مؤقت حركته مع حركة الثوار وكان له دور في قيادة الثوار بمرحلة الثورة وسوف يحل مع بداية تكوين مؤسسات الدولة.