معدل التضخم ضمن الأقل في المنطقة.. 4.8% نمواً متوقعاً للاقتصاد القطري في 2026

alarab
اقتصاد 25 أغسطس 2025 , 01:25ص
سامح الصديق

الاقتصاد القطري سجل نمواً حقيقياً بنسبة 3.7% في الربع الأول  على أساس سنوي
مؤشر مديري المشتريات يؤكد استمرار توسع القطاع الخاص والتوظيف في أعلى مستوياته
15 مليار ريال فائض متوقع في الموازنة هذا العام ومعدل التضخم من الأقل في المنطقة
63.6% مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع الأول

 

يواصل الاقتصاد القطري تسجيل أداء قوي، وهو ما أظهرته النتائج المالية للشركات بنهاية النصف الأول من العام الحالي 2025، ودعم القطاعات غير المرتبطة بالطاقة والتقدم المُطرد في الإصلاحات التي تُعزز القطاعات المتنوعة، ومنها تجارة الجملة والتجزئة التي سجلت نموا بنسبة 14.6%، والصناعات التحويلية 5.6%، والبناء 4.4%، والعقارات 7%، كما شهد قطاع أنشطة خدمات الإقامة والطعام نموًّا بنسبة 13.8%، مما يعكس الزيادة في النشاط السياحي في دولة قطر.

وأشار تقرير أصدرته منصة الأبحاث «كوشمان آند ويكفيلد» مؤخرا إلى توقعات مُحسّنة للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% هذا العام، بزيادة قدرها 0.3 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة، مع توقعات بتسارع النمو الاقتصادي إلى 4.8% في عام 2026. ويعكس هذا التقييم أداءً أقوى من المتوقع في الربع الأول، حيث توسع الاقتصاد بنسبة 3.7% على أساس سنوي، مدفوعًا بشكل كبير بتجارة الجملة والتجزئة والسياحة والقطاع العقاري.
وذكر التقرير أن المؤشرات تشير إلى استمرار الزخم في الربع الثاني. فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) في يونيو إلى 52 نقطة، وهو أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، مما رفع متوسط ​​الربع الثاني إلى 51.2 نقطة من 51.1 نقطة في الربع الأول. 
وأشارت «كوشمان آند ويكفيلد» إلى أن «مؤشر مديري المشتريات يشير إلى استمرار توسع نشاط القطاع الخاص، على الرغم من بعض التباطؤ في الطلبات الجديدة». وكان نمو التوظيف ملحوظًا بشكل خاص، حيث أظهر أحدث مسح للقوى العاملة زيادة سنوية بنسبة 2.8% في عدد الموظفين في الربع الأول، مسجلاً بذلك أحد أقوى فترات التوظيف على الإطلاق.

فائض الموازنة وأسعار المستهلكين
في غضون ذلك، عدّلت شركة أكسفورد إيكونوميكس توقعاتها المالية، متوقعةً أن تحقق قطر فائضًا في الموازنة هذا العام، لكنها خفضته إلى 15 مليار ريال (1.8% من الناتج المحلي الإجمالي) من 23 مليار ريال سابقًا. وكشفت بيانات الموازنة عن عجز للربع الثاني على التوالي، بلغ 1.3 مليار ريال في النصف الأول، حيث ارتفع الإنفاق بنسبة 5.7% على أساس سنوي بفضل ارتفاع الأجور ونفقات المشاريع.
فيما يتعلق بالأسعار، خفضت أكسفورد إيكونوميكس توقعاتها لمعدل التضخم لعام 2025 بمقدار 0.6 نقطة مئوية إلى 0.4%، وأكد خبراء السوق في المؤسسة أن «معدل التضخم في قطر من بين أدنى المعدلات في المنطقة، مما يدعم القوة الشرائية ويعزز ثقة الشركات. 
وتتمتع آفاق الطاقة بنفس القدر من القوة، حيث يسير توسع قطر في إنتاج الغاز الطبيعي المسال على الطريق الصحيح لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 142 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. ومن المقرر أن يبدأ إنتاج مشروع حقل الشمال الشرقي في منتصف عام 2026، مما يعزز دور قطر على المدى الطويل كمركز عالمي لتصدير الغاز. 

تعزيز الاقتصاد غير الهيدروكربوني
أبرزت البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء الوطني ثمار الجهود الوطنية في تعزيز الاقتصاد غير الهيدروكربوني والذي شكّلت مساهمته حوالي 63.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع الأول من عام 2025، أي حوالي 115 مليار ريال، بعد أن كانت مساهمته حوالي 62.6% في الفترة ذاتها في 2024. يمضي الاقتصاد غير الهيدروكربوني قدماً في تحقيق نمو متسارع بلغ 5.3% في الربع الأول من عام 2025 مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق، مما يعكس تواصل توسّع العديد من النشاطات الاقتصادية بعيداً عن الاقتصاد الهيدروكربوني.

الثقة الاستثمارية وتنوع الاقتصاد
أعلن مركز قطر المالي (QFC) عن تسجيل زيادة قوية في التسجيلات الجديدة بنسبة 64% في عدد الشركات بالنصف الأول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من عام 2024. ويعكس هذا النمو تنامي جاذبية السوق القطرية للمستثمرين وثقتهم في مركز قطر للمال كمنصة لتأسيس الأعمال في المنطقة. ومع استقطاب 828 شركة جديدة خلال النصف الأول من العام الجاري، يقترب مركز قطر للمال من تجاوز الرقم القياسي لعدد الشركات المسجلة خلال عام 2024 بأكمله، ليرتفع بذلك إجمالي عدد الشركات إلى 3300 شركة. 
كما تم إطلاق برنامج تحفيز بقيمة مليار دولار من قِبل وكالة ترويج الاستثمار لدعم الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويقدم البرنامج باقة واسعة من حزم الحوافز المُصممة خصيصًا للمستثمرين المحليين والدوليين، تشمل دعمًا ماليًا يغطي حتى 40% من نفقات الاستثمار المحلي على مدى خمس سنوات، وتشمل تكاليف تأسيس الأعمال، وأعمال تجهيز مقر الشركة، واستئجار المكاتب، والمعدات، والمصروفات المتعلقة بالموظفين. ويستهدف البرنامج القطاعات التي حددتها إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، وتضم: الصناعات المتقدمة، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا، والخدمات المالية.

السياحة والعقارات
استقبلت قطر 2.6 مليون زائر دولي خلال النصف الأول من 2025 بارتفاع 3٪ عن نفس الفترة من عام 2024، وبلغت مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر في عام 2024 نحو 55 مليار ريال (15.1 مليار دولار أمريكي)، أي ما يعادل حوالي 8% من إجمالي الناتج الاقتصادي، مسجلة بذلك زيادة بنسبة 14% مقارنة بعام 2023، وهو ما يؤكد أن قطر تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق هدف رؤية 2030 المتمثل في مساهمة القطاع السياحي بنسبة 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يبرز دوره المتنامي في دعم جهود التنويع الاقتصادي الوطني.
سجل القطاع العقاري انتعاشاً واضحاً وأداء قويا خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث بلغ إجمالي قيمة معاملاته نحو 8.9 مليار ريال، بزيادة قدرها 29.8 بالمائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وذكرت الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري «عقارات» أن المعاملات العقارية المسجلة الربع الثاني من عام 2025 سجلت زيادة كبيرة، إذ وصلت إلى 1915 معاملة عبر مختلف الفئات، بزيادة نسبتها 44 بالمائة مقارنة بالربع المماثل من 2024، وهو أقوى أداء ربعي يسجل منذ الربع الثالث من عام 2020، مشيرة إلى استحواذ بلدية الدوحة على الحصة الأكبر منها بقيمة 4.8 مليار ريال، تلتها بلدية الريان بإجمالي 1.9 مليار ريال.
ويرى محللون وخبراء اقتصاديون أن الجمع بين الانضباط المالي والإصلاحات الهيكلية والاستثمار المستهدف في قطر يحافظ على النمو على مسار مستقر، في حين أن التوازن بين التوسع في الطاقة وتنويع مصادر الدخل عن طريق الاستثمار في القطاعات غير المرتبطة بالطاقة يجعل التوقعات مرنة بشكل خاص.

قدرة عالية على التكيّف ومواصلة النمو

سجل الاقتصاد القطري نمواً حقيقياً بنسبة 3.7% في الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها في عام 2024، بعد أن وصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى 181.5 مليار ريال في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بـ 175 مليار ريال في الربع ذاته من العام السابق. وفق بيانات المجلس الوطني للتخطيط.
وقد أظهر الاقتصاد القطري قدرة عالية على التكيّف ومواصلة النمو، مدفوعًا بإصلاحات هيكلية واستثمارات استراتيجية أسهمت في تعزيز مساره التصاعدي منذ انطلاق رؤية قطر الوطنية 2030 والتي تعدّ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة المحطة الأخيرة منها. وتشير نتائج بيانات الناتج المحلي الإجمالي إلى صحة المسار التنموي الذي تسلكه الدولة نحو تحقيق النمو المستدام والذي يتوجّه بوتيرة ثابتة نحو التنويع الاقتصادي وزيادة مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية وفق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.