مردوخ.. الرجل الذي حول الصحافة إلى بزنس
اقتصاد
25 يونيو 2011 , 12:00ص
يعرف المقربون من الملياردير الأسترالي روبرت مردوخ أنه عنيد إلى أقصى درجة ولا يعرف شيئا اسمه الخسارة فجميع المشروعات التي شارك فيها كان يحول خسارتها إلى أرباح ولذلك قال عنه البعض إن التراب يتحول في يده إلى ذهب. ولد روبرت مردوخ في 11 مارس 1931 بمدينة ملبورن الأسترالية كان والده يملك أكبر صحيفتين في أستراليا، ما جعله أكثر الإعلاميين أهمية في تلك الفترة. التحق روبرت بمدرسة (جيلونج جرامر) التي تخرج فيها الأمير تشارلز، ثم أكمل دراسته في جامعة أكسفورد البريطانية وفي هذه الفترة مرض والده فطلب من صديقه اللورد بيفربروك صاحب صحيفة (دايلي إكسبريس) في لندن أن يوظف روبرت في صحيفته، وسرعان ما اكتشف روبرت مواهبه الصحافية في صياغة المقالات واختيار العناوين الأكثر جاذبية.
البداية من الصفر
في عام 1952 توفي والده غارقاً في الديون، ما اضطر الأسرة إلى بيع كثير من الأسهم والممتلكات الأخرى لسدادها. وقد استكمل مردوخ الصغير دراسته ليحصل على درجة الماجستير من أكسفورد عام 1953 ويقرر العودة إلى أستراليا محاولاً إحياء صحيفة (ذي نيوز) الصغيرة التي تركها له والده، لكنه أخفق في اكتساب ثقة الناشرين خاصة مع انتشار سمعته كشخص يفتقر إلى الخبرة. وكانت أول مواجهة لروبرت مع الصحف المنافسة عندما تسلم في نفس العام خطاب تهديد من مجموعة إعلامية منافسة عقب بداية عمله كرئيس تحرير إما ببيع الصحيفة لهم أو الاستعداد للمنافسة بلا هوادة، فكان رد مردوخ هو المنافسة بلا هوادة بتقليل أسعار الإعلانات وزود الصحيفة بالكاريكاتير والقصص المصورة الصغيرة التي تجذب الكثير من القراء وكانت الضربة القاضية لمنافسيه عندما قرر تخفيض سعر الجريدة.
إمبراطور الصحافة
لم يمض وقت طويل حتى انطلق مردوخ إلى العالمية فشارك في حرب تنافسية لشراء صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» البريطانية عام 1968، وفاز بحصة %4 من الصحيفة، وفي العام التالي قام بشراء صحيفة «ذا صن» في لندن وكانت الصحيفة وقتها تخسر 5 ملايين دولار سنوياً لكنه نجح في إضفاء الجاذبية على الصحيفة بتحويلها إلى واحدة من الصحف الصفراء ونشر الصور الفاضحة، ليزيد توزيعها بذلك من 600 ألف إلى 4 ملايين نسخة لتعود من جديد إلى جني الأرباح. وبعدها قام بحيازة صحيفتي «التايمز» و «الصنداي تايمز».
بعد ذلك سافر إلى أميركا وكان أسلوبه المتبع هو شراء الصحف الخاسرة بأقل سعر ففي عام 1973 اشترى صحيفة «إكسبريس نيوز» ليتبع معها أسلوبه المعهود في تحويلها إلى واحدة من الصحف الصفراء الحافلة بالصور والقصص المثيرة. وفي عام 1976 كانت صحيفة «نيويورك بوست» تعاني خسائر فادحة وكادت تنتهي فقام بشرائها واتبع معها نفس الأسلوب الذي اتبعه مع صحيفة «التايمز» اللندنية لتنطلق من جديد، وتتخذ لها موقعًا جديدًا في عالم الصحافة الأميركية.
وفي عام 1982 وصل عدد الصحف والمجلات التي يمتلكها إلى 80 صحيفة ومجله ليقرر بعد ذلك الاتجاه إلى مجال الإعلام فقام بتأسيس شركة «فوكس جروب» التي تمكنت من التنافس بقوة مع كبار اللاعبين في المجال. وفي عام 1996 اشترى مردوخ مجموعة World Communications بالكامل، ثم قام بضم قنوات مجموعة «فوكس» معها، وبدأ في تشغيل شبكة فوكس بشكل جديد لينافس بها شبكة الأخبار العالمية «سي أن أن».
ومؤخرا شارك مردوخ الملياردير السعودي الوليد بن طلال في مجموعة روتانا الإعلامية.
الجدير بالذكر أن مردوخ يتعامل مع الأحداث والأخبار كبضاعة يقوم بتسويقها بشكل مؤثر ومربح في آن واحد، مهما كان الثمن الأخلاقي، وهو ما استخدمه في كثير من المواقف، ما أظهر أن الأخلاق والمبادئ والمثل التي نادى بها في مطلع حياته العملية كانت حبرا على ورق.