مؤتمر الدوحة الـ 14 لحوار الأديان ينطلق بمشاركة 70 دولة.. المريخي: التشريعات لن تكبح خطاب الكراهية.. والحوار يقود إلى السلام

alarab
محليات 25 مايو 2022 , 12:10ص
يوسف بوزية

تحت رعاية معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، انطلقت أمس، أعمال مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان، تحت عنوان: (الأديان وخطاب الكراهية بين الممارسة والنصوص)، بمشاركة نحو 300 من علماء وقادة دينيين وباحثين وأكاديميين وإعلاميين ومهتمين من 70 دولة حول العالم، إضافة إلى المشاركين من دولة قطر.
وقال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي افتتح أعمال المؤتمر، إن دولة قطر تؤمن أن بناء الأمم يبدأ ببناء الإنسان من خلال التعاون مع أخيه الإنسان لبناء مجتمع قائم على الاحترام المتبادل والعيش المشترك بوئام وتجانس مهما اختلفت الأديان والثقافات والأعراق.
وأوضح سعادته، أن المؤتمر يأتي استكمالا لسلسلة من المؤتمرات السابقة؛ للتأكيد على هذا المبدأ، وهذه السياسة التي تهدف لتعزيز ثقافة الحوار، والتي من أهمها حوار الأديان.
وأكد أن دولة قطر تؤمن بأن لا سبيل للتعايش والتعاون بين الأفراد والجماعات والدول إلا من خلال الحوار البناء الـمنطلق من الاعتراف بالآخر واحترام ثقافته ومعتقداته ومقدساته.

خطاب الكراهية
وشدد على أن «التصدي لخطاب الكراهية بات قضية كبرى، لن تقوم بها تشريعات دولية فحسب، ولن تكبح جماح آثارها المدمرة على عالمنا نصوص ومواعظ دينية فقط؛ وإنما تحتاج إلى عمل جاد، تتضافر فيه كل تلك الجهود، وتشاركها في تلك المسؤولية القيادات الدينية والمؤسسات المدنية، فيلتقي كل من التوعية والإيمان، مع التشريعات والقوانين، في قلوب وعقول، تدرك أن الخطاب المعتدل والحوار الجاد الهادئ والهادف هو السبيل الأوحد للوصول بعالمنا إلى السلام المنشود الذي ننشده جميعا وسط هذا الكم المخيف من أمواج الكراهية والصراعات».
وفي هذا الصدد، أضاف سعادته «بات لزاما علينا جميعا خاصة في مثل هذه المؤتمرات الدولية، بعد المناقشات الجادة والدراسات العميقة التي نتوقعها من جميع القادة الدينيين والعلماء والمفكرين الحاضرين في هذا المؤتمر، أن نخرج بمقترحات ومبادرات واقعية، يمكن لنا من خلالها التصدي لكافة أشكال خطاب الكراهية؛ من الناحية الدينية والفكرية وأيضا القانونية، وبيان خطرها على أمن واستقرار مجتمعاتنا، التي نأمل أن يعيش كل إنسان فيها حياة كريمة آمنة حرة، أيا كان دينه أو جنسه أو لونه».
وقال إن الدين كله رحمة، وجميع رسالات الأنبياء تأسست على بناء السلام بين الإنسان وربه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان.
وأضاف: «لذلك فإن السلام الذي ينشده عالمنا اليوم، يتمثل في إبراز المبادئ والقيم الدينية والإنسانية التي تضمن الحفاظ على النفوس والأرواح، ونبذ العنف والتخلي عن نعرات التعصب وخطاب الكراهية والطائفية المقيتة، كما يتمثل في الإحساس القوي بالانتماء إلى لحمة المجتمع الإنساني ككل».
وأعرب سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية، عن شكر دولة قطر للحاضرين على تواجدهم في هذا المؤتمر، مؤكدا ثقته في أن النتائج التي سيسفر عنها هذا المؤتمر ستكون إيجابية ومثمرة، كما أكد على ضرورة دراسة الكيفية المثلى لمتابعة تنفيذ التوصيات التي ستصدر؛ ليتحقق الهدف والغاية المرجوة منه.
ورحب سعادته، بالمشاركين في افتتاح جلسات المؤتمر، وتمنى أن يتحقق من خلال هذا المؤتمر الهدف السامي في تلاقي أهل الإيمان والمختصين لفتح آفاق الحوار ورؤى التفاهم؛ ليعم السلام والمحبة بين بني البشر على اختلاف أديانهم وأجناسهم وثقافاتهم.

خطة عمل
من جهته، أكد سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، أن عمل المركز انصب منذ أول مؤتمر له عام 2003؛ من أجل الإنسان الذي أصبح اليوم في أمس الحاجة إلى قيم المحبة والحوار، والتسامح الديني والإنساني، ومواجهة كافة مظاهر التطرف والكراهية، وما ينتج عنهما.
ولفت سعادته، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى أن المركز دعا، من منطلق إدراكه خطر خطاب الكراهية، أكثر من مرة من خلال المؤتمرات التي عقدها، إلى ضرورة تبني خطة لمواجهته دينيا وقانونيا وأخلاقيا، مشددا على أن الاستقرار المنشود للإنسانية مرهون بمدى الجهود المبذولة على مستوى الأفراد والمؤسسات لترسيخ ثقافة السلام والتسامح.
وأوضح الدكتور النعيمي أن هذه الدورة من المؤتمر تأتي في إطار المسيرة التي بدأها المركز في مؤتمرات عديدة سابقة، ومثلت فرصة لالتقاء ثلة من علماء الأديان والأكاديميين ورؤساء مراكز الحوار من مختلف أنحاء العالم، والمهتمين بقضية الحوار بين الأديان على وجه الخصوص، منبها إلى أنه قلما يوجد منبر تجتمع فيه العقول المستنيرة، وتتلاقح فيه الأفكار المختلفة، وتتوحد فيه القلوب الطيبة على هدف واحد، وإن اختلفت الرؤى وتباينت الاتجاهات والتصورات.

أرضية مشتركة
وذكر رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أن الهدف من مثل هذه اللقاءات كان ولا يزال يتمثل في السعي إلى أرضية مشتركة، تجمع المشاركين على أساس من القيم الدينية الثابتة في الأديان السماوية، في محاولة لإيجاد حلول لمواجهة التحديات التي تحول دون العيش المشترك والتعايش السلمي، في عالم بات يموج باضطرابات شتى، بداية من الضلال الفكري، والتطرف، ومرورا بالإرهاب، ونهاية بالصراعات المسلحة والحروب التي يشهدها العالم، ويعاني من آثارها وويلاتها.
وقال سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، في كلمته: إن كان البعض يظن أن الفقر والجهل والاضطهاد عوامل رئيسية مهمة تفسر أسباب انتشار الإرهاب، فإن الغلو والتعصب وانتشار خطاب الكراهية هو الحطب والجمر الذي تشتعل به نيران هذه الصراعات، مختتما بالقول: «كل هذا كان دافعا لنا لنثير في مؤتمرنا هذا العام قضية خطاب الكراهية الذي يزداد للأسف من حولنا يوما بعد يوم، وتعظم آثاره السلبية، وترتفع أبواب التحريض عليه بصورة مخيفة، وأصبح يجد له حاضنات كثيرة بمسميات مختلفة؛ كالعنصرية والطائفية الدينية والحزبية والشعبوية، ما يشكل بلا شك خطرا كبيرا على الإنسانية، ويعد تعديا صارخا على القيم الدينية، وخرقا واضحا لمبادئ حقوق الإنسان».

3 محاور
وناقش المؤتمر الذي ينظمه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، في يومه الأول، محاور أساسية ومنها خطاب الكراهية من حيث مفهومه وأسبابه ودوافعه، حيث تم التركيز في هذا المحور على مناقشة الخطاب الديني المتطرف، ودوره في انتشار خطاب الكراهية، والفهم الخاطئ للدين، وسبل تعزيز الخطاب المعتدل، بالإضافة إلى مسألة تصاعد وانتشار الخطابات المتطرفة لبعض رجال الدين والقيادات السياسية، وأثر ذلك على تحقق السلام العالمي.
كما ناقش المشاركون في المحور الثاني الذي حمل عنوان (أنماط وأشكال خطاب الكراهية)، خطورة انتشار صور خطاب الكراهية، والتحريض على العنف والإرهاب، والتوظيف السياسي لخطاب الكراهية وتداعيات انتشار هذا الخطاب على التعايش السلمي، ودوره في تفشي العنصرية، وأثر ذلك تحديدا على اللاجئين والأقليات الدينية وعلى المرأة.
ويتعلق المحور الثالث بسبل مواجهة خطاب الكراهية، حيث تناول المشاركون (دور القيادات والمؤسسات الدينية والإعلامية في مناهضة خطاب الكراهية) و(مسؤولية علماء الدين ودور العبادة في التوعية بضرورة احترام الأديان)، و(تأثير الإعلام في الحد من خطاب الكراهية)، و(القيم الدينية والأخلاقية ودورها في مواجهة خطاب الكراهية)، و(ثقافة السلام والتعايش واحترام التنوع الثقافي والديني).
كما ناقش المشاركون ضمن المحور الثالث، موضوع القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بتجريم خطاب الكراهية.