مطالب بإنشاء «مركز للتحقق».. هل الوزارات معنية بالرد على شائعات «السوشال ميديا»؟

alarab
محليات 25 أبريل 2025 , 01:24ص
يوسف بوزية

حذر مواطنون وخبراء قانونيون من «إعادة تدوير» الأخبار المزيفة عبر مواقع التواصل الاجتماعية، لما لها من أضرار على المجتمع، ونوهوا بأن القانون يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، والغرامة التي تصل إلى 100 ألف ريال، كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة أو شائعات على موقع إلكتروني، أو أي شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات، بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية أو إثارة الرأي العام أو المساس بالنظام الإجتماعي أو النظام العام للدولة.
ودعوا عبر «العرب» إلى إنشاء مراكز لرصد المعلومات والتحقق من مصداقيتها، تتبنى تعقب الأخبار المزيفة وتتبع انتشارها، إضافة إلى تزويد الجمهور في الوقت المناسب بالمعلومات الصحيحة، وحثهم على الإبلاغ عن المحتوى المشكوك فيه، لمواجهة العديد من الشائعات التي انتشرت وما زالت لا تتوقف عن الانتشار، على غرار ما حدث مؤخرا مع تداول معلومات غير دقيقة بشأن تغيير مواعيد اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني، وهو ما استوجب نفياً رسمياً من قبل الجهة المعنية - وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي - في بيان أكدت فيه أهمية تحري الدقة واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية فقط.  كما انتقدوا في الوقت نفسه غياب تفاعل بعض الجهات الحكومية مع تساؤلات الجمهور ووسائل الإعلام. وأكدوا أن العديد من الوزارات والجهات الخدمية التي تتطلب تعاملاً مع مصالح الجمهور، لا تواكب ما يطرح في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل لتوضيح الحقائق للجمهور، إلا بعد أن يتحول الموضوع إلى «ترند» تجبر الجهة المعنية على الرد على ما يثيره الجمهور سواء على شكل انتقادات أو مجرد تساؤلات معينة، منوهين بضرورة قيام الوزارات والهيئات والأجهزة الحكومية بتعيين متحدثين رسميين باسمها، يتولون توضيح الحقائق لرفع مستوى التواصل والتفاعل والرد على تساؤلات الجمهور وتوضيح ما يثار عبر وسائل الإعلام المختلفة.

المحامي خالد عبدالله المهندي: مروّج الشائعات تحت طائلة القانون

حذر المحامي خالد عبدالله المهندي، الخبير بالجرائم الإلكترونية وسبل الوقاية منها، عضو نادي إياكا لمكافحة الفساد التابع للأمم المتحدة، من «إعادة تدوير الأخبار المزيفة» عبر المنصات الرقمية، لما لها من أضرار على المجتمع، مُرجعاً انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مسألة إعادة الإرسال، دون النظر أو التفكير في (أو التحقق من) المحتوى، وأكد المهندي أن بعض مستخدمي مواقع التواصل بمن فيهم بعض المشاهير ينساق وراء جاذبية السوشيال ميديا، ويعيد نشر صور ومعلومات ورسائل دون التأكد من صحتها، على الرغم من وجود نضج مجتمعي ناتج عن جهود الدولة في التثقيف والتوعية، وقيام الجهات الرسمية بإعلان المعلومات كافة بوضوح وشفافية. وأكد المهندي أهمية بث رسائل التوعية بين أفراد المجتمع وتعزيز الوعي القانوني بخطورة بث الشائعات، مشيراً إلى أن الوعي المجتمعي هو حائط الصد الأول لتجنب المخاطر الناجمة عن تداول الشائعات والحد من تداعياتها.
ونوه بأن نشر الشائعات يدخل تحت طائلة القانون، مشيراً إلى أن المادة 136 من القانون رقم (2) لسنة 2020، نصت على أن «يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على (100.000) مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر شائعات أو بيانات أو أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة، في الداخل أو في الخارج، متى كان ذلك بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية أو إثارة الرأي العام أو المساس بالنظام الاجتماعي أو النظام العام للدولة».

الداعية د. محمود عبد العزيز: على المغردين تحرّي الأمانة في الطرح

أكد فضيلة الشيخ د. محمود عبد العزيز، أستاذ الفقه المقارن وعضو مكتب الفتوى سابقاً، أهمية تحري الصدق والأمانة في نقل الأخبار؛ لأن الكذب حرام حتى في المواقع الافتراضية، ويظل الكذب حرامًا إلى يوم القيامة، حتى إنه لا يجوز أبدًا اختلاق الأخبار ونشر الشائعات وترويجها، ويحرم على المكلف أن يكون مصدرَ هذه الشائعات؛ لأن نقل الخبر يحتاج إلى الأمانة؛ والله تعالى يقول: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعون﴾. وشدد على أنَّه ينبغي على المكلف عند استخدامه مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون أمينًا فيما يطرح من موضوعات، صادقًا فيما ينقل من معلومات، وذلك يأتي مؤكدًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»، وفي رواية: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ». لافتًا إلى أنه على مستخدمي مواقع التواصل بمن فيهم الذين لديهم العديد من المتابعين أن يحترموا عقولهم، وألا ينشروا أو يعيدوا نشر إلا الأخبار الصحيحة، بعد التأكد من صحة أي معلومة قبل نشرها؛ لأن الله -تبارك وتعالى – نهانا عن هذا.
ولفت إلى أن الإنسان المكلف إذا روّج بدعة أو نشر شائعة بحجة إعادة التغريد وأنه غير مسؤول عن محتواها، فإذا أعاد التغريد فهو مسؤول عنها، فإذا أعاد المكلف صاحب الموقع نشر هذه المنشورات السيئة فهو مسؤول عنها ويأخذ وزر هذه المنشورات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».

غازي الغاطي: حضور «شكلي» لبعض الجهات على مواقع التواصل

قال السيد غازي الغاطي، إن بعض الوزارات والجهات الحكومية العامة يتسم حضورها على مواقع التواصل بالتواجد الشكلي، الذي لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب، من حيث مواكبة سرعة الشبكات الاجتماعية في تفاعلها اليومي مع الجمهور، بعكس بعض الجهات التي تتسم بالتفاعل مع المواطنين، ومنها على سبيل المثال، وزارة الداخلية، وزارة البلدية، هيئة الأشغال العامة، وغيرها العديد من المؤسسات والجهات الرسمية التي نجحت في استثمار وسائل التواصل الحديثة لتحسين وتجويد خدماتها من خلال تفاعلها المستمر مع ملاحظات وتساؤلات وشكاوى المواطنين والاستماع لآرائهم واقتراحاتهم وتوضيح التساؤلات التي يطرحونها، إلى جانب نشر العديد من التوضيحات والاخبار المهمة على صفحاتها بما يفيد المواطن والمقيم.
ودعا الغاطي المؤسسات الحيوية والخدمية بالدولة على وجه التحديد، إلى تفعيل هذه الحسابات والصفحات الخاصة، من خلال تعيين فريق خاص لتفعيل دور الشبكات والتواجد في قلب الأحداث والفعاليات التي تنظمها هذه المؤسسات، لضمان وتسهيل نقل وقائعها لجمهور الشبكات الاجتماعية بشكل فوري، خاصة في ظل ما تحظى به هذه الشبكات من الإقبال الكبير من جانب الشباب على استخدامها والتواجد الدائم فيها، كما أن الكثيرين أصبحوا يعتمدون بشكل مباشر وأساسي على هذه الشبكات، سواء لمعرفة آخر الأخبار أو للاتصال مباشرة بين الأشخاص وهذا ما لم يكن موجوداً في السابق.

محمد الدرويش: بعض الوزارات ترد فقط على «الترند»

قال السيد محمد الدرويش إن العديد من الجهات الحكومية لا تواكب ما يطرح على مواقع التواصل إلا عندما يتصدر قائمة المواضيع الأكثر تداولا على «إكس»، على غرار ما حدث مؤخرا مع تداول معلومات غير دقيقة عبر بعض حسابات منصات التواصل الاجتماعي بشأن تغيير مواعيد اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني وهو ما دعا وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي إلى نفي هذه المعلومات والتأكيد على أهمية تحري الدقة واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية فقط. وطالب الوزارات بتوضيح الحقائق قبل أن يتم إثارتها على مواقع التواصل، وخاصة في حالة الشائعات، من خلال الرد أو النفي وعدم تجاهل استفسارات الجمهور، مبينا أهمية مواكبة الشائعات والتواصل مع المجتمع من خلال قنوات وآليات واضحة للرد والتفاعل، وإشعار الناس بأن الوزارة معنية بما يطرحونه أو يثيرونه من تساؤلات وليست مجرد أداة جامدة لا روح فيها.
وأكد الدرويش أن حسابات هذه الوزارات والجهات الحكومية على مواقع التواصل لا تتفاعل بالشكل المطلوب مع المواطنين، في حين يرد البعض منها على استفسارات الجمهور بشكل عشوائي، وليس لديهم استراتيجية في متابعة ما يطرح والرد عليه على غرار وزارة الداخلية ووزارة البلدية في التفاعل الإيجابي مع المواطنين وتعزيز التواصل البناء سواء على مواقع التواصل أو خدمة الخط الساخن أو عبر وسائل الإعلام المختلفة.
ونوّه بأهمية تحديث المواقع الإلكترونية للوزارات وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي للارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها، خاصة أننا نعيش في عالم متسارع ومتطور، مشيراً إلى ضرورة إسناد التخطيط لتطوير المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، لكوادر مؤهلة ومتخصصة، إلى جانب تعيين متحدث رسمي في كل وزارة وجهة خدمية يتولى الرد على الشائعات والتساؤلات وتوضيح الحقائق لرفع مستوى التواصل والتفاعل والرد  على ما يثار عبر وسائل الإعلام المختلفة.

الدكتورة رنا حسن: مطلوب مركز إعلامي يتحرى مصداقية الأخبار

قالت الدكتورة رنا حسن، خبيرة إعلامية، إن المنصات الرقمية ساهمت في نشر الشائعات على نطاق واسع وبسرعة أكبر من خلال الرسائل القصيرة عبر الجوال أو الإنترنت، حيث تنتقل الشائعات التي بات يطلق عليها الشائعات الإلكترونية بسرعة هائلة وتنتشر انتشارا واسعا في وقت زمني قليل كسرعة النار في الهشيم.
 وأكدت د. رنا ان الشائعات كانت موضوع بحث طلاب تحت عنوان «تحقق» لمحاربة الشائعات ونشر التوعية بين أفراد المجتمع على نطاق واسع، وتضمن البحث دعوة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى تخصيص مركز اعلامي أو كول سنتر يتيح للجمهور التأكد من صدقية الاخبار التي يتم تداولها على مواقع التواصل والوصول الى المعلومات الصحيحةـ إلى جانب التعقب الرقمي للشائعات وتتبع انتشارها، ومنع تداولها عن طريق تزويد الجمهور في الوقت المناسب بالمعلومات الصحيحة، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، أو من خلال مركز إعلامي إلى جانب نشر الوعي بين المواطنين وحثهم على الإبلاغ عن المحتوى المشكوك فيه.
وأوضحت أن بعض المنصات أو بعض المستخدمين يلعبون دوراً سلبياً مدفوعاً بالرغبة في إحداث سبق إعلامي تغذيه سرعة انتشار الأخبار الصحيحة أو المزيفة خاصة أن البعض قد يزيد عليها بعض المعلومات لإعطائها طابعا مثيرا، والهدف من أي شائعة هو إحداث درجة من درجات التأثير على متلقيها سواء بالسلب أو الإيجاب أو تحييده تجاه موضوع الشائعة.

قبل «موعد الامتحانات».. شائعات انتشرت بسرعة الصاروخ على مواقع التواصل

تختزن مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الشائعات التي تم تداولها قبل نفيها من قبل الجهات المعنية، بما فيها ما تداوله رواد المواقع مؤخراً حول تغيير موعد اختبارات الفصل الدراسي الثاني للعام 2024-2025، الأمر الذي نفته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في بيان أكدت فيه أن الاختبارات ستُعقد في مواعيدها المقررة دون تغيير، كما أهابت الوزارة بالجمهور تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، مؤكدة التزامها بما يحقق مصلحة الطلبة واستقرار العملية التعليمية.
ويمكن العودة بالذاكرة إلى شائعة أخرى انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدّعي أن هناك تلوثًا جويًا في قطر، وهو ما استدعى نفيا رسميا من وزارة البيئة والتغير المناخي التي أكدت أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة. وذكرت الوزارة في بيان لها على حسابها الرسمي في منصة إكس: «لوحظ في الآونة الأخيرة نشر بعض الأشخاص لمعلومات غير صحيحة حول وجود تلوث في الهواء، ومدى تأثيره على الصحة في بعض مناطق الدولة».
ونوهت الوزارة بأن هذه المعلومات عارية تمامًا عن الصحة، حيث إن إدارة الرصد والتفتيش البيئي في الوزارة لم ترصد أي تلوث في الهواء خلال الآونة الأخيرة. وأن جميع مستويات قياس الملوثات هي في الحدود الطبيعية والمطابقة للمعايير الوطنية والمنظمات العالمية المُعتمدة، كما أن وزارة البيئة والتغيّر المُناخي تستخدم تقنيات ذات معايير عالمية في رصد جودة الهواء. وأهابت الوزارة بأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم تداول ونشر أي معلومات غير صحيحة.
كما نفت وزارة البيئة والتغيّر المُناخي أخبارا متداولة بشأن السماح للمخيّمين في سيلين بالتخييم، بناءً على شائعة تداولها عدد من المخيّمين في مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على ضرورة الالتزام بالمواعيد الرسمية لبدء موسم التخييم في جميع مناطق الدولة في الفترات المقررة على ثلاث مراحل منفصلة. كما سبق أن تداول رواد مواقع التواصل معلومات مزيفة بشأن تغيير سياسة السفر لدولة قطر، وهو ما نفته الخطوط الجوية القطرية وحثت جميع المسافرين على الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية، كما أهابت بالجميع التأكد من مصداقية المعلومات عبر المواقع الرسمية فقط.