الثورات العربية رفعت سقف الأحلام.. ثم انهارت

alarab
محليات 25 مارس 2017 , 01:55ص
هبة فتحي
أرجع المفكر القطري الدكتور جاسم سلطان حالات التمرد التي يعيشها الشباب بعد ثورات الربيع العربي إلى أن هذه الثورات رفعت سقف الأحلام لدى هؤلاء الشباب ثم انهارت فجأة، وأكد أن هذا الانهيار من الطبيعي أن يؤدي إلى حدوث أزمات نفسية لدى هذه الفئة. وأضاف في حوار مع «العرب» أن القيم لا تولد معنا، لكننا لا نستطيع العيش بدونها؛ لأن كلا منا لديه بشكل أو بآخر رصيد من القيم يكتسبها من بيئته وثقافته المجتمعية، يتشكل من هذا الرصيد القيمي سلوكنا تجاه الآخرين، لافتا إلى أن دعم القيم الإيجابية هدف رئيسي لمعظم المجتمعات. وتحدث سلطان خلال الحوار عن تعريف القيم وكيفية مساعدة أبنائنا في تبني القيم الإيجابية وأشياء أخرى، فإلى التفاصيل..

بداية ما تعريفك للقيم؟
- أولا لا بد من توضيح أن بعض القيم إيجابي والآخر سلبي، وأن الإنسان يتلقاها ويعززها سلبا أو إيجابا من محاضن التنشئة والبيئة والتعليم والإعلام، وفي البيئة عادات وتقاليد تخلق منظومة القيم، وأصول القيم الفاضلة واحدة وإن اختلفت أوزانها وتطبيقاتها، فالعدل والحرية والكرامة مثلا هي أحلام عامة بين البشر وإن فشلوا في تطبيقاتها.

ما أهمية المؤتمر التعليمي الثالث الذي عقد بأسباير مؤخرا؟ وهل يمتلك وغيره من المؤتمرات القدرة على خلق أرضية حقيقية يمكن الاستعانة بها في ترسيخ القيم والمبادئ؟!
- حقيقة مؤتمر أسباير التعليمي الذي كان تحت شعار «قيمنا.. نعتز بها» هو نقطة مضيئة في طريق التربية القيمية، ولقاء العاملين في مشروع القيم وتبادل الخبرات ضرورة ملحّة لبناء تراكم تجريبي في مجال التربية والتطوير القيمي، والبناء في هذا السياق لترسيخ منظومة القيم الإيجابية الهادفة لرقي المجتمعات.

كثيرا ما يتعرض أبناؤنا للانبهار بمجرد معايشتهم لمجتمعات أخرى لا تعادي رغباتهم الانفتاحية، فكيف نحصنهم من تلاشي القيم لديهم بمرور الوقت؟!
لم يعد بإمكان أي مجتمع اليوم الانغلاق على نفسه في أي مكان بالعالم، سواء في الشرق أو الغرب، وبالتالي فإن أعظم قيمة يمكن إعطاؤها للأبناء هو تعليمهم سلامة التفكير وتقدير العواقب وزرع قيمة التقوى فحين يغيب الرقيب يبقى للإنسان عقل وضمير.

من يصنع القيم، الدين أم المجتمع؟ وإذا كان الأول فلماذا نفتقر لكثير من القيم بينما الغرب لا يمتلك الدين ولكن لديه منظومة قيمية حقيقية لا تتغير بتغيير أفرادها للمجتمعات التي يتواجدون بها؟

الدين يعزز القيم ولكنه لا ينشئها، وبالقيم عرف الناس صدق الرسل وميزوا الصادق من الدعي من البشر، وتفاوت المجتمعات ناشئ عن قدرة المجتمع على تمرير القيمة من مرحلة القيمة المجردة إلى القيمة المحررة فلسفيا والواضحة، ومن مرحلة الوضوح لمرحلة الشيوع المبدئي، ومن هذا الشيوع إلى الإجراءات الدقيقة ونظام حماية القيمة من الإهمال والتجاوز، وهذا ما نجح فيه غيرنا وأخفقنا فيه.

كيف نوازن بين حالة التمرد التي يعيشها الشباب العربي التي وصلت للتمرد على الدين والدعاة الذين يلقنون أكثر مما يتناقشون، وبين الحفاظ على منظومة قيم حقيقة؟!
- هذه المشكلة تحتاج درجة عالية من الانتباه من معاهد تخريج الدعاة لإعداد كوادر يمتلكون مهارة التواصل ويفهمون متغيرات العصر وهي مهمة كبيرة والتنبيه عليها هام جدا.

متى يمكننا استيعاب حالات التمرد التي لم تقتصر على المراهقين فقط كما كان في السابق، وإنما امتدت إلى كافة فئات الشباب خاصة بعد ثورات الربيع العربي؟!

- ما مر به الشباب العربي من ارتفاع سقف الأحلام ثم انهيارها المفاجئ كان من الطبيعي أن يخلق حالات من الأزمات النفسية بعد كثير من المقولات الحالمة، وفي ظل الحاجة إلى طرح إجابات مقنعة للمرحلة الحالية، ولكن بناء أفق علمي منضبط بعيدا عن الفكر الخيالي السابق سوف ينجح في انتشال قطاع مهم من دوامة اليأس والإحباط.