الفارون من الموصل.. بداية رحلة مصيرها مجهول

alarab
حول العالم 25 مارس 2017 , 01:06ص
ا ف ب
«حاذروا أيديكم»، يصرخ رجل بينما يغلق الأبواب الحديدية الثقيلة لشاحنة عسكرية محملة بالمدنيين الهاربين من المعارك في غرب الموصل الذين بدؤوا رحلة لا يعرفون إلى أين ستقودهم بعد نجاتهم من كابوس الجهاديين.
غطت صباح الموصل سماء انتشرت فيها غيوم داكنة وسحب دخان، فيما تواصل القوات العراقية تنفيذ عميلة انطلقت في 17 أكتوبر لاستعادة المدينة التي تعد آخر أكبر معاقل تنظيم الدولة في البلاد. وأعلنت قوات الأمن سيطرتها على الجانب الشرقي للمدينة في 19 فبراير قبل أن تبدأ عملية ثانية لاستعادة القسم الآخر من المدينة، أدت إلى وقوع دمار وخراب بعد مرور أكثر من أربعة أسابيع على انطلاقها.
ودفعت المعارك التي خلفت الموت والدمار أكثر من 180 ألف مدني إلى الفرار تاركين كل ما يملكون خلفهم في الجانب الغربي لثاني مدن العراق.
بين النازحين سار ياسر أحمد (35 عاما) وهو يحمل طفلا على كتفه وبدا ظهره منحنيا جراء التعب، عبر شارع وسط إجراءات تفتيش تجريها قوات مكافحة الإرهاب، فيما انتشرت على جانبيه مبان مدمرة.
وقال هذا الرجل الذي يرتدي ملابس رياضية رمادية اللون لطخها الوحل متحدثا عن الجهاديين: «حاصرونا لمدة 15 يوما، لم يدعونا نخرج، وأخيرا تحت ضغط القوات الأمنية تراجعوا لذلك تمكنا الهرب».
وفيما يستمر سماع دوي انفجار قذائف الهاون، سار عشرات حالهم مثل حال أحمد، تحت المطر وبينهم من يقود عربة حديدية تقل أطفالا أو مسنين بعد أن قطعوا مسافات طويلة، وعلامات التعب والغضب واضحة على وجههم.
وكان بينهم من يحمل أكياسا بلاستيكية أو حقائب تحمل ما سمح لهم الوقت بأخذه معهم، بدلا من الفرار بأيد خالية.
كان عليهم اغتنام أول فرصة للفرار وبسرعة، بعد أن قضوا أيامهم الأخيرة في غربي الموصل بدون ماء ولا طعام ووسط خوف متواصل زرعه الجهاديين.
بلا مستقبل
يجد المدنيون الفارون بعد ساعات من السير شاحنات عسكرية وحافلات بانتظارهم عند طريق رئيسي على مداخل الموصل.
ولكن حالة من الفوضى العارمة تحيط بهؤلاء النازحين الذين يسرعون للتكدس في الشاحنات ويتدافعون للعثور على مكان فيها، في حين تعلو أصوات صراخ وبكاء هنا وهناك، فيما يتفاوض البعض ويشكو آخرون.
في هذه الأثناء سقطت امرأة تضع نقابا أسود في الوحل بعد محاولة فاشلة للصعود إلى الشاحنة.
وقال أحد عناصر الأمن متحدثا لفرانس برس: «نهتم بالنساء والأطفال، لكن نجد صعوبة في القيام بعملنا، فنحن أمام أعداد كبيرة جدا». ويفترض أن ينضم هؤلاء الفارون إلى آخرين لجؤوا قبلهم إلى مخيمات للنازحين حول الموصل، والتي يرجح أن يبقوا فيها إلى حين العودة إلى منازلهم في حال نجت من الدمار جراء المعارك.
وبصوت حزين قال بلال عبدالجبار (43 عاما) وبجانبه ابناه اليافعان قبل صعوده إلى الشاحنة: «لم يكن هناك ماء ولا طعام، من حيث جئنا معارك فقط». وتابع قائلا: «وإلى حيث نذهب ليس هناك مستقبل».