العرب يدخلون التاريخ على صهوة الأخضر السعودي.. ميسي لم يعد أستاذًا نقابله بخجل

alarab
رياضة 24 نوفمبر 2022 , 12:35ص
مجدي زهران

ميلاد جيل عربي جديد يقدِّر المسؤولية ويناطح كبار الكرة العالمية 

الدوحة أكدت أن الوجدان العربي فروعه يانعة خضراء لا تموت

شبابنا قادر على قهر المستحيل وزرع الابتسامة على وجوه الملايين
 

نجح الأخضر السعودي في عبور الاختبار المونديالي الأول أمام الأرجنتين، وعبرت معه قلوب العرب نحو آمال وطموحات تنعقد على الاستمرار إلى أبعد نقطة في كأس العالم، نعم إنه حلم كبير ولكن قوة الأداء جعلتنا نتجرأ على ذلك الحلم ونراه قريباً.. قريبًا جدًا، خصوصًا أنها تخطت كبير المرشحين للفوز باللقب، بأداء أقل ما يقال عنه بطولي.
نعم يبدو أنها أيام مجيدة من أيام العرب.. انتصارات على مستوى التنظيم والتحضر والثقافة الشعبية، وبالأمس جاء المنتخب السعودي ليكمل اللوحة بانتصار مستحق يتحقق لأول مرة في تاريخ السعودية المونديالي، وبعيدًا عن النتيجة التي سنفصِّل في ملامحها وأسبابها الفنية، ولكننا نحتفي اليوم بميلاد جيل عربي كبير، يعرف معنى المسؤولية والانضباط والقوة.. جيل لا يعرف مفاهيم دول العالم الأول والثالث على أرضية الملعب، فعلى مدار تاريخ الكرة العربية قلما شهدنا جيلاً يناطح كبار الكرة بتلك الندية.. نعم هكذا كان السعودي في استاد لوسيل.. ينظر إلى ليونيل ميسي بأنه منافس وليس استاذًا نقابله بخجل، نتحسس الكرة من أمامه، ونستأذنه في قطعها. إننا اليوم نشهد ميلاد أساطير عربية، تلهمنا حتى خارج ميدان الكرة لتقول للعربي بأنه قادر على مناطحة الظروف والتحديات والنهوض. وتلك هي الحياة لا تحترم إلا من يملك عقيدة الانتصار.. الأهم أن هذه الحياة لا تمنح المجد عبثًا لمن لا يستحق، بل تمنحه لمن زرع القتال مع الذات فجنى التطور والإنجازات. 
**طوال جريان أحداث المباراة كان هناك ما يشغلني أكثر بكثير من المباراة نفسها، كان المشجعون العرب من حولي هم من استحوذوا على وجداني في حقيقة الأمر. كنت أتأمل وجوه العرب وهي تصرخ فرحًا من أجل ممثلهم الأخضر السعودي، وتعتصر ألمًا وحزنًا على سقوط أحد لاعبيه، كانت المشاعر متحدة تحت راية وحدتنا العربية،.. نعم إننا على قلب واحد، فالعرب اليوم يكتبون لحنا جديدا عنوانه «جسد واحد لا تفترق أعضاؤه» وهذا فرع من أصل العنوان الكبير لمونديال قطر، الذي حمل وحدة العرب منذ لحظة إعلانه الأولى. رأيت بعيني السعودي والمصري والسوداني واليمني والبحريني والمغربي والتونسي يهتفون حبًا في السعودية، وبعدها بنحو 40 دقيقة انقلب هدير الموج الأخضر إلى أحمر لدعم نسور قرطاج في لقائهم مع الدنمارك الذي انتهى بتعادل سلبي بطعم الفوز. 
**بعد رحلة طويلة بدأتها في سبعينيات القرن الماضي مع الصحافة الرياضية مازلت أقول أن كرة القدم هي مؤشر حقيقي لحالة الشعوب، ومقياس لاتجاهات أوضاع علم الاجتماع السياسي في الوطن العربي، فما رأيناه من حالة اتحاد الجماهير العربية مع المنتخب السعودي، هو انعكاس للوجدان العربي المتقد عزة ومقاومة وانتصار، حتى أنه وبالرغم من كل ما مر به، ظل حيًا يتمدد.. فروعه خضراء يانعة لا تموت. 
في مونديال قطر أقولها بضمير مرتاح إن الشعب العربي هو الصرخة المستمرة التي كلما همت نفوسنا بالشكوك والظنون والانغلاق على ذاتها في كآبة الواقع، جاءت لتذكرنا بأعلى صوت أن وحدة العرب لا تنفرط، وأن شعوبها لا تزال نابضة بروح التماسك، وأن قطار المحبة لم يفتها أبدًا.
**أما بالحديث عن فنيات المنتخب السعودي في أولى لقاءاته أمام المنتخب الأرجنتيني المرشح الأبرز للفوز بنسخة مونديال قطر 2022، فإن السعودية قد كسرت عقدة المباريات الأولى التي ظلت تخسرها طوال تاريخ مشاركتها المونديالية. 
** وأخيرًا نقول في رسالتنا للصقور الخضر ولإخوانهم من الفرق العربية بالبطولة إن العبرة بالاستمرار والبناء على ما تحقق في موقعة الأرجنتين وكلنا أمل بأن شبابنا العربي قادر على تحقيق المستحيل وإسعاد قلوب الوطن العربي كله.. وهذه رسالتنا ونتمنى أن يكتب هذا الجيل صفحة جديدة في تاريخ المونديال بالذهاب إلى أبعد مدى.