تضارب «الأوقاف» و«التقويم» حول عاشوراء أربك الشارع القطري
محليات
24 أكتوبر 2015 , 01:53ص
محمد صبرة
أحدث بيان وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول موعد يوم عاشوراء بلبلة في الشارع القطري.
وتساءل مواطنون ومقيمون اتصلوا بـ«العرب» عن سبب تأخر الأوقاف في إصدار البيان حتى ليلة الخميس، وبعد 8 أيام من بداية شهر المحرم، وقال عدد منهم إنهم عقدوا النية على صوم يوم الخميس باعتباره يوم تاسوعاء، والجمعة باعتباره عاشوراء، ثم فوجئوا ببيان للأوقاف ليلة الخميس يذكر أن تاسوعاء تصادف الجمعة وعاشوراء تصادف السبت.
ويختلف موعد يوم عاشوراء الذي حددته الأوقاف مع التقويم القطري الذي حدد يوم الجمعة ليكون عاشر أيام شهر المحرم.
ويطرح التضارب بين الأوقاف ودار التقويم القطري سؤالا جوهريا عن الجهة المسؤولة عن تحديد بدايات الشهور العربية في قطر.
ودعا مختصون للتنسيق بين وزارة الأوقاف ودار التقويم القطري في تحديد بداية العام الهجري والمناسبات الدينية مثل مطلع شهري رمضان وشوال.
وذكروا أن التنسيق يمنع الاختلاف في تحديد موعد المناسبات الدينية الذي تكرر أكثر من مرة.
وتجدر الإشارة إلى أن ما وصفه البعض بـ «خطأ» الأوقاف سبق تكراره قبل عامين.
«العرب» تناقش القضية في هذا التحقيق..
بدأت حيرة الجمهور ليلة الخميس الماضي عندما ذكرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في بيان بثته وكالة الأنباء القطرية أنه «قد ثبت لدى لجنة تحري رؤية الهلال بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن يوم الخميس الموافق 15 أكتوبر 2015م هو أول أيام شهر المحرم 1437هـ، وعليه فإن يوم السبت 24 أكتوبر 2015م هو يوم عاشوراء وفق الرؤية الشرعية».
ولم تذكر الوزارة سبب تأخير البيان 8 أيام كاملة، ولم تشرح للجمهور كيف يتم تحديد بداية العام الهجري بعد أسبوع كامل، ولم تدع من قبل لتحري رؤية هلال شهر المحرم، كما لم تعلن عن موعد انعقاد لجنة تحري رؤية الهلال، ومتى اتخذت قرارها بتحديد بداية العام الهجري، وموعد يوم عاشوراء.
ومما زاد حيرة الجمهور أن التاريخ الجديد الذي حددته الأوقاف لا يتفق مع التواريخ التي حددتها دول خليجية وعربية، في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي جرت العادة على التوافق معها في بدايات الشهور العربية.
إرباك للجمهور
علق الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني رئيس قسم الفلك بالنادي العلمي على الواقعة موضع الخلاف قائلا: «إن تأخر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إعلان تعديل بداية العام الهجري تسبب في إرباك شديد للمواطنين والمقيمين». وأكد أن كلا التقويمين -سواء الذي أعلنته الوزارة في بيانها أو الحسابات التي أعدتها دار التقويم القطري- صحيحان، غير أنه أخذ على وزارة الأوقاف التأخر لمدة تجاوزت أسبوعا حتى عدلت التاريخ الهجري.
وتابع قائلا: «كان يتعين على الوزارة أن تحترم دار التقويم القطري فيما قدمته من معلومات صحيحة ودقيقة بشأن إعلان بداية العام الهجري وتدعوهم وتجلس معهم للتباحث قبل أن تقوم بتعديل التقويم الذي قاموا بإعداده».
وأكد أن دار التقويم القطري لها سمعتها ومكانتها وتقدم خدماتها ليس لقطر فحسب ولكن لجميع دول الخليج، وينظر إليها باحترام وتقدير شديدين، نظرا لما تضمه من مجموعة متميزة من أهل العلم والكفاءة الذين ورثوا هذا العلم عن أشخاص أصحاب كفاءة.
وأوضح أن هناك اختلافا يحدث في كل عام تقريبا فيما يتعلق بمواقيت هلال شهر رمضان على سبيل المثال، وهو اختلاف طبيعي وعادي جدا لولا أن الغالبية العظمى منا تحب توحيد الرأي، وفي هذا الإطار يندرج ما حدث بين ما أعلنته وزارة الأوقاف وبين الحسابات التي تقوم بها دار التقويم القطري، غير أنه يؤخذ على الوزارة أنها تأخرت في الإعلان عن بداية شهر المحرم، كما أنه كان من الإجحاف من جانبها أن تتجاهل دار التقويم القطري في أمر يتعلق بصميم اختصاصها على هذا النحو.
تنسيق بين الأوقاف ودار التقويم
واقترح الدكتور محمد عبدالله الأنصاري «أبوعمر»، مدير عام دار التقويم القطري، تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الأوقاف ودار التقويم للتنسيق في تحديد بدايات الشهور الهجرية.
وقال أبوعمر: «إن لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قلوبنا وقلوب الشعب القطري والأمة الإسلامية عامة من الود والتقدير والاحترام ما نتمنى أن نصل به إلى الوفاء لها والعرفان بفضلها والإشادة بجهودها، وما نكنه للوزارة ما هو إلا وفاء لجهودها وتقدير لدورها، وهي مرجعنا جميعا في الفتوى، تحملا لمسؤوليتها، والأمر الذي نحن بصدده تعبدي، فمن غير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يتحمل مسؤوليته؟».
وأضاف: «دار التقويم القطري تقترح أن يعلن بدء العام الهجري تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومشاركة دار التقويم القطري بلجنة متخصصة يتم من خلالها إعلان بدء العام الهجري وتحديد يوم التاسع والعاشر وإعلان ذلك أول ليلة من أيام العام الهجري، ويعلن ما اتفق عليه ولو خالف التقويم، منعا للشك والبلبلة بحيث يبدأ الشعب القطري عامه من أول لحظة فيه وفقا لما تم إعلانه».
وتابع: «إننا لنود أن يفعّل التواصل بيننا وبين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في هذه المناسبة وقبل إعلان بدء السنة الهجرية ليتحد الرأي، وليس يغضبنا أبدا أن يخالف الرأي التقويم، ويتم الإعلام بذلك قبل بدء الشهر دون إمهال، وتنزل دار التقويم ما اتفق عليه في موقعها مع بقاء التقويم القطري كتأريخ».
جهة الاختصاص
* من الجهة المسؤولة عن تحديد التواريخ الهجرية في قطر؟
دار التقويم القطري نشرت على موقعها الرسمي صورة قالت إنها «قرار حكومة قطر بأن التقويم القطري هو التقويم الرسمي للدولة».
ونشرت قرار مجلس الوزراء رقم ق م و /333/23/2008 الصادر بتاريخ 31/7/2008م الذي ينص على ما يلي:
1 - تلتزم جميع الجهات بالتقويم القطري باعتباره التقويم المعتمد في الدولة لتأريخ الأحداث والوثائق والمستندات والمراسلات والمطبوعات، وإن خالف ذلك رؤية الهلال.
2 - الاعتماد على رؤية الهلال وما تقرره الجهة المختصة (لجنة تحري رؤية الهلال) بخصوص شهري رمضان وشوال والأمور المتعلقة بالعبادات، وإن خالف ذلك التقويم القطري.
وأكدت دار التقويم على ما ورد في التأريخ من أول المحرم، وذكرت أنها لا تعمل من فراغ، مشيرة إلى موافقتها للتقاويم الرسمية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وعاتبت دار التقويم وزارة الأوقاف بسبب صدور بيان الوزارة متأخرا عن بداية العام الهجري.
وتساءلت دار التقويم: ألم تتأكد الرؤية إلا بعد مرور سبع ليال؟
وقالت: ألم يكن الأجدر الرجوع إلى دار التقويم القطري باعتبارها المسؤول الرسمي والعلمي؟
فضل صوم عاشوراء
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حثت في بيانها على صيام يوم عاشوراء، اليوم العاشر من شهر المحرم، اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكّرت جميع المسلمين الكرام بندب صيام عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وصيام هذا اليوم مرغب فيه شرعا.
وأوضحت فضل صوم يوم عاشوراء بما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟، قالوا: هذا يوم صالح، نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى عليه السلام، فقال: أنا أحق بموسى منكم، فصامه -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه».
وقال صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» يعني مع العاشر، لذلك استحب جمع من أهل العلم صيامه مع العاشر.
وأوضح بيان الأوقاف أن صيام عاشوراء يكفر السنة الماضية، ففي الصحيح من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: «يكفر السنة الماضية».
لذا تذكر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المسلمين الكرام بفضل صيام هذا اليوم، إحياء لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسعيا لتكفير الذنوب وابتغاء للأجر والثواب من الله تعالى.