الطقوس الرمضانية في بلاد «أسود الأطلس».. ثراء إيماني وتنوع ثقافي

alarab
الملاحق 24 مارس 2025 , 01:26ص
هشام يس

ضرب «النفير» سبع مرات للإعلان عن حلول الشهر الفضيل
خلال رمضان تزداد الزيارات العائلية وتبادل التهاني بين الأقارب والجيران
«تخياط النهار» تقليد مغربي لتشجيع الأطفال على الصيام والتعود عليه تدريجيًا
حساء «الحريرة» أبرز أطباق الإفطار و«الشباكية» أشهر الحلويات الرمضانية

 

«عواشر مبروكة» بهذه العبارة يتبادل «أسود الأطلس» التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل، في إشارة إلى تقسيم الشهر إلى ثلاثة أقسام: عشر الرحمة، عشر المغفرة، وعشر العتق من النار. ورمضان في المغرب يتزين بتراثها وأصالة شعبها وموقعها الفريد، فهو يجمع بين الطابع الإيماني والاحتفال بالتراث، وتعكس الطقوس الرمضانية ثراء وتنوع الثقافة المغربية وتمسكها بجذورها، ويحرص المغاربة على إحياء عادات وتقاليد متوارثة تعكس هويتهم الاجتماعية والدينية.

ويبدأ الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل قبل حلوله بأيام، وتشهد الأسواق ازدحامًا لشراء المواد الغذائية الأساسية مثل التمر، الدقيق، العسل، التوابل، والمكسرات. وتقوم النساء بتحضير كميات من الحلويات التقليدية مثل «الشباكية» مسبقًا.
ومن العادات المتوارثة والشائعة تجديد الأواني المنزلية، خاصة الخزفية مثل «الجبانية»، لاستقبال الشهر بأجواء جديدة. ومن الطقوس المغربية المميز ضرب «النفير» (آلة نفخ تقليدية) سبع مرات في بعض المناطق، للإعلان عن حلول الشهر، ويقوم شخص يُطلق عليه «النفار» بهذا العمل، وهو مشابه للمسحراتي في دول أخرى.

صلة الرحم
رمضان في المغرب هو شهر تعزيز صلة الرحم، فتزداد خلاله الزيارات العائلية وتبادل التهاني بين الأقارب والجيران، وعقب الإفطار، تمتلئ الشوارع والمقاهي بالناس الذين يستمتعون بالسهرات الرمضانية، مع تناول الشاي المغربي بالنعناع والقهوة، وتبادل الأحاديث.
ويرتدي الرجال الجلباب المغربي مع الطربوش الأحمر، بينما تتزين النساء بالقفطان المغربي والحناء، خاصة في المناسبات الرمضانية، لتعكس الهوية المغربية الأصيلة.
وتزداد الحركة نحو المساجد لأداء صلاة التراويح، وتقام دروس دينية تُعرف بـ»الدروس الحسنية» برعاية ملكية في بعض الأحيان، ويحرص الكثيرون على ختم القرآن الكريم خلال الشهر، سواء في المساجد أو البيوت.
ومن العادات المغربية في الشهر الفضيل عادة «تخياط النهار» وتهدف إلى تشجيع الأطفال على الصيام، حيث يصوم الطفل نصف يوم، ثم يكمل النصف الآخر في اليوم التالي، ويُعتبر ذلك بمثابة «خياطة» اليومين ليصبح يومًا كاملاً، مما يساعدهم على التعود على الصيام تدريجيًا.
ولا يزال «النفار» يجوب الشوارع في بعض المناطق قبل السحور، مرتديًا الجلباب التقليدي والعمامة، ويستخدم آلة نفخ لإيقاظ الناس، وذلك بالرغم من وجود وسائل الإيقاظ الحديثة.
أما ليلة السابع والعشرين فلها مكانة خاصة، وتحتفل العائلات بالأطفال الذين يصومون لأول مرة بنقش الحناء لهم وإلباسهم ملابس تقليدية كالعرائس.

الإفطار المغربي
مائدة الإفطار المغربية تتميز بتنوعها وغناها بالنكهات التقليدية التي تجمع بين الحلو والمالح، ويبدأ الإفطار عادةً بالتمر مع كوب من الحليب أو الماء، ثم يتم تناول البيض المسلوق كتقليد بسيط ومغذٍ.
ومن أبرز الأطباق حساء «الحريرة» وهو شوربة مغربية تقليدية تُعتبر رمزًا للإفطار في رمضان، وتتكون من الطماطم، والعدس، والحمص، والشعيرية، واللحم، والتوابل مثل القرفة والزنجبيل، وتُزين بالكزبرة والبقدونس. وتُقدم ساخنة وتُعتبر أساسية لكسر الصيام.
أما حلوى «الشباكية» فتُصنع من عجينة رفيعة تُشكل على شكل ورود، وتُقلى ثم تُغمس في العسل وتُرش بالسمسم. وتُقدم مع الحريرة وتُعتبر من أشهر الحلويات الرمضانية.
وتعتبر فطائر «البغرير» من الأطباق المفضلة على الإفطار، وتُعتبر خفيفة ومحبوبة على المائدة، وهي فطائر مغربية تُشبه الكريب، وتُصنع من السميد وتُقدم مع الزبدة والعسل.
وفطائر «المسمن» يتم تقديمها مع الشاي أو العسل والزيدة، وهي فطائر مربعة الشكل تُحشى أحيانًا بالخضراوات أو اللحم.
أما السفوف (السلو)، فيقدم كحلوى تُزين مائدة الإفطار في بعض المناطق، وهي خليط من الدقيق المحمص، واللوز، والسمسم، والعسل، والزبدة.
أما طبق «الكسكس» فيُحضر في بعض الأيام، خاصة ليلة السابع والعشرين، ويُوزع على الفقراء والمساجد كصدقة.
ومن الأطباق المعروفة في المناطق الساحلية طبق «السمك والجبن»، ويكون من السردين المقلي أو المشوي مع أنواع مختلفة من الجبن.
أما وجبة السحور فتكون خفيفة ومركزة على تزويد الجسم بالطاقة ليوم الصيام، ومن أبرز أطباقها «المسمن والفطائر» تُقدم مع الجبن، العسل، أو الزبدة، كما أن طبق السفوف (السلو) حاضر ايضا على مائدة السحور بالإضافة طبق «اللبن والخبز» ويتناوله الكثيرون كوجبة خفيفة، وطبق «البركوكش» وهو يشبه الحساء، ويُصنع من الحليب، والزبدة، والحبوب (مثل القمح أو الشعير)، ويُضاف إليه التوابل مثل الحبة السوداء. يُعتبر خيارًا دافئًا ومغذيًا.
أما كوب الشاي المغربي أو القهوة فيتم تناوله مع نهاية السحور للمساعدة على الترطيب واليقظة.