نباتاتنا صامدة أمام المناخ.. ميتة تحت إطارات السيارات !

alarab
تحقيقات 24 يناير 2022 , 12:10ص
منصور المطلق

يتساءل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عما إذا ما كانت العقوبات الخاصة بمخالفات البيئة كافية لردع سلوكيات بعض الأشخاص الضارة بالغطاء النباتي والروض، ويرون في تسوير الروض وإغلاقها أمام المركبات الحل المثالي لمنع التصرفات غير المسؤولة التي غالباً ما تغفل عنها عين الرقيب، مبدين رفضهم لممارسات بعض الافراد الضارة بالبيئة مثل التفحيط ودخول الروض بالمركبات مسببين أضرارا جسيمة للنباتات والأشجار التي تكيفت مع المناخ في البلاد، ولم يقض عليها شح الماء أو حر الصيف، لكن إذا بها تتعرض للقتل على يد متهورين بقصد الاستمتاع بالأجواء الجميلة عقب هطول الامطار، غير عابئين بما يسببه ذلك من أضرار للنباتات والحياة الفطرية الهشة، فضلاً عن تدمير الروض المفترض أن تزدهر عقب موسم الأمطار.
على الجانب الآخر يعكس اهتمام أفراد بالبيئة واسفهم على مثل هذه السلوكيات الخاطئة التي يُجّرمها القانون، مدى الوعي حول قضايا البيئة واثرها على الوطن والمواطن، إذ أن حرص المواطن وغيرته على بيئة بلاده تعكس وعيه، حول ما يمكن ان تتسبب به التصرفات الخاطئة من مضار للغطاء النباتي الذي يعد جزءاً من إرث مرابع الأجداد ومن حق الأجيال القادمة. 
ولا يقتصر اهتمام هؤلاء على انتقاد السلوكيات الخاطئة بل ذهب إلى أبعد من ذلك إلى القيام بمبادرات فردية لزراعة الأشجار والعناية بها كتلك التي أطلقتها «رابطة الشبهانة» التي يديرها مواطنون مهتمون بالبيئة، حيث وزعوا آلاف الشتلات على الأفراد ليزرعوها ويتكفلوا بعنايتها حتى تكبر وتصبح قادرة على امتصاص حاجاتها من المياه والاملاح المعدنية من التربة. 
وقد رصدت «العرب» مثل هذه المبادرات التي تعكس مدى الوعي البيئي لدى المجتمع، مثل رجالات البيئة الذين اطلقوا مبادرات بيئية عديدة، ومن بينهم محمد الدوسري الذي انشأ محمية للتعريف بأهمية البيئة والحياة الفطرية، والدكتور سيف الحجري الذي أسس مركز أصدقاء البيئة ورئيس برنامج «لكل ربيع زهرة» الذي يشجع على زراعة الأشجار ويعرف بمكونات البيئة النباتية.

د.  سيف الحجري: نسبة المهتمين بالبيئة ارتفعت إلى 70 %

قال الدكتور سيف الحجري رجل البيئة ومؤسس مركز أصدقاء البيئة ورئيس برنامج لكل ربيع زهرة، إن نسبة الاهتمام المجتمعي بالقضايا البيئية تجاوزت 70 % عن القرن الماضي، وذلك بفضل اهتمام الدولة وعلى رأسها القيادة الرشيدة المهتمة بالقضايا البيئية والتغير المناخي في جميع الخطابات السامية، إلى جانب المبادرات والفعاليات وزيادة عدد المؤثرين المهتمين بالبيئة، الذين يطرحون القضايا ويحزنون من السلوكيات الخاطئة لإدراكهم بانعكاساتها السلبية على الثروة النباتية في البلاد، ويذّكرون بأنها مرابع الأجداد وهي امانة في أيدينا للأجيال القادمة. 
وارجع الحجري السلوكيات الخاطئة من بعض الأفراد إلى الخطأ في التنشئة، وقال: كان اجدادنا يحرصون على البيئة البرية والبحرية ولم تكن متوافرة لهم وسائل التعليم المتاحة للجيل اليوم، ومع ذلك كان الصياد يحرص على البيئة البحرية ويخضّر مهنته بالفطرة، عن طريق سلوكيات بسيطة مثل اصطياد سمكة صغيرة ليست ذات قيمة غذائية فيردها إلى البحر، وكذلك في البر عبر المحافظة على الحياة الفطرية ومكوناتها الغنية. وأشار إلى دور الأسرة في هذا المجال الذي يجب أن يكون مسؤولاً في غرس القيم البيئية وغيرها في نفوس الصغار عبر اشراكهم في زراعة أشجار أو تكليفهم بالعناية بها ليدرك أهمية هذا العمال على بيئته التي يعيش بها. 
في سياق متصل أشار د. الحجري إلى ضرورة تكريم أصحاب المبادرات البيئية الذين يزيدون عاماً بعد عام وذلك لتشجيعهم على العطاء اكثر فهم يسهمون بشكل أو بآخر بنشر الوعي البيئية الذي يضمن عدم الاضرار بالأشجار والغطاء النباتي في البلاد، إضافة إلى تعزيز برامج التوعية للنشء بالتعاون مع المدارس كونها حاضنة ومربية لجيل المستقبل، وهناك يمكن غرس القيم البيئية ومفهوم المواطنة الصحيح الذي ينص على حرص الفرد على وطنه ومجتمعه ببيئته وكل مكوناته.

محمد الدوسري: تجب إحالة المخالفين إلى النيابة وحجز المركبة

أعرب السيد محمد الدوسري صاحب العديد من المبادرات البيئية الفردية مثل غرس الأشجار وتحويل محميته إلى صرح ثقافي بيئي يعكس التنوع النباتي والحياة الفطرية، عن تقديره واحترامه لأصحاب المبادرات الفردية الخاصة بالبيئة، سواء المبادرات العملية ممن قاموا بزراعة أشجار والعناية بها أو المبادرات التوعوية الذين اسهموا بنشر الوعي البيئي بين افراد المجتمع، حيث تلتقي جهودهم مع برامج الدولة الهادفة إلى تنمية البيئة عبر الحفاظ على مكوناتها وزراعتها وإعادة تأهيل الروض التي هي أساس البر في بلادنا الحبيبة.
 وقال الدوسري إنه التقى العديد من أصحاب المبادرات الفردية الخاصة بزراعة الأشجار وغيرها، الذين شعروا بحس المسؤولية تجاه الوطن بكل مكوناته واتجهوا إلى اهم ركيزة من ركائز قطر 2030 وهي التنمية البيئية، وعملوا بجد للمساهمة في تحقيقها من خلال اطلاق مبادرات فردية دون انتظار مكافئة او تكريم من احد، انما بادروا في هذه المجالات لخير بلادهم واولادهم. 
وأشار إلى أن التصرفات الفردية التي تندرج تحت جرم التعدي على البيئة يجب أن تتوقف من خلال تكثيف الرقابة وإحالة مرتكبي هذا النوع من المخالفات إلى النيابة وعدم الاكتفاء بالغرامة المالية، إلى جانب حجز المركبة والاعلان عن هذه العقوبات مع كل مخالفة يتم ضبطها، لردع من لم يردعه حس المسؤولية.

راشد المريخي: المحافظة على مرابع الأجداد من عبث الأحفاد

قال السيد راشد المريخي: قبل 5 سنوات قامت بلدية الخور والذخيرة بنصب حواجز حديدية بسيطة لروضة أم القهاب، التي حالت دون ارتكاب المخالفات المتمثلة بدخول المركبات إلى الروضة.
 وأضاف: حافظت هذه الخطوة البسيطة على التربة والنباتات والأشجار في الروضة وأسهمت في تنميتها وزيادة خضرتها.
وأشار في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: مثل هذه الأفكار البسيطة وغير المكلفة مادياً تحافظ على مرابع الأجداد من عبث المركبات والأحفاد.

فضيلة الداعية أحمد البوعينين: الحفاظ على البيئة واجب ديني ووطني

قال فضيلة الشيخ أحمد البوعينين، إن البيئة تحتاج إلى تضافر كل الجهود للنهوض بها والحفاظ على ثرواتها الغنية بالرغم من تحديات المناخ. وشدد على أن كل شخص مسؤول ومنوط بالقيام بهذا الواجب الديني والوطني.
 واستذكر فضيلته حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك.
 وأضاف: هذا الحديث يطبق على زوار البر في مثل هذه الأوقات من السنة فالإضرار بالبيئة عبر دخولها بالمركبات التي تخلف اضراراً للغطاء النباتي أو القاء المخلفات ليست من اخلاق المسلم، وعلى الزائر التصرف كأن الله يراه في موضعه، ويتقي الله في البيئة عن طريق الحفاظ عليها وعدم القيام بأي تصرف يضر بها.

سعد المهندي: «التسوير» هو الحل

طالب السيد سعد المهندي رسام الكاريكاتير وأحد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتسوير الروض لمنع دخول المركبات إليها، وقال إن لم تكن عقوبة الحبس والغرامة المالية رادعة للبعض، فالحل في تسوير الروض لمنع المركبات عنوة من الدخول إليها، مستعرضاً بعض الصور لعدد من الروض التي تحزن القلوب، وتحزن كل أصحاب المبادرات البيئية من المواطنين والمقيمين سواء بزرع الأشجار او نشر الوعي، وشدد على ضرورة تكثيف الرقابة على المناطق البرية سيما الروض التي تبتلى بالنصيب الأعظم من التعديات لكثرة الزيارات إليها في هذا الموسم بعد هطول الامطار. 
وأضاف: انا شخصياً أرى أن تسوير الروض هو الحل الجذري لهذه المشكلة الممتدة عبر سنوات طويلة للأسف، فعلى مدى سنوات وبكثير من الطرق والاساليب حاولنا منع هذه الظاهرة إلا انها لم تتوقف بل تزداد، فلا رسائل التوعية بمختلف الوسائط وفي مختلف وسائل الاعلام استطاعت ولا حتى المخالفات رغم صرامتها وشدتها، إما بسبب الاستهتار او بسبب الجهل، فبالتالي تسوير هذه الروض كما ذكرت هو الحل، والاعتراض الوحيد من قبل البعض لهذا الحل هو ان هذا الاجراء بحد ذاته تشويه للمنظر وأنا أتفهم ذلك.
 واستطرد: لكن من وجهة نظري انه بالإمكان الاستعانة بالفنانين القطريين لابتكار مجسم معين منسجم مع البيئة القطرية عموما، والروض خصوصا وتثبيته على حدود الروضة، مثال على ذلك عندما تم تركيب أبراج تقوية ارسال الهواتف النقالة في مختلف مناطق الدولة كانت تشوه المنظر العام، ولكن بلمسة فنية بسيطة أصبحت هذه الابراج منظرا جماليا بإضافة مجسمات سعف النخيل المرتبط بالبيئة القطرية على أعلى هذه الابراج، فأنا على ثقة بأن الفنانين القطريين بمواهبهم الفنية وخيالهم الواسع وارتباطهم ببيئتهم بإمكانهم ابتكار عدة أفكار تساعد على صنع هذه المجسمات.

 المهندس عبدالله الخاطر: إنشاء شرطة بيئية يحد من المخالفات

أكد المهندس عبدالله الخاطر رئيس رابطة الشبهانة البيئية، ضرورة تكثيف وتشديد الرقابة على المناطق البيئية، على مدار العام لاسيما بعد هطول الأمطار.
 وقال الخاطر إن المشكلة تكمن في اثبات المخالفة بعد مغادرة المخالف، موضحاً أنه يتم إيجاد اثار المركبات المخربة للروض ولا يتم إيجاد المركبات كلها، و» هنا الفجوة التي لابد من العمل على إصلاحها، من خلال وجود المفتش في المكان والوقت المناسب لضبط المخالفة والمخالف في آن» وفق تعبيره. 
وأضاف: هناك ضرورة ايضاً للتشديد على السلوكيات المضرة بالبيئة وعدم التسامح بها، مثل تلك المتعلقة بالإضرار بالغطاء النباتي في البلاد، فهؤلاء يجب ان تطبق عليهم اشد العقوبات التي ينص عليها القانون. 
في سياق آخر لفت الخاطر إلى نشاط رابطة الشبهانه البيئية المتمثل في اطلاق مبادرات لتشجير البر، حيث يقوم أعضاء الرابطة المكونون من 12 عضواً معظمهم من المواطنين بتوزيع أشجار على الافراد لزراعتها والتكفل بعنايتها حتى تكبر وتصبح قادرة على احلال الاشجار المتهالكة بسبب الممارسات المختلفه ضد هذه الاشجار المحلية.
ونوه بأن الرابطة تضم أنشطة رحلات لتنظيف الروض من مخلفات الرحلات، حيث يقوم الأعضاء بتشكيل فريق وزيارة عدد من الروض لتنظيفها من المخلفات أيا كانت.

 المحامي خالد المهندي: التعويض عن الأضرار والحبس والغرامة

قال المحامي خالد عبدالله المهندي إن الإضرار بالبيئة ومكوناتها النباتية جّرمت حسب الفقرة 5 من المادة 7 في القانون رقم 32 لسنة 1995 بشأن الإضرار بالبيئة النباتية، وأضاف يقتصر مرور السيارات والمعدات والآليات في مناطق البيئة النباتية على الطرق المخصصة فقط، ويحظر المرور عشوائية لما يسببه من إضرار للغطاء النباتي.
 وأوضح أن القانون يعاقب من أتى تلك الأفعال بالحبس لمدة لا تتجاوز 3 أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن 2000 ريال، والتعويض عن الأضرار والخسائر التي تلحق بالبيئة جراء الفعل الذي اقدمه عليه سواء دهس الروض أو الاضرار بالغطاء النباتي بوسيلة أخرى.
ودعا المهندي الجميع إلى التحلي بالمسؤولية والتعاون مع الجهات المختصة للحفاظ على البيئة، وذلك من خلال اتباع القوانين المعمول بها إن لم يكن الشخص مبادراً لزراعة أشجار أو عنايتها، مؤكداً أن القضية البيئة مسؤولية المجتمع أفراد ومؤسسات. وأردف: كما أن للتشريعات والقوانين دورا هاما في حماية البيئة، نظرا لكونه لا يمكن للإنسان الحياة دون وجود البيئة، التي تعد العامل الرئيسي لوجود الحياة على وجه الأرض.

مشروع تسوير 50 روضة.. أين هو؟

سبق وأطلقت وزارة البيئة مبادرة لتسوير 50 روضة، وقامت فعلياً بتسوير العديد من الروض في المناطق البرية المختلفة، وشهدت هذه الروض بعد حمايتها تعافياً ملحوظاً، حيث استعادت الأشجار خضرتها وبدأت بالنمو، وحافظت الأرض على خضرتها طيلة فترة الشتاء والربيع. وذلك أن التسوير يمنع دخول المركبات التي تتسبب بتخريب الروض، ويقتصر الدخول على الافراد الراجلين، وهنا تواجه البيئة مشكلة المخلفات التي ما زال البعض إلى الآن يعمدون إلى ترك المخلفات وموقد النار في مكان نزهتهم. 
وتدعو وزارة البيئة إلى الحفاظ على الروض من خلال الالتزام بالقوانين، كما تدعو الجمهور إلى التعاون معها من خلال الإبلاغ عن أي مخالفات بيئية يتم رصدها، وذلك من خلال قنوات التوصل المتاحة، وأكدت الوزارة أن معلومات المبلغ سرية، وكل ما عليه فعله تصوير المخالفة وارسالها عبر تطبيق عون أو وسائل التواصل المتاحة. واهابت الوزارة بضرورة الالتزام بالحفاظ على البيئة، منوهاً بان المخالفات تعرض مرتكبها للمساءلة القانونية التي قد تصل إلى الحبس. 
على الجانب الاخر يتساءل عديد من المواطنين عن مشروع تسوير 50 روضة إلى أين وصل، ولماذا لم ينجز حتى الان على الرغم من مضي سنوات عديده على اطلاقه.