غضب في سرت المهمشة بليبيا الجديدة
حول العالم
23 ديسمبر 2011 , 12:00ص
سرت - أ.ف.ب
إبان نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، كانت سرت مدينة تحظى بوضع خاص بل كانت مدللة، إلا أن الغضب آخذ في التصاعد الآن في هذه المدينة مسقط رأس الزعيم الراحل، بسبب تهميشها في ليبيا «الجديدة».
فإلى سرت الواقعة على بعد 360 كيلومترا شرقي طرابلس، لجأ القذافي الذي كان يلقب بـ «ملك ملوك إفريقيا» في أغسطس بعد أن تمكن المتمردون من اجتياح العاصمة.
وبينما قاتل الموالون له بشراسة لحماية سرت وزعيمهم، عثر المتمردون على القذافي بعد شهرين وقتلوه في ذات المدينة.
وفي الحي رقم 2 حيث دارت أعنف المعارك بين المتمردين والموالين للقذافي، يعم الاستياء النفوس، فقد جرى هذا الأسبوع احتجاج على «تهميش» سرت دون أن يعير له آخرون التفاتا في أنحاء ليبيا الأخرى. وكتب على لافتة تركت بعد احتجاج الثلاثاء «لا مصالحة وطنية دون تعويضات، لا استثناءات. لا لتهميش سرت!».
وجاء على لافتة أخرى «أين إعادة الإعمار؟ لا مسؤولين ولا إعلام».
لقد دفعت سرت ثمنا غاليا لتقديمها الملاذ للزعيم السابق، إذ أحيل الشارع تلو الشارع فيها إلى ركام، واحترقت الأبنية بفعل القصف وباتت بانتظار الإزالة.
وتتكدس النفايات في شوارع المدينة التي كانت يوما مزار الزعماء والشخصيات الدولية.
يقول الطالب الجامعي إبراهيم حرير «لم يأت أحد ليرى أوضاعنا هنا، لقد وقعت جرائم حرب هنا، ولكن لا أحد يعنيه الأمر، لأن المدينة كانت تابعة للقذافي!».
وإبراهيم عبدالله الذي هرب من سرت في 18 أكتوبر عاد إلى المدينة قبل أيام قلائل ليجد «الثوار» قد نهبوا محتويات شقته. ويقول عبدالله لفرانس برس «كل شيء اختفى: الأثاث والحلي الذهبية لزوجتي ومدخراتنا ضاعت!».
ويضيف وقد تجمدت ملامحه «سأرحل عن هذه المدينة. لأين؟ لا أعرف. أرض الله واسعة». ويعتقد عبدالله والكثيرون مثله من سكان المدينة، أن سرت تعاقب على ولائها للقذافي. ويقول أحمد كرباج الذي يرأس مجلسا محليا يتولى مهمة تقييم الأضرار التي لحقت بالمدينة «الوضع صعب جدا، الحكومة لا تتحرك». ويقدر كرباج أن ما بين 40 و%60 ممن هربوا من سرت أثناء القتال لم يعودوا إليها بعد بسبب الافتقار إلى إعادة الإعمار بالمدينة.
واليوم وبعد شهرين من انتهاء المعارك، ما زالت بعض المنازل دون مياه جارية، ولا يعرف أصحابها كيف يعيدون الكهرباء إليها. والأسوأ أن كرباج يخشى وجود قنابل لم تنفجر بعد بين ركام المدينة. والاثنين قال عبدالحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي «إن المدينة تعاني» معلنا عن إرسال وفد «لتقييم الأوضاع ومعرفة الاحتياجات» في سرت.
وتقول أجهزة الحكم الجديد في ليبيا إن المصالحة الوطنية بعد الحرب على رأس أولوياتها، ولكن ليس من المتوقع أن يكون هذا الأمر سهلا في سرت.
فمسعود عبدالحميد أحد سكان سرت يقول «أي مصالحة وهم لا يستمعون لآراء الآخرين؟». ويقول آخر طلب عدم الكشف عن اسمه «لا نريد مصالحتهم، كذابون! جاءوا بالخراب والموت، الله لا يسامحهم!». ولا يزال الكثيرون في هذه المدينة المهزومة أوفياء لذكرى القذافي الذي تمقته غالبية الليبيين.
وما زال صدى شعار مؤيدي النظام السابق يتردد هنا: «الله، معمر، ليبيا وبس!».
وقبل الموافقة على أي مصالحة بين خصوم القذافي والموالين لذكراه، يصر الكثيرون في سرت على طلب واحد، إذ يقول تهامي حافظ «الشرط الأول للمصالحة هو الكشف عن مكان دفن زعيمنا»، في إشارة إلى أن القذافي دفن في مكان لم يتم الكشف عنه في الصحراء. ويؤكد بإصرار «من حقنا أن نعرف»، ويوافقه الرأي عشرات الرجال الواقفين حوله.
غير أن مثل هذه المطالب تزيد الغضب بين الليبيين في المدن الأخرى، إذ يقول أحد سكان طرابلس كان مارا بمدينة سرت، إن أهل المدينة «يستحقون ما يحدث لهم، سيكون ذلك درسا لهم. دعهم يذوقون بعضا مما ذاقته بقية ليبيا طويلا».