«العوين» يحذر من الإدمان عبر البوابة «المشروعة»

alarab
محليات 23 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - محمد عيادي
احتفالا باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، نظم مركز التأهيل الاجتماعي «العوين» صباح أمس بالدوحة بفندق فورسيزون ندوة بعنوان «علاج إدمان المخدرات: فريق متكامل». وأوضح السيد محمد آل خليفة مدير إدارة الموارد البشرية والمالية في العوين أن الندوة تركز في مجملها على مخاطر المخدرات، وما تسببه من أضرار جسيمة على الفرد بشكل خاص وعلى المجتمع بصورة عامة، مشيرا إلى أن احتفال «العوين» باليوم العالمي لمكافحة المخدرات لإيمانه بخطورة هذه المشكلة وتأكيده على الدعم المستمر لكافة الجهود المبذولة من مختلف القطاعات للتصدي لها، وتفادي أضرارها الجسيمة على الفرد والأسرة والمجتمع صحيا واجتماعيا ونفسيا. وقدم الدكتور عبدالله الكبيسي رئيس جامعة قطر الأسبق في مداخلته عرضا حول الدراسات الأولى التي أنجزت حول ظاهرة المخدرات في المجتمع القطري، وهي خمس دراسات أعدت ما بين 1984 و1997م. وأوضح الدكتور الكبيسي أن بحث الظاهرة في البادية اتسم بالحساسية لأن الأسر التي يبتلى أحد أبنائها بالمخدرات كانت تتكتم على الأمر، خوفا من التقليل من مستواها القيمي والاجتماعي. وأشار إلى أن الدراسة الأولى كانت ميدانية أجريت على عينة من السجناء، ومكونة من 123، منهم 91 متعاطياً و32 من المتاجرين بالمخدرات، مشيراً إلى أن الدراسة هدفت إلى توضيح أن مشكلة المخدرات ليست مشكلة فردية يجب التستر عليها، بل مشكلة اجتماعية تجب معالجتها وتوفير الحلول لها. وركزت الدراسة الثانية على مشكلة تعاطي المخدرات داخل فئة الشباب، بحيث أجريت بموافقة من الدولة على عينة من طلبة المدارس بقطر، وهناك دراسات أخرى، وهي مشكلة تعاطي المخدرات بين الشباب، حيث اختيرت عينة من 1000 طالب من 11 مدرسة إعدادية وثانوية. وتلتها دراسة ثالثة على ما سبقها واستفادت من جهود وزارة الداخلية التي جمعت المتعاطين في دورة تدريبية وتثقيفية وتربوية لمساعدتهم على التعافي والإقلاع عن آفة المخدرات. وأشار الكبيسي إلى دراسة رابعة طرحت مشروع تقوية برامج الوقاية ومشروعا آخر تبنته كلية التربية والشريعة بتكوين دارسين كباحثين اجتماعيين مؤهلين للتعامل مع الظاهرة المذكورة. وشدد المحاضر على أن الدراسات أحدثت وعيا بالمشكلة التي لا ينبغي السكوت عنها، وساعدت على عملية تنظيم محاربة المخدرات، وإنشاء اللجنة الدائمة لشؤون المخدرات والمسكرات التي تقوم بعمل إنساني في حماية المجتمع من خطر المخدرات، داعيا في الوقت نفسه لإجراء دراسات جديدة بعد التغير الذي عرفه المجتمع القطري على المستوى الديموغرافي ونمط الحياة. من جهته ركز الدكتور محمد عبدالعليم استشاري أول في الطب النفسي بمركز التأهيل الاجتماعي (العوين) على عقار «الترامادول» وكيفية دخول الإدمان من الباب المشروع. واعتبر أن هناك معركة جديدة في ميدان محاربة المخدرات في ظل توفر الأدوية المرخصة التي يتعاطاها المرضى، وتحولت بكثرة استخدامها من قبيل المورفين والهيروين والكوكايين إلى وسائل للإدمان. وتطرق المتحدث لخواص عقار «الترامادول» الذي يصرف كمسكن للصداع الشديد والآلام الشديدة أو المتوسطة التي تعقب العلميات الجراحية وغيرها. كما تطرق لسلبياته ولكيفية تأثيره في الدماغ من حيث زيادة إفراز السيروتونن وتثبيط استرجاع (النوردادرلين) انتقائيا وتثبيط الدماغ من إفراز مادة (الإندورفين) كمادة تساعد الإنسان على تحمل الآلام العادية. وحذر الدكتور محمد عبد العليم من تعاطي عقار «الترامادول» وما شابهه، مرجعا أسباب انتشاره لرخص ثمنه ولاستعمالاته الطبية المشروعة، والتي من المفروض فيها أن تكون تحت ضوابط صارمة، مشيرا في الآن نفسه إلى أنه أصبح منتشرا وسط معظم الفئات الاجتماعية والعمرية لأسباب إدمانية مختلفة. واعتبر المتحدث أن رفع درجة الوعي وسط الأطباء المختصين حول السمات الإدمانية لـ» الترامادول» والتوعية بمخاطره، وإلمام رجال المكافحة والجمارك وأمن السواحل بأنواعه وطرق تهريبه كفيلة بالحد من تلك المخاطر ومحاربة تداعياته السلبية. إلى ذلك تحدثت الدكتورة شريفة العمادي مدير إدارة العلاج والتأهيل واستشارية نفسية عن مراحل علاج وتأهيل المدمن، موضحة أن هدف الوحدة الداخلية لمركز التأهيل الاجتماعي «العوين» هو تأهيل وإعادة تأهيل الحالات جسدياً ونفسياً واجتماعياً، وإعادة دمج الحالات مجددا في المجتمع والأسرة من خلال التواصل والزيارات الأسرية وتقديم العلاج الأسري اللازم. وقالت الدكتورة شريفة في عرضها الذي عنونته بـ»العلاج والتأهيل من منظور علمي جديد»: «إننا نؤمن في مركز العوين بأن المكان الطبيعي للحالة هو محيطها العائلي، وأن الإقامة في المركز هي مرحلة مؤقتة لتلقي التأهيل المطلوب واكتساب المهارات التي تمكنها من الاندماج في المجتمع». وذكرت الدكتورة العمادي أن «العوين» يعتمد كذلك برنامج الإرشاد الديني الأسبوعي، ودمج حالات الإدمان في مجموعات «إرشاد التعافي» لوقايتهم من الانتكاسة والسعي لإكسابهم بعض المهارات في مجال الكمبيوتر من خلال جلسات تدريبية وأنشطة ترفيهية، وتنظيم رحلات علاجية خارجية وتوفير إقامة صحية آمنه ولائقة وفق معايير الجودة طوال فترة الإقامة التي يقررها الفريق المعالج. وشددت الاختصاصية النفسية على أن الاختصاصي النفسي يقوم باستبصار الحالة وبطبيعة المريض ومناقشة أفكاره وانفعالاته التي تكون متأثرة بالمرض، والتركيز على معرفة الطرق والأساليب التي تساعد الحالة على الامتناع عن السلوك السلبي والمساعدة على بناء شخصيته وتبديل الفكرة السلبية لتبديل السلوك بالتبع. أما الدكتور العمادي الاختصاصي الاجتماعي، فيبحث التاريخ الأسري والظروف الاقتصادية للحالة والتنسيق لحل المشاكل المالية عند وجودها وترتيب مواعيد زيارة الأسرة للحالة في الوحدة الداخلية، وتنسيق مقابلات فردية وجماعية لتوجيه الحالات والأسر، وإعادة تكيفها ودمجها في المجتمع. ويكمل المرشد الديني ومرشد التعافي دور الاختصاصي النفسي والاجتماعي من خلال تقديم إرشاد ديني عن طريق التركيز على القيم الدينية من عبادات ومعاملات. وفي سياق متصل، قدم الدكتور محمد علي الماحي استشاري الطب النفسي وطب الإدمان بمركز العوين في بداية عرضه بعنوان «مدارس علاج الإدمان» خلفية تاريخية عن معرفة الإنسان بالمخدرات، حيث ظهر الكحول في عهد نوح عليه السلام - حسب المتحدث- وظهرت الأفيونات في عهد السومريين 4000 ق.م والمصريين 2000 ق.م، فيما ظهر الحشيش أول مرة عند الصينيين في القرن الثالث ق.م، نقله جنود نابليون من مصر إلى أوربا في القرن 19. كما سلط الضوء على الخلفية التاريخية لمفهوم الإدمان وتعريفه الحالي، وخصائص المعالجين ومقدمي الخدمة، ومدارس العلاج من الإدمان، مؤكدا عدم وجود برنامج علاجي أو مدرسة علاجية مثالية تناسب كل المرضى. وشدد الدكتور الماحي على أهمية تلبية البرنامج العلاجي الاحتياجات المتعددة لمرضى الإدمان حسب كل حالة على حدة، وأن تكون الخدمة العلاجية متاحة، وأن تشمل الخدمة العلاجية إمكانية المتابعة وتقديم المساعدة للمرضى ما بعد انتهاء العلاج. وتطرق المتحدث لبرنامج علاج الإدمان الذي يقدمه مركز العوين، واصفا إياه بأنه علاج تكاملي يجمع بين الطبي، النفسي والاجتماعي، والديني. يذكر أنه تم تدشين بيت «العوين» في الخامس من يناير2011، وذلك بافتتاح قسم الرجال أولاً، واستقبال حالات الإدمان فقط ويجري العمل حالياً على افتتاح القسم الخاص بالإناث.