أدى مزيج الصدمات الاستثنائية في منطقة اليورو وتدابير الاستجابة له عبر السياسات الاقتصادية إلى ارتفاع مستويات التضخم في الفترة بين عامي 2021 و2022. خلال جائحة كوفيد، وضعت عمليات الإغلاق قيوداً على العرض، في حين أدت السياسات النقدية والمالية الميسرة للغاية إلى تعزيز الطلب، وقد ترتبت على ذلك زيادات استثنائية في الأسعار من قبل المصنعين وتجار التجزئة. وتحوّل هذا الأمر إلى موجة تضخمية أوسع نطاقاً عندما أعيد فتح الاقتصادات الأوروبية، وتضخمت هذه الموجة لاحقاً بسبب صدمة السلع الأساسية الناجمة عن الصراع الروسي الأوكراني. في الواقع، تسارع معدل التضخم الكلي بسرعة ليصل إلى ذروته عند 10.6% في أكتوبر 2022، بعد أن كان -0.3% في عام 2020.
وقال التقرير الاسبوعي لمجموعة QNB استجاب البنك المركزي الأوروبي للموجة التضخمية من خلال البدء في تنفيذ دورة قياسية لتشديد السياسة النقدية، بهدف إعادة التضخم إلى نسبة 2% المستهدفة والتي ابتعد عنها كثيراً آنذاك. وبعد ذلك، تم رفع أسعار الفائدة 10 مرات، بإجمالي زيادات بلغ 450 نقطة أساس إلى أن وصل سعر الفائدة إلى 4.5%. ولكن في الآونة الأخيرة، أشار البنك المركزي الأوروبي إلى أنه يوشك على إيقاف دورة التشديد النقدي. وفقاً لبيان صادر عن البنك المركزي الأوروبي، فإن أسعار الفائدة تعتبر حالياً عند مستويات «إذا تم الحفاظ عليها لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فستساهم بشكل كبير في عودة التضخم إلى النسبة المستهدفة في الوقت المناسب.»
أولاً، انخفض التضخم بشكل كبير من ذروته التي تجاوزت 10% ولا زال يتراجع. تظهر أحدث إصدارات البيانات أن التضخم الكلي انخفض بأكثر من النصف من 10.6% في أكتوبر 2022، إلى 4.3% في الشهر الماضي. بدأ التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار السلع الأكثر تقلباً مثل الغذاء والطاقة، وهو عادة أكثر تماسكاً، في الانخفاض في أبريل من هذا العام وانخفض بنسبة كبيرة بلغت 0.6 نقطة مئوية في سبتمبر. علاوة على ذلك، ظلت التوقعات طويلة الأجل منخفضة، وهي الآن تقترب من نسبة 2% المستهدفة. ويعتبر احتواء التوقعات أمراً بالغ الأهمية لتجنب المزيد من الزيادات في الأسعار من جانب الشركات والمطالبات من قبل العاملين بزيادة الأجور. وبشكل عام، فإن انخفاض معدلات التضخم واحتواء التوقعات يدعمان التوقف المؤقت عن زيادة أسعار الفائدة.
ثانياً، أدت الدورة القياسية من جولات رفع أسعار الفائدة، جنباً إلى جنب مع تطبيع الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي، إلى تشديد الأوضاع المالية إلى مستويات استثنائية. ويقدم مؤشر الأوضاع المالية لمنطقة اليورو ملخصاً مفيداً لتكاليف الائتمان. يجمع هذا المؤشر بين معلومات أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل، وهوامش الائتمان. وقد بدأ المؤشر اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً في يوليو 2022 وهو حالياً عند مستوى لم يتم تسجيله إلا في أسوأ مراحل الأزمة المالية العالمية، عندما واجه الاقتصاد الأوروبي أزمة ائتمان وانهارت أسعار الأصول.