تعتبر الحناء من أهم طقوس الزينة التي ارتبطت بالمرأة على مر العصور وخاصة المرأة في قطر ومنطقة الخليج العربي. وعلى الرغم من مرور الزمن ظل هذا التقليد قائما ومستمرا، حيث لازالت النساء تقبل على الحناء في كافة المناسبات خصوصا في الأعياد والمناسبات الاجتماعية، وللحناء حضور في التراث الشعبي، من أهم الرموز الجميلة التي تناقلتها المرأة على امتداد العصور.
ولأهمية الحناء عند المرأة العربية اعتبرت رمزاً من الرموز المعبرة عن فرحها وسعادتها في ليلة زفافها، وباتت لها ليلة مخصصة تسمى «ليلة الحناء» تتهيأ فيها العروس للحناء.. وقد أصبحت هذه الليلة معروفة في معظم بلدان الخليج والوطن العربي عامة وإن اختلفت عدد ليالي الحناء فهناك من يخصص ليلة واحدة ومن الدول العربية من تخصص أياما وليالي مثل دول المغرب العربي.
وتعبر الحناء عن مظاهر زينة المرأة، فيها المرأة بالمهارة والخبرة في فنون استعمالات الحناء وتشكيلاتها ونقوشها وزخرفتها في مواسم الأفراح والأعراس والمناسبات السعيدة.
بداية من 5 آلاف عام
وبالعودة إلى المصادر التاريخية فإن الفراعنة هم أول من استخدموا الحناء قبل خمسة آلاف عام حيث عُثر على مادة الحناء على أيدي المومياء المحنَّطة وتشير الدلائل إلى الاعتقاد بأن الحناء تحفظ من الأذى والشرّ عند شعوب الحضارة المصرية القديمة.
ليلة الحناء
وبقي شيوع تداول الحناء مستمراً على نطاق واسع، وعلى مستوى أغلب الطبقات الاجتماعية والشعبية العربية، لتصبح كرمز من الرموز المعبرة لجمال المرأة والرجل أحياناً في شتى المناسبات، وخاصة الأفراح، والزواج والأعياد.
أما أشهر البلدان التي تقوم بزراعة شجرة الحناء مصر والشام واليمن والسودان والعراق والهند وإيران.
كما تعتبر الحناء منتوجا مهما للتداوي والاستشفاء لعلاج الكثير من الحالات المرضية. منها أمراض الصداع وأمراض الصفرة والجرب وعلاج الجروح والحروق وسائر الأمراض الجلدية، إضافة إلى استخداماته أيضاً لعلاج تقوية الشعر وتغذيته وذلك لما تحويه من بروتينات منشطة، حيث تؤكد الأبحاث الحديثة احتواءه على نسبة مرتفعة من المواد الملونة، والمادة القابضة التي تسمى (الناتين) كما تتميز أوراقه بنسب عالية من تلك المواد.
الحناء والأدوية
ونتيجة لهذه المنافع دخلت عناصر الحناء كذلك الكثير من المراكز والمختبرات العلمية والطبية الحديثة، وأصبح تركيبه يدخل في نطاق هذا التحديث بهذه المعامل والمراكز في تصنيع الأدوية الصالحة لعلاج الأمراض، ومجال الصناعة مثل مستحضرات التجميل وصباغة الشعر، وصناعة النسيج، وتحضير العطور، ودباغة الجلود، وتلوين الصوف والقطن، وتزيين الأثاث والخشب والخيزران وباعتباره مادة طبيعية أفضل من المواد الكيماوية.
اللون الأخضر
ولون الحناء الأصلي هو أخضر. أما أوراقها فتشبه أوراق شجرة الزيتون، ولونها يميل للون البني بينما أزهارها بيضاء اللون، فيما يبلغ طول شجرة الحناء من (10 - 12) قدم، وتزرع في جميع الأراضي الصالحة للزراعة.
وبالنسبة للون صبغ الحناء فهو اللون الأحمر الفاتح، واللون الأسود.
أما طريقة استعمالها فتأخذ أوراقها وتجفف ثم تطحن، ويضاف إليها قليل من الليمون والملح لزيادة التماسك والثبات إضافة إلى الماء، ثم تكون على شكل عجينة لينة تصبح الحناء بعد ذلك جاهزة للاستعمال، فيكون لونها في هذه الحالة لوناً أخضر، وله رائحة عطرية فواحة جميلة.
وفي كتابه «الحناء زينة المرأة في الخليج» تناول الكاتب والإعلامي صالح غريب الخصائص المميزة للمرأة العربية أناقتها وطريقة اهتمامها بنفسها ومظهرها، والتي تعتمد بالأساس على ثلاثة عناصر مهمة هي: الكحل والحناء والعطور العربية التقليدية.
كما يتناول الكتاب تاريخ الحناء وأنواعها ومميزاتها واختلافها من بلد إلى آخر، وكيف تتزين بها النساء كأول خطوة للاحتفال بأهم قراراتها في الحياة وهو الزواج، ومكانة الحناء عند المرأة العربية لا سيما القطرية، حيث تخصص ليلة كاملة خلال احتفالات الزواج للحناء، فتجتمع العائلة والأصدقاء حول العروس وتزين بالحناء قبل ليلة الزفاف، كما أن وضع الحناء لا يقتصر على الأيدي بل على الأرجل كذلك التراث العالمي .
إدراج لدى «اليونسكو»
وتسعى دولة قطر ممثلة في وزارة الثقافة والمؤسسات المعنية وعدد من الدول العربية إلى إدراج الحناء على قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، كخطوة مهمة لإبراز الأهمية التي تتمتّع بها الحنّاء في ثقافتنا وهويتنا العربية والخليجية، والتي نتقاطع فيها مع العديد من ثقافات العالم، فقد تنوعت استخدامات الحنّاء في مجتمعاتنا بين الطبابة والزينة، إضافة إلى أنها رمز خاص في المناسبات الاجتماعية ومظهر من مظاهر الاحتفال وأداة خاصة للتعبير عن الفرح والابتهاج.
وينضم هذا الملف إلى ثمانية ملفات عربية وخليجية مشتركة وتجمع الدول العربية روابط ثقافية وتاريخية وجغرافية تمهد الطريق نحو المزيد من التكامل في جهودنا لصون وتسجيل موروثنا الشعبي وعاداتنا وتقاليدنا العريقة، لما يختزله التراث الثقافي غير المادي من رصيد معرفي، ومخزون حضاري.