تربويون لـ العرب: انشغال أولياء الأمور وراء «توغل» الدروس الخصوصية

alarab
تحقيقات 22 مايو 2022 , 12:35ص
يوسف بوزية

 خالد صالح: إحدى وسائل تشجيع الاتكالية لدى الطالب

خميس المهندي: الدروس الخصوصية سلاح ذو حدين 

إبراهيم العبيدان: الدعم الإضافي يغني الطالب عن «الخصوصي»
 

أرجع تربويون استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية في جميع المراحل الدراسية، بما فيها الجامعة، إلى عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم بمدارسهم بسبب انشغالهم والاستعاضة عن ذلك بالدروس الخصوصية، فضلاً عن التقليد، وأشاروا إلى أن مجموعات الدروس الإثرائية الموجودة بالمدارس، التي تسبق الاختبارات وكذلك حصص الدعم الإضافي كفيلة بتزويد الطالب الضعيف والمتوسط بالكثير من المعارف وتحسين مستواه الأكاديمي، دون تحميل الأسرة أعباء إضافية.
ويشكو أولياء أمور من غلاء الدروس الخصوصية خاصة لطلاب المرحلة الثانوية، أصحاب «النصيب الأكبر» من حصيلة هذه الدروس، حيث يصل سعر الحصة الواحدة، التي لا تتعدي مدتها الزمنية ساعة، ذروته في موسم الاختبارات ( 500 ريال)، بعد أن كان سعر الحصة الواحدة في اللغة الإنجليزية، الرياضيات أو الفيزياء يتراوح بين 300 – 400 ريال في الأيام العادية.
وفيما يلقي عدد من أولياء الأمور المسؤولية في انتشار «ظاهرة الدروس الخصوصية»، على المدارس، وقلة الدروس الإثرائية فيها لتغطي كافة احتياجات الطلاب، يرجع تربويون الظاهرة إلى أولياء الأمور أنفسهم، خصوصا أولئك الذين لا يتواصلون بشكل مستمر بما يخدم العملية التعليمية مع المدرسة، للوقوف على مستوى أبنائهم الأكاديمي، واستدراك نقاط الضعف في مستويات أبنائهم واضطرارهم بالتالي للجوء إلى الدروس الخصوصية.

الدعم الإضافي
وأوضح الأستاذ خميس المهندي، مدير مدرسة أم القرى الابتدائية أن الدروس الخصوصية لها جانب احتياجي لرفع مستوى الطالب ولها أيضاً جانبا يتعلق بالثقافة الاجتماعية الخاطئة والتقليد بين الطلاب في الحصول على الدروس دون أن يكونوا بالضرورة بحاجة إليها، مشيرا الى أن الطالبات أكثر اعتماداً على أنفسهن في المذاكرة والمتابعة والتحصيل الأكاديمي، وأكد أن مجموعات الدروس الإثرائية الموجودة بالمدارس، التي تسبق الاختبارات وكذلك حصص الدعم الإضافي كفيلة بتحسين مستوى الطالب إذا اقترن هذا مع اهتمام ومتابعة الأهل، لكن الحاصل أن العديد من أولياء الأمور لا يتولون تعليم الأبناء ولا يتابعونهم في المنزل مع كونهم أحد أطراف العملية التعليمية، وأشار إلى أن الدروس الخصوصية هي سلاح ذو حدين مؤكدا ان المدارس تقوم بدورها على أكمل وجه والمعلم أكثر قدرة على الوقوف على نقاط الضعف لدى طلابه ومعالجتها دون اللجوء الى المدرسين الخصوصيين الذين يمكن وصف العديد منهم بتجار شنطة.

تشجيع الاتكالية
من جهته، قال السيد خالد صالح ثابت، مدرب تنمية بشرية ومستشار تطوير ذات وولي أمر، إن أولياء الأمور بإقبالهم على الدروس الخصوصية يقبلون على تعليم أبنائهم عادات سيئة جدا منها عدم التركيز والاعتماد على ما يقدمه المدرس في المنزل. 
ويوضح السيد خالد: الدروس الخصوصية إحدى وسائل تشجيع الاتكالية لدى الطالب، بينما عليه تطوير وسائل البحث لديه والنشاط في المنزل فضلاً عن المدرسة، لكن اللوم يقع على أولياء الأمور ممن يربطون بين التعليم وبطاقة الصراف البنكي الآلي لدفع التكاليف الباهظة للدروس الخصوصية، بينما تركز العملية التعليمية على تنمية الاعتماد على النفس لدى الطلبة وعدم الاتكالية. وأشار إلى أن الاتجاه نحو الدروس الخصوصية لا يضمن تحسين مستوى الطلبة، نظراً لأن المدرسين في تلك الحالة لا يملكون البيانات الوافية عن مستوى الطالب في كل مادة دراسية كما هو الحال بالنسبة لمدرسته، حيث إن الطالب لدى انتقاله للمرحلة الثانوية تطلب الإدارة تفصيلاً بتقييم مستواه الدراسي من قبل مدرسته الإعدادية ولجميع الطلبة المتحولين. كما أن الاختبارات التشخيصية تحدد مستوى الأداء الفعلي لكل طالب واحتياجاته الأكاديمية.
 مواطن القصور
وأشار السيد خالد إلى أن دروس الدعم في المدارس يجب أن تتم وفق آليات واضحة تحدد مواطن القصور لدى الطلاب لتجاوزها من التركيز على نقاط ضعفه، قائلا: إن توجه أولياء الأمور إلى الدروس الخصوصية يفسر بعدم توفق الطالب في التحصيل منذ البداية على المستوى المطلوب، واعتقد أن هذا الأمر خاطئ، فدروس الإثراء يمكن أن تكون الحل على اعتبار أن عدد الطلبة في الفصل سيكون أقل واهتمام المدرس بالطالب الضعيف سيكون أكثر، كما أن الدروس الخصوصية تستنزف وقت الطلبة ومدخرات أوليائهم، وأشار إلى أن المعاهد لم تعد بالمستوى المناسب للمناهج الدراسية المطروحة، وأن العديد من الطلبة الملتحقين بدروس خصوصية يعانون من قصور في نتائجهم نتيجة لعدم قدرتها على مواكبة التطور في تحصيل الطالب النظري والعملي.

ظاهرة اجتماعية
قال إبراهيم العبيدان، مدير مدرسة اليرموك الإعدادية للبنين، إن الدروس الخصوصية ظاهرة اجتماعية قديمة يكمن علاجها في تغيير ثقافة أولياء الأمور القائمة على أهمية الاستعانة بالمعلم الخصوصي، وكذلك الاعتماد على النفس والاهتمام ببرنامج التقوية وبرنامج الدعم التعليمي الإضافي وذلك من خلال المزيد من الجهد والانتباه للمعلمين خلال تقديمهم الدروس والشروحات، باعتبار ذلك أمرا يصب في مصلحتهم ومصلحة وطنهم في المستقبل. 
وارجع العبيدان استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية إلى انشغال أولياء الأمور في أعمالهم عن متابعة أبنائهم ليقوم مدرس الدرس الخصوصي بهذا الدور. في حين قال نصر اليافعي إنه كثيرا ما لجأ إلى الدروس الخصوصية مع أبنائه في أوقات الاختبارات، نظراً لحاجته إليها لفهم الدروس وحل الأسئلة بإجابات مثالية تساعدهم على اجتياز الاختبارات وتحقيق نتائج مرتفعة، موضحاً أن المدرسة بالطبع لها دور هام في تعليمه ولكنها ليست كافية، حيث إنهم يحتاجون في بعض المواد إعادة شرح لبعض الجزئيات الصعبة، ولكن المعلم يقوم بتنفيذ جدول زمني محدد وخطة فصلية تمنعه من إمكانية إعادة شرح ما سبق من الدروس، وهنا طالب بأن تجد وزارة التربية الحل لهذه المشكلة التي تؤرق كل الأسر، فولي الأمر الذي لديه أربعة أو خمسة أطفال يصعب عليه أن يعطيهم كلهم دروسا خصوصية، فالأمر يتطلب ميزانية كبيرة.

قواعد هامة قبل اتخاذ قرار اللجوء إلى «الخصوصية»
قال السيد خالد صالح ثابت، مدرب تنمية بشرية، إنه يجب على أولياء الأمور وضع عدة أسس وقواعد هامة قبل اتخاذ قرار اللجوء إلى الدروس الخصوصية منها:
- تقييم المستوى الدراسي للطالب عموماً وقدرته على التحصيل المدرسي بمفرده دون مساعدة.
- تقييم كفاءة وجودة التعليم المدرسي.
- تقييم الكفاءة المهنية للمعلمين في المدرسة.
- تقييم مدى صعوبة المادة الدراسية وعدم قدرة الطالب أو ولي الأمر على المساعدة في استيعابها.
- وأخيرا قدرة الأسرة المادية على تحمل الأعباء المادية للدروس الخصوصية.
ومع ذلك ينصح السيد خالد أولياء الأمور ألا تكون الدروس الخصوصية عادة للطالب، فهي يمكن أن تؤهله لاجتياز مرحلة من دراسته، لكننا بذلك لا نعده كي يكون مستقلا معتمدا على نفسه في المستقبل.