الشيخة موزا: قطر مؤهلة للاستثمار في البحث العلمي
محليات
22 مارس 2016 , 12:50م
الدوحة - قنا
أكدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع أن دولة قطر من أكثر البلدان النامية المؤهلة للاستثمار المجدي في البحث العلمي وتتوافر فيها جميع عناصر التنمية الشاملة.
جاء ذلك في الخطاب الذي ألقته صاحبة السمو لدى افتتاحها اليوم أعمال مؤتمر مؤسسة قطر السنوي للبحوث 2016 بمركز قطر الوطني للمؤتمرات وسط مشاركة محلية وعالمية واسعة من العلماء والباحثين في قطاعات متعددة .
وأعربت سموها عن إيمانها الراسخ القائم على المعطيات الواقعية بأن قطر واحدة من أكثر البلدان النامية المؤهلة للاستثمار المجدي في البحث العلمي وفقا لمتطلبات التقدم ومواجهة مختلف التحديات التنموية.
وأضافت أن دولة قطر تتوافر فيها تقريبا جميع عناصر التنمية الشاملة القائمة على البحث العلمي وفي مقدمتها الإرادة السياسية والتعليم النوعي والموارد المالية ومراكز البحوث والتطوير بالإضافة إلى شراكات علمية وأكاديمية عالمية".
وأشارت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر إلى أن مؤسسة قطر أرست خلال السنوات العشر الماضية أسس المنظومة الأساسية للبحوث في دولة قطر (The Ecosystem).
واستطردت قائلة " ولكن ينبغي أن نؤمن أيضا أن مسيرة التقدم كما حدث في جميع الدول التي سبقتنا تحتاج صبرا على قطف الثمار فهي عملية طويلة الأمد تقتضي نفسا طويلا وإنضاجا لظروف النجاح بخطى واثقة وأكيدة وأن ندرك مسبقا بأننا قد نفشل هنا وهناك ولكننا سننجح في النهاية وهذه هي سنة العمل في رحلة البحث عن النجاح ".
وتابعت سموها" ولأن التنمية الاقتصادية تؤثر بشكل مباشر في جميع مسارات التنمية الأخرى يجب أن يحظى الاقتصاد باهتمام بحثي واسع ومعمق من خلال البحوث التطبيقية "..مشيرة إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تحالف عريض بين الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص لكي يتواءم قطاع البحوث مع متطلبات التطور النوعي في القطاعين والاستجابة لشروط النهضة على مختلف المستويات .
وقالت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر إن المقارنة مع الدول الغربية وشرق آسيا تكشف عن ضآلة الإنفاق العربي على البحث العلمي وخصوصا من قبل القطاع الخاص ..وقالت " إن هذه إشكالية تقتضي معالجة جادة غير قابلة للتأجيل ".
ونوهت سموها إلى أنه من هذا المنطلق لابد من تكاتف الجهود الوطنية كلها في دعم قطاع البحث العلمي باعتباره البوابة الوحيدة والأكيدة القادرة على ضمان بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة بما يتيح لنا دخول رحاب المستقبل آمنين لا يقلقنا نضوب الثروات الطبيعية وقد تسلحنا بثروات أخرى نفخر بابتكارها لأننا أدركنا جوهر ومعنى وجدوى البحث العلمي.
ومضت سموها إلى القول " على مدى عقدين من الزمن كنا نعيش في الحاضر وأعيننا على المستقبل مدركين حجم تحدياته وهي تحديات واجهناها بوضع الدعائم الأساسية لبناء مجتمع المعرفة على أرضية صلبة من اقتصاد المعرفة ".
وبينت صاحبة السمو أنه لاستكمال هذه الرحلة التي ستواجه تحديات أخرى يتعين علينا أن نكون مستعدين دائما للإجابات الوافية عن أسئلة المستقبل .
كانت سموها قد قالت في مستهل كلمتها "إن هذا المؤتمر يستدعي أسئلة راهنة عن البحث العلمي ولماذا اختارت قطر منحى الاستثمار فيه والرهان عليه وكيفية تناسب العلاقة بين البحث العلمي والتنمية" .
وأضافت " بالوقوف أمام هذه الأسئلة ندرك معادلة انخفاض وارتفاع معدلات الإنتاجية وأعداد القوى العاملة بناء على مستوى الاستثمار في قطاع البحوث والابتكار ".
وخاطبت صاحبة السمو المشاركين قائلة " لا يخفى عليكم وأنتم المتخصصون أن البحث العلمي باعتباره ثروة متجددة ومستدامة لا يقل أهمية عن الثروات الطبيعية ومتكامل معها إن وجدت"..لافتة إلى أن الثروة المتجددة تطور نفسها بنفسها وتتجدد ظرفيا وهي مستدامة لأنها تؤثر بمجالها ومحيطها تأثيرا تنتج عنه ديناميات تلقائية للاستدامة " .
وبينت سموها "أن التقدم العلمي بصفته ثروة، يخلق توالدا متواصلا للأفكار والقيم والمنتجات ولهذا ينبغي أن تؤسس الثروة الطبيعية الآيلة إلى النضوب بثروة معرفية لا تنضب".
وقالت صاحبة السمو " إن تجارب نهضة الدول في العصر الحديث أثبتت أن التطور الكبير الذي شهدته البلدان المتقدمة بني على أساس من التعليم النوعي والدعم التمويلي الممنهج للبحث العلمي"..مضيفة " أن هذا الطرح يندرج فيما يسمى ( اقتصاديات البحث العلمي).
واستطردت قائلة " يتعين علينا ونحن نعيش في زمن تبادل الخبرات ومحاكاة التجارب النموذجية في النجاح والتميز، الاستفادة من تجارب دول نجحت وتفوقت ببناء مشاريع نهضوية من خلال الارتقاء بقطاع البحث العلمي ".. لافتة في هذا الصدد إلى أن كلاً من النرويج وسنغافورة مثالان جديران بالاحتذاء وعلى تشابه مع مواصفات بلادنا ".
وأضافت سموها " أنه في النرويج ثروة نفطية تم توظيفها لتلبية متطلبات التنمية الشاملة من خلال العمل على مسارين في آن واحد هما تطوير الاقتصاد وتحديدا قطاع النفط وتطوير قطاع البحوث"..مبينة أن هذا ما شرعت به دولة قطر التي تملك ما تملكه النرويج من ثروات طبيعية ".
وأشارت إلى أن سنغافورة التي لا تخلو من الثروات الطبيعية بدأ الاشتغال النهضوي على التعليم وجذب القطاع الخاص للاستثمار في البحث العلمي وإيجاد بيئة أعمال مشجعة وتعزيز البنية التحتية لتصبح البلاد مقصدا للاستثمارات العالمية وواحدة من أكثر التجارب التنموية نجاحا .
وتابعت سموها "وهذا أيضا ما عملت عليه دولة قطر عندما وضعت الإستراتيجيات والخطط والآليات التي تعبر عن وعي منهجي بشروط التقدم يقوم على الدعم اللامحدود وترجيح أولويات البحث العلمي والتطوير المستدام للبنى العلمية والمعرفية والاقتصادية بالتلازم مع التنمية البشرية المستدامة في مراحل عبور تنموية تاريخية من حقبة النفط والغاز مرورا بحقبة البنية التحتية إلى حقبة التنويع المستدام ".
ونبهت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع إلى أنه من خلاصات هذا الوعي أن قامت مؤسسة قطر لتؤدي دورها في الحاضر بهواجس المستقبل استنادا إلى رؤيتها بأن رفع مستويات البحث العلمي هو ارتفاع مباشر بمستوى البلاد دولة ومجتمعا واقتصادا ومكانة ودورا.
ولفتت سموها إلى أن أي تمويل في هذا المجال سيكون خارج حسابات الخسارة والهدر لأنه يذهب مباشرة إلى موقعه البنيوي حيث تشاد أركان رؤية قطر الوطنية 2030 انطلاقا من الإيمان بأن اقتصاد المعرفة لم يعد خيارا بل مصيرا ..مشيرة في هذا السياق إلى أن تغيرات ستحدث في بنية القوى العاملة بعد استكمال البنى التحتية بما يقلص الحاجة للعمالة ويرفعها بالنسبة للكفاءات والمهارات .
وتضمنت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حلقة نقاشية رفيعة المستوى تحت عنوان "الاستثمار الإستراتيجي في البحوث والابتكار لأجل المجتمع" شارك فيها مجموعة من أبرز الخبراء في هذا المجال.
ويوفر المؤتمر في نسخته السادسة على مدى يومين منصة فريدة للتبادل العلمي والمعرفي، بهدف إلقاء الضوء على أهمية الاستثمار الإستراتيجي في البحوث والتطوير لما فيه خير المجتمع القطري.
ويناقش المشاركون التحديات البحثية الكبرى والقضايا التي تمثل أولوية لدولة قطر مثل الأمن المائي والأمن المعلوماتي، والطاقة الشمسية والمتجددة، والصحة، والعلوم الاجتماعية والآداب والعلوم الإنسانية.
وتلقى المؤتمر هذا العام عدداً قياسياً من الملخصات البحثية، وصل إلى أكثر من 1300 ملخص وهو أكبر عدد يتلقاه المؤتمر على الإطلاق منذ انطلاقته الأولى عام 2010 وبنسبة ارتفاع بلغت 11 % مقارنة بالعام الماضي.
ووصلت نسبة المشاركات المحلية إلى 64 % من إجمالي عدد الملخصات مقابل 36 % للمشاركات الدولية في المؤتمر.
وتشهد هذه الدورة تقديم جائزة مؤسسة قطر لأفضل مشروع بحثي، وجائزة مؤسسة قطر لأفضل ابتكار، حيث سيتم تكريم البرامج البحثية القطرية التي تقدّم ابتكارات متميزة وذات مردود اقتصادي.
م . م /م.ب