"بوكو حرام" تستخدم الأطفال كانتحاريين!

alarab
حول العالم 22 فبراير 2015 , 09:09م
العرب
يبدو أن انتهاكات التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في حق الأطفال لها سجلات ومظاهر عدَّة، بحسب طبيعة كل تنظيم إرهابي، ومحاولة تطويعه وترويضه لجيل قادم يحمل أيديولوجيته المتطرفة والإرهابية.

لقد أفاق الناس أمس الأحد في نيجيريا على جريمة بشعة، ليس فقط فيما أسقطته من قتلى وجرحى؛ بل الأبشع الطريقة - بل والأداة - التي وقعت بها تلك الجريمة!! إذ فجرت طفلة في نحو السابعة من عمرها قنبلة كانت تحملها في سوق من أسواق مدينة بوتيسكوم في شمال شرق نيجيريا؛ وأدى التفجير الإرهابي إلى مقتل خمسة اشخاص، وإصابة 19 شخصا بجروح متفاوتة.

الهجوم يعد الثالث من نوعه، في هذا السوق أيضا، وبالأداة نفسها (الأطفال)؛ ففي 12 من يناير 2015 قامت بوكو حرام بتنفيذ هجوم  انتحاري وسط التجمعات السكانية، بعدما فجرت طفلتان حزامين ناسفين في سوق مكتظة بمدينة بوتيسكوم أيضا.

ومنذ شهرين تقريبا حذرت وكالات الاستخبارات في نيجيريا أن بوكو حرام تخطط لاستخدام انتحاريين أطفال لمهاجمة الأسواق التجارية والمطاعم والبنوك والتجمعات السياسية ودور العبادة.

لنبدأ بالوسائل التي تلجأ إليها "بوكو حرام" لتجنيد الأطفال؛ يقول مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية - في تقرير له صدر الأسبوع قبل الماضي - إن تلك التنظيمات الإرهابية تعمد إلى جذب الأطفال الأصغر سنا إلى صفوفهم لكونهم الفئة الأكثر انصياعا، ولقابليتهم للسيطرة مستقبلا.

وكشف التقرير عن الوسائل والسبل التي تنتهجها التنظيمات الإرهابية لجذب الأطفال؛ إذ نشرت التنظيمات الإرهابية - على شبكة الإنترنت - دليلاً إرشادياً يشرح لأمهات التنظيمات المسلحة – إضافة إلى مؤيدات التنظيمات ممن لم ينضممن إليهم – كيفية تنشئة أطفالهن طبقا لمبادئ التنظيمات التكفيرية وتنظيماتها.

وأشار التقرير إلى أن التنظيمات المتطرفة تركز على واحدة من أهم خطوات تجنيد المراهقين ممن هم دون الثامنة عشرة؛ وهي حالة النزعة الدينية المتوهجة لصغار السن، الذين عادة ما يكونون قد انخرطوا في تجربة تديّن حديثة، ممزوجة بروح التضحية ومشبعة بالفكر الجهادي، خاصة في ظل المواد الإعلامية التي تروجها التنظيمات الجهادية المتطرفة.

أوضح التقرير أن الأطفال - خاصة من هم في بداية مرحلة المراهقة - يُعَدُّون بحق صيدا ثمينا لجماعات التطرف؛ بسبب استغلال حسن نواياهم واندفاعهم، ورغبتهم الملحة في تغيير الأوضاع التي يعاني منها العالم الإسلامي على حد زعمهم، ووفق الرؤية الساذجة التي يقدمها إعلام تلك الجماعات والتنظيمات لهؤلاء الأطفال، دون النظر للتعقيدات السياسية التي تحيط بالمناطق التي تشتعل فيها بؤر الصراعات والنزاعات.

وذكر التقرير أن هذه الجريمة التي ارتكبتها التنظيمات الإجرامية بحق الأطفال تساعدهم على جذب مزيد من المقاتلين الجدد عبر الإنترنت، من خلال الضجة الإعلامية التي تثيرها التنظيمات بنشر أشرطتها الدموية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما ترى تلك التنظيمات في الأطفال وسيلة لضمان الولاء على المدى البعيد؛ إذ يتم تدريبهم - منذ نعومة أظافرهم - على الفكر التكفيري الدموي، فضلا عن حاجتهم لأشخاص يلتزمون بعقيدتهم من أجل المحافظة على الولاء لكياناتهم المزعومة.

معاقون ذهنيا

في السياق نفسه كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة صدر مؤخرا أن بعض التنظيمات الإرهابية تستخدم الأطفال المعاقين ذهنياً بوصفهم انتحاريين ودروعا بشرية، وأن بعض متشددي التنظيمات التكفيرية يقومون ببيع الأطفال المختطفين، خاصة المنتمين للأقليات، كما يستخدمونهم في الاستعباد الجنسي، ويقتلون آخرين، إما عن طريق الصلب أو الدفن على قيد الحياة.

وأضاف التقرير أن الصبية الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما يتم استخدامهم بوصفهم مهاجمين انتحاريين أو صناع قنابل أو دروعا بشرية لحماية المنشآت، وأكد التقرير أنه يوجد فيديو يوضح كيفية تدريب "داعش" الأطفالَ في سنٍّ صغيرةٍ جدا، ربما يصل إلى 8 سنوات، لكي يصبحوا مقاتلين.

وأضاف التقرير أن الأطفال اليزيديين والمسيحيين أكثر الأطفال المستهدفين، ومن أكثر الأطفال عرضة لهذه المعاملة السيئة، لكن هذا لا يمنع وقوع ضحايا من السُّنَّة والشيعة بينهم.

"داعش"... الأولى

"هيومان رايتس ووتش" في تقرير لها أوضحت أن تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا "داعش" يقدم التدريب العسكري، بوصفه جزءاً من برامج تثقيفية للقُصَّر، ثم يقوم بتجنيدهم من خلالها. وفي مقابلة للمنظمة مع طفل سوري يدعَى (ماجد) (16 عاما) قال إن القادة طلبوا من أطفال القيام بهجمات انتحارية.

وأوردت "رايتس ووتش" شهادة تاجر سوري يدعَى محمد الإدلبي، الذي أدرج ولدين له في مدارس تديرها "داعش"، يقول الإدلبي: "مَدرسة - من وجهة نظر داعش - تعني مركز تدريب، لا أكثر ولا أقل، إذ تُستَغَل ساعات الدراسة لغسل مخ الطلاب، لاسيما الصغار، وتدريبهم علي تلقي الأوامر وتنفيذها بدون أي اعتراض، وتدريس القرآن بشكل آليٍّ دون فَهم، علاوة على عشرات الفتاوَى التي تحرِّض على القتل وسفك الدماء".


الأسباب والنتائج

هل ثَمَّة أسبابٌ ما تدفع الأطفال لحمل السلاح؟! يقول تقرير "تشايلد وور" الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" إن الكثير من الجنود الأطفال يتم تجنيدهم عنوة، وبعضهم يُخطَفون، والكثيرون منهم يدفعهم الفقر أو الرغبة في الانتقام لأنفسهم ولعائلاتهم إلى الانخراط في صفوف ميليشيات مسلحة.

ويقول تقرير المنظمة العالمية "هيومان رايتس ووتش" الذي حمل اسم "ربما نحيا وربما نموت: التجنيد واستغلال الأطفال من جانب الجماعات المسلحة في سوريا" إن "الجماعات المتطرفة - ومن بينها داعش - جندت الأطفال عبر حملات مدارس مجانية، تتضمن التدريب على السلاح، وتكليفهم بمهمات خطيرة، بما في ذلك مهمات تفجيرات انتحارية".

كم من الأطفال يقاتلون؟!

عالميا ثَمَّة نحو 300 ألف طفل - تحت سن الثامنة عشرة - يقاتلون بوصفهم جنودا، في أكثر من 30 نزاعا مسلحا، و40% من هؤلاء الأطفال فتيات، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف".

مسلَّحو بوكو حرام قاموا بأسْر 40 صبيا وشابا من قرية نائية في شمال شرق نيجيريا في غارة، وقال شاهد عيان - يدعَى محمد ضرامي - إن المسلحين وصلوا إلى قرية مالاري مساء الأربعاء 31 من ديسمبر 2014، وهم مدججون بالسلاح لكنهم، لم يطلقوا النار ولم يقتلوا أحدا.

وأبلغ ضرامي في مدينة مايدجوري بشمال شرق نيجيريا - التي فر إليها سيرا على الأقدام - أن المسلحين "أخذوا أكثر من 40 شابا، تتراوح أعمار معظمهم من 15 إلى 23 عاما، بينما أتحدث إليكم الآن ولا يوجد أي شبان في قريتنا".

وخطف مقاتلو بوكو حرام مئات الأشخاص على مدى الاثني عشر شهرا الماضية. ويقول مسؤولون أمنيون إن الصبية يُجرَى تجنيدهم مقاتلين، في حين تصبح الفتيات إِمَاءً.

وذكر آباء 200 تلميذة نيجيرية خَطفهن متمردون إسلاميون في أبريل 2014 أنهم يلتمسون المساعدة من الأمم المتحدة بعد أن فقدوا الأمل في أن تنقذ السلطات النيجيرية الفتيات.

وفي تسجيل مصوَّر - أُذيع في نهاية أكتوبر الماضي - قال رجل - يزعم أنه أبو بكر شيكو زعيم بوكو حرام - إن الفتيات جرى "تزويجهن" إلى قياديين في الجماعة.