مواطنون: المواقف العشوائية للشاحنات «مفزعة»
تحقيقات
21 نوفمبر 2015 , 02:03ص
امير سالم
رغم قرار حظر مبيت الشاحنات داخل المناطق السكنية لا يزال العديد من سائقي الشاحنات يضربون عرض الحائط بهذا القرار ويركنون شاحناتهم في بعض الأحياء في الدوحة وضواحيها، وقد تحولت معظم المساحات الخالية بالمناطق السكنية إلى مواقف عشوائية لهذه الشاحنات مما يهدد بتدمير البنية التحتية للطرق في أنحاء الدوحة فضلاً عن انتشار التلوث البيئي والسمعي الناجم عن تشغيل هذه المركبات في أوقات متأخرة ليلاً ومع الساعات الأولى من الصباح، وباتت مناطق مثل النجمة والغانم القديم وأم غويلينا والخريطيات وأم صلال مرتعاً لشاحنات تحتل المساحات الخالية فيها، وتحولها إلى مواقف عشوائية مزعجة.
مواطنون وسكان من أحياء سكنية عبروا في حديثهم لـ «العرب» عن مخاوفهم من استمرار وجود هذه المواقف العشوائية داخل الكتل السكنية العائلية، وما قد تسفر عنه من زيادة معدلات الحوادث، لافتين إلى أهمية تفعيل قرار حظر مبيت هذه الشاحنات وإيقاع عقوبات رادعة على المخالفين.
وأكدوا أن حركة الشاحنات تثير الإزعاج سواء داخل الكتلة السكنية وبالطرق والمحاور المرورية، لافتين إلى أنهم لا يجدون مفراً من تفادي هذه الشاحنات سوى إبطاء السرعة لتسهيل عبورها خاصة في المناطق القديمة من الدوحة.
وكانت الإدارة العامة للمرور قد اتخذت قراراً بحظر مبيت الشاحنات في الدوحة وعدد من المدن اعتباراً من 30 يناير 2014، واستهدف القرار استعادة الوجه الحضاري للدوحة التي تحولت إلى مواقف عشوائية للشاحنات، والقضاء على التلوث السمعي والبيئي الذي كانت تتسبب فيه هذه المركبات، وسعياً لإعادة الهدوء للمناطق السكنية المتضررة من المواقف العشوائية.
وشمل قرار الحظر الشاحنات والآليات والمعدات والجرارات وأي مركبة ميكانيكية قاطرة لمقطورة أو مقطورة داخل مدينة الدوحة وضواحيها وتشمل مناطق «لوسيل، الوجبة، معيذر، الريان، المطار، الهلال، مسيمير»، ويقصر القرار وقوف هذه المركبات على أعمال تحميل البضائع وتفريغها فقط.
تفعيل الحظر
«إن تطبيق قرار حظر مبيت الشاحنات في الدوحة وعدة مناطق أخرى يجب أن يكون صارماً لتفادي مشكلات كثيرة»، هذا ما أشار إليه السيد سعيد الهاجري عضو المجلس البلدي والخبير السياحي، معرباً عن أمله في أن يتم تفعيل الحظر، خاصة في ظل عملية التطوير التي تشهدها كافة أوجه الحياة في قطر استعداداً لمونديال كأس العالم لكرة القدم 2022، وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، موضحاً أهمية منع مبيت الشاحنات في تخفيف الضغط المروري المتزايد على شوارع الدوحة.
وتابع: إن بقاء الشاحنات في الفرجان والمناطق السكنية مفزع للغاية لجموع المواطنين والمقيمين على السواء لأنها تثير قلقاً لا ينتهي من احتمال وقوع حوادث أثناء سيرها، وقال «طالما أن هناك قراراً بحظر مبيت الشاحنات فمن الضروري تفعيله بما يحقق الهدف من وراء إصداره»، موضحاً أن التفعيل ليس صعباً، ومن خلال تشكيل لجان أو دوريات مرورية ثابتة في مداخل المناطق التي يشملها قرار الحظر.
وقال «يمكن أن تتولى هذه اللجان توقيف هذه الشاحنات ومنعها من دخول المناطق المشمولة بقرار حظرها ليلاً، وأن يسمح لها بالوقوف على جانبي الطرق الخارجية مثل الشمال والشحانية، وشارعي سلوى والوكرة»، موضحاً أن مهمة لجان المراقبة هي منع دخول الشاحنات للمبيت داخل الدوحة وباقي المناطق ليلاً.
وعاد الهاجري ليؤكد أن الوضع مزعج جداً في الدوحة خاصة في ظل زيادة عدد الشاحنات التي تتواجد ليلاً داخل الفرجان والمناطق السكنية وبجوار المدارس، لافتاً إلى أن تحول المساحات الخالية لمواقف عشوائية يشوه المظهر الجمالي للدوحة، كما يؤدي إلى تدمير الشوارع وإهدار مبالغ طائلة أنفقت في أعمال الرصف، موضحاً أن الشوارع داخل المدن ليست مؤهلة لمرور الشاحنات وغيرها من وسائل النقل الثقيل.
وأكد «الهاجري» أن الدول المجاورة تحظر مبيت الشاحنات، وتتشدد في منعها من دخول المدن الكبرى خاصة بالشوارع والمناطق السكنية، مشدداً على أن الخطر موجود بالفعل لكنه يحتاج التفعيل وبحسم لضمان إخلاء الشوارع وكافة المناطق السكنية من الشاحنات.
صداع مزمن
«حقيقة باتت الشاحنات صداعاً مزمناً يؤرق الجميع سواء المتواجدين في المواقف العشوائية لها داخل الفرجان أو مستخدمي الطرق خوفاً حدوث مكروه»، هذا ما أشار إليه السيد عبدالله جمعة المريخي، موضحاً أن الشاحنات تتحدى قرار الحظر ليس في الدوحة وحدها وإنما في كافة المناطق خاصة الخارجية منها، وأصبحت كافة المساحات الخالية مرتعاً للشاحنات دون اعتبار للقانون.
وقال: إن الأزمة في الخور ومدن الشمال أشد مما هي عليه في الدوحة، لأن الرقابة منعدمة بهذه المناطق بعيدة عن الأضواء مقارنة بالدوحة والوكرة، متابعاً: إن الردع غير موجود لمخالفي قرار الحظر بالمناطق المشمولة بقرار الحظر وفي غيرها من المناطق الخارجية، وبالتالي لا مانع لديهم من تحويل الفرجان والمناطق السكنية إلى مواقف عشوائية للشاحنات.
وتابع «المريخي»: إن سائقي الشاحنات يدركون أهمية قطاع النقليات الذي يعملون به في ظل تسارع وتيرة المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها حالياً، ويتحركون من هذا المنطلق بسهولة شديدة في أي وقت ليلاً أو نهاراً استغلالاً لعدم وجود رقابة تضمن تفعيل قرار الحظر، موضحاً ضرورة الانضباط في التعامل مع أزمة مبيت الشاحنات داخل المدن بتفعيل المنع وتنظيم حركة سيرها، وقصرها على أوقات محددة نهاراً.
وأردف: إن مشكلة مبيت الشاحنات لا تقتصر على المقيمين بالأحياء السكنية أو الفرجان، وإنما تشمل مستخدمي كافة الطرق والمحاور المرورية الذين يواجهون مخاطر السير بجوار الشاحنات التي تجعل الحركة المرورية غير مريحة على الإطلاق وبالتالي وقوع حوادث مميتة.
وأوضح «المريخي» أن الإدارة العامة للمرور تقوم بدور كبير في ضبط الحركة المرورية والتوعية بأخطار الحوادث، وهي قادرة على تفعيل قرار خطر مبيت الشاحنات، وتشديد الرقابة على كافة المحاور وأماكن وقوفها العشوائي، وتوقيع عقوبات على المخالفين دون إبطاء.
ضغوط مرورية
«إنشاء مواقف جديدة للشاحنات قريبة من الدوحة لتسهيل عمليات الشحن والتفريغ من المطار والميناء لن يكون حلاً عملياً، لأن المنطقة الصناعية تقع على مسافة قريبة منهما، وهي لا تؤثر على أعمال النقل سواء ما يتعلق بالوقت أو التكلفة»، هذا ما أشار إليه السيد يوسف المحمود، موضحاً عدم وجود حاجة ملحة لإنشاء مواقف للشاحنات قريباً من الدوحة، ومن الأولى التفكير في بإمكانية إقامة مناطق صناعية بمسيعيد وفي الخور، وتجهيزها لاستيعاب الشاحنات وغيرها من وسائل النقل العملاقة بما يخفف الضغط على المنطقة الصناعية والحيلولة دون تسرب أعداد من هذه الشاحنات للمبيت ليلاً داخل المنطقة السكنية وبجوار المدارس بكافة أنحاء الدوحة وغيرها من المناطق الحيوية.
وشدد المحمود على أن قرار حظر مبيت الشاحنات صدر لضمان تفريغ الدوحة من المواقف العشوائية للشاحنات وتخفيف العبء على الشوارع ليلاً، وعدم وقوع حوادث سير، موضحاً أهمية تفعيل القرار بتوقيع عقوبات على المخالفين لأنه سوف يحرر الدوحة وغيرها من المواقف العشوائية للشاحنات، وآثارها السلبية على حركة وسائل المواصلات الأخرى، وسلامة الطرق، وتوفير قدر أكبر من الاطمئنان لدى السكان بشكل عام».
وقال «إن الشاحنات كثيرة الأعطال وإن الشركات المسؤولة عن تشغيلها كثيراً ما تتجاهل إصلاحها، وتقوم بتركها بجوار بيوت المواطنين وباقي المنشآت من مدارس وغيرها داخل الكتلة السكنية»، موضحاً أن هذه المركبات تشوه المظهر الحضاري وتثير الإزعاج وتهدد أرواح الأطفال الذين يحاولون اللعب إلى جوار هذه الشاحنات وغيرها من المركبات الخفيفة المركونة في المساحات الخالية.
حصار خانق
«ساهمت زيادة حركة الشاحنات نظراً للتوسع في أعمال البناء والتشييد، والمشروعات العملاقة مثل منشآت مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022، إلى جانب مشروع الريل، في حدوث تكدس مروري، وتلوث بيئي، وإثارة مخاوف السكان من مبيت الشاحنات داخل الكتلة السكنية».
هذا ما أشار إليه السيد عبدالله المنصوري، مؤكداً تحول معظم المساحات الخالية داخل الكتلة السكنية في الدوحة إلى مواقف عشوائية تشوه المظهر العام، وتلوث البيئة نتيجة عوادم تشغيل هذه الشاحنات، موضحاً أن حظر مبيت النقليات وقصر تواجدها لمدة زمنية محددة لإنجاز أعمال الشحن والتفريغ، لم يتم العمل على تفعليه بصورة كاملة ما يستدعي ضرورة التشدد مع مخالفي القرار، لافتاً إلى أن مبيت الشاحنات مخالفة مزدوجة لأنه ليس مجرد خرق لقرار الخطر وإنما دليل على وجود سكن مخالف لسائقي هذه المركبات العملاقة داخل المناطق السكنية.
وأوضح «المنصوري» إمكانية إقامة مواقف خاصة لمبيت الشاحنات خارج العاصمة وفي مناطق ليست كثيفة الضغط المروري والسكاني مثل مسيعيد، أو العزب القريبة، وقال «يجب توفير بدائل آمنة للقضاء على مشكلة مبيت الشاحنات من جذورها من خلال توفير هذه البدائل تزامناً مع تفعيل قرار الحظر دون إبطاء».
كما دعا إلى أهمية ربط مواقف الشاحنات بالمطار والميناء عبر طرق خاصة سعياً لتسهيل حركة الشحن والتفريغ، وتخفيف الضغط المروري على الطرق الرئيسية، وقال إن خطوة من هذا النوع سوف تحمي البنية التحتية لشبكة الطرق في الدوحة فضلاً عن القضاء على المواقف العشوائية المخالفة داخل الكتلة السكنية.
منع دخول الشاحنات الدوحة
«لا بد من تفعيل قرار الخطر ومنع دخول الشاحنات الدوحة في أوقات الذروة أو المبيت ليلاً»، هذا ما دعا إليه السيد خليفة المحاسنة لإنهاء التلوث البيئي والحضاري الناجم عن بقاء مواقف الشاحنات العشوائية داخل الكتلة السكنية وما تمثله من خطر جسيم يهدد حياة السكان، كاشفاً في الوقت نفسه عن أن المواقف العشوائية للشاحنات تكشف عن مخالفة قانونية مزدوجة تتمثل في عدم المبيت في مواقفها الرسمية بالمنطقة الصناعية، وإقامة عمال وسائقي هذه الشاحنات داخل الكتلة السكنية بالمخالفة لخطر سكن «العزاب» في أماكن تجمع العائلات.
وقال «إن وجود الشاحنات داخل الكتلة السكنية يعني بالضرورة وجود سكن مخالف وبالتالي فإننا أمام مشكلة مزدوجة سوف ينهيها تفعيل قرار الحظر بصورة حاسمة»، موضحاً أن مواقف الشاحنات داخل الكتلة السكنية تحولت إلى مركز لتجمع سائقيها حتى أوقات متأخرة ليلاً، وهو ما يؤرق استقرار المواطنين المحاصرين بهذه الشاحنات المتواجدة بجوار بيوتهم وفي المساحات الخالية المجاورة.
وفي وقت سابق أكد رجل الأعمال يوسف الكواري لـ «العرب»، أن حظر وقوف الشاحنات داخل الدوحة وعدة مناطق تابعة لها سوف يساهم في تنظيم الحركة المرورية، لكنه أشار إلى مشكلة أخرى تكمن في عدم وجود مساكن كافية تستوعب سائقي الشاحنات والعاملين عليها، فضلاً عن أماكن تخرين المعدات.
وتابع أن المبالغات في تقدير رسوم الجراجات القائمة وسكن السائقين، فرضت أمام سائقي الشاحنات العاملة في قطاع النقليات حلولاً بديلة وسهلة وكان منها المبيت داخل الكتلة السكنية، موضحاً أن سوق النقليات تدار من خلال جاليات أجنبية بعيداً عن الحكومة بالمخالفة لقانون التستر التجاري، وأن %90 من العاملين في سوق الشحن مخالفون للقانون، موضحاً أن الآسيويين يحكمون السوق وإن كانت المعدات والآليات بأسماء قطريين لتمرير وجودها.
وقال «الكواري»: إن السائقين يقومون بركن الشاحنات أمام مقار إقامتهم لتوفير تكاليف رسوم الجراجات، والسكن وأحياناً تكون الشاحنات بمثابة مقر العمل والإقامة بالنسبة للسائقين.
وأكد أن ضبط سوق الشحن يتطلب إنشاء شركة وطنية متخصصة في هذا المجال الحيوي وإيجاد محفزات حكومية للشركات الوطنية الراغبة في العمل وتفعيل قانون التستر التجاري بحسم لمنع التلاعب والعمل من الباطن.