أكدوا أهمية محكمة الاستثمار في خلق بيئة جاذبة وآمنة.. خبراء لـ «العرب»: «الوساطة».. تسوية للمنازعات بعيداً عن إجراءات المحاكم

alarab
محليات 21 أكتوبر 2021 , 12:21ص
يوسف بوزية

المحامي عيسى الخليفي: أداة فعّالة لتسوية المنازعات

المحامي عبدالله الهاجري: التخفيف عن القضاء العادي

د. زاخاري كالو: تزايد أهمية الوسائل البديلة لفض المنازعات

أكد عدد من الخبراء والمحامين أن قانون الوساطة في المنازعات المدنية والتجارية وقانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة اللذين صدرا بقرار أميري، أمس الأول، يساهمان في خلق بيئة جاذبة للاستثمار وتحقيق العدالة الناجزة في المنازعات المتعلقة بالشركات التجارية والقطاعات المالية والاستثمارية، منوهين في هذا السياق بدور الوسائل البديلة في تسوية العديد من مجالات النزاع، والمزايا التي توفرها تلك الوسائل مقارنة بالإجراءات الأخرى لتسوية المنازعات مثل التقاضي والتحكيم. 

وأكدوا في تصريحات لـ «العرب» أن قانون الوساطة يُمكن الأطراف المتنازعة من الحفاظ على علاقاتهم مع تسوية خلافاتهم إلى جانب احترام الخصوصية والسرعة وانخفاض التكاليف، مع ضمان سرية عملية الوساطة.

وسائل بديلة
وقال المحامي عبدالله الهاجري: إن اللجوء للطرق البديلة لحل المنازعات التجارية والمدنية كالتحكيم والوساطة من شأنه تخفيف الضغط على المحاكم، كما يساهم في تحقيق العدالة الناجزة في وقت أسرع وإجراءات أكثر مرونة من الإجراءات القضائية، وقد يلجأ إليها الأشخاص ثقة منهم في أن المحكم أو الهيئة التحكيمية أدرى بطبيعة المنازعة وأكثر احتكاكا بمجالها من القاضي العادي، الذي يكون تكوينه قانونيًا صرفًا، ولا يكون مختصًا في المسائل الفنية وبعض الأمور الدقيقة، التي إذا عرضت أمام المحاكم تم انتداب خبير فيها من أجل تقديم تقرير فني، وهو ما لا يرتضيه المتقاضون في الغالب، فيجد البعض أنه - كسباً للوقت وتفاديًا لإطالة أمد النزاع- يفضل إسناد النزاع من بدايته إلى خبير من اختيارهم يبتّ في مسألتهم وَفق الإجراءات والشروط المنصوص عليها في القانون المذكور.

عبء المنازعات
وأشار الهاجري إلى أنه قد انتشر مؤخرًا مفهوم مفاده أن التحكيم مجال مقتصر على نزاعات ذات قيمة مالية عالية، أو تلك التي تنشب بين الشركات الكُبرى أو المؤسسات العالمية، وهي فكرة خاطئة تضرب في صميم مقاصد المشرّع، لأن الغاية الأساسية من تقنين التحكيم هي التخفيف عن القضاء العادي عبء المنازعات التي يجوز فيها التحكيم وليس تصنيف المتقاضين إلى فئة مخملية وفئة أقلّ منها، لذلك نرى أنه من الأجدر أن يلجأ أصحاب النزاعات العادية ذات القيمة المالية البسيطة إلى الوساطة، أو التحكيم، بدلًا من القضاء العادي حفاظًا على مصالحهم الشخصية وتجنّبًا لتطوّر النزاع في حال تمّ ولوج أبواب المحاكم، وأيضًا حفاظًا على وقت القضاء الثمين، الأولى بالتسخير في نظر النزاعات التي لا يمكن حلّها إلا بواسطة حكم قضائي.


إجراءات المحاكم
من جانبه، قال المحامي علي بن عيسى الخليفي إن قانون الوساطة يمثل أداة فعّالة لتسوية المنازعات المدنية والتجارية بعيدا عن إجراءات المحاكم التقليدية، حيث يقوم الوسيط بإيجاد أرضية مشتركة تساهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة، عن طريق الحوار. وأكد الخليفي أن الوساطة تحفظ العلاقة الطيبة بين المتخاصمين وتختصر العديد من الاجراءات لما تتسم به من مبدأ السرية وسرعة النظر في النزاعات، بالإضافة إلى أنها بسيطة الإجراءات.
ونوه الخليفي بضرورة أن يتمتع الوسيط المعين بالخبرة في عمليات الوساطة بالإضافة إلى مرونة في التعامل مع الإجراءات وفهم طبيعة كل نزاع على حدة، والذي يساهم في اختيار الطريقة المثلى للنظر والفصل فيه بما يرضي جميع الأطراف. وفي حال عدم نجاح عملية الوساطة في التوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف المتنازعة، يجوز للأطراف النظر في اتباع شكل آخر من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات.

اختيار النظام القضائي
واستطرد الخليفي: ولكن كمحام لا أملك اختيار النظام القانوني الأفضل لفض النزاعات التجارية والمدنية، بل قد يفرض علي التعامل مع التشريع وحسبما ينُص عليه العقد، ففي هذه الحالة لابد من دراسة النظام التشريعي الحاكم لعملية الوساطة بشكل جيد، والاستفادة منه على خير وجه، والإلمام بالأنظمة القانونية والتي من المحتمل أن نتعامل معها في المستقبل من حيث القواعد واللوائح الحاكمة للوساطة.
ونوه الخليفي بأهمية قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ودورها في تحقيق العدالة الناجزة في المنازعات المتعلقة بالشركات التجارية وكذلك الإسهام في دعم البيئة الجاذبة للاستثمار، مؤكدا أهمية إيجاد قضاءً متخصص في الدولة بهدف تسريع وتيرة الفصل في النزاعات وتعزيزاً لضمانات المتقاضين المقررة قانوناً.

أهمية الوساطة
من جانبه، أشار الدكتور زاخاري كالو، أستاذ القانون في جامعة حمد بن خليفة، إلى فاعلية الوسائل البديلة في تسوية المنازعات المختلفة في نوعها وطبيعتها، في ظل الأهمية المتزايدة للوساطة وقواعدها باعتبارها إحدى الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، لاسيما في أعقاب مصادقة قطر على اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة وتبني محكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات لقواعد الوساطة مؤخرا.
وأوضح أن قانون الوساطة في تسوية المنازعات المدنية والتجارية يتكون من 32 مادة، ويحدد اتفاقات الوساطة التي تسري أحكامه فيها، وإجراءات الوساطة وكيفيتها، والشروط الواجب توفرها في الوسيط، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، وإجراءات وقف الدعوى في المحكمة إذا اتفق الأطراف على تسوية النزاع عن طريق الوساطة، وإجراءات اتفاق التسوية، في حين سبق أن وافق مجلس الشورى على مشروع قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة، وأوصى بتعديل إحدى مواده وأحال توصياته إلى الحكومة، ويتكون مشروع القانون من 35 مادة، تشتمل على تشكيل محكمة الاستثمار والتجارة ودوائرها الابتدائية والاستئنافية، كما يحدد اختصاصات المحكمة.

أهمية متزايدة
وأشار كالو إلى أنه في تأكيد على الأهمية المتزايدة للوساطة باعتبارها إحدى الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، فقد كانت «الوساطة محور ندوة نظمتها كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة، بالتعاون مع محكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات، تناولت مزايا الوساطة في فصل المنازعات وتمكين الوساطة الأطراف المتنازعة من اختيار وسيط محايد لمساعدتهم في تسوية خلافاتهم.
وأضاف إن الندوة تناولت بيئة الوساطة في قطر لا سيَّما في أعقاب مصادقة قطر على اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة وتبني محكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات لقواعد الوساطة مؤخرًا. واستعرضت الندوة وجهات نظر من الأوساط الأكاديمية والمتخصصين القانونيين على حد سواء، حيث مثَّل محكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات القاضي إدوين جلاسجو، الحاصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة برتبة ضابط في الإمبراطورية البريطانية وهو أيضًا وسيط متخصص في تسوية النزاعات؛ والسيد كريستوفر غراوت، رئيس قلم المحكمة. واستدعى المتحدثون خبراتهم لمناقشة وضع خدمات الوساطة في البيئة التجارية بدولة قطر خلال فترة انتشار جائحة كوفيد-19. وسلطت المناقشات الضوء على قدرة محكمة قطر الدولية ومركز تسوية المنازعات على العمل عبر الإنترنت باعتبارها من المميزات المهمة للمحكمة، لا سيَّما في دعاوى التحكيم والوساطة.