كشف السيد نزار بركة، وزير المالية المغربي، أن حجم الاستثمارات القطرية المباشرة في بلاده تبلغ 800 مليون دولار. بيد أنه أكد في حوار شامل مع «العرب» على وجود نوايا عديدة تتخذ شكل المساعدات والاستثمارات قادمة إلى المغرب من الدوحة. وأبان بركة عن وجود شركة استثمارية مشتركة بين البلدين تساهم فيها قطر بنحو مليار دولار للاستثمار في المشاريع التنموية، كما أشار إلى صندوق سيادي قطري للاستثمار في المنتجعات السياحية وهو يدرس حاليا عددا من المشاريع. وقال بركة في حواره إن 4 من دول التعاون الخليجي (قطر والإمارات والسعودية والكويت) ستقدم 5 مليارات دولار كدعم للمغرب في شكل مساعدات خلال الخمس سنوات القادمة، مرجحا أن يكون نصيب كل دولة 1.250 مليار دولار بعد أن أعلنت السعودية عن ذات المبلغ. وقال بركة إن بلاده ستصدر لأول مرة في تاريخها سندات حكومية مقومة بالدولار بقيمة مليار دولار، مؤكداً أن قطر مرحب بها في هذا الإصدار الذي سيتم عن طريق السوق الدولية. وكان المغرب قد وقع مع مجلس التعاون الخليجي عام 2011 اتفاقية شراكة استراتيجية تنص على تمويل مشاريع تنموية على 5 سنوات. وفي مايو 2011 دعت الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الرباط وعمان إلى الانضمام للمجلس. يذكر أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي قرروا العام الماضي دعم المغرب بخمسة مليارات دولار منها مليار و250 مليون دولار حصة الرياض من الصندوق السعودي للتنمية. ¶ ما الهدف الاقتصادي من هذه الزيارة التاريخية والنادرة لملك المغرب والتي تشمل أكثر من دولة خليجية؟ - في الواقع هذه الزيارة تندرج في إطار العمل على تقوية البعد الاستراتيجي في العلاقات الثنائية ما بين المغرب ودول الخليج.. وكما تعلمون المغرب خلال مايو الماضي قد دُعي للانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقد اتخذ قرارا خلال نوفمبر الماضي أن يكون للمغرب وضع متقدم كما هو الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي.. وهذه الزيارة التي يقوم به جلالة الملك لأخيه أمير قطر تهدف أساسا إلى تقوية تلك العلاقات والعمل على تفعيل هذا البعد الاستراتيجي وهذه الشراكة الجديدة التي نريد إنجازها في إطار العلاقات مع دول الخليج. ¶ ما الامتيازات التي قُدمت للمغرب للانضمام إلى هذا التكتل؟ - الامتيازات تتمثل في الدعم الذي ستقدمه بعض الدول الخليجية ومنها قطر.. وفي هذا الإطار نشكر دولة قطر على دعمها من أجل تمويل بعض الاستثمارات المهيكلة في بلادنا. وفي الوقت نفسه أن تكون هناك تقوية للعلاقات الاقتصادية والتجارية التي للأسف تبقى بعيدة عن الطموح الذي نرغب في الوصول إليه جميعا. ونسعى كذلك إلى تقوية الاستثمارات الخليجية في المغرب، والعمل على أن يتم الاستثمار للإمكانات القوية التي يتيحها الاقتصاد المغربي؛ حيث يحقق نسبة نمو مهمة تصل إلى %5 سنويا كمعدل، إضافة إلى أن الاقتصاد المغربي يتمتع باتفاقيات شراكة مع العديد من الدول من بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. وبإمكان أي مستثمر قطري أن يصدّر منتجاته إلى مليار نسمة على الأقل بفضل هذه الاتفاقيات. ¶ ما حجم الاستثمارات الخليجية في المغرب؟ - وقع تطور مهم من حيث الأرقام؛ حيث أضحت تمثل الاستثمارات الخليجية حاليا أكثر من %30 من مجموع الاستثمارات في المغرب، ولكن بالنسبة لدولة قطر تبقى محدودة جدا بحكم أنها لا تتجاوز خلال الخمس سنوات الأخيرة نحو 800 مليون دولار. لكن في المقابل خلال زيارة سمو الأمير للمغرب السنة الماضية، تم الاتفاق على إنشاء صندوق قطري مغربي مشترك بقيمة ملياري دولار مناصفة مع نظيره المغربي لتمويل المشاريع التنموية. ¶ إلى أين وصل هذا المشروع؟ - في الواقع، انطلقت هذه الشراكة فعليا يوم زيارة سمو أمير قطر لبلادنا وهذه الشراكة تتمثل في إنشاء شركة مشتركة بين الحكومتين، والهدف المبدئي الوصول إلى رأسمال ملياري دولار. ونحن انطلقنا في هذا العمل من الجانبين. ¶ زيارة لأكثر من قائد خليجي السنة الماضية (قطر والسعودية والإمارات والكويت) أفضت إلى الإعلان عن صندوق «تواصل كابتل» بقيمة 2.5 مليار دولار للاستثمار في المنتجعات السياحية.. هل بدأ تنفيذ هذا المشروع؟ - هذا المشروع لا يعمل حاليا وهو ليس قيد الدراسة، ولكن بالنسبة لدولة قطر فقد تم إحداث صندوق سيادي يعمل على تمويل بعض الاستثمارات السياحية في بلادنا، وهناك بالنسبة للدول الخليجية الأخرى شركات مشتركة انطلقت في أعمالها منذ سنوات. وعرفت العديد من الاستثمارات في المجال السياحي. ¶ لو تعطينا فكرة عن المشاريع السياحية التي يمولها هذا الصندوق السيادي. - في الحقيقة انطلقت الدراسات في هذه المشاريع بحكم أن الصندوق حديث العهد، وقد بدأت الدراسات في ديسمبر 2011، وبالتالي لدينا اليوم لجنة مكلفة بهذه المشاريع وسننظر فيها اليوم في اجتماعاتنا الوزارية. ¶ دول مجلس التعاون ستدعم المغرب بنحو 5 مليارات دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، وستدفع المملكة العربية السعودية ربع المبلغ. ¶ ما نسبة قطر في هذا الدعم؟ - اليوم لدينا لقاء مع وزراء دولة قطر، وسنعرف بالضبط ما الحجم الذي سيتقرر من الجانب القطري، لكن من خلال الاتفاقية المبرمة بين المغرب ودول التعاون فإن 4 دول ستدفع هذا المبلغ وهي: المملكة العربية السعودية التي قررت دفع 1.250 مليار دولار والكويت والإمارات وقطر، وأعتقد أن كل الدول ستدفع المبلغ مناصفة وهو ما يجعل قيمة المبلغ 1.250 مليار دولار. ¶ المغرب يسعى إلى إصدار سندات حكومية بمليار دولار خلال الفترة المقبلة.. هل سيتم طرح هذا الموضوع على نظرائكم القطريين في اجتماع اليوم؟ - نحن كدولة ذات سيادة سندخل السوق الدولية لإصدار السندات والطلب مفتوح لجميع الدول الصديقة والشقيقة ومنها قطر.. اليوم المغرب يتمتع باستقرار سياسي واقتصادي قوي وقد ازداد قوة من خلال الدستور الجديد والانتقال الديمقراطي الأخير الذي عرف تسريع وتيرته يوليو الماضي. وفي الوقت نفسه المغرب استطاع أن يحظى بدعم من صندوق النقد الدولي بحكم أنه البلد الوحيد الذي استفاد بخط ائتماني بقيمة 6.2 مليار دولار، إضافة إلى أن مؤسسة ستاندرد آند بورز أبقت على التصنيف المغربي ثابتا ومستقرا عند BB- وهذا يدل على أن السياسة المغربية قوية.. الإشكال الحقيقي الذي نعمل من أجله هو تطوير كذلك العلاقات التجارية مع الدول الخليجية والانتفاع من مميزات اتفاقية التبادل الحر مع البلدان العربية؛ حيث يبقى حجم التبادل ضعيفا. ¶ في خضم هذا الاستقرار، ما نسبة الفائدة التي ترغب فيها كوزير مالية لإصدار هذه السندات؟ - من الصعب الحديث عن هذا الوضع؛ لأن المغرب لأول مرة سيدخل سوق الدولار وما يمكن أن أقوله هو أن السندات التي وضعناها في سوق اليورو عام 2010 وصلت إلى نسبة فائدة عند %4.5. ¶ أمام قتامة المشهد في السوق الأوروبية، هل نلمس من خلال هذه الزيارة أن يكون هناك تركيز على الخليج العربي في المستقبل؟ - في الواقع نعتبر أنه من الضروري تنويع المنتجات المغربية، حيث استثمرنا في قطاعات واعدة كثيرة منها السيارات حيث إننا استثمرنا في علامة رينو حيث بدأت تصدير سيارتها الجديدة انطلاقا من المغرب وهي كلها مصنوعة بالمغرب وسيبلغ عدد السيارات المصدرة قريبا 400 ألف سيارة سنويا. إضافة إلى شركة بومبارديي التي استثمرت في المغرب وستصنع الطائرات. ونعمل على جذب هذه الاستثمارات النوعية نحو بلادنا لتقوية قدراتنا التصنيعية والتصديرية.. أريد الإشارة إلى أننا نبحث عن التوغل في أسواق جديدة وهذا ما قمنا به في الأسواق الإفريقية والعربية. نحن نعلم أن أوروبا دخلت في ركود اقتصادي لعدة سنوات ومن الضروري أن نعمل على تطوير وتقوية الاستثمارات وتلك العلاقات التجارية. ¶ تتمتع قطر بسيولة كبيرة والمغرب بإمكانات ضخمة، هل هناك مشاريع معينة سيتم طرحها على الجانب القطري في اجتماع اليوم؟ - الهدف هو أن نقدم مشاريع استثمارية كبيرة اليوم وسنقدم باقة متنوعة في المجال الزراعي والبنية التحتية والمسائل الاجتماعية والصحية. ومن خلال الدراسات المستقبلية سيتم اختيار الأنسب.