أكد السيد ناصر محمد النعيمي الملحق الثقافي بسفارة دولة قطر في الولايات المتحدة الأمريكية، أن التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين يشكل إحدى الركائز الأساسية للشراكة الاستراتيجية التي تربط الدوحة وواشنطن منذ عقود، مشيرا إلى أن هذه الشراكة شهدت خلال السنوات الأخيرة زخما متزايدا في مختلف المجالات التعليمية والأكاديمية والبحثية والثقافية.
وأوضح النعيمي، في حوار خاص لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، أن الولايات المتحدة تعد من أبرز الشركاء الدوليين لدولة قطر في المجال الأكاديمي، إذ يحتل عدد من جامعاتها مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية، حيث تضم أربع جامعات من بين أفضل عشر جامعات على مستوى العالم، وهو ما يجعل التعاون معها ضرورة ملحة لتحقيق تطلعات قطر في بناء نظام تعليمي حديث يواكب المعايير الدولية.
وقال إن دولة قطر تسعى إلى تأسيس شراكات طويلة الأمد مع هذه المؤسسات بما يعود بالنفع على الطلبة القطريين والجامعات الأمريكية على حد سواء، من خلال تبادل الخبرات وإعداد مناهج دراسية متطورة وإطلاق برامج تدريبية تعزز من مهارات الخريجين.
وأضاف أن دولة قطر تعمل على تعزيز هذه الشراكات عبر مؤسساتها المختلفة، ومن أبرزها "مركز قطر للقادة"، الذي يعد نموذجا ناجحا للتعاون مع مؤسسات أكاديمية أمريكية في مجالات تطوير القيادات وبناء القدرات البحثية، مؤكدا أن هذه الجهود تسير بالتوازي مع مساع لزيادة عدد المبتعثين القطريين في الجامعات الأمريكية خلال السنوات القادمة، وذلك من خلال اجتماعات تنسيقية مع إدارات الجامعات الأمريكية لبحث فرص استيعابهم في مختلف التخصصات.
وفي سياق متصل، أوضح الملحق الثقافي بسفارة دولة قطر في الولايات المتحدة الأمريكية، أن التعاون الثقافي بين البلدين يتجسد في مبادرات نوعية تشرف عليها وزارة الثقافة ومتاحف قطر، إلى جانب مؤسسات خاصة، منوها بالمعرض الفني السنوي الذي تنظمه جامعة "فرجينيا كومنولث" " VCU" في الولايات المتحدة، والذي يتيح عرض أعمال الفنانين والطلبة من فرع الجامعة في الدوحة أمام جمهور أمريكي واسع، ويشكل جسرا ثقافيا بين المجتمعين.
وتحدث النعيمي عن أبرز المشاريع التعليمية الجارية حاليا، مشيرا إلى التعاون القائم بين جامعة قطر وعدد من الجامعات الأمريكية لتنفيذ مشاريع طلابية مشتركة، حيث يعمل الطلبة القطريون والأمريكيون معا على مهام بحثية وأكاديمية يتم تقييمها كجزء من مقرراتهم الدراسية.
كما أشار إلى المشاركة المنتظمة لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في مؤتمرات أكاديمية مرموقة مثل مؤتمر "نافسا" واجتماع مجلس التعليم العالي في واشنطن، وهو ما يعزز من حضور قطر في الساحة الأكاديمية الدولية.
وشدد على أن الدبلوماسية الثقافية القطرية تمثل رافدا مهما لتعزيز الحوار بين الشعوب في ظل المستجدات الإقليمية والدولية، موضحا أن مجالات التعليم والثقافة تتيح فرصا واسعة للتعارف والانفتاح، وتسهم في إبراز العادات والتقاليد القطرية في إطار من التقدير المتبادل.. لافتا الى ان البعثات التعليمية القطرية في الولايات المتحدة تعكس صورة مشرفة للهوية القطرية والإسلامية، إذا ما جرى تقديمها بشكل صحيح وممنهج.
وفيما يتعلق بدور الملحقية الثقافية القطرية، أوضح النعيمي أن المكتب يعمل على تقديم كافة أشكال الدعم للطلبة المبتعثين، سواء على الصعيد الأكاديمي أو الاجتماعي أو النفسي، بما يتيح لهم التركيز على دراستهم وتحقيق التميز الذي يعكس صورة مشرفة لدولتهم.
وأوضح أن الملحقية تعقد اجتماعات سنوية مع الطلبة وتتابع أوضاعهم بشكل دوري عبر رسائل شهرية وبالتواصل المباشر معهم ومع المشرفين الأكاديميين في الجامعات الأمريكية، حرصا على توفير بيئة تعليمية داعمة ومتكاملة.
أما عن الخطط المستقبلية، فكشف عن مساع جادة لتعزيز التعاون الأكاديمي بين الجامعات القطرية والأمريكية، من خلال خلق فرص تدريب عملية للطلبة خلال فترة دراستهم، فضلا عن ربط الجامعات الأمريكية بمؤسسات قطرية تهتم بتعليم اللغة العربية، مثل جامعة قطر ومؤسسة قطر، بما يسهم في توسيع آفاق التعاون الثقافي والأكاديمي، لافتا إلى التحضير لاستضافة مؤتمر دولي للتعليم العالي في الدوحة بالتعاون مع أبرز الجامعات الأمريكية، ما يفتح آفاقا جديدة للتبادل الأكاديمي والبحثي.
واختتم النعيمي حواره لـ" قنا" بالتأكيد على أن دولة قطر تعتبر الاستثمار في التعليم والثقافة استثمارا في رأس المال البشري، وهو ما يشكل أساسا لمسيرة التنمية الوطنية، مشددا على أن الشراكات الأكاديمية والثقافية مع الولايات المتحدة ستظل ركيزة رئيسية في دعم رؤية قطر الوطنية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.