د. شريفة العمادي: تتويج لمسيرة «الدوحة الدولي للأسرة»
د. خلود الكواري: لو كان هذا القرار مطبقاً منذ زمن لما تقاعدت
المحامي عبدالله السعدي: أروقة المحاكم تزخر بقضايا عن صعوبات المرأة في العمل
لقيت تصريحات معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بشأن دراسة تطبيق نظام الدوام الجزئي للنساء، إشادة واسعة وترحيباً من طرف المواطنين والمواطنات، وأكدوا لـ «العرب» أن هذه الدراسة في حال تطبيقها سيكون لها أثر كبير في المحافظة على استقرار الأسرة.
قالت الدكتورة شريفة نعمان العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة: إن مراعاة الظروف الأسرية للموظفات وإقرار العمل بدوام جزئي مطلب للمركز، الذي يسعى لتطبيقه محليا وعربيا، وأضافت د. شريفة: سعداء اليوم بتصريحات معالي الشيخ خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، حول التوجيهات السامية من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، بالتطورات التشريعية في مختلف المجالات، وبالأخص فيما يتعلق بدراسة تطبيق نظام الدوام الجزئي للنساء في سبيل المحافظة على استقرار الأسرة.
وتابعت: ونستدعى في هذا الصدد جهد المعهد الدؤوب في ملف التوازن بين العمل والأسرة على الصعيد الوطني، فقد أنتج المعهد تقريراً بحثياً مبنيا على أدلة نوعية وكمية حول التوازن بين العمل والأسرة في قطر، وبناءً على هذه الأدلة قمنا بجهد كبير لمناصرة تطوير منظومة كاملة لسياسات التوازن مع كافة الأطراف المعنية، وامتدت جهود المناصرة من الصعيد الوطني، للإقليمي والدولي، فمثلاً قمنا بعمل نفس الدراسة في سلطنة عمان بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، وقمنا بعدها بتدارس النتائج وتوصيات السياسات مع ممثلين حكوميين في كلا البلدين وأيضاً بالتعاون مع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأشارت إلى أن نظام الدوام الجزئي للنساء، كان إحدى التوصيات البارزة التي نادى بها المعهد، ورفعها للجهات المعنية، ونرى هذا التصريح تتويجاً لمسيرة العمل في هذا الملف، واستلهاماً وأملاً في تحقيق حزمة من التوصيات التي تكفل الإسهام الحقيقي في تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، مثل إجازة الأبوة وامتداد إجازة الوضع، وترتيبات رعاية الطفل في أماكن العمل، وترتيبات العمل المرنة للجميع.
الاختيار بين الوظيفة والأسرة
د. خلود سلطان الكواري طبيبة متقاعدة عملت في مؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، رحبت بالقرار وذكرت أنه لو كان مطبقا في الوقت الذي كانت تعمل فيه لما كانت قد اضطرت للتقاعد.
تقول د. خلود إنها أمضت العديد من سنوات عمرها تعمل تحت ضغوطات كبيرة سواء تلك المتعلقة بالجدول الزمني الوظيفي المزدحم أو المسؤوليات الأسرية، وهو ما جعلها تُؤثِر التقاعد للتفرغ لأسرتها.
وتضيف إلى ما سبق: وصل أبنائي لعمر أحسست أنهم بحاجة لي أكثر من العمل، والأولوية لهم، خصوصا أننا يمكننا أن نعوض ونجد بدائل للطبيبة، لكن لا عوض ولا بديل للأم، أوقات عملي بمؤسسة الرعاية الصحية كانت طويلة نسبيا، خصوصا في الفترات المسائية التي أرى أنها الوقت الأنسب لجلوس الأم مع أولادها ومتابعتهم بعد مدارسهم، ورغم أنني كنت متعلقة جدا بعملي، وأحبه وكنت أعمل لأزيد من 24 ساعة متواصلة أو 30 ساعة أيام المناوبات، التي كان يعقبها تقديم الحالات في اليوم التالي، إلا أنني وجدت نفسي بين خيارين، أسرتي أو وظيفتي، لم يكن من السهل أن أختار التقاعد والتخلي عن المهنة التي كانت تمثل لي الشغف، لكن المقابل كان صعبا جدا فلم أشأ التقصير في تربية أبنائي، وهو ما جعلني أوثر التقاعد المبكر، والذي استطعت من خلاله الاهتمام بأسرتي وأبنائي، ومباشرة مسؤولياتي الاجتماعية والعائلية.
وأكدت أن قرارا مثل هذا سييسر للكثير من الكوادر الوطنية الانخراط في العمل الحكومي بما يخدم الجهاز الإداري لدولة قطر من ناحية ويخدم عملية توطين الوظائف من ناحية أخرى، بل سيساعد القطريات بشكل خاص على الانخراط في العمل الحكومي، إذ إن هناك عدداً لا بأس به من القطريين وكثيراً من المواطنات القطريات من حملة الشهادات الجامعية، ولكنهم لا يعملون بسبب عدم مواءمة ساعات الدوام الكامل مع ظروفهم الأسرية أو غير ذلك من الظروف، ولهذا فإن تيسير الدوام الجزئي سيجعل الدولة تستفيد من هذه الخبرات وسنجد أمامنا كوادر قطرية تفيد الدولة في شتى المجالات.
مقترح جيد
من جانبه عقب الأستاذ عبدالله السعدي المحامي بالتمييز على التصريح المتعلق بدراسة الدوام الجزئي للنساء بأن إعلان ذلك من قبل معالي رئيس مجلس الوزراء الموقر ووضع دراسة لتطبيق دوام جزئي للموظفات، هو مقترح جيد.
وأشار السعدي إلى أنه من أهم أهداف الدولة استقرار الأسرة، واستقرار الأسرة لا يتحقق إلا بتمكين إحدى دعائم الأسرة الأساسية وهي المرأة من القيام بواجباتها الأسرية على اكمل وجه وان تحظى بالوقت الكافي لتربية أبنائها ومراقبتهم والحفاظ عليهم، ولابد أن تكون من أولويات ومسؤوليات الحكومة، فالمرأة نصف المجتمع وهي تمثل نسبة كبيرة من الموظفين وتعمل جنبا إلى جنب مع الرجل.
إلى ذلك أضاف السعدي: تبقى الأسرة وتربية النشء التربية الصالحة هي الأساس لتدعيم مجتمع مبنية مبادئه على قيم وتعاليم الدين الحنيف والتقاليد العريقة له. وما يشهده المجتمع من تطور وتسارع في أسلوب الحياة والعمل وما تتعرض له المرأة من إجهاد في العمل مع ما هو مطلوب منها نحو أطفالها وأسرتها وزوجها واستحقاقات العمل أمر صعب وقد يعرض الأسرة لمشاكل كثيرة كقلة الرقابة الأبوية وترك الأطفال للخدم دون رقيب وقيام المرأة بواجباتها الاجتماعية فتهدد كيان الأسرة أو تساهم في الحد الأدنى في ضعف الدور الرقابي للمرأة والرجل، وما نشهده من مشاكل في أروقة المحاكم من أحد أسبابه هو عدم قدرة الزوجة في كثير من الأحيان على القيام بدورها نتيجة ما تتعرض له المرأة في العمل من إجهاد. لذلك- والكلام ما زال على لسان السعدي- يجب النظر في دور المرأة ومساعدتها في أن توفق بين متطلبات الدولة والمجتمع من ناحية وأسرتها من ناحية أخرى، ويكون ذلك بناء على دراسة يسهم فيها أساتذة علم اجتماع والمتخصصون للوصول لأفضل النتائج التي تؤدي إلى استقرار الأسرة في المجتمع.
فوائد متعددة
من جانبها رأت روضة القبيسي خبيرة التنمية البشرية وتطوير الذات، أن القرار صائب جدا وأن تطبيقه في أقرب الآجال سيعود على المجتمع والأسرة والبيئة بنتائج إيجابية، وطالبت روضة القبيسي بأن تتم توسعة هذه الدراسة لتشمل الرجال أيضا، معتبرة أن البعض من الرجال يعيش ظروفا اجتماعية خاصة، ويحتاج إلى ساعات عمل مرنة أو إلى العمل عن بُعد ومن منزله.
وأضافت القبيسي إن العمل في فترة جائحة كورونا أثبت للعالم أن مردودية الموظف لا ترتبط بالحيز المكاني أو الجغرافي، لكنها ترتبط بمدى إنجازه للمهام، ودعت إلى ربط تقييم الموظف بنسبة المهام المنجزة وليس عدد ساعات العمل أو التواجد في المكتب، لأن ذلك يزيد من مردودية الموظف وحرصه على الإنجاز، واعتبرت أن مراعاة ظروف الموظفين ستجعلهم يعملون بصدق لشعورهم بالامتنان لمؤسساتهم، وأن العمل بدوام جزئي أو مرن، أو عن بُعد سيخفف من مشاكل الازدحام والكثير من المشاكل البيئية، ويرفع الإنتاجية.
وأضافت روضة القبيسي: إن القرار المنتظر صدوره خلال الفترة المقبلة بالجهات الحكومية التي ستطبق الدوام الجزئي سيحل الكثير من المشكلات، وإن مادة الدوام الجزئي تؤكد أن دولة قطر تراعي استقرار الأسرة القطرية، لهذا فالجميع في انتظارها.