الغانم: قطر حريصة على التعاون القضائي وإنفاذ العدالة

alarab
محليات 21 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - محمد الشياظمي
أكد سعادة السيد حسن بن عبد الله الغانم وزير العدل أن احتضان قطر والمنطقة العربية لأعمال المؤتمر القضائي الخليجي الأول حول التعاون القانوني العابر للحدود في المسائل المدنية والتجارية يكتسي درجة كبيرة من الأهمية، خاصة أن قطر أصبحت منبرا نشيطا ومتواصلا للعديد من اللقاءات والاجتماعات التي تهدف إلى تعزيز دولة القانون في الحياة المعاصرة واحترام حقوق الإنسان، وفي ظل توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى الذي يؤكد دوما على الاهتمام بالعدالة ومؤسساتها وبناء قضاء رائد مقتدر، وتوثيق عرى التعاون الدولي في المجال القانوني. وأضاف سعادته خلال افتتاح أعمال المؤتمر التي بدأت أمس الاثنين وتستمر إلى الأربعاء أن هذا المؤتمر الذي سيناقش اتفاقيات لاهاي التي تتعلق بالمسائل العابرة للحدود، والمشاكل الناجمة عن خطف الأطفال العابر للحدود، والتعاون القانوني والقضائي في حماية الوثائق القضائية، والحصول على الأدلة والوصول الدولي للعدالة، واتفاقيات اختيار المحكمة والاعتراف وتنفيذ الأحكام، مشيرا إلى أن كل هذه الأمور في مجملها ومراميها ليست غريبة عن الشريعة الإسلامية الغراء التي صانت حقوق الإنسان، وحفظت كرامته، وراعت الطفولة وحمت الأسرة، ومنعت الظلم وأقامت دولة الحق والعدل. وتمنى سعادته استمرار الجهود للتقريب بين هذه القواعد، وإيجاد سبل متفق عليها دوليا للتعامل مع مسائل متعددة كاختصاص المحاكم، والقانون واجب التطبيق، والاعتراف بالأحكام وإنفاذها من أجل حماية الأسرة والطفل ومن أجل أن ينعم الناس بدرجة عالية من الأمان في ظل سيادة القانون. وفي إشارة إلى الموضوعات التي يناقشها المؤتمر وتتصل بإجراءات حماية الأسرة والطفل، أكد سعادة وزير العدل على أن دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى تحرص دوما على الأسرة لأنها عماد المجتمع وترعى الطفولة وتسعى لحمايتها لأنها صورة المستقبل. كما لفت سعادته إلى أن دولة قطر اهتمت كذلك بمحاكم الأسرة وأصدرت قانون الأسرة، كما صادقت على اتفاقية حقوق الطفل والعديد من الاتفاقيات ذات الصلة، فضلا عن حرصها على تطوير التعاون القضائي والقانوني مع الدول الأخرى في سبيل إنفاذ العدالة وإحقاق سلطة القانون. وأعرب سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم في كلمته عن تطلعه إلى أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لتوطيد التعاون بين الدول العربية عموما ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خاصة من جهة، وبين منظمة مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، وذلك تعزيزا لما سبق من صلات وتعاون، خاصة أن المسائل الأسرية التي تتعلق بأكثر من دولة أصبحت من الأمور الحيوية التي تتطلب التزام قواعد دولية خاصة في نطاق القانون الدولي الخاص. ومن جانبه تلا عبد المجيد السعدي رسالة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى المؤتمر، وقال إن استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر القضائي الخليجي الهام تأتي استمرارا لجهودها المشهودة وإسهاماتها الموفقة لتعزيز وتفعيل مسيرة التعاون المشترك بين دول المجلس في جوانبها القانونية والقضائية. ونوه الدكتور الزياني في الكلمة التي ألقاها مدير إدارة التشريع والبحوث بقطاع الشؤون القانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون أن القانون الدولي الخاص هو قانون متميز لكونه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لعلاقات الأشخاص الخاصة تاركا تنظيمها الموضوعي لإحدى الدول التي ترتبط بها، وهو ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية، مشيرا إلى أن العلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة، وبالتالي بأكثر من نظام قانوني. وأوضح أن الموضوعات المتعلقة بالمسائل الأسرية أو الشخصية أو التجارية وتتصل بأكثر من دولة أصبحت أمراً مألوفا في عالم اليوم، وقد تتأثر هذه المسائل بالاختلافات بين النظم القانونية في الدول المعنية، مبينا أنه بهدف تجاوز هذه الاختلافات قامت الدول بإقرار قواعد خاصة تعرف باسم قواعد القانون الدولي الخاص، غير أنه أوضح أن تسارع وتطور العلاقات بين الأفراد استوجب إيجاد سبل متفق عليها للتعامل مع مسائل متعددة كاختصاص المحاكم والقانون الواجب التطبيق والاعتراف بالأحكام وإنفاذها، معربا عن أمله أن يخرج المؤتمر بنتائج وتوصيات من شأنها تفعيل هذه السبل، وأن يكون ذلك رافدا للتعاون القانوني والعدلي بين مجلس التعاون والعالم. وبين الدكتور الزياني أن دول مجلس التعاون تسعى إلى تنسيق العمل وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية في مجال التعاون القانوني العابر للحدود في المسائل المدنية والتجارية، مؤكدا أن استضافة قطر لهذا المؤتمر تمثل ترجمة صريحة لتوجهها بشكل خاص ودول مجلس التعاون بشكل عام لتعزيز جهودها مع جهود بقية أشخاص القانون الدولي لتحقيق الغايات المنشودة من التعاون الدولي القانوني العابر للحدود. بدوره قال السيد هانز فان لون، السكرتير العام لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص على أهمية القضايا التي يناقشها المشاركون، معربا عن خالص سعادته وامتنانه لدولة قطر لاستضافتها مثل هذه المؤتمرات المتميزة، وإنه لكل ذلك، تستحق قطر استضافة كأس العالم 2022 حيث جاء اختيار الفيفا لها موفقا. وأشاد لون بدعم دول مجلس التعاون لعقد المؤتمرات التي تعنى بقوانين الأسرة وتوطيد التعاون القضائي والتجاري الدولي، باعتبار أنها مواضيع مهمة للمواطن الخليجي والإنسان أينما وجد في عالمنا المعاصر. ورأى في معرض كلمته أن قضايا من قبيل تسهيل حركة الناس والتجارة وما يتعلق بذلك من سندات وعقارات وكذا حركة رأس المال من دولة لأخرى لا يمكن معالجتها في ظل العولمة على المستوى الإقليمي فقط، وإنما من خلال التعاون الدولي الذي يحتاجه الجميع -دولا وحكومات- لإزالة كافة العقبات التي تعترضها. واستعرض السكرتير العام لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص في كلمته اتفاقية لاهاي من حيث نشأتها وأهدافها واستجابتها لكثير من التطورات العالمية ذات الصلة بها ومعايير الانضمام إليها والمميزات القانونية التي تتسم بها، مشيرا إلى أن فكرة الاتفاقية تعود إلى نهاية القرن 19 بمبادرة من أحد المفكرين والمحامين الهولنديين، وأنها تركز على سبل التغلب على العوائق القانونية أمام حركة التجارة والأعمال وتحديد التزامات الأطراف من دون التأثير على الهياكل التجارية للدول. كما قدم عرضا للقانون الدولي الخاص منذ بداياته، مشيرا إلى أنه في إطار اتفاقية لاهاي تم عقد الكثير من المؤتمرات، وفي مجالات مختلفة مثل حماية وتبني الأطفال والأسرة والبيئة والمرور، والتي خرجت بخطط وبرامج لمعالجة القضايا التي بحثتها في نطاق الاتفاقية، التي قال إنها تحترم التنوع القانوني الدولي، وتعمل على تجسير الهوة بين القانون الخاص والعام والتوصل إلى قوانين عالمية ملزمة تعالج الكثير من القضايا التي تهتم بها. وتابع أن الاتفاقية شهدت خلال الفترة الماضية زيادة في عدد المنتسبين إليها من الدول والمنظمات بحيث أصبحوا 135 عضوا، منهم 71 دولة، داعيا الجميع وبخاصة في منطقة الخليج إلى الانضمام إليها. وأوضح أنهم يفكرون في تأسيس مكاتب إقليمية للاتفاقية في منطقة الباسفيك وأميركا اللاتينية وإفريقيا لتحقيق أكبر فائدة منها، لافتا إلى أهمية بذل مزيد من الجهود لمراقبة أحكام الاتفاقية، وعقد المزيد من المؤتمرات واللقاءات مثل هذا المؤتمر بما يجعل اتفاقية لاهاي أكثر فاعلية وحيوية عبر آليات محددة يتم التوصل إليها. وأشار إلى أنه تم تأسيس نقاط اتصال داخل الأمانة العامة للاتفاقية لمساعدة ودعم الدول الأعضاء، خاصة الناشئة منها في مجال التغلب على الصعوبات التي تواجه تطبيق اتفاقية لاهاي. ويناقش المؤتمر على مدى أيام انعقاده الثلاثة محورين رئيسيين هما التعاون القانوني والقضائي واتفاقيات لاهاي للأطفال، ويتناول المحور الأول موضوع تبسيط إجراءات التدول العابر للحدود، حيث تم عرض لمحة عامة لاتفاقية لاهاي لسنة 1961 الملغية لشرط التصديق بالنسبة للوثائق العامة الأجنبية، بما في ذلك القضايا التطبيقية ومسألة التنفيذ المتعلقة بها، إضافة لعمل تطبيق عملي لبرنامج دليل اتفاقية أبوستيل الإلكتروني، فضلاً عن التطرق لاتفاقية لاهاي الخاصة بالخدمات في الخارج والمتعلقة بالوثائق القضائية وغير القضائية ذات الصلة بالمسائل المدنية والتجارية، وإضافة لعرض لمحة عامة لاتفاقية لاهاي لعام 1970 المتعلقة بالحصول على الأدلة في الخارج بالمسائل المدنية والتجارية. كما سيتم عرض اتفاقية لاهاي الخاصة باختيار المحكمة حسب الإجراءات الدولية والقضائية على المشاركين في محور التعاون القانوني والقضائي، فضلاً عن عرض اتفاقية لاهاي الخاصة بالاعتراف بالأحكام الأجنبية في المسائل المدنية والتجارية وتنفيذها. أما فيما يخص محور اتفاقيات لاهاي للأطفال سيحظى المشاركون بعرض عن اتفاقية لاهاي لسنة 1980 الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل، وعلاقتهما باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة 1989، إضافة لعروض مقدمة عن اتفاقية لاهاي 1996 الخاصة بالاختصاص والقانون الواجب تطبيقه والاعتراف والإنفاذ والتعاون فيما يتعلق بالمسؤولية الأبوية وإجراءات حماية الأطفال، فضلا عن عرض للقواعد الوطنية وأنظمة التعاون في منطقة مجلس التعاون الخليجي، وعرض آخر لاتفاقية لاهاي الخاصة بالتحصيل الدولي للنفقات المخصصة للأطفال والأطراف الأخرى من الأسرة، بالإضافة إلى البروتوكول الخاص بالقانون الواجب التطبيق على التزامات النفقة، بالإضافة لمناقشة اتفاقيات لاهاي والتحديات الممكنة لدول المنطقة في تنفيذه وتأسيس شبكة اتصال خاصة بالتعاون القضائي العابر للحدود. ويعد هذا المؤتمر القضائي هو الأول خليجيا، ويأتي بالتعاون مع منظمة مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، والتي تعتبر منظمة حكومية عالمية تهتم بالتعاون القضائي الإداري في مجال القانون الخاص، وتعمل على توحيد القواعد القانونية في مجال القانون الدولي الخاص. يشار إلى أن منظمة مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص هي منظمة عالمية حكومية تسعى إلى الجمع بين التقاليد القانونية المختلفة وإلى تطوير خدمة الصكوك القانونية متعددة الأطراف التي تلبي الاحتياجات الإنسانية وتتضمن متابعتها. كما تهتم المنظمة بعقد مؤتمرات قضائية وقانونية ودولية وإقليمية مثل مؤتمرات مالطا الثلاثة بشأن المسائل القانونية الأسرية العابرة للحدود والتي تختص في مجملها بمشكلات خطف الأطفال العابر للحدود والتحصيل الدولي للنفقة والتعاون القانوني والقضائي وغيرها.