شيخ الأزهر يكشف لـ «العرب» تفاصيل وثيقة الحياة السياسية في مصر
حول العالم
21 يونيو 2011 , 12:00ص
القاهرة - فتحي زرد
بمبادرة من الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اجتمعت مجموعة من المثقفين المصريين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والدينية، مع عدد من كبار العلماء والمفكرين في الأزهر الشريف.
وأقر المجتمعون وثيقة الأزهر للحياة السياسية، مشددين على دور الأزهر في بلورة الفكر الإسلامي الوسطيّ السديد، واعتباره المنارة الهادية التي يُستضاء بها، ويحتكم إليها في تحديد علاقة الدولة بالدين، وبيان ما وصف بأسس السياسة الشرعية الصحيحة التي ينبغي انتهاجها.
وقال الدكتور أحمد الطيب، في تصريحات خاصة لـ «العرب»: إن تحديد المبادئ الحاكمة لفهم علاقة الإسلام بالدولة في المرحلة الدقيقة الراهنة يجب أن يتم في إطار استراتيجيه توافقية ترسُم شكل الدولة العصرية المنشودة ونظام الحكم فيها، وذلك حماية للمبادئ الإسلامية التي استقرت في وعي الأمة وضمير العلماء والمفكرين من التعرض للإغفال والتشويه أو الغلوّ وسوء التفسير، وصوناً لها من استغلال مختلف التيارات المنحرفة التي قد ترفع شعارات دينية طائفية أو أيديولوجية تتنافى مع ثوابت أمتنا ومشتركاتها، وتحيد عن نهج الاعتدال والوسطية، وتُناقِض جوهر الإسلام في الحرية والعدل والمساواة، وتبعدُ عن سماحة الأديان السماوية كلها.
وأكد شيخ الأزهر أهمية دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، مشيراً إلى أن إطار الحكم يجب أن يضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب، بما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح؛ حيث لم يعرف الإسلام لا في تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التي تسلطت على الناس، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية.
كما جاء البند الثاني من الوثيقة والذي يشدد على أهمية اعتماد النظام الديمقراطي، القائم على الانتخاب الحر المباشر، الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمي للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسؤولين أمام ممثلي الشعب.
كما نص البند الثالث على الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع.
وجاء البند الرابع ليؤكد على الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن، هذا بالإضافة إلى التأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية.
وأكد شيخ الأزهر الحرص التام على صيانة كرامة الأمة المصرية والحفاظ على عزتها الوطنية، وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث.
كما شدد على اعتبار التعليم والبحث العلمي ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضاري في مصر، كما شملت الوثيقة ضمن بنودها أهمية بناء علاقات مصرية قوية بأشقائها العرب ومحيطها الإسلامي ودائرتها الإفريقية والعالمية.
وأيدت الوثيقة مشروع استقلال مؤسسة الأزهر، وعودة «هيئة كبار العلماء» واختصاصها بترشيح واختيار شيخ الأزهر، والعمل على تجديد مناهج التعليم الأزهري؛ ليسترد دوره الفكري الأصيل، وتأثيره العالمي في مختلف الأنحاء.
وطالب الطيب والمثقفون المشاركون في إعداد هذه الوثيقة كل الأحزاب والاتجاهات السياسية المصرية أن تلتزم بالعمل على تقدم مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في إطار المحددات الأساسية التي جاءت بالوثيقة.