«التستر التجاري».. بين تحفيز الاستثمار وتحديات التطبيق

alarab
تحقيقات 21 مايو 2023 , 02:40ص
محمد طلبة - يوسف بوزية

علي الخليفي: نطالب المواطن بعدم التوقيع على أي عقد إلا بعد الاستشارة

أحمد النعيمي: القانون يعالج الفوضى والتحايل في الأنشطة التجارية والخدمية

كشف قانونيون أن ظاهرة التستر التجاري منتشرة في قطاع الأعمال التجارية والخدمية والإنشائية دون ضوابط، وهي المسؤولة عما ما يحدث من فوضى وتلاعب واستغلال وتحايل ونصب.

وأكدوا أهمية قانون التستر التجاري في حماية حقوق المواطنين، وتعزيز الاقتصاد الوطني وحماية الأنشطة التجارية والاقتصادية، وطالبوا بضرورة القضاء على هذه الجريمة الخطيرة نظراً لازدياد المخاطر المترتبة عليها، لما لها من مخاطر أمنية واجتماعية، كما تخلق منافسة غير مشروعة وزيادة في حالات الغش التجاري. 
وكشفوا عن أن المحاكم تعج بمثل هذه القضايا بسبب هروب الشريك الأجنبي الذي كان يتصدر المشهد مع غياب شريكه أو كفيله المواطن الذي كان وجوده صورياً فقط مقابل مبلغ رمزي متفق عليه. 
مؤكدين أن القانون شدد في العقوبة، لذلك يتعين على المواطن القطري عدم التوقيع على عقد شراكة تجارية مع الوافد الأجنبي إلا بعد استشارة محام.

حماية حقوق المواطنين
ويشدد المحامي علي بن عيسى الخليفي على أهمية قانون التستر التجاري في حماية حقوق المواطنين وتعزيز الاقتصاد الوطني وحماية الأنشطة التجارية والاقتصادية، خاصة في ظل ما تسببه ظاهرة التستر التجاري من تبعات سلبية على الاقتصاد الوطني.
ويشير إلى الجهود التي بذلتها الدولة وما تزال من أجل مكافحة جرائم التستر التجاري داخل المجتمع القطري، لما له من مخاطر أمنية واجتماعية، كما يخلق منافسة غير مشروعة وزيادة في حالات الغش التجاري، ويسهم في نمو البطالة، واحتكار الأجانب لبعض الأنشطة التجارية.
ويطالب الخليفي بضرورة القضاء على هذه الجريمة الخطيرة نظراً لازدياد المخاطر المترتبة عليها بهدف الحد منها وبما يستتبع القضاء عليها تدريجياً، وهو ما حدا بالجهات المعنية لوضع القواعد القانونية اللازمة، بهدف ضرب كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة التي لها تأثير على الاقتصاد فيما يتعلق بعمليات تحويل الأموال للخارج، فضلاً عن تأثيرها المباشر على المتنافسين في التجارة الحرة، وصعود المتلاعبين بقوانين التجارة وقواعد المنافسة الشريفة.
ويضيف المحامي الخليفي: إن مهمتنا نشر الوعي والثقافة القانونية فيما يتعلق بجريمة التستر التجاري، وتوضيح أن المتستر عرضة للمساءلة القانونية، فضلاً عن أن القانون شدد في العقوبة، لذلك يتعين على المواطن القطري عدم التوقيع على عقد شراكة تجارية مع الوافد الأجنبي إلا بعد استشارة محام.
 
سبب استغلال الثغرات
من جانبه يؤكد السيد أحمد بن حمد النعيمي، خبير اقتصادي ومالي، أن قانون التستر التجاري يعالج الكثير من المشاكل التي تواجه القطاعات التجارية والاستثماري بسبب استغلال الثغرات التي كانت موجودة من قبل في القوانين، والتي أدت إلى انتشار ظاهرة التستر التجاري في قطاعات الأعمال التجارية والخدمية والإنشائية دون ضوابط، وهي المسؤولة عما يحدث من فوضى وتلاعب واستغلال وتحايل ونصب.
ويضيف انه وبسبب التستر التجاري وباستخدام الوضع القانوني لما يسمى – شركة ذات مسؤولية محدودة - «ذ م م» فقد افقد الاقتصاد الوطني مبالغ طائلة، مع وجود أحكام قضائية مؤلمة اجتماعيًا. 
مشيرا إلى أن المحاكم تعج بمثل هذه القضايا بسبب هروب الشريك الأجنبي الذي كان يتصدر المشهد مع غياب شريكه أو كفيله المواطن الذي كان وجوده صوريا فقط مقابل مبلغ رمزي متفق عليه، مبينا أن هذه الترتيبات هي أساس التفاهم على تحكم الشريك الأجنبي في كل ما يتعلق بأعمال الشركة.
ويؤكد النعيمي أن التستر يتم باتفاق معلن وبأوراق رسمية، علماً أن الأطراف تعرف مقدماً طبيعة الممارسات غير الشرعية التي كانت تحتمي بالقانون وتستفيد من ثغراته.
ويضيف النعيمي: من حيث الواقع فإن الوافد يمارس جميع أنواع الأنشطة، الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، بكفالة المواطن القطري، وعادةً ما يبحث الأجانب عن المواطنين من أصحاب النفوذ للحصول على تسهيلات أفضل، مطالباً بتوخي الحذر من ممارسة الالتفاف على القوانين، مشيرا إلى أن تطوير الاقتصاد يجب أن يرتكز على تهيئة المناخ لبناء شركات وطنية مبدئياً، 
ويشير الى وجود العديد من الفرص التجارية والاستثمارية للشباب القطري لإنشاء شركات مقاولات صغيرة ومتوسطة قابلة للنمو، ولكن التستر الذي يطلق العنان لكل من هب ودب، لا يمكن أن يفسح المجال لهم، واستدرك أنه لا يقصد التعميم فهناك من هم على مستوى من المهنية والكفاءة ولهم دورهم في تنفيذ العديد من المشروعات، ولكن هناك الكثير من الحالات التي تعاني من نتائج مثل هذه الممارسات المبنية على الغش والتدليس والخداع، والمحاكم تشهد على ذلك.
ويوضح أن أول الأسباب هو التستر، وكذلك عدم الاستعانة باستشارة الخبراء قبل اتخاذ القرار وبعض المواطنين لهم دور في ذلك للأسف.
أحكام القانون تواجه
بكل ردع وتشدد العقوبات 
يعالج القانون الجديد للتستر التجاري هذه الظاهرة السلبية التي
أضرت كثيرا بالاقتصاد القطري، حيث يشتمل في مواده على التعريف وتوصيف هذه الظاهرة، والإجراءات اللازمة لمواجهتها، والقواعد القانونية للتصدي لها والعقوبات على كل من يخالف القانون. 
كما يلزم القانون بتشكيل «لجنة مكافحة التستر» من ضمن مهامها وضع خطط وبرامج مكافحة التستر ومتابعة تنفيذها، والتنسيق مع الجهات المختصة لتنفيذ أحكام التشريعات المتعلقة بمكافحة التستر. 
إضافة إلى تلقي البلاغات المتعلقة بمخالفة أحكام هذا القانون وفحصها، والتأكد من جديتها، وإحالتها إلى النيابة العامة
ويُحظر القانون في مادته الثانية على أي شخص غير قطري، سواء كان شخصاً طبيعياً
أو معنوياً، ما يلي:
١- ممارسة أو الاستثمار في نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهـنـي غـيـر مــرخــص له بممارسته أو الاستثمار فيه بموجب القوانين المعمول بها في الدولة.
 ٢- الحصول على نسب من الأرباح بما يجاوز النسب المنصوص عليها في وثيقة تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي.
وفي المادة (۳) يحظر على أي شخص طبيعي أو معنوي التستر على شخص غير قطري بتمكينه من ممارسة نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني أو الاستثمار فيه بالمخالفة لأحكام القوانين المعمول بها في الدولة، سواء عن طريق السماح له باستعمال اسم المتستر أو رخصته أو سجله التجاري أو المهني، أو بأي طريقة أخرى تمكنه من التهرب من الالتزامات المترتبة عليه بموجب القوانين المعمول بها في الدولة، وسواء تم ذلك لحساب المتستر عليه أو لحساب المتستر أو الغير.
أما المادة (٤) فتوضح أنه تنشأ بالوزارة لجنة تسمى «لجنة مكافحة التستر»، يصدر بتشكيلها وتحديد مكافآتها، والإجراءات التي تتبع أمامها، قرار من مجلس الوزراء.
ويتولى أمانة سر اللجنة موظف أو أكثر من موظفي الوزارة، يصدر بندبهم وتحديد اختصاصاتهم ومكافآتهم قرار من الوزير.
وحول عمل اللجنة توضحها المادة (٥) حيث تختص اللجنة بما يلي:
- وضع خطط وبرامج مكافحة التستر ومتابعة تنفيذها. 
- التنسيق مع الجهات المختصة لتنفيذ أحكام التشريعات المتعلقة
بمكافحة التستر. 
- تلقي البلاغات المتعلقة بمخالفة أحكام هذا القانون وفحصها، والتأكد من جديتها، وإحالتها إلى النيابة العامة.
- طلب وتبادل المعلومات مع الجهات ذات العلاقة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات بشأن مكافحة التستر. 
- التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة لإعداد برامج توعية عامة بشأن مكافحة التستر.
أي اختصاصات أخرى يحددها مجلس الوزراء.
وفي المادة (٦) توضح مع عدم الإخلال بأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالقانون رقم (۲۰) لسنة ٢٠١٩، تقوم المؤسسات المالية بإخطار مصرف قطر المركزي ببيان عن الأشخاص الذين يقومون بمعاملات مالية تحمل على الاعتقاد بوجود جريمة تستر، ويتولى المصرف موافاة اللجنة بهذا البيان.

الحبس سنتين
وغرامة 500 ألف ريال 
ويشدد القانون العقوبات على الفاعلين والمشاركين في هذه الجريمة ففي مادته الـ 7 يوضح أنه على كل شخص علم، بحكم وظيفته أو عمله، بوقوع جريمة من الجرائم المعاقب عليها بالمادة (۸) من هذا القانون، إبلاغ اللجنة بها، مع تقديم ما لديه من معلومات بشأنها. 
ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبالغرامة التي لا تزيد على (۵۰۰,۰۰۰) خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أيــا من أحكام المادتين (۲)، (۳) من هذا القانون.
وفي مادته الـ 8 تتعدد عقوبة الغرامة بتعدد الأشخاص المخالفين أو المحال أو المنشآت المخالفة.
وفي مادة (۹) يجوز للمحكمة، فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة، أن تحكم بالعقوبات الآتية، بحسب الأحوال: ۱ - مصادرة المـال مـحـل الجريمة أو المتحصل منها، مع مراعاة حقوق غير الحسني النية.
 ٢- إبعاد غير القطري عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه.
 3- منع المحكوم عليه من مزاولة النشاط لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات، من تاريخ الانتهاء من تنفيذ العقوبة أو سقوطها.
٤ - نشر منطوق الحكم الصادر بالعقوبة على نفقة المحـكـوم عـلـيـه، في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو بالوسائل الإلكترونية.
وتوضح المادة (١٠) أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالغرامة التي لا تزيد على (١٠٠,٠٠٠) مائة ألف ريال، كل من: - أبلغ بسوء نية عن واقعـة غـيـر صـحـيـحـة يـعـاقـب عـلـيـهـا هـذا القانون. ۲- خالف حكم المادة (۷) من هذا القانون. ٣- حال بأي وسيلة، دون قيام مأموري الضبط القضائي بواجباتهم المنصوص عليها في هذا القانون.

إجراءات الإعفاء
من العقوبة والتصالح 
وتمتد العقوبات إلى المادة (۱۱) حيث يُعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص المعنوي بالعقوبة ذاتها المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، إذا ثبت علمه بها، أو أسهم بتقصيره في الإدارة، في وقوع الجريمة. ويُعاقب الشخص المعنوي الخاص بالغرامة، إذا ارتكبت باسمه أو لصالحه أو من أحد العاملين لديه، إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وذلك مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي التابع له.
أما المادة (۱۲) فتوضح أنه يُعفى من العقوبة المنصوص عليها في المادة (۸) من هذا القانون، كل من بادر من الجناة إلى إبلاغ السلطات المختصة بأي معلومات عن الجريمة وعن الأشخاص المشتركين فيها، وذلك قبل علمها بها أو قبل البدء في تنفيذها
ويجوز للمحكمة أن تقضي بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات المختصة بالجريمة وبالأشخاص المشتركين فيها، وأدى إلى ضبط باقي الجناة أو وسائط أو متحصلات الجريمة. ولا يحول الإعفاء أو إيقاف تنفيذ العقوبة دون مصادرة متحصلات الجريمة أو وسائطها. 
وفي المادة (۱۳) يكون المتستر والمتستر عليه مسؤولين بالتضامن عن سداد الضرائب والرسوم وأي التزامات مالية أخرى ناتجة وفقاً للقانون، عن ممارسة النشاط المخالف.
وتوضح المادة (١٤) عمل اللجنة حيث يكون لرئيس وأعضاء اللجنة وموظفي الوزارة، الذين يصدر بتخويلهم صفة مأموري الضبط القضائي قرار من النائب العام بالاتفاق مع الوزير، ضبط وإثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
وفي المادة (١٥) يكون لمأموري الضبط القضائي، دخول مقار الشركات والمنشآت والمكاتب، ولهم على الأخص ما يلي:
الاطلاع على الدفاتر والمستندات وغيرها من الوثائق وأجهزة الحاسب أو أي وسيلة أخرى لتخزين المعلومات أو معالجتها، وفحصها في مقر الشركة أو غيرها من الأماكن.
- التحفظ على المستندات والدفاتر وغيرها، أو الحصول على نسخة منها، إذا توافرت قرائن أو دلائل على وجود جريمة تستر
وتوضح المادة (١٦) إجراءات التصالح حيث يحق للوزير، أو من يفوضه، التصالح في الجرائم المنصوص عـلـيـهـا فــي هذا القانون، قبل تحريك الدعوى، أو أثناء نظرها وقبل الفصل فيها بحكم نهائي، وذلك مقابل سداد نصف الحد الأقصى للغرامة. ويترتب على التصالح عدم تحريك الدعوى الجنائية أو انقضاؤها بحسب الأحوال.
وتبين المادة (۱۷) انه يحق للوزير، أو من يفوضه، الموافقة على توفيق أوضاع المشروع محل التستر، على نفقة المخالف، وفقا لأحكام القوانين ذات الصلة المعمول بها في الدولة.