تستضيف دولة قطر القمة السادسة لرؤساء الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز غد «الثلاثاء»، وهي المرة الثانية التي تعقد فيها القمة بالدوحة، حيث كانت المرة الأولى في نوفمبر عام 2011. وتم اختيار دولة قطر لاستضافة القمة السادسة أثناء الجلسات الختامية للاجتماع الوزاري الحادي والعشرين لمنتدى الدول المصدرة للغاز في العاصمة الروسية موسكو في أكتوبر 2019، مع تأكيد كافة الدول الأعضاء على أن قمة الدوحة تجسد بحق إيمانها العميق بالحوار لتعزيز جهودها الدؤوبة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة، وتوفر أيضا فرصة مواتية للتباحث على أعلى المستويات في آخر التطورات والتوجهات المتعلقة بصناعة الغاز العالمية.
تسبق القمة اجتماعات وزارية، وأخرى لفريق العمل المعني، في وقت تتجه فيه الأنظار نحو الدوحة التي تستضيف هذا الحدث الاقتصادي العالمي المهم، باعتبار الغاز الطبيعي أحد البدائل والمصادر المهمة في التحول نحو الطاقة النظيفة.
ويحظى الغاز الطبيعي، أحد أنواع الوقود الأحفوري، بحصة كبيرة من حيث الاستهلاك العالمي، ما جعل هذه الصناعة تواجه تحديات عالمية جمة، ليس على صعيد الطلب المتزايد على الطاقة، وإنما من حيث الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية في الدول المصدرة والمستوردة على السواء.
ولا شك أن دولة قطر باعتبارها أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، وبصفتها رئيسة القمة المرتقبة، ستضطلع بدور رائد ومؤثر من حيث تشجيع الحوار الإقليمي والدولي وتعزيز موقع الغاز الطبيعي باعتباره الوقود الأحفوري الأنظف ومصدر الطاقة المستقبلي، وصولاً إلى اقتصادات منخفضة الكربون.
لقد أصبحت منتديات الغاز من أهم الملتقيات التي تجمع صانعي القرار والخبراء المختصين لمناقشة القضايا المتعلقة بصناعة وتجارة الغاز الطبيعي، وبحث وسائل النهوض بها سعيا لتعزيز مكانة هذا المورد كمصدر للطاقة النظيفة في العالم، إلا أن التحديات المتصاعدة لهذا المصدر الحيوي، تحتاج الى حلول مبتكرة ومتنوعة قابلة للتطبيق بشكل اقتصادي يضمن مصلحة المستهلكين والمنتجين معا.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه دولة قطر من الدول الرائدة الكبرى المصدرة للغاز في العالم، فهي تعمل في نفس الوقت على التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، وخفض انبعاثات الكربون عبر اعتماد أعلى المعايير البيئية في صناعة الغاز، وهو ما أكد عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله» في الكلمة التي افتتح بها دور الانعقاد العادي الخمسين لمجلس الشورى بقوله «وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، فإن تغيير اسم قطر للبترول إلى قطر للطاقة يعكس مواكبة قطرية فعلية للتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة.
وكان سعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، قد أعلن في أكتوبر الماضي عن تغيير مسمّى شركة قطر للبترول إلى قطر للطاقة.
وقال سعادته: «في نقطة تحوّل رئيسية في تاريخنا، يسعدنا الإعلان أن قطر للبترول قد أصبحت اليوم قطر للطاقة. وبعلامة تجارية وهُوية مؤسسية جديدة، ستستمر قطر للطاقة بتوفير الطاقة الأنظف التي يحتاجها العالم، وبلعب دورها كشريك فاعل وأساسي للوصول إلى أفضل الحلول في التحول العالمي الجاري حاليًا إلى طاقة منخفضة الكربون».
وأضاف: «إننا نمضي قدمًا بكامل قوتنا لتطوير حقل الشمال من خلال بناء أحدث خطوط إنتاج الغاز الطبيعي المسال والتي ستدفع بمكانتنا الريادية إلى الأمام بطاقة إنتاج تبلغ 126 مليون طن سنويًا في عام 2027، ليس هذا فقط، بل إننا نبذل جهودًا لحماية بيئتنا من خلال دفع بصمتنا الكربونية إلى الحدّ الأدنى، وهذا هو السبب الذي يدفعنا لاستخدام أحدث الوسائل المتطورة في مجال عزل الكربون واحتجازه لعزل تسعة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون واحتجازه سنويًا بحلول نهاية هذا العقد».
ويعكس التحول الى قطر للطاقة فهما للتغيرات العالمية والاستجابة للحاجة فيما يعنى بحماية كوكب الأرض وبيئته، ويتناسب مع طبيعة العمل المستقبلي في هذا الجانب الحيوي والمهم، وفي النمو الاستراتيجي المستدام، لتصبح قطر للطاقة شريكة الجميع في الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.
كما أن توقيع عقد توسعة حقل الشمال في فبراير من العام الماضي أثناء التفشي الواسع لجائحة كورونا /كوفيد-19/ وتبعاته السلبية على اقتصادات العالم، يحمل أهمية خاصة، من حيث تأكيد الالتزام الراسخ لدولة قطر بتزويد العالم بالطاقة النظيفة التي يحتاجها، بغض النظر عن طبيعة الأزمات والتحديات.
ووسط هذه التوجهات والتطورات تأتي استضافة قطر للقمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، مما يضفي عليها بعدا جديدا يدعم ويعزز التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة، ويحث على مزيد من العمل والإنجاز على مختلف المستويات التي تؤمن هذا النوع من الطاقة دعما للاقتصاد الأخضر على المستوى العالمي.
ويرى سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة السابق في حديثه لوكالة الأنباء القطرية «قنا» أن دولة قطر هي المكان الطبيعي لعقد هذه القمة، كونها عاصمة الغاز الطبيعي في العالم، ولها باع طويل وخبرة واسعة ونجاحات كبيرة وعديدة في مجال صناعة الغاز الطبيعي المسال، وأنها لا تزال تتربع على عرش إنتاجه وتصديره، علاوة على أنها المقر الرئيس لمنتدى الدول المصدرة للغاز.