شكاوى من متاجر تتجاهل قيم وعادات المجتمع القطري
            
          
 
           
          
            
                 تحقيقات 
                 20  نوفمبر  2015 , 07:40ص  
            
            
           
          
            
              رانيا غانم
            
           
            
          
            اشتكت مواطنات من تجاهل متاجر عالمية معروفة للعادات والقيم الاجتماعية للبلد، وأكدن في حديث لـ «العرب» أن بعض المتاجر تبالغ في الاحتفال بالأعياد الغربية مثل «الهالوين والكريسماس وغيرها.. كما تعرض كؤوسا لمشروبات محرمة في ديننا وقد كتب عليها ذلك باللغة الإنجليزية «wine glass»، كما تقوم بعض المتاجر بعرض الملابس النسائية الداخلية بطريقة خادشة للحياء وغير مناسبة للذوق العام في بلد محافظ.
وبالرغم من أن الأسواق القطرية تفتح أبوابها للجميع وترحب بكل الجنسيات على أرضها مع اختلاف ثقافاتهم وديانتهم، كما تجتذب أسواقها الواعدة العلامات التجارية الكبرى والمتاجر من شتى أنحاء العالم التي تتسابق لافتتاح فروع لها في الدوحة، إلا أن بعض تلك المتاجر حملت معها التغريب وإدخال ثقافات وعادات ومنتجات لا تتناسب مع ثقافة أهل البلد ولا عاداته وتقاليده التي يحترمها ويقدرها، وكذا تعاليم دينه التي يقدسها، بداية من المبالغة في الاحتفاء بالأعياد والمناسبات الخاصة بالديانات الأخرى أو النابعة من ثقافات بعض الشعوب كالاحتفالات بالكريسماس والهالوين وعيد النيروز وغيرها.. فتجد أن الكثير من المتاجر خرجت من مجرد الأغراض التجارية البحتة لتفرض رموز تلك الأعياد نفسها على كل ما حولنا من متاجر وفنادق ومطاعم وحلويات وأكلات وإعلانات وغيرها الكثير، والتي أصبحت مغرية لدرجة أن البعض يقوم بشراء بعض منها لوضعها كديكور في المنزل بعدما اعتادتها العين وألفتها، وذلك بعد عرضها بإلحاح في واجهات المتاجر بشكل مكثف، حتى إن هذا لم يعد مستهجنا ممن كان يسوؤهم هذا المشهد من قبل.
لكن الأمر الأكثر استفزازا كان عرض كؤوس وأكواب احتساء «النبيذ» تحت هذا الاسم صراحة ودون أي مواربة، وهو الأمر الذي استفز من اطلعوا عليه في أحد المتاجر الكبرى التي عرضته، وقالت إحدى المواطنات التقت بها «العرب»، إنها غادرت هذا المتجر على الفور وقررت مقاطعته رغم أنه كان الأكثر تفضيلا لديها، وذلك لاستهانته بتقاليد ودين المجتمع الذي يتواجد فيه.
مقاطعة فورية
ودأبت بعض متاجر الأدوات المنزلية خاصة فروع المتاجر الكبيرة والعالمية في التفنن في عرض كؤوس احتساء المشروبات الكحولية وتوابعها من زجاجات وأوان للثلج وأدوات حمله وغيرها، وهناك متاجر تتعمد تخصيص جزء من مساحتها يكشف عن طبيعة استخدامه، وبالرغم من أن وضعها على الأرفف المعتادة وسط المعروضات لا يشي بأي شيء لأنها في النهاية كؤوس عادية يمكن وضع العصائر والمشروبات الأخرى بها، لكن الكارثة الكبرى حسب وصف أم سالم كانت في كتابة عبارة «كؤوس للنبيذ» بالإنجليزية (wine glass) على مجموعات مختلفة منها في متجر شهير، وكأنه أمر عادي، «كثيرا ما تطالعنا في المتاجر كؤوس نعرف أن عارضيها يقصدون من تنسيقها بهذا الشكل الإشارة إلى أنها تستخدم في شرب الخمور خاصة عندما يكون الطاقم مكتملا من زجاجات وأوان بشكلها المعروف وآنية قطع الثلج وغيرها، لكن هذا الأسبوع كنت متوجهة إلى أحد المتاجر العالمية الكبرى التي افتتحت لها منذ عدة سنوات فرعا في الدوحة، وعندما توجهت إلى القسم الذي يبيع الأدوات المنزلية صعقت عندما وجدت بعض الكؤوس والأكواب فوقها لافتة تحمل عبارة كؤوس للنبيذ باللغة الإنجليزية WINE ومن شدة غضبي تركت المتجر بكامله حتى الأغراض التي سبق واخترتها، فمن لا يحترم ديني وهويتي ويتصرف بهذا الشكل في بلد مسلم ومحافظ ويضرب عرض الحائط بمشاعر أهله ودينهم ومعتقداتهم فلا حاجة لي بمنتجاته، ولن أكون سببا في تحقيقه للمكاسب، علما بأنه المتجر المفضل لي منذ افتتاحه بالدوحة، لكن لا يهم».
تبشير غير مباشر
وتتابع قائلة: «للأسف هذا المتجر يتعامل وكأنه مخصص للأجانب فقط، فاذهبوا إليه هذه الأيام وستدهشون من مدى احتفائه بما يسمى أعياد الكريسماس، ومنذ شهر مضى كان  مشغولا بالهالوين.. المحل بكامله ينقلب لخدمة هذه المناسبة التي لا تمت لنا أهل هذا البلد من قريب ولا بعيد، هي فقط تخص فئات معينة من المقيمين الأجانب، ورغم ذلك فالمبالغة في هذه الاحتفالات شيء مستفز برأيي، وكأن المتجر بكامله مسخر لها، فمدخل المتجر الضخم كله أشجار أعياد ميلاد مزينة بطريقة تجذب عيون الكبار قبل الصغار، بل وتدفع البعض إلى الشراء منها، وكل شيء حولها وفي المتجر أصبح له علاقة بالمناسبة، من الديكورات والزينات والمفروشات وحتى الكؤوس والصواني والأطباق والعلب والمحارم والشموع والإضاءة، وعلب الهدايا المتناثرة هنا وهناك وأوراق تغليفها بأشكالها المعروفة ورموزها، كما يعلن المتجر عن خدماته بلف الهدايا التي تقدم في الكريسماس مجانا لزبائنه، وعندما تدخل إلى أقسام المتجر المختلفة، تجد أن هناك ربطاً بين كل ما فيها والكريسماس، ولا بد من وجود أو اختلاق أي علاقة بينها، المهم أن يكون الكريسماس حاضرا، أعلم أن المتجر فرع لمتجر عالمي وهو ملتزم بعرض منتجاته بشكل موحد في كل البلدان، لكن هذا لا يعطيهم الحق بتغير هويتنا والتعدي على مقدساتنا ومحرماتنا، فأنا أراها «تبشير» بطريقة غير مباشرة، فعندما يرى أبنائي كل هذه الزينات والإبهار وارتباط هذا باحتفالات ديانات أخرى، فلا بد وأنه سيؤثر عليهم بشكل أو بآخر، وكم سمعنا عن أبناء يطلبون من أهلهم تزيين بيوتهم بزينات وأشجار الكريسماس، وقبل أيام كانت المتاجر كلها تحتفي بالهالوين حتى الحلويات والكيك كانت على شكل ثمرة القرع، وأولادنا يشاهدون ويتمنون الاحتفال به، ويرون أن مناسبات الديانات الأخرى جميلة وممتعة، فهل هذا معقول؟! ولماذا نتركهم هكذا وماذا ستكون النتائج؟
على الملأ
عرض الملابس الداخلية واللانجيري في منتصف المتاجر أمر يثير استياء الكثيرين، خاصة عندما تكون المتاجر غير مخصصة للملابس النسائية فقط أو المستلزمات المتعلقة بالمرأة، لكن يحدث هذا في المتاجر العامة التي يكون غالبية العاملين بها من الرجال وأيضا الزبائن الرجال الذين يتجولون بكل أريحية، وتقول السيدة (بثينة. أ) إن بعض المتاجر خاصة صاحبة العلامات الكبرى لا تتوانى عن عرض الملابس الداخلية النسائية على التماثيل المخصصة لها (المانيكان) دون مراعاة للآداب العامة «تتعمد بعض المتاجر إبراز العارضات الخشبية في مداخلها أو أماكن بارزة وعليها ملابس داخلية نسائية بشكل مقزز يثير الاستياء، دون مراعاة أن هذا أمر غير لائق بالنسبة لنا أهل هذا البلد على الأقل، أو المسلمين به، فلا حياء ولا احترام للغير، وهذا يجعلنا في بعض الأحيان نخجل من دخول الأقسام التي تبيع الملابس النسائية حتى لو كنا متوجهين إلى هذه المتاجر تحديدا للشراء منها، لأن عرض البضائع الخاصة هذه يكون مستفزا للغاية، والأدهى عندما يكون هناك رجال سواء الباعة العاملون في المتجر أو زبائن متواجدون داخل هذه المنطقة أو بالقرب منها حتى، فالأمر يكون مخجلا للغاية».
وتابعت: «في إحدى المرات كنت متوجهة إلى أحد المتاجر الموجودة بمول شهير، لشراء بعض المستلزمات، وقبل أن أبدأ البحث عما أريد اصطدمت بهذه العارضات في وجهي وكنت سأتجاهلها وأكمل ما حضرت إلى المتجر من أجله، برغم أنها ضايقتني واستفزتني كثيرا لأنه منظر لا يليق أبداً أن يكون وسط المتاجر بهذه الطريقة الفجة، لكن ما جعلني أترك المكان على الفور هو قدوم اثنين من الشباب إلى القسم المخصص للملابس النسائية الداخلية، وأخذا يقلبان في المعروضات بطريقة مستفزة لدرجة أنها أثارت غضب صديقة لي كانت بصحبتي وقالت لي مستنكرة: إذا كان أحدهما جاء لشراء البعض منها لزوجته -ولا أتوقع حتى أن تكون لأمه أو أخته- فالموضوع مخجل، فما شأن الثاني حتى يقلب معه هكذا في القطع ويختار مع الأشكال والمقاسات، هل هذا شيء عادي أو طبيعي، الأمر برمته فيه شيء خاطئ، وما كان منا إلا أن تركنا المكان في الحال».
لائحة سلوك
وتطالب السيدة بفرض لائحة سلوك على المتاجر المختلفة لعدم تجاوزها في عرض ما يحلو لها بطريقة غير محترمة، غير ملتزمة بالآداب العامة أو بما يليق وما لا يليق في دولة عربية وإسلامية: «للأسف يأتي كل «براند» (علامة تجارية) إلى الدوحة سواء من الشرق أو الغرب حاملا معه ثقافته وأفكاره، ويريد أن يطبقها هنا كما هي، لأنه يريد أن يضاهي الموجود في بلده الأم، وبعض هذه الأشياء لا تتفق مع عادتنا وديننا وثقافتها المحافظة، وبالتالي فهي تؤذينا، وإن كانوا يستهدفون من هذا بعض الجاليات الأجنبية الموجودة، فما ذنبنا نحن لكي نصطدم بهذه التجاوزات؟».
أبعاد الأبناء
وتتفق معها في الرأي أم سامر التي قالت إنها تخجل من اصطحاب أولادها معها إلى المتاجر التي تعرض ملابس نسائية داخلية بشكل فاضح، وأشارت إلى أنها تضطر إلى إشغال أولادها بعيدا عنها حتى تتمكن من التوجه إلى المتجر سريعا وشراء ما تحتاج إليه إذا كانت مضطرة أو تمتنع تماما عن دخوله إذا كانوا بصحبتها: «أحد المتاجر الكبرى التي أفضل الشراء منه لتنوع بضائعه وتميزها أجدني في بعض المرات غير قادرة على دخوله، وذلك بسبب عرضه للملابس الداخلية النسائية على مساحة كبيرة في الطابق الأسفل منه، فضلا عن عرض أغلفة الملابس بصور نسائية فاضحة، لا يليق إبرازها في المتجر على هذا النحو، وأخجل أن يراها أبنائي، ورغم أن الجزء السفلي مخصص بالكامل للملابس والمستلزمات النسائية كلها من حقائب وأحذية وعطور ومستحضرات تجميل وغيرها، فإن به أيضاً جزءا يشبه البقالة أو الماركت الصغير ويرتاده الجميع، فضلا عن أن الصعود إلى الطابق الثاني حيث الملابس الرجالية يستلزم أن يكون الزبائن متواجدين بالقرب من قسم الملابس النسائية الداخلية المفتوح، ويمكنهم بسهولة الاطلاع على محتوياته وعلى حركة زبائنه خلال الصعود والهبوط على السلم الكهربائي، وبالتالي فالقسم الحريمي مكشوف للغاية، وكان الأفضل أن يتم تخصيص قسم خاص شبه مغلق إلا من مدخل واحد كما تفعل بعض المتاجر الكبرى الأخرى، فهنا يمكن للسيدات والفتيات الشراء بدون خجل، كما لا يكون عرض الملابس الداخلية على الاستاندات والعارضات صادما على هذا النحو الذي نشاهده». وطالبت السيدة هي الأخرى بضرورة فرض الرقابة على مثل هذه المتاجر وإلزامها باحترام الآداب العامة للمجتمع القطري.