مخاوف في غزة من تأخر إعادة الإعمار لسنوات طويلة
حول العالم
20 نوفمبر 2014 , 10:30ص
غزة - د ب أ
انتظر فلسطينيون تضررت منازلمجئيا خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة مدة 15 يوما لاستلام كميات شحيحة من الاسمنت منذ توريده خصيصا لإصلاح منازلهم.
وسمحت إسرائيل في 14 أكتوبر الماضي بتوريد 640 طن من الاسمنت إلى قطاع غزة كآلية تجريبية لخطة الأمم المتحدة الهادفة إلى تنظيم إعادة إعمار القطاع ومراقبة توريد وتوزيع مواد البناء.
وجرى الاحتفاظ بهذه الكمية أكثر من أسبوعين في مخازن تابعة للأمم المتحدة قبل أن يجرى توزيعها على أكثر من 70 عائلة من أصحاب المنازل المتضررة جرى التدقيق بشكل مكثف على هوياتهم وحالة منازلهم.
ويقول أحد أصحاب المنازل المتضررة ويدعى منير حلس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إنه حصل على كمية ثلاثة أطنان من الاسمنت رغم حاجته لأكثر من مئة طن لترميم ما أصاب منزله المكون من أربعة طوابق من أضرار. ويشير حلس الذي يقطن في حي الشجاعية شرقي غزة، إن ما تسلمه من الأمم المتحدة مجرد قليل من فيض يحتاجه لترميم منزله حتى يعود صالحا للسكن وتأهيله مما أصابه من قذائف إسرائيلية خلال الهجوم الإسرائيلي.
وعدا عن قلة كمية الاسمنت التي استلمها فإن حلس يبدي غضبه أكثر على "التعقيدات" التي رافقت تسجيلهم لشراء الاسمنت ومن ثم الحصول عليه بعد فترة انتظار طويلة.
وتتضاعف هذه الحالة من الغضب لدى أصحاب المنازل المدمرة كليا الذين يواجهون واقع النزوح دون أن أي أفق زمني محدد لإمكانية إعادة بناء منازلهم وهو ما سيتطلبه ذلك من انتظار وتعقيدات. ولم تحدد إسرائيل أي مواعيد رسمية لبدء توريد مواد البناء بشكل منتظم إلى غزة حتى الآن.
ودفع ذلك إلى عدم المباشرة حتى الآن بإعادة إعمار حقيقي في قطاع غزة رغم مرور أكثر من تسعة أسابيع على إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى قتالا استمر 50 يوما بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
وأدى الهجوم الإسرائيلي الأخير إلى هدم ألاف المنازل السكنية ودمار هائل في البني التحتية للقطاع الساحلي المكتظ بأكثر من مليون و750 ألف نسمة. وضاعفت الآلية التجريبية بشأن توزيع كميات الاسمنت القليلة على المتضررين جزئيا الانتقادات في قطاع غزة إزاء خطة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار لما ظهر فيها من تعقيدات وسقف زمني طويل.
ويقول وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الفلسطينية مفيد الحساينة لـ(د.ب.أ)، إن تأخير توزيع كميات الاسمنت في الآلية التجريبية جاء نظرا لما تفرضه خطة الأمم المتحدة من قيود وتنسيق بين الأطراف المعنية.
وذكر الحساينة أن أسماء المستفيدين ممن يحق لهم الحصول على كميات الاسمنت يجب تدقيقها من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي بدورها تحولها إلى هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية ثم إلى السلطات الإسرائيلية .
وأضاف أنه يتم التشاور مع السلطات الإسرائيلية بشأن قائمة أسماء المتضررين خلال فترة أربعة إلى خمسة أيام ليتم حسم قائمة الأسماء الموافق على تسليم كميات الاسمنت لهم وذلك تحت مراقبة وإشراف مراقبين دوليين.
ونص اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على السماح الفوري بإعادة إعمار قطاع غزة بما في ذلك دخول مواد البناء اللازمة لذلك. وأعلنت الأمم المتحدة منتصف ايلول / سبتمبر الماضي التوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في قطاع غزة.
وقالت الأمم المتحدة في حينه إن إسرائيل ستسمح بتوريد مواد البناء اللازمة للإعمار شرط توفر ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة دولية وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعمار غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.
ويقصد بذلك منع استخدام مواد البناء من قبل الفصائل الفلسطينية في غزة في إقامة أنفاق أرضية باتجاه إسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية إن خطة الأمم المتحدة لإعادة الإعمار تقضى بمراقبة شديدة على إدخال مواد البناء عبر مراقبين دوليين ومحليين سيشرفون على عملية الإعمار من بدايتها حتى نهايتها.
وإزاء ذلك يخشى مختصون ورجال إعمال في غزة من أن تحمل خطة الأمم المتحدة قيودا مشددا على عملية الإعمار لدواع أمنية غير مبررة وإطالة مدتها الزمنية.
وتتضاعف هذه المخاوف مع حلول فصل الشتاء وما يلقيه من مصاعب على المتضررة منازلهم والنازحين.
ويثير ذلك تهكما في غزة بأن عشرات آلاف الأُسر التي دمرت منازلها ومصالحها ستصلي من أجل أن يتأخر سقوط المطر، وأن يكون فصل الشتاء تكراراً لفصل الخريف حتى لا يزيد بؤسهم.
ويقول الخبير الاقتصادي في غزة عمر شعبان لـ(د.ب.أ)، إن الأمم المتحدة بخطتها لإعادة إعمار القطاع " تستبدل الحصار الإسرائيلي على غزة بحصار جديد بنكهة دولية".
ويشير شعبان إلى أن خطة الأمم المتحدة تفرض قيودا مشددة على توريد مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار ومن يحق له الاستفادة منه والمناطق التي سيجرى إعمارها والأهم إطالة المدة الزمنية اللازمة لذلك .
ويعتبر شعبان أن "جيش الموظفين الدوليين الذين يجوبون قطاع غزة بسياراتهم الفارهة وبمرتباتهم الخيالية بعد أن كانوا عاطلين عن العمل في بلدانهم وبعض مستشاريهم المحليين هم المستفيدون الوحيدون من هذا الحصار الأممي الجديد".
من جهته يطالب مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة أمجد الشوا، الأمم المتحدة بالتراجع عن مشاركتها في إلية إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة والعمل الجدي لرفع الحصار الإسرائيلي بشكل كامل أمام حركة الإفراد والسلع بما فيها مواد البناء.
ويرى الشوا في تصريحات لـ (د.ب.أ)، أن آلية الرقابة الأممية على إدخال مواد البناء " تكرس وتشرعن وتديم الحصار على غزة بما يشكل تجاوزا فاضحا للقانون الدولي الإنساني الذي يؤكد على أن الحصار يشكل عقاباً جماعياً على سكان القطاع".
ويعتبر أن آلية الأمم المتحدة " ستؤدي إلى إطالة امد الإعمار لفترة زمنية طويلة بما يجحف بحقوق العائلات المشردة والمتضررة ويهدد من الفرص الرامية لتوفير المسكن والمأوى الملائم لهم والذي يضمن لهم العيش الكريم ".
وحسب مؤسسات مختصة في غزة فإن القطاع يحتاج يومياً إلى توريد 20 ألف طن من مواد البناء بما يضمن انتهاء إعادة الإعمار خلال عامين، مع تأكيدات على الحاجة لرفع الحصار الإسرائيلي كليا حتى يتحقق ذلك.
وقدر مسؤولون فلسطينيون تكلفة إعادة إعمار غزة المادي بأربعة مليارات دولار لكن الجهات المانحة خصصت فقط حوالي 7ر2 مليار دولار لهذا الغرض والنصف الآخر من تعهداتها لميزانية السلطة الفلسطينية التي تعاني ضائقة مالية.