فنانان قطريان يشاركان في «فنّ الوِرَاقة المغربية»

alarab
المزيد 20 مارس 2025 , 01:23ص
الدوحة - العرب

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، صحب معرض (من السَفَّارين إلى السوق: فن الوِرَاقة المغربية) زائري مكتبة قطر الوطنية في رحلة استثنائية إلى التراث المغربي العريق حيث ‏تلتقي الحرفية الدقيقة بالمعرفة احتفاءً بتقاليد صناعة الكتاب المخطوط في المغرب الممتدة لقرون. يُقام المعرض ضمن فعاليات العام الثقافي «قطر – المغرب 2024» ويُسلّط الضوء على دور الفن في مد الجسور بين ‏الشعوب زمانًا ومكانًا‎.‎ وقد شارك عدد من الفنانين القطريين بأعمال فنية مستوحاة من الثقافة المغربية الغنيّة، مقدّمين رؤية ‏فنية تعكس عراقة هذا التراث. ومن بين هؤلاء الفنانان محمد العمادي ومُنى البدر ‏اللذان تحدثا عن لوحتيهما وكانت التراث المغربي الأصيل‎ ملهمًا لهما.
وقد بدأ محمد العمادي رحلته الإبداعية برؤية للتراث العلمي العريق في المغرب، وعندما تعمق في تفاصيل المخطوطات والكتب النادرة ‏المعروضة، شعر بأنه انتقل إلى عصر ازدهار الحضارة الإسلامية.
وقال العمادي عن تجربته: «‎تخيلتُ عالِمًا مغربيًا منهمكًا في تدوين معارفه على صفحات مخطوط عتيق ثم يجمعها في مجلد مُزخرف بجلد مُتقن ‏النقوش ليحفظ بذلك الحكمة للأجيال القادمة». تعتمد لوحة العمادي على الفن الرقمي، وابتكر تكوينات بصرية متعددة الطبقات، تمتزج فيها الألوان والزخارف بتناغم فريد ‏يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وأضاف: «‎أعمل في مجال الفن الرقمي، لكن ما يميّز أعمالي هو الطبقات المتداخلة التي تمنحها عمقًا بصريًا. أستخدم الإطارات والكتب المُحلّقة في الهواء ‏والخيوط، ما يخلق تجربة بصرية ديناميكية تتجاوز الزمن‎.»‎
«خيوط اللازورد» بين الحرفة والتراث
وتسعى مُنى البدر في لوحتها ‏إلى استكشاف الروابط بين الثقافات والتقاليد المختلفة عبر دمج رموزها الفنية بأسلوب ‏بصري متناغم. تمزج البدر في لوحتها، التي تحمل عنوان «الخيوط الزرقاء»، عناصر من النسيج المغربي والزخارف المعمارية ‏وفنون تجليد الكتب التقليدية في تحية بصرية تحتفي بالثراء الثقافي للمغرب. والأنماط المعقدة المتداخلة واللون الأزرق العميق يرمزان إلى مكانة المغرب الفريدة كنقطة التقاء إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط‎.‎ وترى منى البدر أن لوحتها تستكشف العلاقة بين فن التجليد التقليدي للكتب وصناعة النسيج، قائلةً: «كلتا الحرفتين تتطلبان خبرة واسعة بالخامات والملمس. فتجليد الكتب المغربي يعتمد على الحرير والجلد وورق الذهب، وهي ‏المواد ذاتها المستخدمة في الأزياء التقليدية المغربية‎.»‎ وأوضحت البدر أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هو سجل نابض يوثّق هوية المجتمعات وتاريخها. تقول: «‎الفن هو مرآة تعكس القيم الثقافية والتقاليد التي تتوارثها الأجيال، وهو وسيلة لضمان بقاء الجمال التراثي حيًا ومتجددًا‎». تشترك لوحتا محمد العمادي ومُنى البدر في كونهما رسالة تذكير قوية بالجمال الكامن في الوحدة الثقافية رغم تباعد الحدود الجغرافية، وكلتاهما تعبران عن قيمة واحدة ألا وهي الاحتفاء بالإرث الثقافي ‏المشترك، وترسيخ الوحدة بين الشعوب العربية.
يستمر معرض ‏»من السَفَّارين إلى السوق: فن الوِرَاقة المغربية» حتى أبريل 2025، إذ يقدّم نافذة خاصة يطل منها جمهور المكتبة ‏على التقاليد المغربية العريقة لتجليد وصناعة الكتب والمخطوطات، ويعرض مخطوطاتٍ نادرة، ورسومات بديعة للخط العربي ولوحات نابضة ‏بالحياة تجسد المواد والتقنيات التي شكّلت فن تجليد الكتب في المنطقة‎.‎