احتفالية حتى الصباح احتفالا بالفوز بالكأس.. ملحمة جماهيرية أرجنتينية على الأرض القطرية

alarab
آخرى 19 ديسمبر 2022 , 01:49ص
سمير البحيري

عاشت الجماهير الأرجنتينية ليلة صاخبة هنا في الدوحة، احتفالا بفوز منتخب بلادها بكأس العالم 2022، وهي الثالثة في تاريخ التانجو.. الأرجنتينيون أشعلوا الأجواء من ملعب لوسيل إلى الدوحة، فكانوا الأكثر حضورا في المدرجات، وبدا الملعب وكأنهم في استاد «مونومينتال انطونيو فيسبوتشيو ليبرتي» في بوينس آيرس موطن فريق بوكا جونيورز الأرجنتيني، أحد أنجح الفرق في الأرجنتين وحول العالم، لتعيش اللحظات الدراماتيكية مع فريقها، ولم تتخل عنه طوال الوقتين الأصلي والإضافي، لتكون الفرحة الغامرة في نهاية المشوار بحمل ميسي للكأس، بعدما قدم فريقه مباراة بطولية، استحقوا على إثرها الفوز المستحق.

موجات زرقاء
عقب المباراة مباشرة زحفت الجماهير الأرجنتينية في كل شوارع ومناطق الدوحة، في موجات زرقاء، تشبه موجات مياه البحر، وبدت الدوحة وسط كرنفال ولوحة فنية، رسمها راقصو التانجو، وراحوا يحتفلون، فلم يتركوا مكاناً في مناطق الجماهير، خاصة في سوق واقف ومشيرب ومنطقة الكورنيش، وكل مناطق الدوحة، إلا وحولوه لفرح، وصخب متواصل، فلم يتوقفوا عن الهتاف لميسي ورفاقه، وهم الشعب الذي يعيش حوالي 40 %، تحت خط الفقر، وتبقى كرة القدم بالنسبة لهم هي الحياة والملاذ، الذي يذهبون إليه لينسوا كل متاعبهم، فمع الفوز بكأس العالم، تذهب كله معه كل الأوجاع، وتبقى الفرحة متوهجة لا تنطفئ.
الجماهير سهرت حتى الصباح، تحتفل بفوز فريقها الذي شق غبار الحزن على مدار 36 عاماً بفرحة فوزهم بكأس العالم 1986، في المكسيك، والتي حملها الراحل مارادونا، ولهذا كانت الفرحة مضاعفة، خاصة أن لاعبي التانجو بدأوا البطولة بخسارة غير متوقعة أمام الأخضر السعودي، لكن هذا لم يثنِهم بأن يعودوا منافسين أقوياء لا يخشون أحدا وساروا بخطى ثابتة نحو الكأس، ليبتسم لهم القدر في آخر رمق البطولة، بعد مباراة بطولية من لاعبي الفريق ليكون الكأس من نصيبهم في النهاية.

ميسي ميسي
زحف الجماهير واحتفالاتهم في الدوحة، كان مهيباً، ويخطف الألباب، فرح محبو كرة القدم بإدخالها الدائم للسعادة على قلوب الشعوب، فتعالت الهتافات بقوة لميسي ورفاقه، لكن ميسي كان الأكثر حظا من غيره، وبعده دي ماريا، الذي صنع الفارق بمشاركته، في شوط المباراة الأول، ونصف الشوط الثاني.. فرحة الجماهير الأرجنتينية، كانت على قدر الفوز الذي جاء مستحقاً، بعد تقدم مرتين في المباراة، لتكون الكأس الأغلى في تاريخ بلادهم، تذكرنا جميعا بجهاد الثائر «جيفارا»، في حقبة الستينيات، الذي عاش حياته مدافعاً عن الشعوب المقهورة، ضد الاستبداد، وها هم أحفاده يسعدون هذه الشعوب بتتويجهم بكأس العالم، في الوقت الذي كانت روح مارادونا حاضرة في قلوب جماهير التانجو، فلم تنسَه مطلقاً منذ أن أتت إلى الدوحة، وحرصت على رفع صوره أمس إلى جانب صور ميسي، فهما أسطورتان، صعب أن يتكررا، وطافت الجماهير منطقة مشيرب وسوق واقف وهي حاملة لصور ميسي ومارادونا، باعثة برسالة لروح الأسطورة الراحل، وداعمة للأسطورة الذي حملهم جميعاً لتحقيق الحلم بعد غياب ما يزيد على 3 عقود من الزمن.
الجماهير المحتفلة أمس في كل مناطق الدوحة، أجمعت كلها على أن الكأس هي كأس ميسي، الذي بدا أكثر قوة وحيوية، وعناد لم ينتهِ سوى بفوز منتخب بلاده، فالجماهير عشقها الفتى الأرجنتيني.
أسعد لحظات ميسي عندما حمله رفاقه على الأعناق بحضور جماهيري رهيب في ملعب لوسيل، وهم يهتفون له، بحرارة في حب وود، واضح بين اللاعب وزملائه في الفريق، وكأنهم يعرفون أنها لحظة الفراق، وهي بالفعل كذلك، فميسي صاحب الــ 35 عاما، لن يلعب ثانية في كأس العالم، سيكون الأمر صعبا في مونديال 2026، حيث سيبلغ من العمر 39 عاما.
تحولت منطقة لوسيل وحول الملعب إلى تظاهرة، بدت وكأنها منطقة من قلب العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، وتلاحمت الأعلام الزرقاء والبيضاء، وصور ميسي ورفاقه ومارادونا مع بعضها البعض، وانضمت إليهم الجماهير العربية والأخرى من الجاليات فارحين بما حققه ميسي ورفاقه من إنجاز لا يتكرر بسهولة.

باتستوتا يشارك الجماهير
النجم الأرجنتيني السابق باتستوتا، كان حاضرا في الأستديو التحليلي، ودمعت عيناه عندما توج منتخب الأرجنتين بكأس البطولة، موجها كلامه لمن معه، بأنه أمر لا يصدق، لا أستطيع الكلام، وظل يبكي، ولم يكتفِ بذلك فبعد أن أفاق من صدمة الفرحة، هرول إلى ملعب لوسيل، ليشارك اللاعبين وجماهير بلاده الأفراح، وصرح «بأنه أمر لا يصدق ومن يريد أن يؤلف الروايات عليه أن يستلهمها من هذه المباراة الدراماتيكية الأسطورية»، فنحن عشنا الحلم ما بين الذهاب والإياب، ليذهب إلى بوينس أيرس نهاية المطاف، ليسعد 45 مليون أرجنتيني.
 ما يلفت الانتباه في احتفالات الجماهير، أن الفوز لم يقتصر على الأرجنتينيين فقط، بل امتدت الاحتفالات للجماهير العربية، خاصة والجاليات والزائرين، وتعالت هتافات الجماهير العربية، مشيده بميسي، وهم يهتفون «لميسي جينا جينا من كل مدينة»، وانضمت إليهم الجماهير الأرجنتينية، في تلاحم صعب أن تراه بين الشعوب، فكرة القدم هي من تذيب الفوارق، ولا تعرف حدودا، والأقرب للتوحيد بين الشعوب، وهي السمة التي تميز بها مونديال قطر، عن كل النسخ الــ 21 السابقة، ليبقى عالقاً بأذهان كل محب لكرة القدم.
الجماهير الأرجنتينية صنعت ملحمة قلما تراها أمام عينيك، إنهم عاشقون لمنتخب بلادهم، الذي أسعدهم كثيرا وكانت قمة السعادة بالتتويج بالنسخة الــ 22 من كأس العالم 2022، بقطر، كأفضل نسخة في التاريخ.