مرضى: نضطر إلى العمل قبل أن نتعافى لضمان الحصول على الراتب

alarab
تحقيقات 19 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - رشيد يلوح
وفرت قوانين العمل القطرية ضمانات عدة للعاملين بالدولة تخص الرعاية الصحية وتلقي العلاجات بكل أنواعها في مستشفيات الدولة، إلا أن بعض الحالات المرضية، خاصة العمليات الجراحية الكبرى، تمنع العامل من ممارسة عمله لمدد طويلة، وتضعه في وضع مادي حرج بعد الاقتطاع من راتبه أو توقفه. هذا الوضع الاستثنائي يحتم على الخبراء والمسؤولين والمُشغلين التفكير في حلول تأمينية وإنسانية تضمن لهذه الحالات رعاية تتناسب مع طول مدة علاجهم حتى يعودوا إلى أعمالهم. وجاء في المادة 82 من قانون العمل القطري أن العامل يتقاضى «أجره كاملا إذا لم يتجاوز مدة الإجازة المرضية أسبوعين، فإذا امتدت بعد ذلك، منح نصف أجره لمدة أربعة أسابيع أخرى، ويكون أي امتداد للإجازة بعد ذلك بدون أجر، وذلك إلى أن يستأنف العمل أو يستقيل أو تنتهي خدمته لأسباب صحية». يعلق المستشار القانوني الأستاذ أبو العزايم عبد الحميد دسوقي على هذا النص قائلا: «في هذه المادة أعطى المشرع للعامل فترة أسبوعين إجازة مرضية كاملة الأجر، وبعدها أربعة أسابيع أخرى إجازة مرضية بنصف أجر، ويتوقف بعد ذلك صرف الأجر إلى أن يعود العامل أو الموظف إلى عمله، مع العلم أن هناك تأمينا صحيا على العامل، يتلقى بموجبه العلاج في مستشفيات الدولة، ويمكن أن يكون هناك نوع من التأمين يحصل بالتراضي والاتفاق بين الموظف والكفيل». وفي السياق ذاته يؤكد محمود عمر، وهو موظف بالقطاع الخاص، أن قانون العمل القطري ضمن للعامل في الدولة الظروف الأساسية والمناسبة للعلاج من كل الأمراض، وأضاف: يستطيع أي عامل أن يتلقى العلاج في ظروف جيدة، وقانون العمل يضمن له راتبه كاملا للأسبوعين الأولين، ونصفه لمدة أربعة أسابيع موالية، وذلك بحسب الإجازات المرضية التي يصدرها الطبيب. وأوضح محمود أنه في الحالات المرضية الصعبة يكون العامل الذي لا تتحمل ظروفه الاقتطاع من راتبه، في حرج وضيق، وأشار إلى أن هذا يمكن تجاوزه إذا حصل هناك تعاون بين صاحب الشغل والمسؤولين لإيجاد مقترحات مناسبة، خاصة أن هذه الحالات المرضية قليلة جدا. عمليات جراحية بإجازات طويلة وللوقوف على حالات مرضية فرضت على أصحابها إجازات طويلة أبعدتهم عن العمل، التقت «العرب» مع بعض المرضى، منهم جمال عبدو، شاب من إريتريا يقيم في الدوحة منذ ثلاث سنوات، ويعمل سائق مركبة كبيرة. أجريت له عملية جراحية كبيرة في مكان حساس من جسده، بعد أن خضع خمس مرات لعمليات بالليزر في المكان ذاته. يحكي جمال عن حالته الصحية: بعد كل المحاولات التي بذلها الأطباء لتجنب إجراء عملية جراحية كبيرة، أخبروني في النهاية بضرورة إجرائها لتجاوز المشكل الصحي الذي أعاني منه منذ سنوات، وأضاف: بعد موافقتي على إجراء العملية، ودخولي في مرحلة التحاليل والاستعدادات داخل المستشفى، أعطاني الدكتور 15 يوما إجازة مرضية، وبعد إجراء العملية أعطاني 20 يوما إضافية. وقال جمال: المشكل هو أن الشركة التي أعمل بها أعطتني نصف راتب خلال 15 يوم الأولى، بعدها أوقفوا الراتب، وطلبوا مني العودة للعمل لكي يعود الراتب كما هو. وأضاف: أنا الآن لا أستطيع العمل، والطبيب منعني من ممارسة أي جهد، خاصة سياقة المركبة الكبيرة التي أعمل عليها في الشركة، ورغم ذلك طلبت من الشركة أن أعمل سائقا لمركبة صغيرة فهي أقل صعوبة. الحالة الثانية هي قريبة من حالة جمال، وهي للسائق عبد الرحمن عبيد، وهو سوري الجنسية، أجريت له بدوره عملية جراحية على مستوى مكان حساس بجسده، يقول عبيد: مثل هذه العمليات تحتاج إلى شهرين على الأقل حتى يستطيع المريض العودة إلى حالته الطبيعية، أما الذي يشتغل في مهنة السياقة فيحتاج إلى أكثر من شهرين، أنا أجد صعوبة في الجلوس، وبرأيي لا تكفي إجازة مرضية بأسبوعين أو حتى شهر. وأضاف: إذا كان المريض صاحب أسرة فسيكون وضعه صعبا جدا عندما ينقطع راتبه، هنا لا بد لمشغله سواء كان في القطاع الخاص أو العام أن يأخذ بعين الاعتبار وضعه الصحي ويساعده على تجاوز محنته. الأمر ذاته أكد عليه مريض آخر فضل عدم كشف اسمه، حيث أشار إلى أن مدة أسبوعين غير كافية لكي يستطيع الالتحاق بعمله، كما أن نصف الأجر الذي سيتقاضاه خلال الشهر الموالي لا يغطي حاجات أسرته، وأضاف هذا الموظف الذي أجريت له عملية جراحية كبيرة: الإجازات المرضية التي حصلت عليها تصل إلى حوالي شهرين، ومنعني الطبيب من ممارسة أي جهد أو من سياقة السيارة، لأن ذلك قد يسبب لي مضاعفات خطيرة. وعندما سألناه عن طبيعة العملية التي أجراها، أجاب: إنها عملية جراحية كبيرة في المستوى السفلي من جسدي، وهي مركبة من ثلاث عمليات، أنجزت كلها في وقت واحد، لذلك فأنا أحتاج إلى وقت كي أستعيد عافيتي، وأستطيع ممارسة عملي كالمعتاد. وأوضح هذا المريض أن متطلبات أسرته الصغيرة المقيمة معه هنا، لا تتحمل انقطاع مورد الرزق، لأن المصاريف والالتزامات المالية لا تتوقف، وفي هذا السياق يدعو المسؤولين إلى وضع حلول مناسبة توازن بين مصلحة صاحب العمل والعامل، لأن الحياة مليئة بالحوادث والمفاجآت، ولا أحد يضمن الآتي كيف سيكون، وقال: من مصلحة صاحب العمل أن يهتم بوضع وصحة العامل في مؤسسته، لأن ذلك من شروط وحوافز زيادة الإنتاج. وقال عبد الله العلي، وهو موظف بإحدى الشركات: إن العمليات الجراحية الكبيرة التي يجريها العامل أو الموظف، هي موضوع على قدر كبير من الأهمية، ويحتاج إلى بحث ودراسة من طرف الخبراء في قانون العمل، وذلك بهدف إعادة النظر بما يضمن مصلحة كلا الطرفين، صاحب العمل والعامل. وأوضح عبد الله الذي مر بتجربة سابقة، أنه أجرى عملية جراحية على مستوى القلب، لكن زملاءه في العمل وبعض المحسنين ساعدوه على تجاوز الصعوبات المادية، وأضاف: لا بد أن نستحضر هنا دور مستشفى حمد والخدمات الصحية الممتازة التي يقدمها للمقيمين والمواطنين على السواء، وبهذه المناسبة أتوجه إلى المسؤولين بالشكر الجزيل، لما يبذلونه هناك من جهود.