د. عبد الله الحمق المدير التنفيذي لـ «القطرية للسكري» يحذّر عبر «العرب»: ازدياد نسبة «السكري» بين فئة الشباب

alarab
حوارات 19 يناير 2021 , 12:15ص
حامد سليمان

زيادة الوزن ونمط الحياة غير النشطة بين اليافعين وراء زيادة إصابتهم بـ «النوع الثاني» للداء

2500 مريض من غير القادرين حصلوا على أجهزة فحص السكري في 2020

سمنة الطفولة من أخطر المشاكل الصحية على أبنائنا.. وتشكّل بوابة للعديد من الأمراض في سن مبكرة

مضخة الأنسولين الطريقة الأكثر تطوراً وتمثل حلاً بديلاً للحقن اليومية المتعددة

حذر الدكتور عبد الله الحمق -المدير التنفيذي للجمعية القطرية للسكري، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع- من انتشار السمنة بين الأطفال، مشيراً إلى أن سمنة الطفولة من أخطر المشاكل الصحية على الصغار، وتمثل بوابة للعديد من الأمراض في سن مبكرة.
ونوه بأن سمنة الأطفال تمثل تحدياً يجب تجاوزه لتعزيز صحة المجتمع في ظل انتشار الأطعمة السريعة وأسلوب الحياة الخالي من النشاط البدني، داعياً إلى إعادة النظر في منظومة الأنشطة داخل المدارس من خلال زيادة الجرعة الرياضية أو تعديل برامجه.
وكشف د. الحمق -في حوار مع «العرب»- عن توفير أجهزة قياس السكري ومستلزماتها لـ 2500 مريض من غير القادرين خلال عام 2020، مشيراً إلى أن الجمعية نفذت العديد من الورش التثقيفية لعدد من أماكن العمل والمدارس خلال 2020. وإلى نص الحوار:

 في البداية، ماذا عن آخر نشاطات وجهود الجمعية القطرية للسكري؟
نفذت الجمعية خلال العام 2020 عدداً كبيراً من الجلسات التثقيفية عبر طرق التواصل المرئي، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الورش التثقيفية لعدد من أماكن العمل والمدارس، كما كثفت الجمعية خدماتها الاستشارية المقدمة للمرضى عن بُعد، للتجاوب مع استفسارات من يعانون من السكري ولديهم مشاكل في التحكم بالمرض، وذلك في إطار إجراءاتها لحمايتهم من وباء كورونا «كوفيد - 19». وفي الشأن نفسه، فقد تم تفعيل خدمة الخط الساخن المخصص للرد على استفسارات المرضى وخدمة الاستشارات عن بعد، من خلاله تقديم العديد من الخدمات عن بعد، مثل التدريب على استخدام جميع أجهزة الفحص، وتثقيف الحوامل المشخصات بالسكري ومتابعتهن، والتدريب على استخدام مضخة الأنسولين خاصة للمصابين بالنوع الأول من السكري.

 كم عدد المشاركين في مخيم البواسل بنسخته المنتهية مؤخراً، وهل ترون أن تنظيم النسخة إلكترونياً حقق الأهداف المنشودة؟
نظراً للظروف الصحية الحالية، نفذت الجمعية فعاليات مخيم البواسل للعام 2020 عبر قنوات التواصل المرئي وذلك لمدة أربعة أيام، حيث ضم المخيم عدد 48 طفلاً من الجنسين، وبالرغم من صعوبة تنفيذ بعض أنشطة المخيم إلكترونياً، إلا أنه وفي الوقت نفسه كانت هناك إضافات إيجايبة من ضمنها مقدرتنا على التنوع في الفئات العمرية، حيث تم توزيع الأطفال إلى أربع فئات: الفئة الأولى لحديثي الإصابة بالسكري من عمر عامين إلى أربعة أعوام حيث كان التثقيف لأمهات الأطفال، والفئة العمرية الثانية ضمت الأطفال من عمر السابعة وحتى التاسعة، والفئة العمرية الثالثة ضمت الأطفال من عمر العاشرة وحتى الحادية عشرة، وضمت الفئة الأخيرة البنات فقط من عمر الثانية عشرة وحتى الرابعة عشرة.


 
انتشار السمنة
 على الرغم من جهود الدولة للتشجيع على ممارسة الرياضة إلا أن السمنة ما زالت منتشرة في المجتمع، ما الأسباب من وجهة نظركم؟
تمثل الرياضة إحدى الركائز الرئيسية لرؤية قطر الوطنية 2030، وهي رؤية متميزة ومتفردة بما تمثله وما تعكسه من اهتمام القيادة الرشيدة ببناء المواطن القطري والعناية بصحته، والمحافظة على نمط الحياة الصحي يعتبر من أولى أولويات الإنسان، فالصحة السليمة هي رأس المال الحقيقي للإنسان، وبدونها سيعاني الإنسان لا محالة من صعوبات حياتية عديدة، ولعلَّ أهمَّ ما يجب على الإنسان الاعتناء به من أجل المحافظة على سلامة صحته أن يتبع نظاماً غذائياً صحياً، وممارسة التمرينات الرياضية المختلفة، ونؤكد أنه ليس من السهولة تصحيح مفاهيم المجتمع بأهمية تغيير العادات الصحية الخاطئة، وهنا نجد أنه من الضرورة بمكان تضافر الجهود بين كل مؤسسات الدولة لتعزيز نشر الوعي بأهمية ممارسة الرياضة على مستوى المجتمع، وتوفير البيئة المشجعة للتغذية الصحية والنشاط الرياضي لبناء مجتمع ينعم أفراده بنمط حياة صحي، ولله الحمد فقد قامت دولتنا الحبيبة  بتوفير العديد من الأماكن التي يمارس فيها أفراد المجتمع هواياتهم من الرياضات المفضلة لديهم، فالحدائق وأماكن ممارسة الرياضة موجودة في كل مكان، حيث تم تخصيص العديد من الأماكن والمنشآت لممارسة النشاط البدني على حسب رغبة كل شخص، إذن يجب أن نساعد في نشر الوعي لدى كل أفراد المجتمع حتى يكون النشاط الرياضي من الممارسات اليومية.

 يعد انتشار السمنة بين الأطفال من أبرز المشكلات المؤدية لانتشار السكري بين الصغار، ما الأسباب من وجهة نظركم، وهل من حلول تعملون عليها بجانب مؤسسات الدولة؟
إن السمنة ليس لها سبب واحد بل هنالك أسباب متعددة لها، فهي عبارة عن محصلة لنظام غذائي غير متوازن، ونمط حياة لا يعتمد على الحركة، بالإضافة للوراثة، وتعد سمنة الأطفال تحدياً يجب تجاوزه لتعزيز صحة المجتمع، في ظل انتشار الأطعمة السريعة والمصنّعة، وأسلوب الحياة الخالي من النشاط البدني والحركة بحكم التطور التكنولوجي وإفراط الأطفال في قضاء أوقاتهم على الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية، مما يفرض مسؤولية أكبر على الأسر للتصدي لهذه المشكلة، ووضع ضوابط على استهلاك المواد الغذائية كالحلويات والعصائر السكرية الغنية بالسعرات الحرارية والتي عادة يستهلكها الأطفال ما بين الوجبات الرئيسية، كما تعتبر سمنة الطفولة من أخطر المشاكل الصحية للأطفال، إذ تفتح الأبواب للعديد من الأمراض في سن مبكرة ومن ضمنها مرض السكري، وهنا ننصح بضرورة تعزيز النشاط البدني لمختلف الفئات العمرية والتركيز على الأطفال وذلك لوقايتهم منذ البداية من الكثير من الأمراض.
ومن وجهة نظرنا كجهة توعوية، لا بد من إعادة النظر في منظومة الأنشطة المدرسية داخل المدارس من خلال زيادة الجرعة الرياضية أو تعديل برامجها لتواكب الظروف الخاصة لمن يعانون من زيادة في الوزن، كما نقترح أيضاً إدراج مادة التربية البدنية ضمن منهج المواد الدراسية، وتشجيع الطلاب البدناء على خفض أوزانهم وفقاً لتقارير متابعة تصدرها المدرسة بصورة دورية. 

خطط مواجهة الداء
 هل من خطط للتوسع في نشاطات الجمعية القطرية للسكري مع الانتشار الواسع للداء في المجتمع؟
إننا في الجمعية القطرية للسكري -إحدى مراكز مؤسسة قطر- نسعى دائماً لمساعدة الأشخاص المصابين بالسكري والمعرضين لخطر الإصابة به، من خلال توفير الرعاية الحديثة للمرضى والتثقيف، والخدمات ذات الصلة بالسكري، مع أمل تحسين نوعية الحياة عموماً وبالنسبة للمصابين بالمرض، لذا فإن الجمعية تُعد سنوياً جدول برامجها التوعوية السنوي بحيث تشمل كل شرائح المجتمع، من خلال تسليط الضوء على ثلاثة جوانب: المرضى الذين يعانون من مرض السكري وكيفية دعمهم ورعايتهم، والأعضاء الآخرون في المجتمع وكيفية وقايتهم من المرض، والفريق الطبي الذي تتمثل مهمته في توفير الرعاية والتثقيف للمرضى.

 هل توفير الأجهزة الحديثة كمضخة الأنسولين تُبشر بتحسين حياة آلاف المصابين بالسكري؟
طرأت تغيرات كبيرة على طرق استخدام الأنسولين في علاج داء السكري، مثل ابتكار مضخة الأنسولين التي تعد الطريقة الأكثر تطوراً وتمثل حلاً بديلاً للحقن اليومية المتعددة والضرورية للعلاج، وتعد معالجة مرض السكري عن طريق (مضخة الأنسولين) التي توفر الأنسولين على مدار الساعة، مثل البنكرياس السليم المسؤول عن إنتاج هذا الهرمون. وإذا تحدثنا عن فوائد ومميزات المضخة، فإن المضخة تستعمل الأنسولين السريع التأثير، الذي يمتصه الجسم بشكل أكيد، فيسهل بذلك عملية الضبط السليم لمستوى الغلوكوز، حيث إنها تحتوي على تقنيات حديثة سهلة البرمجة، تتيح لمستخدميها برمجة جداول جرعات أساسية مختلفة طوال النهار، تتلاءم مع وجبات الطعام، ومواعيد التمارين الرياضية، وأساليب وحاجات الحياة الأخرى.

 هل ينتشر السكري بين المواطنين أكثر من المقيمين، وما الأسباب من وجهة نظركم؟
في الوقت الحالي لا توجد دراسة مقارنة لمدى انتشار السكري بين القطريين وغير القطريين. وحسب بيانات المسح التدريجي للعام 2012، فقد بلغت نسبة الإصابة بمرض بالسكري عند القطريين البالغين 16.7 % (في الأعمار ما بين 18-64).

 ما أبرز جهود «القطرية للسكري» في المدارس، وكيف تسهم هذه الجهود في الحد من إصابات السكري بين الأطفال؟
حسب بيانات المسح التدريجي للعام 2012، أظهرت الدراسة أن 70 % من السكان يعانون من زيادة الوزن و41 % منهم يعانون من السمنة، ومع الأخذ في الاعتبار الأرقام أعلاه، كان لا بد من تقييم مخاطر الإصابة بالسكري بين السكان من المراهقين في قطر. ولتحديد مخاطر زيادة نسبة الإصابة بمرض السكري بين طلاب المرحلة الثانوية، فقد بدأت الجمعية القطرية للسكري بالتعاون مع كلية طب وايل كورنيل في تنفيذ دراسة لقياس مخاطر مرض السكري على عدد من طلاب المدارس الثانوية، وقد تم تحديد الطلاب ما إذا كانوا يعانون من السمنة المفرطة أو زيادة الوزن مع تاريخ عائلي للإصابة، وقد أثارت نتائج الدراسة المشتركة العديد من التساؤلات حول ارتفاع نسبة السمنة وآلية التوعية المطلوبة للحد من الآثار السلبية للسمنة على صحة الطلاب، وتواصل الجمعية حملاتها التثقيفية التي خصصت للتواصل مع الطلاب المصابين بالسكري، لضمان سلامتهم خلال فترة تواجدهم في المدرسة، بالإضافة إلى العمل على ضمان مشاركتهم في برامج وأنشطة المدرسة مع الحفاظ على سلامته، وقد أيضاً تثقيف أولياء الأمور حول كيفية مساعدة الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول وممن يستخدمون مضخة الأنسولين ويتم الرد على جميع استفساراتهم، بالإضافة إلى تزويدهم بنصائح حول الخطة الغذائية الأمثل لهم.

اكتشاف الإصابات
 هل من جهود لاكتشاف الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسكري؟
تسعى الجمعية القطرية للسكري جاهدة إلى مساعدة المصابين بالسكري والمعرضين للإصابة به من خلال توفير الرعاية والتثقيف الصحي والخدمات ذات الصلة، وذلك بهدف تحسين نوعية حياتهم، لذا تنظم الجمعية العديد من البرامج التوعوية للمصابين بالسكري ومن هم عرضة للإصابة، بهدف الكشف المبكر عن إمكانية تعرضهم للإصابة بالمرض ووقايتهم، مع ازدياد نسبة التشخيص بالسكري من النوع الثاني بين فئة الشباب اليافعين، نظراً لزيادة الوزن والسمنة، ونمط الحياة غير النشطة وعادات الأكل غير الصحية لديهم، وتنفذ الجمعية سنوياً مخيم الوقاية من السكري للجنسين، وذلك لتثقيف المعرضين بدرجة عالية لمرض السكري حول كيفية الوقاية من المرض، من خلال تغييرات في إيجابية في نمط حياتهم للحد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.

 ما أبرز الفئات المستحقة لأجهزة قياس السكري المجانية، وكم عدد الأجهزة التي تم توزيعها خلال عام 2020؟
تسعى الجمعية للوصول إلى المزيد من مرضى السكري من النوعين الأول والثاني غير القادرين على الشراء، وذلك لتقديم الدعم والرعاية اللازمة لهم، وقد بلغ عدد مرضى السكري الذين حصلوا على أجهزة فحص السكري ومستلزماتها أكثر من 2500 مريض في عام 2020.

رسالة لأفراد المجتمع: لا تنسوا الوزن الصحي
وجه الدكتور عبد الله الحمق رسالة لأفراد المجتمع بشأن التدابير البسيطة المتعلقة بنمط المعيشة في الوقاية من السكري من النوع الثاني أو تأخير ظهوره، وشدد على أهمية العمل على بلوغ الوزن الصحي والحفاظ عليه، وممارسة النشاط البدني ما لا يقلّ عن 30 دقيقة يومياً، واتباع نظام غذائي صحي مع الحد من المواد السكرية والدهون المشبّعة، وقال: «فلنساهم معاً في جعل حياتنا أفضل».
وأكد د. الحمق أن الجمعية القطرية للسكري تعمل على تطوير الشراكات المجتمعية، وتعزيز قيم التكافل الإنساني، وزيادة الوعي لدى المجتمع بضرورة تقديم يد العون والمساعدة لمختلف الفئات، لا سيما مرضى السكري المحتاجين، من أجل مساعدتهم للتعايش مع المرض، وممارسة الحياة بشكل طبيعي دون أي مضاعفات، لافتاً إلى أن الجمعية تربط علاقات شراكة متميزة بالعديد من الجهات الخيرية بالدولة، مثل مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية، والإدارة العامة للأوقاف، وصندوق الزكاة، وقطر الخيرية، «الذين يمدون لنا دائماً أياديهم البيضاء لدعم المرضى غير القادرين على الشراء».