استشراف جلالة السلطان للمستقبل انعكس إيجاباً على تكامل المؤسسات
جلالته اهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي لخدمة المصلحة الوطنية العليا
السلطنة أيقنت أن إقامة السلام وصيانته في العالم أمر ضروري لخير الشعوب
تطبيق منظومة «إجادة» في 57 مؤسسة حكومية يهدف لنقلة نوعية في الأداء
التحوُّل الحكومي أحد البرامج التنفيذية للاقتصاد الرقمي لتحقيق رؤية «عُمان 2040»
قال سعادة السيد نجيب بن يحيى البلوشي، سفير سلطنة عمان الشقيقة «إن قطر بذلت جهودا كبيرة على مدار السنوات الماضية، وإن هناك عملا دؤوبا على مدار الساعة جعل البنية التحتية جاهزة تماما، لانطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022 بعد غد الأحد، متوقعاً أن تكون هذه الجهود عاملا حاسما في نجاح البطولة.
وأكد سعادته في تصريحات صحفية بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني الثاني والخمسين للسلطنة الذي يوافق الثامن عشر من نوفمبر سنوياً، وجود اهتمام وحماس كبيرين داخل بلاده بالبطولة التي تقام في دولة شقيقة.
وأوضح سعادته أن الجميع مساند ومؤازر ويدا بيد مع إخوانا وأشقائنا القطريين من أجل نجاح البطولة الذي نعتبره نجاحا لنا ولدول المنطقة بأسرها»، وأشار إلى وجود مشاركة عمانية كبيرة ممثلة في عدد من المتطوعين في تنظيم البطولة.
وأكد سعادته أهمية بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022 في نقل الصورة الحقيقية لشعوب المنطقة التي تتسم بحسن الاستقبال وكرم الضيافة القطرية والعربية، لافتا إلى دورها الكبير في التقريب بين الشعوب والثقافات، معتبراً إياها فرصة مناسبة للغاية لتغيير الأفكار النمطية عن المنطقة مع ضرورة احترام القواعد والقوانين في قطر مثل أي دولة أخرى.
وقال سعادته «تحتفل سلطنة عُمان باليوم الوطني الثاني والخمسين المجيد وبما تحقق من بذلٍ وعطاءٍ في نهضتها المتجدّدة وعهدها السعيد بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الذي أكد على سعيه الدؤوب لتعزيز مكانة الدولة العصرية والحضارية والاقتصادية وأن يكون الإنسان العُماني شريكًا حقيقيًّا في التنمية الشاملة.
وأضاف: إن استشراف جلالة السلطان لمستقبل البلاد انعكس إيجابا على تكامل وتناغم عمل المؤسسات والوحدات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وهو ما ظهرت نتائجه جليًّا من منجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.
وأوضح سعادة السفير العماني أن جلالة السّلطان اهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في 16 من يونيو الماضي وهو الثاني منذ تولّي جلالته مقاليد الحكم ليؤكد حرصه السّامي على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040، بالإضافة إلى إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة جلالته تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز رؤية عُمان 2040 وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.
منظومة متكاملة
وتطرق سعادة السفير العماني إلى قيام السلطنة في يناير الماضي بتطبيق منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية «إجادة» في 57 مؤسسة حكومية، وتشمل قرابة 175 ألف موظف حكومي بهدف إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي من خلال تعزيز كفاءة رأس المال البشري، وتجويد مستوى تقديم الخدمات الحكومية.
وأوضح سعادته أن برنامج التحوُّل الرقمي الحكومي أحد البرامج التنفيذية للاقتصاد الرقمي وأحد الممكنات الرئيسية الداعمة لتحقيق أولويات رؤية «عُمان 2040» من خلال إسهاماتها في إيجاد جهاز حكومي مرن ومبتكر يقوم على مبادئ الحوكمة ويقدِّم أداءً وخدمات حكومية ذكية بجودة عالية، لافتاً إلى أن مؤشرات قياس أداء البرنامج تشمل رفع أتمتة الخدمات الحكومية من 34 بالمائة في 2020 إلى 80 بالمائة في 2050، حيث يبلغ حجم الاستثمار المتوقع لتنفيذ البرنامج حوالي 170 مليون ريال عُماني لتحسين الإجراءات وإعادة هندسة الخدمات الحكومية وتحسين البنية الأساسية الرقمية وتمكين الكفاءات الوطنية في مجال التحوُّل الرقمي.
اهتمام بالبيئة والشباب
وقال سعادة السفير: «أولت السلطنة اهتمامًا بالغًا بحماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة، كما يمثل اعتماد حضرة صاحب الجلالة السلطان عام 2050م موعدًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وإعداد خطة وطنية له، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة بناء على مخرجات مختبر إدارة الكربون، خطوة مهمة في تقليل آثار التغير المناخي من خلال الإجراءات المتبعة للحد منها وتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغيّر المناخ، وبناء اقتصاد المعرفة، والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد مزيج متنوع من مصادر الطاقة.
وقال سعادته «حرص جلالة السلطان على متابعته السامية للجهود المبذولة من قبل الحكومة للاهتمام بالشباب والتركيز على إبراز إسهاماتهم، كما أنّ صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب أكد بمناسبة يوم الشباب العُماني على «أن الشباب من أهمِّ مرتكزات رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والرّخاء لجيل أبنائها اليوم وأجيال الغد».
وتطرق السفير البلوشي إلى تأكيد جلالة السلطان على الدور المحوري لقطاعي التعليم والتدريب المهني في رفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية الماهرة، وتوجيه جلالته بإعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير هذا القطاع بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني ضمن مخرجات التعليم العام ومواءمة مخرجات التعليم العام (المسار التقني) مع برامج التعليم والتدريب المهني.
وقال سعادته «تعمل منظومة الابتكار في سلطنة عُمان وبتكامل عددٍ من الجهات أبرزها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والبنك المركزي على تحويل المعرفة المكتسبة إلى تطبيقات مبتكرة تستطيع أن تتحول إلى مشروع تجاري وتُسجَّل ملكيّةً فكريّةً وتحصل على تمويل جزئي يمكّنها من خوض مغامرة ريادة الأعمال، لافتا إلى حصول بلاده بفضل هذه الجهود على المرتبة العاشرة عالميًّا في ركيزة التعليم ضمن نتائج مؤشر الابتكار العالمي 2022 متقدمة بـ 34 مرتبة عن العام السابق، وحصلت على المرتبة الـ 19 في مؤشر سياسات ممارسة الأعمال.
وأوضح سعادة السفير العماني أن بلاده تتبع خطّة أرساها جلالة السلطان هيثم بن طارق بكل عزم لتنفيذ تدابير وإجراءات نظرًا لما شهده العالم من آثار اقتصادية جراء جائحة كورونا وعددٍ من الأزمات العالمية، وكان على رأس هذه التدابير خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) التي أظهرت نجاعتها من خلال ما حققته من نتائج تدعمها الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) وفقًا لمرتكزات رؤية عُمان 2040. منوهاً بما عبّر به جلالته من ارتياح تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي للدولة وقدرة السلطنة على الالتزام والوفاء بتعهداتها المالية.
تحسن التصنيف
وأكد سعادة السفير العماني أن نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تراجعت حتى 46.5 بالمائة مما مكّن الحكومة من خفض مخاطر الدَّيْن العام وخفض كُلفة فوائد الدَّيْن العام الواجب سدادها مستقبلًا بنحو 127 مليون ريال عُماني بجانب تحسين التصنيف الائتماني وغيرها من المنافع لتعزيز النمو الاقتصادي، لافتا إلى أن ارتفاع القيمة المُضافة في الأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، أسهم في نمو قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 30.4 بالمائة لتبلغ 20.4 مليار ريال عُماني، مقارنة بنحو 15.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع المماثل 2021م.
دعم الخطة الخمسية
وأوضح سعادته أن التوجيهات السامية بإضافة ما يزيد على 650 مليون ريال عُماني في تنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة 2021م -2025م وزيادة السيولة المالية لمخصصات الموازنة الإنمائية لهذا العام بمبلغ 200 مليون ريال عُماني، سوف تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي واستكمال البُنى الأساسية ودعم أنشطة القطاع الخاص وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين، لافتاً إلى رفع وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان وتعديل وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للسلطنة من مستقرة إلى إيجابية مع تثبيت معدل التصنيف عند Ba3 يؤكد على التزام الحكومة بتنفيذ الإجراءات في إطار الخطة المالية متوسطة المدى لضبط الأوضاع المالية والاستفادة من زيادة ارتفاع أسعار النفط، وهذا يعزّز ثقة المستثمرين في استقرار المناخ الاستثماري وقدرة سلطنة عُمان على الوفاء بالتزاماتها ومتانة قطاعها المصرفي.
احترام السيادة
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، قال سعادة السفير العماني، إن بلاده واصلت تبنّيها أُسسَ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون الإيجابي والمصالح المتبادلة وإرساء قيم العدل والحوار والإنسانية ودعم السِّلم والأمن الدوليين مما أهّلها أن تكون شريكًا محليًّا ودوليًّا موثوقًا به.
وأوضح أن وجود السلطنة في دوائر حلّ بعض الأزمات الإقليمية وحضورها في مناسبات أممية عدة متصلة بهذا الشأن ثمرة لهذه الأُسس، منوهاً بتأكيد السلطنة أمام أمام الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن نهجها السياسي الراسخ يقوم على رؤية عميقة وثابتة وتجربة ثرية مستخلصة من الموروث الحضاري والتاريخ الإنساني، وأن ثوابت سياستها الخارجية تتمثل في الوقوف مع الحق والعدل وتعزيز التعاون الإيجابي وتوثيق روابط التعارف والصداقة والإسهام في توطيد دعائم الأمن والسلم الدوليين.
وأكد سعادة سفير سلطنة عُمان أن بلاده أيقنت أن إقامة السلام وصيانته في العالم أمر ضروري لخير الشعوب، وأنه لا يُمكن الحفاظ عليه إلا إذا كان قائمًا على قواعد راسخة من العدالة وأسسٍ ثابتة من التعاون والوفاق بين جميع الأمم» وبهدف المُضي مع مختلف دول العالم برؤية إيجابية لمستقبل واعد للبشرية، لافتا إلي تميز نظرةُ جلالة السلطان بعينٍ بصيرةٍ، إذ تقوم على استمرار حرص السلطنة على التعاون الإيجابي مع الجميع وفي شتى المجالات النافعة وبما ينمّي المصالح المتبادلة، وقد ظهرت نتائجها من خلال زيارة جلالتِه عددًا من الدول مثل مملكة البحرين ودولة قطر والمملكة المتحدة وألمانيا الاتحادية، وقيام عددٍ من قادة الدول بزياراتٍ إلى سلطنة عُمان.
وأكد سعادة السفير أن بلاده آثرت في سياستها الخارجية مبدأ الإنسانية، وأنها قامت بدور فاعل في عدد من القضايا المعاصرة إقليميًّا ودوليًّا أبرزها الهُدنة في اليمن وتمهيد العودة الآمنة لعدد من المحتجزين إلى بلدانهم.
وقال في هذا السياق «دأبت السلطنة على تجديد دعوة المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد والعمل على إعلاء سُبل الحوار الجاد والفعّال لوقف انتهاكات حقوق الإنسان مهما كانت دوافعها ومسبباتها وعلى ضرورة تحقيق الاستقرار والرخاء لكلّ الأمم والشعوب وفق مبدأ العدالة والمساواة.
وجدد سعادة السفير العماني أن بلاده ترى أن إرساء سلامٍ عادلٍ وشاملٍ في منطقة الشرق الأوسط بات يتطلب إقامة دولة فلسطينية على كل أراضيها المحتلة منذ عام 1967م، مشددا على رفض بلاده كل أشكال الانتهاكات الممنهجة والهيمنة التوسعية والاعتقالات التعسفية للفلسطينيين كافة.