أكد سعادة السفير نجيب بن يحيى البلوشي سفير سلطنة عمان لدى الدوحة، أن العلاقات القطرية العمانية الأخوية قوية ومتجذرة عبر التاريخ وقائمة على روابط القرابة وتتميز بالثقة والتعاون في عدد من المجالات الحيوية.
وقال السفير البلوشي خلال لقائه مع الصحفيين بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لنهضة سلطنة عمان الشقيقة: تحقيقا لرؤى القيادتين الحكيمتين، جلالة السلطان هيثم بن طارق، وأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظهما الله ورعاهما، تشهد العلاقات بين البلدين تطورا مستمرا في مختلف القطاعات.
وأضاف سعادته: إن العمل مستمر لبذل المزيد تجاه تطوير مجالات التعاون في كافة الأصعدة، ونشعر بارتياح بالغ لما وصلت إليه مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين.
وأوضح سعادته أن هناك حرصا مشتركا على تعزيز التبادل التجاري وتطوير التعاون في مجالات جديدة وهناك لقاءات مستمرة بين رجال الاعمال من البلدين لبحث مزيد من فرص الاستثمار.
مكتسبات النهضة المباركة
وتحتفل سلطنة عمان اليوم 18 نوفمبر باليوم الوطني الحادي والخمسين للنهضة، وأبناؤها الكرام متسلحون بالإرادة والعزيمة والثبات للمحافظة على مكتسبات ومنجزات النهضة المباركة المتجددة وصونها بولاء راسخ لقائد مسيرتها المظفرة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الذي أكد منذ توليه مقاليد الحكم في الـ 11 من يناير 2020 م على سعيه لرفعة هذا البلد وإعلاء شأنه والارتقاء به إلى حياة أفضل.
وأفاد بيان للسفارة العمانية في الدوحة أن دعوة جلالته أبناء هذه الأرض الطيبة إلى المشاركة الفاعلة وتقديم «كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء» يعد مبدأ من مبادئ نهضة عمان المتجددة وعهدها السعيد للوصول إلى «الغاية الوطنية العظمى»، لـ «تظل عمان الغاية الأسمى في كل ما نقدم عليه وكل ما نسعى لتحقيقه» وهو ما ظهرت ملامحه على أرض الواقع من تحديث في التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل في مختلف المجالات.
وقد شهد مطلع العام الحالي صدور النظام الأساسي للدولة وفقا للمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021م ليكون ركنا أساسيا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعمان والعمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة، ويضم 98 مادة «داعمة لمؤسسات الدولة ويصون الوطن ويحافظ على أرضه ووحدته ونسيجه الاجتماعي وحماية لمقوماته الحضارية ويعزز الحقوق والواجبات والحريات العامة» ويرسخ آلية مستقرة لانتقال الحكم الذي سينعكس أثره إيجابا في عدد من الجوانب مثل السياسية والاقتصادية بالإضافة إلى تأكيده على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة وإلزامية التعليم «حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي» «وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار» وهو ما ينسجم مع رؤية عمان 2040م.
ونظمت المواد من 5 إلى 11 من النظام الأساسي للدولة آلية من تؤول إليه ولاية الحكم في سلطنة عمان بصورة أكثر وضوحا وأكثر سلاسة حيث نصت المادة (5) على أن «نظام الحكم سلطاني وراثي في الذكور من ذرية السلطان تركي بن سعيد بن سلطان، وفقا للأحكام الآتية:– تنتقل ولاية الحكم من السلطان إلى أكبر أبنائه سنا، ثم أكبر أبناء هذا الابن، وهكذا طبقة بعد طبقة، فإذا توفي الابن الأكبر قبل أن تنتقل إليه ولاية الحكم انتقلت إلى أكبر أبنائه، ولو كان للمتوفى إخوة وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم أبناء فتنتقل الولاية إلى أكبر إخوته، فإذا لم يكن له إخوة تنتقل إلى أكبر أبناء أكبر إخوته، وإذا لم يكن لأكبر إخوته ابن فإلى أكبر أبناء إخوته الآخرين، بحسب ترتيب سن الإخوة، وإذا لم يكن لمن له ولاية الحكم إخوة أو أبناء إخوة تنتقل ولاية الحكم إلى الأعمام وأبنائهم على الترتيب المعين في البند (الثاني) من هذه المادة. ويشترط فيمن يتولى الحكم أن يكون مسلما، عاقلا، وابنا شرعيا لأبوين عمانيين مسلمين».
وأتاحت المادة الـ (7) تعيين ولي للعهد بأمر سلطاني وفقا لنص المادة (5) من النظام الأساسي للدولة ويحدد الأمر السلطاني اختصاصاته، والمهام التي تسند إليه. و«يؤدي ولي العهد أمام السلطان، قبل ممارسة اختصاصاته أو المهام التي تسند إليه، اليمين المنصوص عليها في المادة (10) من النظام».
واستأثرت سلطنة عمان بتجربة خاصة بها في العمل الشوري والديمقراطي قام بنيانها «على أسس ثابتة من واقع الحياة العمانية» ومرت بعدة مراحل وصولا إلى مجلس عمان بغرفتيه الدولة والشورى وشهدت كل مرحلة من مراحله لبنات مختلفة من الأنظمة والقوانين حتى غدت سمة بهدف ترسيخ منهج الشورى «بما يلبي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين».
إيمان بدور الشباب في التنمية
إن تخصيص سلطنة عمان يوما للشباب الذي يوافق الـ 26 من أكتوبر سنويا يعكس اهتمام وحرص الحكومة بقيادة جلالة السلطان المعظم بهذه الفئة وإيمانا منه بدورهم في التنمية، حيث أكد خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في أكتوبر الماضي، «على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصـال معهم لإيضاح الجهود المبذولة كافة لتلبية متطلبات مسيرة التنميـة فـي مختلـف القطاعـات، والاستماع إلـى تطلعـاتهم واحتياجـاتهم. موجهـا إلى قيـام المحافظين وبمشاركة الجهات المعنيـة بعقـد لقـاءات دورية مع الشباب لهذا الغرض ومناقشة الموضوعات التي تحظى باهتمـامـهم، والاستماع إلى آرائـهـم ووجهـات نظـرهم، بمـا يساعدهم على أداء دورهم المنشود في الإسهام بمسيرة البناء والتنمية الشاملة لهذا الوطن العزيز».
ولفت صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد في كلمة له خلال رعايته احتفال سلطنة عمان بيوم الشباب العماني في أكتوبر الماضي إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب دشنت البوابة الذكية التي زودت بأحدث الإمكانات التقنية لتصبح الوجهة الأولى للموهوبين والفنانين في شتى القطاعات بهدف احتضان مواهب وإبداعات الشباب.
اهتمام سامٍ ومبادرات تشغيلية
كما انعكس الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم بهذه الفئة وترجمة للحرص المتواصل الذي يوليه لملف تشغيل الشباب العماني ودعم أصحاب الأعمال العاملين لحسابهم الخاص، فقد تم إطلاق مجموعة جديدة من المبادرات التشغيلية في شهر مايو الماضي في«ظل ظروف المرحلة الراهنة المتعلقة بتداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي أفرزت انكماشا في أسواق العمل، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن انتشار جائحة كورونا» وذلك في إطار تنفيذ خطة توفير ما يزيد على (32) ألف فرصة عمل هذا العام.
كما أن ترؤس جلالته اجتماع اللجنة الإشرافية للبرنامج الوطني للتشغيل في الـ 5 من يوليو الماضي له دلالة عميقة أن هذا الملف يعد من أهم الأولويات الوطنية، حيث بارك خلال ترؤسه مجلس الوزراء في الـ 15 من يونيو الماضي هذا البرنامج الذي يهدف إلى «إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة وشركات القطاع الخاص وتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل».
كما أن المرأة العمانية تمثل ركنا مهما في نهضة سلطنة عمان المتجددة، وقد أكد جلالة السلطان المعظم على حرصه على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها وهو من «الثوابت الوطنية».
لقد حبا الله هذه الأرض الطيبة وأبناءها المخلصين نعما شتى من بينها التآخي والتآزر والتلاحم وظهر ذلك جليا من خلال اللحمة الوطنية المساندة للجهود التي بذلتها حكومة جلالة السلطان المعظم ممثلة في اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الحالة المدارية «شاهين» في أكتوبر الماضي بالإضافة إلى الاستجابة السريعة من عاهل البلاد المفدى الذي أمر بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية، بهدف توفير جميع أشكال الدعم والمساعدة اللازمة للتخفيف من حدة التأثيرات عليهم في أسرع وقت ممكن.
كما أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في أكتوبر الماضي «على أن عودة الحياة العامة إلى وضعها الطبيعي، وتوفير متطلبات الحياة الأساسية للمتضررين، هي أولوية أولى لدينا». موجها اللجنة الوزارية التي «تحظى بإشرافنا المباشر، لمتابعة أعمالها وإنجازاتها» لتوفير المساعدة في أسرع وقت.
وقد انعكست هذه الاستجابة السريعة من عاهل البلاد المفدى من خلال العمل الدؤوب والمتواصل الذي قامت به اللجنة الوزارية بالتعاون مع قطاعات الاستجابة باللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة لعودة أغلب الخدمات الأساسية إلى طبيعتها في الولايات المتأثرة بنسبة 100 بالمائة وإسناد مناقصات للطرق المتأثرة وبناء «328» منزلا بدل المساكن المتأثرة بالإضافة إلى عمليات حصر الأضرار. وقد أمر جلالته «بإنشاء صندوق وطني للحالات الطارئة، بهدف التعامل مع ما خلفته هذه الحالة المدارية، وما قد يحدث مستقبلا من حالات أو كوارث طبيعية».
اهتمام بالغ بحماية البيئة
وتواصل سلطنة عمان في نهضتها المتجددة اهتمامها البالغ بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة على المستويين المحلي والعالمي، حيث أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق مرسوما سلطانيا في أغسطس الماضي بإنشاء محمية خور خرفوت الأثري بمحافظة ظفار لتضاف إلى المحميات الأخرى المتنوعة في سلطنة عمان ليصبح عددها «21» محمية، وهذا يؤكد اهتمام سلطنة عمان بالبيئة من خلال رصيدها في هذا المجال المهم إضافة إلى مصادقتها عددا من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والتشريعات المنظمة على المستوى المحلي.
وفي ظل هذه الأوضاع انطلقت الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025) هذا العام وهي الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية «عمان 2040» التي ترتكز على 4 محاور رئيسية تتفرع منها 14 أولوية وطنية و88 هدفا استراتيجيا و68 مؤشرا لقياس الأداء.
رفع كفاءة إدارة المالية العامة
وتسعى الخطة الخمسية العاشرة إلى تحقيق عدد من الأهداف من بينها «تحفيز النشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلي ورفع كفاءة إدارة المالية العامة وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام خاصة الجاري منه وتبني سياسات مالية توسعية منضبطة تحقق معدلات نمو مستدامة وتطوير البنية الأساسية اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر مع البناء على توقعات لأسعار النفط عند متوسط «48» دولارا أمريكيا للبرميل خلال سنوات الخطة، وتدعيم مشاركة المحافظات في تحقيق أهداف رؤية عمان 2040».
وتستهدف الخطة متوسط معدل نمو سنوي يقارب 2. 3 % في الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية من خلال التركيز على قطاعات اقتصادية واعدة مثل الصناعات التحويلية ذات المحتوى التكنولوجي المرتفع والزراعة والثروة السمكية والاستزراع السمكي والتصنيع الزراعي والغذائي والنقل والتخزين واللوجستيات.
خطة التحفيز الاقتصادي
وترتكز خطة التحفيز الاقتصادي التي اعتمدها مجلس الوزراء في مارس الماضي على خمسة محاور رئيسة تتمثل في «حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم وحوافز محسنة لبيئة الأعمال والاستثمار وحوافز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحوافز لسوق العمل والتشغيل وحوافز مصرفية تهدف إلى دعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات أزمة كوفيد - 19 على الاقتصاد الوطني من خلال تقديم مجموعة من الإجراءات والمبادرات التحفيزية الهادفة إلى دعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية».
بيئة مشجعة للاستثمار
وأوجدت حكومة سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان المعظم بيئة مشجعة للاستثمار في سلطنة عمان من خلال تهيئة التشريعات والنظم وموانئ ومناطق حرة ولوجستية يدعمها موقع استراتيجي فريد يتوسط الأسواق التجارية العالمية واستقرار سياسي وأمني، حيث توفر موانئ الدقم وصلالة وصحار تقنيات وتجهيزات متقدمة مكنتها من سرعة الإنجاز وتقليل المسافات بين موانئ العالم بالإضافة إلى المناطق الحرة مثل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والمناطق الحرة بالمزيونة، وصلالة، وصحار علاوة على الأعمال الإنشائية المستمرة في خزائن بمحافظة جنوب الباطنة تدعمها حوافز استثمارية مثل الإعفاء الضريبي لأكثر من 30 عاما وتملك أجنبي بنسبة 100% وتوطين رأس المال والأرباح وإعفاءات بنسبة صفر بالمائة للاستيراد والتصدير
سياسة خارجية ثابتة
لقد أثبتت المتغيرات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي خلال عهد النهضة المتجددة أن السياسة الخارجية لسلطنة عمان ثابتة من خلال سعيها إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والإسهام الفاعل والحقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين، والدعوة إلى تغليب المصلحة العامة عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها مصالحها، وهو ما أكدت عليه سلطنة عمان أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي «في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم تواصل سلطنة عمان الالتزام بالثوابت الأساسية والمبادئ الرئيسة لسياستها الخارجية التي تتجسد في سياسة حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام القوانين والأعراف الدولية، ودعم التعاون بين الدول وتعزيز فرص الحوار بينها، تعبيرا عن قناعتنا بأن حل الخلافات بروح الوفاق والتسامح إنما هو سلوك حضاري يؤدي إلى نتائج أفضل وأدوم مما يمكن تحقيقه عن طريق الصراع».
كما ظهر سعي سلطنة عمان الدؤوب إلى الإسهام في خدمة قضايا السلام من خلال عدد من القضايا مثل تأييدها التطورات الإيجابية التي نتجت عن قمة العلا التي عقدت بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، ونجاح جهود المصالحة التي قادتها دولة الكويت الشقيقة وتأكيدها المتواصل في المحافل الدولية على عدالة القضية الفلسطينية ومطالب الشعب الفلسطيني، ومساعيها مـع الممـلكة العربية السـعودية الشقيقة والمبعوثين الأممي والأمريكي الخاصين باليمن والأطراف اليمنية المعنية للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة القائمة في اليمن.