مواطنون يشيدون بضوابط الحفاظ على المياه والطاقة
تحقيقات
18 أكتوبر 2015 , 01:55ص
ولي الدين حسن
أشاد عدد من المواطنين والمقيمين بالتعديل القانوني الجديد للحفاظ على موارد المياه والكهرباء، وبين متحدثون لـ «العرب» أن القيادة الرشيدة ذات بعد نظر في الحفاظ على موارد البلد التي تضمن استمرار تقديم خدمات عالية الجودة، مؤكدين أن الغرامات والعقوبات على من يهدر موارد البلد مطلب عام حرصا على مكتسبات الدولة ومواردها للأجيال القادمة.
وقالوا في حديثهم لـ «العرب»: إن استهلاك الماء والكهرباء يعد من أعلى المستويات بالعالم حيث يستهلك الفرد الواحد 15 ألف كيلووات في السنة من الكهرباء و223 مترا مكعبا من المياه طبقا لإحصائيات كهرماء ووزارة البيئة، منوهين بالدور الإيجابي الذي تقوم به كل من مؤسسة كهرماء وعدد من الجهات الأخرى في حملات التوعية والترشيد التي تستهدف كافة فئات المجتمع سواء أفراد أو مؤسسات.
وأضافوا أنه رغم تنظيم العديد من حملات التوعية لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه لا زالت سلوكيات كثير من المستهلكين تفتقد ثقافة الترشيد وأهميتها في الحفاظ على ميزانية الدولة، مؤكدين أن الإسراف في استخدام الكهرباء والمياه يهدر ملايين الريالات التي تنفقها الدولة على تشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه، لافتين إلى أن سوء الاستخدام يشمل إنارة بعض المباني ليلا والتوصيلات غير القانونية للكهرباء، واستخدام وصلات كهربائية رديئة تؤدي لزيادة التحميل، فضلاً عن الإسراف في استخدام المياه بالمنازل واستخدام المياه النقية في الري وغسيل السيارات وتشغيل المكيفات ليلا ونهارا.
وشددوا على ضرورة تركيز الحملات التوعوية على طلبة المدارس الابتدائية لتنشئة جيل جديد مسلح بثقافة الترشيد، وتفعيل القانون الجديد بشأن ترشيد استهلاك الكهرباء والماء، وتطبيق العقوبات الواردة فيه على كل مستهتر، وتحديث الاشتراطات الفنية للتمديدات الداخلية للكهرباء والمياه، ومحاسبة كل من يقوم بعمل التوصيلات المخالفة، وإبراز النظرة الشرعية التي تنهى عن التبذير، وتكاتف الجميع من مدارس وجامعات وأئمة مساجد ومؤسسات خاصة وحكومية ووزارات وهيئات مع كهرماء للوصول للنتيجة المرجوة.
وأشاروا إلى أن الحفاظ على المياه وترشيد استهلاك الكهرباء مسؤولية مشتركة بين المواطنين والمقيمين والجهات المعنية، مما يتطلب ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك، ومواجهة مخالفات بعض المستأجرين الذين يقومون بعمل توصيلات كهرباء غير قانونية تزيد التحميل وتتسبب في الحرائق، فضلا عن التوصيلات المخالفة للمياه والتي تستنزف مياه الشرب ولا يدفع المستهلكون فيها أي مقابل.
يذكر أن القانون الجديد نص على تغريم بمبلغ 20 ألف ريال لكل من خالف تلك القوانين مثل استخدام مياه الشرب في غسل السيارات أو المباني والأفنية الخارجية سواء للملاك أو المستأجرين، وحذر استخدام أجهزة الإنارة الخارجية من الساعة 7 صباحا إلى 4 عصرا، فضلا عن ترك الأجهزة التالفة التي تؤدي إلى تسرب المياه من دون إصلاح.
الحملات التوعوية
في البداية قال الأستاذ ياسر البلوشي موجه تربوي بمدرسة أحمد بن حنبل الثانوية المستقلة للبنين: إن الحل يكمن في تكثيف الحملات التوعوية للتعريف بأهمية الحفاظ على نعمتي الكهرباء والماء، فضلا عن استمرار هذه الحملات طوال العام وعدم اقتصارها على فترة بعينها للوصول لأكبر عدد ممكن من المواطنين والمقيمين وتعزيز ثقافة الترشيد لديهم، واستخدام أساليب وطرق أكثر فعالية لتسهيل توصيل المعلومة، وعدم الاقتصار على الطرق التقليدية، مشيرا إلى أنه على الرغم من كثرة الحملات التي تقوم بها «كهرماء» لترشيد استهلاك الماء والكهرباء والتي كان لها دور إيجابي في تغيير بعض العادات السيئة عند البعض في استهلاك الكهرباء والماء إلا أنه لا زال هناك بعض الأفراد الذين يهدرون كميات كبيرة من الماء والكهرباء دون داع.
وأضاف البلوشي أن معدل استهلاك الفرد من الماء والكهرباء تعد من أعلى المعدلات عالميا ما يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي لتلك الموارد التي سيأتي يوما ما وتنضب، خاصة بعد أن كشفت وزارة البيئة مؤخرا عن أن قطر احتلت المرتبة العاشرة عالميا والثالثة خليجيا في استهلاك الفرد للطاقة الكهربائية، وذلك وفقاً لمؤشرات التنمية المستدامة العالمية والبنك الدولي، لافتا إلى أن استهلاك المياه بالدولة كبير للغاية بفعل كثير من الممارسات الخاطئة والاستخدامات العشوائية ما يتسبب في استنزاف موارد البلاد من المياه والطاقة.
وأرجع البلوشي أسباب تلك المشكلة إلى عدم اهتمام الناس بتلك الموارد؛ لأنهم يشعرون أنها تأتي مجانية من الدولة وبدون محاسبة فبالتالي لا يحاسبون أنفسهم في استهلاكها لعدم شعورهم بقيمة تلك النعمة التي لدينا وأيضا ثقافة رب الأسرة الاستهلاكية، وقال: «لابد أن نتعلم من الغربيين فيما يتعلق بالاستهلاك حيث إن المكان المتواجد به الفرد فقط هو ما يتم تشغيل الأجهزة به».
وشدد البلوشي على أن غسيل السيارات وترك المياه مفتوحة يعد من أهم أسباب الاستهلاك الزائد للمياه، مضيفا «أنا لا أطالب بالتوقف عن ذلك ولكن يجب تقنين هذا الموضوع ووضع آليات محددة له ومن الممكن وضع عداد تكون مهمته تنبيه المواطن بالاستهلاك السوي حتى لا يتعداه ويكون هناك إشعار إذا اقترب من الحد المقرر والمناسب للاستهلاك وإذا تعدي الحد في نهاية الشهر يتم إخباره بذلك لكي يتمكن من ترشيد استهلاكه في الشهور المقبلة».
وأوضح البلوشي أن لأولياء الأمور دورا مهما جدا في البيوت لتخفيف أحمال الكهرباء، وهو دور وطني لحث الأبناء وعمال المنزل لتقليل استخدام المكيفات وإطفائها عند الخروج من الغرفة، وعدم استخدام كاوية الملابس نهارا وفصل التيار الكهربائي عن الأجهزة غير المستخدمة، وخلاف ذلك مما تدعو إليه نشرات ترشيد الاستهلاك الكهربائي.
وأعرب البلوشي عن شكره لقرارات القيادة الحكيمة في الحفاظ علي موارد الدولة، داعيا إلى تطوير الحملات التوعوية لتصل رسائلها لكافة شرائح المجتمع، عبر إنتاج أفلام تسجيلية لتوصيل الرسائل التوعوية بطريقة غير مباشرة فضلاً عن الاستفادة من تجارب الدول الأجنبية في توفير الطاقة باستخدام المكيفات والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة والصديقة للبيئة.
مسؤولية مشتركة
ومن جهته قال علي الكواري: إن الحملات التوعوية التي تقوم بها «كهرماء» حققت بعض أهدافها وأصبحت هناك فئة كبيرة من المواطنين والمقيمين يرشدون استهلاكهم من المياه والكهرباء ويعرفون قيمة هذه النعمة، وأوقفت الكثير من الممارسات الخاطئة في استهلاك الماء والكهرباء، وإن كان هناك البعض ممن يقومون بتصرفات خاطئة، وهذا يتطلب المزيد من الحملات التوعوية.
وأضاف الكواري أن التعديلات الجديدة علي القوانين بشأن ترشيد استهلاك الكهرباء سيكون لها أثر كبير في مواجهة الإسراف في استخدام الكهرباء والماء، والحد من الممارسات الخاطئة والاستخدامات العشوائية، مثل (تغريم) شاغلي المباني أو المنشآت (ملاكاً أو مستأجرين) ممن يقومون باستخدام المياه الصالحة للشرب في غسيل السيارات أو المعدات أو تنظيف الأفنية الخارجية للمباني والمنشآت، وذلك باستخدام خراطيم المياه بغرامة لا تزيد عن عشرين ألف ريال، وكذلك تغريم كل من يقوم بترك أجهزة الإنارة المثبتة على الأسوار أو الواجهات الخارجية للمباني أو المنشآت العامة أو الخاصة مضاءة من الساعة السابعة صباحًا حتى الساعة الرابعة والنصف مساء، وترك الأجزاء التالفة في شبكة المياه الداخلية من دون إصلاح.
وأوضح الكواري أن المشكلة ليست في إسراف البعض في استهلاك الماء والكهرباء بالمنازل فقط، بل هناك مؤسسات أخرى لا بد أن تتحمل مسؤوليتها، فمثلا أعمدة الإنارة في الكثير من الشوارع والتي تضاء نهارا مسؤولية من؟! مطالبا بأن يكون هناك تقييم ودراسة للبرنامج الوطني للترشيد وكفاءة الطاقة «ترشيد» للوقوف على ما حققه البرنامج من نتائج.
وشدد الكواري على ضرورة تعليم الأطفال والخدم أهمية الحفاظ على تلك النعم وعدم الإسراف في استخدامها، موضحا أن هناك أجهزة متواجدة الآن من الممكن تركيبها على الإضاءة الخارجية للمنازل وضبطها حتى تعمل في وقت الليل وبمجرد شروق الشمس تطفأ مباشرة، مضيفا «في منزلي بمجرد أن يخلد أهل البيت للنوم يجب أن نطفئ جميع الأنوار؛ لأنه لن يكون هناك حاجة لها وأتمنى أن يتبع كل منزل هذه السياسة».
وطالب الكواري «كهرماء» باستحداث وسائل أخرى أكثر فعالية في حملاتها التوعوية حتى تصل الرسالة للجميع، وتعريف المواطنين والمقيمين بطريقة ترشيد استهلاك الكهرباء والماء، وما هي البدائل التي يلجأ لها المواطن والمقيم لترشيد استهلاكه من الماء والكهرباء بدلا من إعلامه أنه ممنوع استخدام «لمبات» ما لأنها تستهلك الكثير من الكهرباء دون إعلامه بالبديل، وبالتعاون مع وزارة البلدية ووضع شروط ومواصفات للمباني من شأنها تقليل استهلاك الكهرباء والماء، وتركيب منظِّمات ترشيد الطاقة بالمنازل، متسائلا لماذا لا تكون هناك وحدات توضع في أماكن معينة بالمنازل للاستفادة من الطاقة الشمسية المتوفرة طوال العام؟.
لوحات إرشادية
وشدد إسلام محمد: على ضرورة أن تكون الحملات التوعوية التي تطلقها الجهات المعنية واللوحات الإرشادية بأكثر من لغة حتى تصل الرسالة لجميع الجاليات، مشيرا إلى أنه يلاحظ أن اللوحات الإرشادية تكون باللغتين العربية والإنجليزية، وهناك عدد كبير من العمال لا يفهمون هاتين اللغتين، وبالتالي لا تصل إليهم الرسالة؛ ولذلك نجد بعض التصرفات التي ينتج عنها إهدار الكثير من المياه والكهرباء بلا داع، مثل استخدام الكثير من المياه في غسل السيارات في المنازل، والري في أوقات غير مناسبة كالظهيرة، وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية لتوصيلات المياه والكهرباء.
ورأى إسلام ضرورة عمل دراسة قبل وبعد أي حملة توعوية تقوم بها الجهات المعنية لمعرفة هل بالفعل الرسالة وصلت للجميع أم لا من خلال التعرف على حجم الاستهلاك قبل وبعد انطلاق الحملة التوعوية، وأن تكون هناك حوافز مادية أو معنوية لمن يقوم بتقليل استهلاكه من الماء والكهرباء، قائلا: أعتقد أن هذا الأمر سيدفع الناس إلى تقليل استهلاكهم من الماء والكهرباء.
وقال إسلام: كثيرا ما أرى وأنا ذاهب إلى عملي منازل مضاءة في النهار وأتعجب من إهمال أصحابها وهدرهم لهذه النعم كما أن الكثير من الأهل يتهاونون بهذا الأمر ولا يدركون بأن هذه النعم غير دائمة ويجب المحافظة عليها، كما أنني أقوم بإضاءة منزلي عند حلول الليل وإطفائها عند نوم جميع من بالمنزل.
وأضاف إسلام هناك العديد من صور إهدار الطاقة الكهربائية وتشمل استخدام توصيلات رديئة، وسرقة التيار الكهربائي عبر التوصيلات غير القانونية، فضلاً عن إنارة بعض المؤسسات العامة ليلا، كما تشمل صور إهدار المياه سرقة المياه عبر توصيلات غير قانونية واستخدام المياه النقية والمحلاة في الري بدلا من المياه المعالجة فضلاً عن الإسراف في استخدام المياه بالمنازل وغسيل السيارات.
وأشار إسلام إلى إنارة بعض المؤسسات الحكومية والخاصة مبانيها ليل نهار ما يتطلب تعميم التوجيهات الإدارية بضوابط إنارة المنشآت العامة، فإذا استمر هذا الأمر سوف نفقد هذه الطاقة، وقد لا نستطيع العيش بدونها إذا اعتدنا عليها بشكل مستمر وهي مضاءة أمام أعيننا، لذلك يجب التوعية بأهمية هذه النعمة سواء الكهرباء أو الماء، موضحا أن الإسلام يحثنا على الحفاظ على المياه وعدم الإسراف في استخدامها ولابد من الالتزام والأخذ بالبرامج التوعوية التي تطلقها الجهات المختصة.
ودعا إسلام لتطوير استراتيجية التوعوية والاعتماد على التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي في التوعية بترشيد الاستهلاك فضلاً عن إنتاج أفلام توعوية تتضمّن رسائل ترشيد الاستهلاك، فضلاً عن الاستفادة من تجارب الدول الأجنبية في توفير الطاقة باستخدام المكيفات والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة والصديقة للبيئة.
مجانية الخدمة
وأكد محمد عبدالكريم: أن هناك نسبة من المواطنين لا تهتم بترشيد الاستهلاك لاعتقادهم أن تلك الخدمات ما دامت مجانية فمن حقهم استخدامها كيفما شاءوا ودون وجود ضوابط، منوها أن هذا الاعتقاد خاطئ تماما حيث إن مجانية تلك الخدمات تحملنا مسؤولية أكبر في الحفاظ عليها وعدم إهدارها، حتى لا تضطر الدولة إلى فرض الرسوم عليها وأتوقع أن ذلك إذا حدث لن نرى أي إهدار لها، ولكنني في الوقت نفسه لا أتمنى أن يتم وأناشد المواطنين بمراعاة الحدود المعقولة المناسبة في الاستخدام».
وأوضح عبدالكريم أن مجانية الحصول على المياه والكهرباء نعمة كبيرة في قطر لا تتواجد للكثير من دول العالم والكل يحسدنا عليها، ويجب على المواطن المحافظة عليها حتى لا تزول منه سواء من الحكومة أو بفعل الطبيعة، ولابد أن تكثف الحكومة من التوعية في هذا الإطار حتى يدرك المواطن حجم المشكلة الحقيقي ولا يستهينوا بها، مطالبا كبار الأسرة بتوعية أبنائهم بضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء والماء.
وأضاف عبدالكريم أن السبب الرئيسي للإسراف في استخدام الكهرباء والماء، هو عدم التوعية الجيدة للأطفال مما يدفعهم للهو بالمياه بصورة مستمرة؛ لأنهم لا يعرفون قيمتها الحقيقية بالإضافة إلى خروج أفراد الأسرة من المنزل وترك جميع المكيفات تعمل فإذا كان هناك عدم حاجة لعملها نظرا لخلو المنزل فلماذا تركها تعمل بتلك الصورة».
ويري عبدالكريم أن الخادمات لا يراعين تلك الأمور حيث يتركن المياه تنساب بغزارة دون أي سبب وعندما يقمن بتنظيف المنزل يجعلن كافة المكيفات والأجهزة الكهربائية تعمل دون حساب ويجب على المواطن أن يوعي الخادمة بضرورة الحفاظ على تلك الموارد الهامة واستخدامها حسب الحاجة فقط».
وأشار عبدالكريم إلى عدة طرق نوهت إليها كهرماء للترشيد وهي وضع أداة بديلة بخزان المرحاض، هي عبارة عن زجاجة مملوءة بالمياه توضع في خزان المرحاض لتقليل كمية الماء المتدفق، ويقلل تركيب منظم لتدفق المياه من كمية المياه المستخدمة ويحد الهدر، إذ إن صنابير المياه التي تحتوي على منظم للمياه المتدفقة بمعدل النصف.
وأوضح عبدالكريم أن كثيرا من الأسر تهمل هذه الطاقة لساعات كثيرة ولا تدركها،حيث يذهب جميع من في المنزل إلى عمله وتبقى الخادمة في المنزل؛ ولأنها ليست مسؤولة عن هذا الأمر تتجاهله ويبقى كل شيء على حاله، مشيرا إلى أن سوء الاستخدام يشمل إنارة بعض المؤسسات ليلا والتوصيلات غير القانونية للكهرباء، واستخدام وصلات كهربائية رديئة تؤدي لزيادة التحميل فضلاً عن الإسراف في استخدام المياه بالمنازل واستخدام المياه النقية في الري وغسيل السيارات.