هدفنا تتبّع مواطن الجمال في الثقافة العربية
ثقافة وفنون
18 أغسطس 2013 , 12:00ص
أجرى الحوار: الحبيب ناصري
الدكتور والباحث المغربيأحمد أعراب، واحد من الكفاءات المغربية، العلمية والفنية، المنشغلة بقضايا البحث من زوايا متعددة، مفيدة لجامعتنا المغربية، ولسؤال البحث العلمي والفني ككل. حاليا منشغل وبجانب مهامه التربوية والتأطيرية والعلمية، داخل كلية العلوم والتقنيات بجامعة عبدالمالك عبدالسعدي بطنجة، بتجربة فنية/ثقافية مفيدة لفائدة الطلبة والشباب، بل مفيدة للحقل الفني المغربي، من زاوية بحثية علمية جميلة ودالة. لتقريب القراء من هذه التجربة نقدم الحوار التالي..
• إذا طلبنا منك، أن تقدم نفسك للقراء، كيف يمكن اختزال ذلك في سطور معدودة؟
- الدكتور أحمد أعراب، حاصل على دكتوراه من فرنسا في علم الحيوان، وعلى دكتوراه الدولة من جامعة عبدالمالك السعدي عن «علم الحيوان عند العرب: الجاحظ أنموذجا». مهتم بالشعر والمسرح والموسيقى والأدب، ولي مشاركات في كل هذه الاهتمامات، متخصص في تاريخ العلوم عند العرب، وقد حاضرت في ما يتعلق بهذا الموضوع في أكثر من جامعة في المغرب وخارجه، وشاركت بهذه الصفة في ندوات دولية كثيرة بفرنسا وإنجلترا، وبلجيكا وإيطاليا، والأردن والإمارات وتونس، والمغرب.
• بجانب مهامك العلمية والتربوبة والتكوينية، بكلية العلوم والتقنيات بطنجة الجميلة، ما الذي دفعك لتأسيس جمعية فنون وعلوم برحاب هذه الكلية؟
- أنا أعتبر العلم في أعلى مراقيه ضربا من الفن، ونوعا من الإلهام، ولذلك لا بد من أن يُستخرج ما عند الباحث في العلوم التجريبية من ميول نحو الفنون فهذا ما يجعله إنسانا. ولعلك تذكر أن كثيرا من كبار العلماء كانوا أيضا من كبار رجال الفن، لعل أشهرهم ليوناردو دافينشي، فلا بد أن يتمتع العالم بالخيال والقدرة على الإبداع والجرأة في العمل، وهذه أمور نتعلمها من الفنون بكل أنواعها.
• ما أثر الأعمال الفنية والموسيقية والثقافية لهذه الجمعية على الطلبة؟
- إنها بالنسبة لهم مجال للترفيه، والإبداع، والمشاركة، والعطاء، والانفتاح، وإثبات الذات.
• حضرتَ شخصيا بعض تدريبات هذه المجموعة الشبابية بقيادة الأستاذ والفنان الموسيقي رشيد التسولي، رئيس جمعية عود الرمل لإحياء التراث الموسيقي الوطني والعربي، ما الغاية من هذه التجربة الغنائية الجديدة؟ ومن هذا التعاون بين الجمعيتين؟
- أولا لا بد من أن نوفي الأستاذ المبدع رشيد التسولي حقه، فإن ما يقدمه من خدمات في مجالات متعددة يتعذر حصره. ولعل عنايتي بالتراث، وميلي إلى اكتشاف المجهول منه، ومحاولة الاستفادة من ذخائره، وعرضه على المتلقي المعاصر، سواء كان هذا التراث علميا، وهو ما أهتم به أكاديميا، أو كان فنيا وثقافيا، مما يجمع بيني وبين الأستاذ المبدع رشيد. فنحن نميل معا إلى الاكتشاف، والبحث، والتجديد، والاعتزاز بالهوية، وتتبع مواطن الجمال في ثقافتنا، وتصحيح الأذواق، بما يقتضيه ذلك من بحث مضن، وعمل جاد مرهق قد يتجنبه كثير من الناس.
• لماذا اختيار نصوص مغربية وروحية عامة، مثل «المنفرجة» لتوظيفها ضمن هذه الرؤية الموسيقية الجديدة؟
- لأنها نصوص قابلة للتجديد، قد أثبتت نجاحها بتداول الناس لها، واتفاقهم على جودتها، ولكي يستمر هذا النجاح لا بد من أن نترك بصمتنا على هذه الأعمال لنبرز أن لها مواطنَ جمال أخرى، وأنها قابلة لكي تعرض من جوانب شتى، فنجمع بذلك بين روعة الأصالة، ولذة التجديد.
• هل يمكن إدراج هذه التجارب ضمن سياقات بحثية علمية ثقافية مفتوحة؟
- نعم. هو كما قلت، فإننا نحرص على التجريب، باستعمال أدوات جديدة، واجتهادات تتناول الموسيقى نفسها، والآلات المستعملة فيها، والنصوص المختارة لها، والأصوات المنفذة لكل ذلك. وهو اجتهاد لا يتوقف، ولا نحصر الأخذ فيه بموسيقى معينة ما دامت لها قواعد وضوابط وأسس يحتكم إليها، وما دامت تناسب النص الذي اخترناه، والهدف الذي عيناه.
• معروف عنك، انشغالك العلمي بعلم الحيوان عند العرب، وهو مجال قدمت فيه الشيء الكثير سواء داخل آو خارج أرض الوطن. قربنا لهذا الموضوع..
- أثناء إعدادي لرسالتي الأولى بباريس اطلعت على كتاب الحيوان للجاحظ، وجعلته موضوعا لرسالتي الثانية التي نلت بها شهادة دكتوراه الدولة، حيث بينت فيها مساهمة هذا العالم في علوم الحيوان، بينما كان الشائع عند الغربيين أن العرب لم يقدموا شيئا في هذا المجال.
وأنا الآن أعمل مع طلبة الدكتوراه من أجل إعداد معجم لمصطلحات علم الحيوان عند العرب، وقد نوقشت بإشرافي بحوث عدة في هذا الموضوع.
وأيضا فقد أصدرت مجلة دولية مهتمة بتاريخ البيولوجيا والطب العربي سميتها:
Arabic Biology and Medecine
• كيف تقيم تجربة التنشيط الثقافي داخل الجامعة المغربية ككل وتجربة كلية العلوم والتقنيات بطنجة على وجه الخصوص؟ وما هي البرامج المنتظرة مستقبليا لجمعية فنون وعلوم؟
- البرامج كثيرة، غير أن أهمها في نظري محاولة جعل الفضاء الجامعي فضاء متحفيا. وتملك الجمعية التي أرأسها حاليا أكثر من أربعين لوحة عالية القيمة من إبداع الفنان لويس باسينا الذي قمنا باستضافته بطنجة وهيأنا له ظروف العمل، فكانت نتيجة ذلك هذه الثروة الفنية التي ستستفيد منها بالدرجة الأولى كلية العلوم والتقنيات بطنجة، على أن يتم توسيع المشروع لاحقا ليشمل الجامعة كلها، ثم بقية الجامعات المغربية، إذا أمكن ذلك.