أكدت الهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لدولة قطر القائمة بدور الوسيط يشكل سابقة خطيرة وغير مقبولة، تهدد مستقبل أي جهود دبلوماسية في المنطقة، لافتة إلى أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة، لا يمكن فصله عن السياق الأوسع في قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني إنسان تحت القصف والحصار، الأمر الذي يعرقل الجهود الإنسانية والدبلوماسية الجارية، والمساعي الرامية إلى إنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اجتماع طارئ عبر الإنترنت عقدته الهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر بمشاركة عدد من الرؤساء والأمناء العامين للجمعيات الوطنية الأعضاء في المنظمة، وذلك بناء على طلب رسمي من الهلال الأحمر القطري، لمناقشة الأبعاد الإنسانية والقانونية للاعتداء السافر الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 9 سبتمبر 2025، وما نتج عنه من خسائر بشرية وأضرار مادية وتداعيات إنسانية.
وفي كلمته خلال الاجتماع، ثمن سعادة السيد يوسف بن علي الخاطر رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري، جهود الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، وجميع الجمعيات الوطنية الأعضاء، على تضامنهم وسرعة استجابتهم لعقد هذا الاجتماع الطارئ، الذي يجسد روح الأخوة العربية والإنسانية في مواجهة الاعتداء السافر الذي تعرضت له دولة قطر، وما نجم عنه من سقوط شهداء وضحايا وتدمير مبنى سكني داخل حي مدني آمن تحيط به المدارس ورياض الأطفال.
وأضاف أن هذا الحدث وقع أثناء احتضان اجتماع سياسي مخصص لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة.
وأوضح أن هذا الاعتداء يشكل انتهاكا جسيما لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وذلك بحسب المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والمتعلقة بمبدأ التمييز، والمادة 51 بشأن حماية المدنيين، والمادة 52 الخاصة بحماية الأعيان المدنية، كما أنه يشكل تقويضا واضحا لجهود الوساطة ومساعي السلام.
وأكد أن استهداف العاصمة القطرية الدوحة لا يمكن فصله عن السياق الأوسع في قطاع غزة، مبينا أن ما حدث في الدوحة ليس اعتداء على دولة قطر وحدها، بل هو اعتداء على قيم الوساطة الإنسانية، ومساعي إحلال السلام، وقدسية القانون الدولي الإنساني.
وتقدم الخاطر بخالص المواساة وأحر التعازي لأهالي الشهداء وذويهم، كما أكد ترحيب الهلال الأحمر القطري وتقديره لالتزام دولة قطر بمواصلة دورها كوسيط محايد وفاعل، متمسكة بالمبادئ والقيم الإنسانية.
وفي البيان الختامي للاجتماع، شددت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب، على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، والتذكير بالالتزامات الواردة في اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، وخاصة فما يتعلق بوجوب حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية، ودعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته فيما يتعلق بتعزيز احترام القانون الدولي الإنساني.
وأشاد البيان بجهود دولة قطر في الوساطة، والترحيب باستمرار التزامها بهذه الجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز فرص السلام، مع التعبير عن التقدير للجهود الإنسانية التي تبذلها في إغاثة المتضررين في قطاع غزة، لا سيما عبر الهلال الأحمر القطري.
ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والإنسانية والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ومنع الأفعال التي تمس القانون الدولي الإنساني ومبادئه الجوهرية.
وشدد على احترام جهود الوساطة وحماية المفاوضين والوسطاء، باعتبارهم أدوات أساسية لإيقاف النزاع وفتح الطريق أمام السلام، مؤكدا أن استهداف دولة محايدة تقوم بدور الوسيط يشكل سابقة خطيرة وغير مقبولة، ويهدد مستقبل أي جهود دبلوماسية في المنطقة.
وأعرب عن قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، الذي يعيش أوضاعا إنسانية كارثية في ظل الحصار والقصف والمجاعة، والدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، صونا لحياة المدنيين وكرامتهم.
وأشاد بجهود الهلال الأحمر الفلسطيني وتضحياته العظيمة في ظل هذه الظروف الاستثنائية، مع التأكيد على دعمه ومساندته لمواصلة رسالته الإنسانية النبيلة.
وتقدمت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، بأحر التعازي لأسر الشهداء الذين فقدوا حياتهم جراء الضربة، والتعبير عن المواساة والتضامن معهم في هذا المصاب الجلل، والتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين.
وفي ختام البيان، أكدت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، والجمعيات الوطنية الأعضاء، التزامهم الكامل بمبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، واستعدادهم لمواصلة دورهم الإنساني في أصعب الظروف، مناصرة للقضايا الإنسانية العادلة وتعزيزا لاحترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين في النزاعات.