

ورقة بحثية لخطة وطنية لدمج ذوي الإعاقة في التعليم والتوظيف
الورقة تعتمد على دراسة هي الأولى من نوعها في قطر
تحليل لدراسات حول السياسات المتصلة بموضوع ذوي الإعاقة من دول مجاورة
بحث نوعية التعليم المطلوب للأشخاص ذوي الإعاقة وسُبُل تدريب المعلمين
خطوات ملحوظة في دمج وتعزيز إمكانية الوصول لذوي الإعاقة في مختلف القطاعات
التزام الدولة الكامل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة
الدراسة كشفت وجود مجالات تحتاج للمزيد من التحسين مثل عدم كفاية الموارد البشرية
حاجة للمزيد من الوعي بين أفراد المجتمع.. وشهدنا نماذج مختلفة للدمج في القطاع التعليمي
أكدت السيدة ريم السليطي، مدير أبحاث بقمة «وايز»، أن التقرير البحثي الصادر عن قمة «وايز11» حول موضوع «تعليم وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في قطر: خارطة طريق للدمج»، يعتمد على دراسة هي الأولى من نوعها في قطر، حيث تضمنت تحليلا لدراسات حول السياسات المتصلة بموضوع الأشخاص ذوي الإعاقة من دول مجاورة، وبحث نوعية التعليم المطلوب للأشخاص ذوي الإعاقة وسُبُل تدريب المعلمين، إضافة إلى تقصي الموارد البشرية المطلوبة من ذوي الإعاقة.
ونوهت ريم السليطي في حوار مع «العرب» إلى خطوات ملحوظة في دمج وتعزيز إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف القطاعات، والتزام الدولة الكامل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، كما لفتت إلى أن الدراسة كشفت عن وجود مجالات لا تزال تحتاج للمزيد من التحسين مثل عدم كفاية الموارد البشرية، والحاجة للمزيد من الوعي بين أفراد المجتمع.
وأشارت إلى أن العديد من الجهات الحكومية لم تطبق بعد نسبة الـ 2% من توظيف ذوي الإعاقة، وفق نص القانون، وأن بعض المشمولين بتطبيقها لا يشغلون المناصب داخل مؤسساتهم بشكل فعال، مرجعة ذلك إلى قصور في الوعي، إضافة إلى قلة في التدريب للأشخاص الذين يتم تعيينهم من ذوي الإعاقة، الأمر الذي ساهم بأن تكون مساهمة ذوي الإعاقة في العمل ليست مجدية وفعالة، ما دفع البعض منهم إلى ترك وظائفهم بسبب التثبيط الناتج عن عدم المشاركة الحقيقية في العمل.
وشددت على الحاجة لبذل المزيد من الجهود من جانب أصحاب العمل لخلق بيئة أكثر جاذبية للموظفين ذوي الإعاقة، وأن الفهم الخاطئ للقانون وعدم إدراك احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة يعنيان «تنفيذا سيئا لإرادة جيدة»، لافتة إلى توصيات صدرت عن «وايز» بـ 7 مجالات سيكون لها تأثير إيجابي على ذوي الإعاقة. وإلى نص الحوار:
◆ تناولت إحدى الأوراق البحثية في قمة «وايز 11» قضية «تعليم وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في قطر». ما هي أهم النقاط التي تناولها البحث؟
■ باعتبارها منصة عالمية للعمل الهادف في مجال التعليم، تركز قمة «وايز» بشكل أساسي على خلق الحوار وإقامة الشراكات، وتسهيل إجراء البحوث التي تعالج العوامل المؤثرة على الأنظمة التعليمية. تساعد هذه الجهود في تحديد العقبات والمؤثرات، ودفع الابتكار في النماذج التعليمية المتبعة بشكل يحقق نتائج متقدمة.
وانطلاقًا من هذا الهدف، تقترح الورقة البحثية التي تحمل عنوان «تعليم وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في قطر: خارطة طريق للدمج»، إطارًا لخطة وطنية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم والتوظيف. وتعتمد هذه الورقة على دراسة هي الأولى من نوعها في قطر، تتضمن تحليلاً لدراسات حول السياسات المتصلة بموضوع الأشخاص ذوي الإعاقة من دول مجاورة في المنطقة، مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة.
وفي إطار تحضيرنا لهذا البحث، نظمنا منتدى ضم الجهات الأساسية المعنية بهذا الشأن، مثل القطاعين الحكومي والتعليمي، بمشاركة أشخاص من ذوي الإعاقة. هذا المنتدى زوّدنا بنظرة معمقة حول المخاوف والتحديات المتصلة بموضوع دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجالين التعليمي والوظيفي. بعدها عرضنا الأفكار المستخلصة ضمن قمة «وايز» 11، التي انعقدت في نوفمبر 2023، ما أتاح لنا أيضًا فرصة استمزاج آراء الحاضرين في القمة، وتسجيل ملاحظاتهم على التوصيات المستخلصة من نتائج الدراسة.
ونظرًا لمحدودية البيانات المتاحة في قطر حول هذه القضية، فقد عملنا بشكل وثيق مع الجهات المعنية المختلفة لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات التي تساعدنا في إعداد هذا التقرير البحثي الذي تطرقنا فيه إلى موضوعات مثل نوعية التعليم المطلوب للأشخاص ذوي الإعاقة، وأفضل السُبُل لتدريب المعلمين الذين يتولون تدريس الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تقصي الموارد البشرية المطلوبة، وغيرها من العوامل التي من شأنها تعزيز خبراتنا التعليمية والتوظيفية. كما قدمنا في التقرير مجموعة من التوصيات للسياسات المقترحة التي نعتقد أنها ستساعد في معالجة الثغرات وإحداث تغيير مستدام بهذا الشأن.
ضمان التعليم المنصف
◆ ما هو تقييمك لخدمات التعليم والتوظيف المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة في قطر؟
■ أنجزت قطر خطوات ملحوظة في موضوع دمج وتعزيز إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف القطاعات، في ظل التزام الدولة الكامل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، بما في ذلك الهدف الرابع الذي ينص على ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع. وتشمل هذه الجهود توفير المزيد من الدعم التعليمي للطلاب ذوي الإعاقة من خلال تأهيل معلمين ومساعدين متخصصين، بالإضافة إلى تزويد المعاهد التعليمية بالتكنولوجيا التي تساعدهم في تحقيق هذا الهدف.
ولكن رغم الكثير من الخطوات المهمة الرامية لتعزيز التعلم للأشخاص ذوي الإعاقة في قطر، إلا أن دراستنا كشفت وجود مجالات لا تزال تحتاج للمزيد من التحسين، مثل عدم كفاية الموارد البشرية، أو الحاجة للمزيد من الوعي بين أفراد المجتمع. كما شهدنا نماذج مختلفة للدمج في القطاع التعليمي، حيث تم دمج بعض الأطفال من ذوي الإعاقة في المدارس العادية، في حين تم توفير مراكز متخصصة لأطفال آخرين. وهو ما يظهر الحاجة لاعتماد تصنيف أكثر وضوحًا حول هذا الأمر، بحيث تصبح جهودنا في هذا المجال أكثر تأثيرًا.
◆ كم هو عدد الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين في مختلف الصفوف.. وهل تتوافر لهم مستويات الدمج المطلوبة؟
■ للأسف، هذه البيانات غير متاحة لدينا في «وايز»، لأنها تتطلب جهودًا شاملة لجمع المعلومات والتحقق منها على مستوى الدولة. أعتقد أن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر هي الجهة المخولة لتوفير الإحصاءات حول هذا الموضوع.
نسبة الـ 2%
◆ ينص القانون القطري على تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحملون الشهادات بنسبة لا تقل عن 2 في المائة من مجموع درجات الوظائف في الجهات المختصة.. إلى أي مدى تلتزم المؤسسات بتحقيق هذه النسبة؟
■ كجزء من تقرير «وايز» حول «التعليم والتوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة في قطر: خارطة طريق للدمج»، أشركنا مجموعة من الجهات المعنية بمجالي التعليم والأعمال في الدولة، لاكتساب رؤى حول الممارسات المتبعة حالياً. ومن خلال المعلومات التي جمعناها، لاحظنا أن العديد من الجهات الحكومية لم تطبق بعد نسبة الـ 2 في المائة، كما أن بعض المشمولين بتطبيقها لا يشغلون المناصب داخل مؤسساتهم بشكل فعال. لذلك، هناك قصور في الوعي، وقلة في التدريب للأشخاص الذين يتم تعيينهم في إطار تطبيق هذه السياسة. نتيجة لذلك، فإن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة ليست لديهم مساهمة مجدية وفعالة في مجال عملهم، مما يثير مخاوف أخرى، مثل عدم مشاركة الموظفين وكسب اهتمامهم الفعلي. وقد كشف لنا الأشخاص ذوو الإعاقة الذين شاركوا في المنتدى الذي عقدناه كيف انتهى بهم الأمر إلى ترك وظائفهم بسبب التثبيط الناتج عن عدم المشاركة الحقيقية في العمل.
من هنا، لمسنا الحاجة لبذل المزيد من الجهود من جانب أصحاب العمل لخلق بيئة أكثر جاذبية للموظفين ذوي الإعاقة.
فعلى الرغم من أن القانون موجود، ويلزم أصحاب العمل بشمول هذه الفئة ضمن سوق العمل، إلا أنه لا تزال توجد مجالات للتحسين في تطبيق النصوص القانونية بشكل عملي وحقيقي.
◆ أطلقت بعض المؤسسات مبادرات لتوظيف الأشخاص المصابين بالتوحد. كيف تنظرون إلى هذه المبادرات؟ وهل تعتقدون أن الأشخاص المصابين بالتوحد قادرون على أداء المهام الوظيفية بكفاءة؟
■ شملت دراستنا مجموعة مختلفة من أشكال الإعاقة، من دون اقتصارها على التوحد بشكل خاص. وبشكل عام، وجدنا اهتمامًا قويًا من الشركات بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، بالمعنى الأوسع. إلا أن هذه الجهود يمكن أن تضعف بسبب نقص التدريب لدى أصحاب العمل من أجل جعل بيئات العمل أكثر فائدة ومشاركة للأشخاص من ذوي الإعاقة. ففي كثير من الأحيان نجد أنه تم تعيين أشخاص من ذوي الإعاقة في وظائف لا يستطيعون القيام بها. وهذا شيء يمكن معالجته من خلال تأمين التدريب المناسب لمسؤولي التوظيف والأشخاص المعينين.
التحديات الرئيسية
◆ كيف ترين مستويات التدريب المهني المتاحة لذوي الاحتياجات الخاصة؟
من خلال دراستنا، وجدنا أن أحد التحديات الرئيسية في مجال توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة هو الفهم الخاطئ للقانون، وعدم إدراك أصحاب العمل لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يسفر عن تنفيذ سيئ لإرادة جيدة. وهذا يودي بنا إلى الحاجة لاعتماد أساليب أكثر دقة، ومصممة خصيصًا لتعزيز بيئات العمل الشاملة والمستدامة والفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة. الخطوة الأولى لأصحاب العمل تتمثل في فهم طبيعة الإعاقات الموجودة داخل الدولة، مهما اختلفت أنواعها. المعرفة والوعي بهذا الأمر سيساعدان في فهم أن الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة ستكون لديهم قدرات مختلفة. هذا الفهم يلعب دورًا حاسمًا في تحديد الوظائف المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن المساعدة في توجيه برامج التدريب التي يمكن أن تسمح لهم بتحقيق إنتاجية كاملة في مكان العمل.
تقييم لجهود الدولة
◆ ما تقييمكم لجهود الدولة في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وماذا تقترحون لتقديم المزيد من الدعم لهذه الفئة؟
■ كما في جميع التقارير التي تصدر عن قمة «وايز»، فإن الهدف من هذا التقرير هو الاستفادة من نتائج البحث لتسليط الضوء على مجالات التعاون الممكنة ضمن المشهد التعليمي. ومن خلال هذا التقرير، نطرح توصيات لسياسات يمكن للجهات المعنية، مثل المعلّمين وصانعي السياسات والمبتكرين، الاستفادة منها لبناء شراكات ووضع خطط عمل هادفة تمهد الطريق لإرساء بيئة تعليمية أكثر شمولًا واستدامة وفعالية للأشخاص ذوي الإعاقة.
يتضمن التقرير توصيات
حول المجالات التالية:
- التشخيص المبكر لدى الأطفال: يؤكد التقرير على الحاجة لتحديد الأطفال ذوي الإعاقة في وقت مبكر، منذ الولادة إن أمكن، من أجل تشكيل السنوات القليلة الأولى من التعلم والنمو. ويشدد على الحاجة للتماسك والتعاون بين القطاعات، بحيث تتعاون معًا لدعم الطفل في هذه المرحلة المبكرة للغاية، مما يتيح له القدرة على الازدهار مستقبلًا.
- الحراك الاجتماعي: نوصي أيضًا بتوفير المزيد من خيارات التعليم للأطفال ذوي الإعاقة، وتوسيع نطاق الوصول الطلاب ذوي الإعاقة إلى المدارس العامة. وأخذًا بعين الاعتبار أن قطر هي موطن لجنسيات متنوعة، نوصي أيضًا بزيادة إمكانية وصول الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من السكان الوافدين ضمن المدارس العامة في الدولة.
- اللغة: تؤكد هذه التوصية على ضرورة توفير المحتوى التعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة باللغتين العربية والإنجليزية، إذ تركز معظم المؤسسات العامة على اللغة العربية حاليًا. لكنه من المهم أيضًا إدراج اللغة الإنجليزية بحيث يتخرج الطلاب مع مهارات لغوية يمكن توظيفها بشكل فعال.
- رفع الوعي: طبعًا هناك حاجة لرفع مستوى الوعي داخل المدارس– بين المعلمين وكذلك الطلاب – حول أنواع الإعاقات بمختلف أشكالها.
- اعتبار دمج الأشخاص ذوي الإعاقة «إضافة» وليس إكراهًا: يجب العمل على تغيير نظرة الأطراف المعنية في مجالي التعليم والأعمال تجاه مسألة الدمج والشمولية. لذلك، يوصي التقرير بأن يُنظر إلى الدمج باعتباره «إضافة» وليس خطوة إجبارية. بحيث تصبح الشمولية جزءًا لا يتجزأ من نظامي التعليم والتوظيف في الدولة.
- تحديد آلية واضحة لتنفيذ الإصلاحات: عند رفع توصيات بإجراء إصلاحات ما، يجب على أصحاب الشأن تطوير آلية واضحة تضمن تنفيذ الإصلاحات المقترحة بشكل ناجح. وهذا يعني عدم الاكتفاء بسنّ قانون بشأن هذا الأمر، بل أيضًا تحديد طرق التنفيذ الفعال لهذا القانون ضمن الأنظمة التعليمية والوظيفية.
- تدريب مختلف الجهات المعنية: يجب توفير المزيد من التدريب لكل من أصحاب العمل، والمعلمين، ومختلف الأطراف الأساسية المنخرطة في مجالات التعليم والتوظيف، لفهم احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل، ووضع الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق التكامل السلس والفعال.