فيتو واشنطن ضد الفلسطينيين مُعرض لـ «عداء عربي ثائر»

alarab
حول العالم 16 سبتمبر 2011 , 12:00ص
واشنطن - أ.ف.ب
بعد سنة على دعوته إلى قيام دولة فلسطينية تكون عضوا في الأمم المتحدة، يجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه في وضع حرج جدا، إذ يترتب عليه التلويح بحق الفيتو للتصدي لمسعى الفلسطينيين في هذا الاتجاه، مجازفا بالتعرض لعداء عالم عربي وإسلامي يعيش تحولات كبرى. وفي مواجهة تعثر المفاوضات مع إسرائيل، قرر الفلسطينيون التوجه الأسبوع المقبل إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بانضمام دولة فلسطين إلى صفوف المنظمة الدولية. وأعلن أوباما أن هذا التحرك الفلسطيني هو «تشتيت» لجهود السلام ولن يأتي بحل للنزاع في الشرق الأوسط، فيما حذرت إدارته من أنها ستمارس حق الفيتو ضد هذه المبادرة في مجلس الأمن. ويبدو أن الإدارة الأميركية تدرك ما قد يترتب من عواقب في حال استخدام حق الفيتو، فقامت بمسعى أخير لإقناع الفلسطينيين بالعدول عن المطالبة بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، بإرسالها موفدين اثنين إلى المنطقة الثلاثاء. ورفض البيت الأبيض التحدث عن العواقب في حال مارست الولايات المتحدة حق الفيتو، غير أنه سيطرح بالتأكيد مشكلة لرئيس كان يطمح إلى تحسين العلاقات بين بلاده والعالمين العربي والإسلامي بعد تدهورها في السنوات العشر الأخيرة. وكان أوباما دعا في يونيو 2009 من القاهرة إلى «انطلاقة جديدة» مع المسلمين، وأكد أن «الولايات المتحدة لن تدير ظهرها لتطلعات الفلسطينيين المشروعة بالكرامة والفرص وبدولة خاصة بهم». وبعد سنة ألقى كلمة مدوية من منبر الأمم المتحدة أعرب فيها عن أمله بأن يتم التوصل خلال سنة إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين «يقودنا إلى استقبال عضو جديد في الأمم المتحدة هو دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام مع إسرائيل». غير أن الآمال التي أثارها هذا الخطاب سرعان ما تبددت مع فشل المفاوضات التي أعيد تحريكها مطلع سبتمبر 2010 في البيت الأبيض، وذلك بعدما رفضت إسرائيل تمديد العمل بالتجميد الجزئي للاستيطان استجابة لشرط أميركي مسبق عادت واشنطن وتخلت عنه. وبقيت العلاقات صعبة للغاية بين أوباما وبنيامين نتنياهو ولا سيما بعدما وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي صفعة إلى الرئيس الأميركي في 20 مايو برفضه دعوته لإقامة دولة فلسطينية بحدود 1967. والآن يهدد الفيتو الأميركي المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة بالانعكاس على علاقة أوباما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبتعزيز العناصر الفلسطينية الأكثر تطرفا. وما يزيد من صعوبة موقف أوباما المرشح لولاية رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر 2012، الضغوط الداخلية التي يواجهها، مع الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يهدد بانكماش جديد، وهجمات الجمهوريين الذين يشككون في دعمه لإسرائيل ويلوحون بقطع المساعدات عن الفلسطينيين في حال توجههم إلى الأمم المتحدة. وأوضح مروان المعشر وزير الخارجية الأردني السابق والعضو في مؤسسة كارنيغي للسلام أن الفيتو قد يضر بصورة الولايات المتحدة ولا سيما في وقت يشهد فيه العالم العربي منذ مطلع السنة ثورات تبدل وجهه. وقال متحدثا لوكالة «فرانس برس»: «على الولايات المتحدة أن تدرك أن الشرق الأوسط منطقة جديدة. فلم يعد بوسعها القول إننا ندعم حريتكم إن كنتم ليبيين أو مصريين أو سوريين، لكن ليس إن كنتم فلسطينيين، هذه الحجة غير مجدية». ورأى روبرت مالي من مجموعة الأزمات الدولية أن إدارة أوباما نفسها منقسمة بين الذين يخشون أن يشكل الفيتو «تطورا سلبيا جدا بالنسبة لصورة الولايات المتحدة وسمعتها والثقة بها في العالم العربي»، وآخرين يؤكدون أن «ذلك لن يتسبب بكارثة دبلوماسية من النوع الذي يتكهن به البعض». وتضاف إلى هذه التعقيدات مسألة العلاقات بين واشنطن ومؤيديها في المنطقة. وفي هذا السياق حض السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة، الأمير تركي الفيصل، واشنطن في مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الاثنين الماضي على دعم المسعى الفلسطيني. محذرا من أنها إن لم تفعل فإن الرياض «لن يكون بوسعها مواصلة تعاونها مع الولايات المتحدة كما في الماضي».