توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة يضع إسرائيل في مأزق
حول العالم
16 سبتمبر 2011 , 12:00ص
القدس - رويترز
وضع قرار الفلسطينيين بالتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولتهم المستقلة إسرائيل في مأزق لم يدع لها وسيلة سهلة لمواجهة هجوم دبلوماسي قد يعيد صياغة عقود من الصراع في الشرق الأوسط.
ويريد بعض الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو ردا انتقاميا صارما قائلين إن المبادرة الفلسطينية ستقوض أية محادثات سلام ذات معنى في المستقبل وقد تفجر توترات جديدة في الضفة الغربية بعد أشهر من الهدوء النسبي.
ويوصي زعماء سياسيون آخرون بتوخي الحذر ويقولون إن إسرائيل تواجه ما يكفي من عدم اليقين في ضوء تدهور علاقاتها مع مصر وتركيا ويتعين عليها تجاهل تحركات الفلسطينيين في الأمم المتحدة باعتبارها حملة علاقات عامة بلا أي مغزى.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أمس الخميس إنه سيلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل ودعا لاستئناف المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين.
وقال نتنياهو للصحافيين «قررت نقل هذه الرسالة للجمعية العامة للأمم المتحدة عندما أتحدث هناك الأسبوع المقبل». وقال أوديد عيران رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب «أفهم أن الجانب الإسرائيلي يعتقد أنه أمر سيئ بالنسبة لنا. التشخيص شيء واحد فقط، لكن أين وصفة العلاج؟». وأضاف «هناك شيء واحد مؤكد.. ستتلقى صورة إسرائيل صفعة جديدة».
ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه تعين عليه رفع الأمر للأمم المتحدة بعد أن وصلت 20 عاما من المفاوضات التي جرت برعاية أميركية إلى طريق مسدود وأصبح إبرام اتفاق أصعب من أي وقت مضى.
من جانبها تقول إسرائيل إنها على استعداد للمفاوضات لكنها ترفض الإذعان لشرط عباس المسبق بأن تجدد تجميد بناء المستوطنات في الأراضي التي تحتلها في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ومع إعلان واشنطن أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطينية فإن أقصى ما يتوقعه الفلسطينيون هو تصويت في الجمعية العامة بترقية وضعهم من «كيان» إلى «دولة غير عضو» وهو نفس وضع الفاتيكان.
وتقول الولايات المتحدة إنه لا يمكن حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني إلا عن طريق المفاوضات المباشرة. وقام نتنياهو بجولة في أوروبا هذا العام لحشد التأييد للموقف الإسرائيلي ولضمان أن تنأى معظم الديمقراطيات الرئيسية بنفسها عن الخطوة المرجح أن تسعى إلى اعتراف بدولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967.
وستلقى دعوته آذانا صاغية لدى البعض لكن 120 دولة على الأقل من بين 193 عضوا في الأمم المتحدة تبدو على استعداد لتأييد الفلسطينيين، الأمر الذي قد يمهد الطريق أمام انضمامهم إلى المنظمات الدولية ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وتخشى إسرائيل من أن يستخدم الفلسطينيون المحكمة الجنائية لاتخاذ إجراء ضد نحو 500 ألف إسرائيلي يعيشون في الأراضي التي احتلتها عام 1967 والتي تعتبر معظم القوى العالمية مستوطناتهم غير مشروعة. واحتمال أن تستمر «الحرب القانونية» في المحكمة الجنائية إلى أجل غير مسمى من بين أكثر العوامل التي تقلق المسؤولين الإسرائيليين فيما يقيمون عواقب ترقية وضع الفلسطينيين في الأمم المتحدة.
وقال موشي يعلون نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي «هذه الخطوة الخطيرة قد تفاقم الأوضاع على الأرض وتضعف الفلسطينيين المعتدلين نسبيا وتشجع الأنشطة الإرهابية».
ومثل معظم الإسرائيليين يقول يعلون إن المشروع الفلسطيني يمثل انتهاكا سافرا لاتفاقات أوسلو الموقعة عام 1993 التي أدت لقيام السلطة الفلسطينية ومنحتها حكما ذاتيا محدودا وأرست أسس محادثات السلام المستقبلية. وقال في مؤتمر في هرتزليا هذا الأسبوع «أخشى من أنه في نهاية المطاف.. سنضطر نحن والولايات المتحدة وأطراف أخرى أيضا إلى اتخاذ إجراءات قد يكون لها تأثير سلبي على بقاء الكيان الفلسطيني».
ويقترح بعض المسؤولين أن توقف الحكومة التحويلات الضريبية إلى الفلسطينيين كنوع من العقاب؛ إذ تشكل الضرائب التي تجمعها إسرائيل نحو %70 من إيرادات السلطة الفلسطينية أو تسحب امتيازات السفر الممنوحة لزعماء السلطة الفلسطينية الذين يرغبون في مغادرة الضفة الغربية.
ويقترح آخرون خطوات أكثر صرامة؛ إذ يطالب عوزي لانداو وزير البنية الأساسية الذي ينتمي إلى حزب إسرائيل بيتنا القومي أن تضم إسرائيل مستوطناتها الرئيسية في الضفة الغربية ردا على أي قرار في الأمم المتحدة.
ويخشى الجيش الإسرائيلي من أن تتحول المستوطنات إلى نقطة محورية في احتجاجات فلسطينية محتملة ترتبط بمحاولة الاعتراف بدولتهم وعرض تدريب وحدات أمنية من المستوطنين على سبل مواجهة أي اضطرابات حاشدة.
ودعا الفلسطينيون إلى مسيرات لتأييد تحركهم في المنظمة الدولية لكنهم قالوا إنها ستكون سلمية ونفوا أي حديث عن اندلاع انتفاضة جديدة في المستقبل القريب. كما قلل وزير الدفاع الإسرائيلي من احتمالات تفجر العنف. وقتل نحو 1100 إسرائيلي في هجمات للفلسطينيين خلال الانتفاضة الأخيرة في الفترة من 2000 إلى 2007. وقتل أكثر من 4500 فلسطيني على أيدي القوات الإسرائيلية في نفس الفترة.
وبدلا من مواجهة التحركات الفلسطينية بالحديث عن اضطرابات أو خطوات انتقامية يقول السفير الإسرائيلي السابق آلان بيكر إن أفضل شيء يمكن للحكومة القيام به هو أن تلتزم الهدوء وتنحني أمام العاصفة.