شباب: المطاعم متنفس اعتيادي في عطلة الصيف

alarab
تحقيقات 16 يوليو 2011 , 12:00ص
الدوحة – هدى منير العمر
سحرت مرتاديها بأطباقها المختلفة، وأسرتهم بخياراتها ومذاقها الذي يلامس غريزة الجوع والعطش التي لا تقاوم، إلى أن أصبحت أبواب المطاعم والوجبات السريعة جزءا لا يتجزأ من وجهات الشباب، فتُدرج على أجندتهم اليومية كتحصيل حاصل لا مفر منها ولا عوض، حتى سئمها الشباب وملها لقلة البدائل المطروحة أمامهم، حيث يعاني العدد الأكبر من فئة الشباب من إدمانها، لأنها حمّلت أجسامهم وزناً زائداً، وقلصت من توفيرهم المادي، لتأتي العطلة الصيفية مكملة لتلك الأضرار إذا ما وفرت في طياتها ما يلهي الشباب عنها بشيء مفيد أو نشاط ممتع، فما عادت دور السينما والمقاهي المعدودة والعروض الروتينية سداً كافياً لأوقات فراغ الشباب الطويلة. قلة البدائل من جانبها تؤيد نورة عبداللطيف رأي من يعتبر المطاعم جزءا لا يتجزأ من الجدول اليومي لقضاء يوم الإجازة، بالإضافة إلى السينما والنادي، وتصرح «للأسف ستقضي هذه الوجبات السريعة على صحتنا من كثرة ما نشتريها، والعلة تكمن في قلة البدائل التي من المفترض أن تشجع على الحركة والنشاط صيفاً كالرحلات وفرص التنزه بالمرافق والحدائق العامة والأماكن السياحية، بالإضافة إلى الأسواق والمعارض والمهرجانات المفعمة والمتنوعة، كالمهرجانات الغنائية والتراثية والتسوق، وكلها تعتبر خجولة هنا ونأمل تطويرها في قطر وزيادة الاهتمام بها، ليس فقط لتحقيق رغبات مواطنيها فحسب، بل لتنشيط الحركة السياحية واستقطاب مزيد من المهتمين والسياح إليها». إما وجبات سريعة أو شيشة «أساساً ارتياد الشباب للمطاعم ليس ملحوظاً في الإجازة فحسب، بل حتى خلال العام بطوله وتحديداً آخر الأسبوع في يومي الجمعة والسبت، وللأسف لا يوجد ما يعوضنا عن ذلك، فبالنسبة لي مثلاً أصبحت المطاعم المكان الأمثل للقاء الأصدقاء، وإلا نذهب إلى السينما أو أحد المقاهي لنشيش، وكلها دمار للصحة»، كما يقول محمد الشمري معتبراً المطاعم المتنفس الوحيد للشباب خلال الإجازة، وكأن الذهاب إليها نزهة أو رحلة ترفيهية على حد تعبيره. ويعزو الشمري محدودية الخيارات المطروحة للترويح عن أنفس الشباب في الإجازة الصيفية إلى سوء الطقس وارتفاع الحرارة التي يستحيل معها التخطيط إلى رحلة برية أو ممارسة الرياضة على الكورنيش أو حتى الجلوس في سوق واقف كما يقول، مما أدى إلى تكدس الشباب في المجمعات التجارية أو السفر خارج البلد. علاقة الملل بالوجبات السريعة أما سارة المالكي فتقول: «لم أترك مطعماً يعتب علي حتى قرفتها كلها دون مبالغة، وأحياناً تمر علي بعض الأيام دون أن آكل شيئا من البيت، فغدائي وعشائي من الخارج، وإن لم يتسن لي الخروج أطلب وجبة سريعة إلى المنزل..»، منوهة إلى أنها تحب زيارة الفنادق فقط من أجل تجريب بوفيهاتها الراقية على اختلافها، ومع ذلك تؤكد أنها ليست مستمتعة بإجازتها على هذه الحال، موضحة «وزني بدأ يزيد من أكل المطاعم، فضلاً عن قلة الحركة وطول ساعات النوم بعد سهرة مملة أمام شاشة التلفاز، وطوال مشاهدتنا له لا نكف عن الأكل.. والله مشكلة، فمعروف كثرة الجلوس على التلفاز أو التفرغ والملل يدفع إلى كثرة الطعام». المقاهي كالمطاعم زياد منيب لا يكترث بمسألة الأكل إلى ذلك الحد كما يقول، بل ويعتبرها من آخر اهتماماته، وعلى خلفية ذلك لا يعاني من إدمان الأكلات السريعة أو زيارة المطاعم بشكل دائم، إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه حقيقة اعتبارها منفذ الشباب الوحيد في الإجازة خصوصا لمن سيقضي عطلته دون سفر، ويستدل على ذلك بوصفه مشهد المطاعم المليء بالناس في كل المواسم موضحاً: «عندما نذهب لأي من المجمعات التجارية نكاد لا نجد مقعداً واحداً من تلك المخصصة للمطاعم على اختلافها، وأحيانا نخرج من المجمع دون تناول شيء بعد طول انتظار لحجز طاولة فارغة لكن دون جدوى، والمشكلة أنه حتى المقاهي التي نسهر فيها لا تختلف عن المطاعم، وكلها تقدم وجبات سريعة أو على الأقل مشروبات ومقبلات تجرنا إلى الوجبات السريعة في وقت متأخر من الليل». ظاهرة التسمم الصيفي «نظراً لحلول إجازة الصيف تكثر طلباتنا للوجبات السريعة، حتى إن أغلب تجمعاتنا العائلية تكون في المطاعم، كنوع من التغيير عن أكل البيت الذي اعتدنا عليه خلال العام».. بهذه العبارة تعزو لينا دياب سبب ازدياد تناول الوجبات السريعة وازدحام المطاعم خلال الصيف، وبالنسبة لها لا مشكلة في ذلك سوى الجانب الصحي، لافتة إلى تعرض أختها الصغرى «للتسمم» منذ فترة قصيرة لكثرة تعلقها «بالفاست فود»، لذلك تعتقد لينا أن حالات التسمم ستزداد في فترة الصيف، وستشهد المراكز الصحية تزايداً في عدد مراجعيها لعدم وجود ما يشغل الناس عن المطاعم حسب رأيها. لا للوجبات السريعة أما علا محمد فتؤكد أنها ليست كغيرها باعتبارها لا تحب أكل الوجبات السريعة بأنواعها، وتفضل طعام المنزل عليها، ورغم ذلك لا تلوم من جانبها من يلجؤون للمطاعم في العطلة الصيفية «ففعلياً لا يوجد مكان يقضي فيه الشباب أوقات فراغهم الطويلة» كما تفيد علا، متابعة: «بما أنني لن أسافر هذا العام، خططت لاستغلال وقتي بشيء مفيد لأتجنب الملل الوارد، فسجلت في أحد مراكز تحفيظ القرآن، وأنوي كذلك الالتحاق بأحد المراكز الرياضية المخصصة للسيدات، ولحسن حظي غالبية صديقاتي لم يسافرن هذا العام، فأجتمع معهن بين فترة وأخرى». نصائح صحية وتعليقاً على حب الشباب للوجبات السريعة وتعلقهم بالمطاعم، تنصح أخصائية التغذية دينا جمال اسعيفان من مركز التغذية والحمية (الدايت سنتر) باختيار المطاعم النظيفة التي تتبع أصول سلامة الغذاء والطبخ، وينصح باختيار الوجبات من قائمة الطعام وتجنب البوفيه المفتوح وأقسام السلطات المكشوفة، ومطاعم الوجبات السريعة. وفي حال تم اختيار المطعم السليم ينصح بالبدء بتناول المقبلات كالسلطة الخضراء بالليمون والخل والأعشاب بدون زيت أو صلصة أو مايونيز..، وفي حال تناول اللحوم ينصح باختيارها مشوية وقليلة الدسم، كمنزوعة الدهون إن كانت لحوما حمراء، ومنزوعة الجلد إن كانت من الطيور، أما الأكلات البحرية فهي بطبيعتها قليلة الدهون ويمكن تناولها بأشكال مختلفة. ويجب الانتباه إلى هيئة الطعام المقدم من المطعم، بحيث يكون ساخنا والبخار يتصاعد منه، وأخيراً من الضروري تفقّد نظافة المراحيض في الأماكن العامة قبل استخدامها، مع غسل الأيدي مراراً وتكراراً. وتضيف الأخصائية دينا أن العادات الغذائية السليمة في الصيف لا تختلف أبداً عن العادات الغذائية لبقية الفصول، فهي في مجملها واحدة ومع هذا لا بد من التركيز على أمور معينة أكثر من غيرها خلال فصل الصيف، للحفاظ على الميزان الغذائي للشخص باتباع الإرشادات التالية: أولاً: الحرص على التنويع في الوجبات الغذائية بحيث تضم المجموعات الغذائية الخمسة ومنها: الحبوب واللحوم والبقول والحليب ومشتقاته والفواكه والخضار، بالإضافة لكميات السكر والدهون التي يتم تناولها بأقل نسبة عن غيرها. ثانياً: الحرص على تناول الوجبات الرئيسية الثلاث (الإفطار والغداء والعشاء) بينها وجبتان خفيفتان، وعدم تأخير العشاء بعد الساعة التاسعة قدر الإمكان بسبب قلة كفاءة الهضم، وينصح بتناول الطعام عند الإحساس الحقيقي بالجوع فقط، وعدم اتخاذ الطعام وسيلة للهروب من ضيق نفسي أو كسر الملل أو الإحباط أو أثناء مشاهدة التلفاز..