وزير العدل: قطر بقيادة سمو الأمير ماضية في ترسيخ قيم ثقافة الحوار
            
          
 
           
          
            
                 محليات 
                 16  فبراير  2016 , 02:00م  
            
            
           
          
            
              الدوحة - قنا
            
           
            
          
            أكد سعادة الدكتور حسن بن لحدان المهندي وزير العدل، أن دولة قطر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله" ماضية قدما في تكريس جميع جهودها والتعاون من أجل ترسيخ قيم ثقافة الحوار بين جميع الأفراد والثقافات باعتبار ذلك حجر الزاوية في تحقيق الأمن والسلم العالمي.
ونوه سعادة الدكتور المهندي، في الكلمة التي افتتح بها مؤتمر الدوحة الثاني عشر لحوار الأديان بفندق شيراتون الدوحة اليوم والذي يعقد تحت شعار "الأمن الروحي والفكري في ضوء التعاليم الدينية"، بأن المؤتمر وبفضل المشاركات البناءة فيه بات منارة عالمية تضيء حاضر ومستقبل الحضارة الإنسانية من خلال نشر رسائل السلام والتسامح والتعايش المشترك.
ولفت سعادة وزير العدل إلى أن مؤتمر هذا العام ينعقد في ظل ظروف إنسانية حرجة بعد أن تزايدت وتيرة التطرف والعنف في كثير من بقاع المعمورة بصورة باتت تدق ناقوس خطر داهم يهدد المجتمع الدولي، وتدعو إلى ضرورة التوحد والعمل الإنساني المشترك من أجل نشر الأمن الروحي والفكري ومجابهة خطاب الكراهية والتطرف بجميع صوره وأشكاله .
وأشار سعادة الوزير في كلمته إلى أن الله العلي القدير قد كرم بني آدم وفضلهم على جميع مخلوقات الكون بفضيلة التقوى والعقل، كما ساوى سبحانه وتعالى بين جميع البشر بلا تفرقة أو تمييز، الأمر الذي يتعين معه على بني الإنسان التمسك بهذه التعاليم والقيم الإلهية، قولا وعملا وعدم السماح لفئة قليلة ببث سموم الكراهية والتطرف الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة الإرهاب الغاشم، الذي قال إن كل الديانات منه براء ومن جرائمه النكراء .
ونبه سعادة الدكتور حسن بن لحدان المهندي في كلمته، إلى أن رسالة نشر ثقافة وقيم التعايش السلمي والتسامح الإنساني تواجه العديد من التحديات الجسيمة التي تحتاج لمزيد من النظر والتحليل، مبينا أن من أخطر هذه التحديات ظاهرة أن يقترن الاختلاف مع الآخر بالمساس بحرية العقيدة والدين، مؤكدا أن مسألة ازدراء الأديان والمقدسات والمعتقدات والثقافات الأخرى، لا تعد فقط مسلكا يحض على العنصرية والغلو، بل إنها وقود يشعل الفتن ويلهب نعرات التعصب والكراهية .
ومضى سعادته قائلا في هذا السياق، إن التحديات كثيرة وجسيمة ، لكنها زائلة بإذن الله ، بفضل دور المشاركين المحوري في تصحيح الأفكار المغلوطة ونشر ثقافة الأمن الروحي والفكري بين الناس مع ضرورة التركيز على النشء الجديد بحسبانهم عقول وسواعد الحضارة الإنسانية المشتركة ومستقبل العالم الواحد المشرق .
كان سعادة وزير العدل قد استهل كلمته بالترحيب بالمشاركين في هذا المؤتمر المتميز بدولة قطر التي قال إنها تتشرف باحتضان هذا الحوار العالمي الناجح والمثمر للمرة الثانية عشرة على التوالي بمشاركة كوكبة من رجال الدين والعلماء وأصحاب الفكر المستنير .
وقد تم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة الدوحة العالمية الثالثة لحوار الأديان لعام 2016 والتي فاز بها 5 من الأفراد والمؤسسات لدورهم ونشاطهم في مجال حوار الأديان، وهم السيد بيتريت سليمي من كوسوفو والسيد آرشيكون رود باور من استراليا بالإضافة إلى معهد الحوار في جامعة تيمبل الأمريكية ومؤسسة /بونتانيما / في البوسنة والهرسك وشبكة العمل المسلم / إيمان / بالولايات المتحدة الأمريكية ، علما أنه قد تنافس لنيل هذه الجائزة 158 شخصية من 63 دولة في العالم ، فاز منهم اثنان ، و63 مؤسسة في 33 دولة، فازت منها ثلاث .
وكرم سعادة الدكتور حسن بن لحدان المهندي وزير العدل الفائزين ووزع عليهم الجوائز والشهادات، وهنأهم على فوزهم ، شاكرا إياهم على جهودهم الثمينة في خدمة الإنسانية جمعاء، ودعاهم إلى مواصلة عملهم المخلص .
وأشاد الفائزون وممثلوهم بقيمة الحوار بين الديانات السماوية وبرعاية قطر وتنظيمها لمؤتمرات الحوار والدور المميز الذي يضطلع به مركز الدوحة الدولي للحوار بين الأديان في هذا المجال . كما استعرضوا جانبا من نشاطاتهم وفعاليات مؤسساتهم في هذا الصدد .
من ناحيته أكد الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، أن المؤتمر الثاني عشر لحوار الأديان بالدوحة يأتي في وقت بالغ الأهمية حيث تمر سفينة البشرية هذه الأيام عبر بحر هائج ومتلاطم الأمواج ينذر بالغرق لكل من فيها ، داعيا المشاركين من منطلق مسئوليتهم المشتركة ، التفكير بكل حكمة وتدبر لإيصال هذه السفينة إلى بر الأمان .
وشدد الدكتور النعيمي في هذا السياق على أن العالم يعيش اليوم أزمة حقيقية تتجسد في ظهور العنف بكل أشكاله ، وتصل في كثير من الأحيان إلى انتهاكات تزهق أرواح ملايين الأبرياء في نزاعات لا مبرر لها على الإطلاق .
وأعرب عن أسفه واستغرابه كون هذه الأعمال والسلوكيات المستهجنة التي يتستر أصحابها في أحيان كثيرة وراء مزاعم تنسب للأديان وهى منها براء ، قد أصبحت رهينة لتلك الاتجاهات الفكرية المتطرفة التي لم تراع حق الحياة والكرامة الإنسانية .
وأهاب النعيمي في هذا الصدد بأتباع الديانات وغيرهم من الأكاديميين والباحثين من منطلق روابط الأخوة والإنسانية التي تجمع بينهم، أن يقفوا وقفة رجل واحد أمام التحديات الكثيرة المعيقة لتقدم المجتمعات وعلى وجه الخصوص ما يهدد أمنها الروحي والفكري .
وشدد في هذا الخصوص على أن ما يجمع بين أصحاب الديانات أكثر مما يفرقهم ، لكنه قال إن النظرة الضيقة المشربة بالأنانية والمصلحة الأنية تصنف الناس إلى أعداء وأصدقاء وإلى أخوة وأعداء بينما الأصل حسب القيم الدينية والأخلاقية ، أن الناس يجمعهم أصل واحد ويشتركون بكرامة وحقوق وواجبات وعيش مشترك .
ونوه بأنه من منطلق الأخوة الإنسانية بدأ مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان عبر الحوار الجاد والهادي، التعاون المشترك ضمن القيم المشتركة بين جميع الأطراف على المستوى المحلي أو الدولي لتحقيق هذه المبادئ التي نادى بها الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والتسليم .
وأكد الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في كلمة في افتتاح المؤتمر أن دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى والحكومة الرشيدة ، لا تألو جهدا في ترسيخ ثقافة الحوار مع جميع الأطراف والثقافات والحضارات انطلاقا من إيمانها بضرورة مد جسور التعايش وحسن الجوار والانفتاح على الحضارات الأخرى .
وقال إن الحوار كان هو شعار المركز منذ البداية من منطلق الإيمان بأنه لا سبيل للتعايش أو التفاهم بين الأفراد والجماعات أو الدول ، إلا من خلال الحوار البناء المنطلق من الاعتراف بالآخر واحترام ثقافته ومعتقداته ومقدساته .
كما تطرق لشعار مؤتمر حوار هذا العام الذي يركز فيه المشاركون على سبل حماية الأمن الروحي والفكري على ضوء التعاليم الدينية ، مشيرا إلى أنه بإمكان القيادات الدينية لعب دور مهم في هذا الصدد بحكم التأثير الروحي والفكري والاحترام الذي تحظى به لدى مجتمعاتها للتصدي لمثل هذه الظواهر والسلوكيات المفسدة . وقال إن الأديان يمكنها كذلك أن تسهم في لعب دور إيجابي ووقائي وتربوي في علاج مشكلات مجتمعاتها سواء في النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية أو التربوية بالتنسيق مع المؤسسات المجتمعية الأخرى بهدف تمكين المجتمعات متعددة الثقافات والديانات من الازدهار والتطور في مناخ من الطمأنينة والسلام وتجنب الصراعات والانحرافات .
وأضاف أن من التحديات التي تعترض طريق التعايش والاستقرار بين الأديان ، تنامي ظاهرة تبعث على القلق والمتمثلة في ازدراء المقدسات والثقافات الأخرى معتبرا ذلك شكلا من أشكال العنصرية والعصبية ولها نتائج سلبية ومعيقة للتعايش بين الثقافات والأديان مما يجعل من المهم على المشاركين التطرق لكل ذلك في مداخلاتهم والتباحث في أسبابها بغرض الوصول إلى الحلول الممكنة لها .
ودعا في سياق ذي صلة إلى التصدي لخطاب الكراهية والتشدد والغلو بكل أشكاله ومصادره سواء كان دينيا أو غير ديني، عبر تغليب لغة الحوار والتسامح والإقناع على لغة العنف والكراهية والتعصب المؤدية إلى نتائج لا تحمد عقباها .
ورأى الدكتور النعيمي أنه لا يمكن معالجة التشدد والغلو ونتائجها المدمرة بمقاربة أمنية أو سياسية، بل تحتاج إلى استراتيجية تنويرية فكرية تعالج جذور المشكلة مع تقديم بدائل مناسبة، لافتا إلى أن من ضرورات الأمن الروحي والفكري التصدي للأفكار المنحرفة بمنهجية حوارية منبثقة من التعاليم الدينية المدعومة بمنطق العقل .
كما أنه من المهم مقابلة الأفكار المتشددة المنغلقة على نفسها بأفكار أخرى ترسخ ثقافة التسامح ومنفتحة على الآخر المختلف، والعمل على تصحيح التفسيرات الخاطئة للدين وما ينتح عنها من صراعات دينية وتعصبات عرقية وطائفية ، مؤكدا أن كل هذه الغايات لن تتحقق الا بتضافر الجهود بين جميع القوى المجتمعية بما فيهم صناع القرار ورجال الدين والمفكرون والإعلاميون دون إغفال الأدوار التربوية المنوطة بالأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية بما فيها الجامعات . 
ونوه مجددا بأهمية الحوار ودوره في تحقيق الأمن الروحي والفكري في ضوء التعليم الدينية، في وقت يشهد فيه العالم تبدلات سريعة ومتداخلة تتجلى في التواصل والتفاعل بين المجتمعات والثقافات والجاليات من مختلف الجنسيات والأعراق والأديان مما يحتم ضرورة إيجاد نقاط للحوار ومحطات للتواصل، مؤكدا أن الحوار الناجح يتمحور في الأساس على قيم إنسانية مشتركة .
وتحدث أمام المؤتمر كذلك سعادة الدكتور أحمد زياد وزير الشئون الإسلامية في جمهورية المالديف، فأكد على أن الأمن الذي يحقق السلام لكل دولة وشعب، شرط لكل مجتمع ينشد التطور والازدهار وتحقيق غاياته بلا غلو أو تفريط .
ونوه بأن حماية الأمن الروحي تتطلب الإلمام بالعلم وبالثقافة ، داعيا إلى تحصين الشباب من كل ما يؤدى إلى الفتن والتكفير والتفجير، مع معالجة كل هذه الإشكاليات بحكمة وتعقل.
من ناحيته قال سعادة الكاردينال جاي لون توران ، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، إن عالم اليوم يفتقر إلى السلام والاستقرار سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ونوه بدور القادة الدينيين في تحقيق هذه الغايات.
كما دعا إلى الاهتمام بقضايا الشباب والعمل على تجنيبهم كل ما يقود إلى الإرهاب وإلى العناية كذلك بالمناهج والعمل على تضييق الاختلافات الثقافية والدينية .
أما سعادة الحاخام الدكتور ريفين فوستون ، المحاضر الجامعي بالولايات المتحدة الأمريكية ، فقال إن تقارب الحضارات مبدأ مشترك بين جميع الأديان، داعيا إلى حل أي اختلافات في هذا الإطار من خلال الأخوة التي تجمع بين الأديان والتعامل مع الآخر حسبما بينته الديانات السماوية .
وقد عبر هؤلاء المتحدثون عن جزيل شكرهم لدولة قطر لاستضافتها لمثل هذه المؤتمرات الحيوية، كما شكروا مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان والقائمين عليه لتنظيمه هذا المؤتمر الهام . 
وكانت الدكتورة عائشة يوسف المناعي نائب رئيس مجلس إدارة المركز، قد تحدثت في مستهل الجلسة الإفتاحية للمؤتمر مؤكدة على أهمية الحوار بين أتباع الديانات خاصة في هذا الوقت الذي يحصد فيه الإرهاب الكثير من أرواح الأبرياء ويدمر المقدرات والممتلكات والمساجد والمعابد .
ونبهت إلى أن هذه الممارسات لا تراعي مقاصد الشريعة الإسلامية والأديان الأخرى كذلك من حيث المحافظة على الإنسان. كما تطرقت لدور الأديان وحوار الحضارات في بناء القيم الفاضلة وغرس روح السلام وتحقيق الأمن الروحي للبشرية جمعاء .
في ختام الجلسة الافتتاحية كرمت وزارة الخارجية الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان تقديرا لدوره وإدارته الناجحة للمركز الذي أصبح من أفضل مراكز الحوار على المستويات الخليجية والعربية والدولية .
وفي هذا الصدد قام سعادة السفير عبدالله عبدالرحمن فخرو المدير التنفيذي للجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات بوزارة الخارجية بتكريم الدكتور النعيمي نيابة عن سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية .
وفي كلمته عقب التكريم توجه الدكتور النعيمي بوافر الشكر والامتنان لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى /حفظه الله/ على الثقة التي يوليها سموه لرئيس وأعضاء مجلس إدارة المركز . وقال إنه بتعاون أعضاء مجلس الإدارة ، سيواصل هذه المهمة التي كلفه بها أول مرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني /حفظه الله / عام 2007 ، وذلك حتى الوصول بالمركز إلى العالمية . 
كما شكر الدكتور النعيمي سعادة وزير الخارجية وأيضا المدير التنفيذي للجنة الدائمة للمؤتمرات على هذا التكريم الذي قال إنه تكريم لكل العاملين بالمركز، مبينا أن الطريق لا يزال طويلا لتحقيق رسالة المركز والأهداف التي أنشئ من أجلها ، مشيدا بالتعاون الكبير الذي يجده المركز من قبل اللجنة والقائمين عليها .
يناقش المؤتمر على مدى يومين أربعة محاور ، أولها بعنوان /الدين وحدة إنسانية مشتركة للأمن الروحي والفكري/ . ويتناول المحور الثاني أساليب ووسائل الغزو الفكري والأخلاقي وأثره على زعزعة الأمن الفكري .. في حين تناول المحور الثالث سبل تحصين الشباب من العنف الفكري والأخلاقي والتضليل الثقافي، وتعقد ضمن المحور الرابع حلقة نقاشية حول / استراتيجيات حماية الأمن الروحي والفكري .. قراءة في استشراف المستقبل
م.ب