لم يدر علاء كيف يعبر عن فرحه عندما تسلم مفتاح شقته في مدينة "حمد" السكنية، التي تمولها قطر في "خان يونس" جنوب قطاع غزة.
في ساحة واسعة تجمع المئات ممن فازوا في القرعة التي أجرتها وزارة الإسكان، للحصول على شقة في المدينة القريبة من الشاطئ. وسادت أجواء الفرح وعلت الابتسامات الوجوه وسط صياح ولعب الأطفال.
وقال علاء الفرا (30 عاما) الموظف بوزارة الزراعة في غزة: "إنها أول مرة نذوق طعم الفرح الحقيقي منذ الحرب الأولى قبل ست سنوات".
وكان قطاع غزة المحاصر شهد ثلاثة حروب منذ أواخر 2008 خلفت دمارا هائلا في البنية التحتية وتسببت بدمار آلاف المنازل وبمقتل وجرح الآلاف.
ومدينة "حمد" التي تشرف على إقامتها اللجنة القطرية ووزارة الإسكان في حكومة التوافق الفلسطيني، مخصصة لذوي الدخل المحدود ومن بينهم مئات من موظفي حكومة حماس.
وأوضح ناجي سرحان، وكيل مساعد وزارة الإسكان في غزة، أن المدينة ستضم أكثر من 2500 وحدة سكنية ويبلغ متوسط مساحة الشقة مائة متر مع مرافقها.
وقال علاء الفرا: "نحن من ذوي الدخل المحدود ولكن من الصعب أن نسدد الأقساط المالية في ظل الوضع الراهن، ونأمل أن تحل أزمة الرواتب لنتمكن من السداد".
وسيتم تغطية جزء من ثمن هذه الشقق من المستحقات المالية لموظفي حكومة حماس لدى الحكومة الفلسطينية التي تأخر دفعها بسبب الخلاف مع حماس التي تسيطر على القطاع.
جهاد دحلان (49 عاما) الذي تسلم وزوجته مفتاح شقتهما قال: "أكاد أطير من الفرح... سننتقل فور الاستلام النهائي حتى من دون أثاث".
وجهاد لديه 11 ولدا وبنتا من بينهم 5 معاقين هم 3 صم وكفيفان، وهو عاطل عن العمل.
وسيتمكن المستفيدون من الإقامة في هذه الوحدات السكنية بعد الانتهاء من البنية التحتية وتركيب شبكات المياه والكهرباء والمجاري للمدينة والمتوقع خلال ستة أشهر، وفقا لمسؤول في وزارة الإسكان.
ويقيم جهاد وهو من عائلة لاجئة من قرية حمامة قرب عسقلان، مع زوجته وأطفاله في غرفة بمنزل حماته في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.
ومدينة حمد التي أقيمت في المنطقة الساحلية فوق أنقاض مستوطنة "غوش قطيف" السابقة التي أخلاها المستوطنون في 2005، مصممة وفق مواصفات عالية الجودة بحسب تصريحات رئيس اللجنة القطرية، وتضم مدرسة ومستوصفا طبيا ومسجدا ومجمعا تجاريا وملعب كرة قدم وحدائق.
وعلى واجهة المباني المكونة من سبع طبقات وضعت صور ضخمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وسمو الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس محمود عباس.
وكشف وزير الإسكان والأشغال في حكومة التوافق الفلسطيني، مفيد الحساينة، أن القطاع "يحتاج إلى أكثر من 130 ألف وحدة سكنية" معظمها دمر خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة الصيف الماضي.
وشدد الحساينة على "ضرورة إنهاء الحصار على قطاع غزة وإدخال كافة مواد البناء دون قيد أو شرط لنعيد الحياة كما كانت إلى غزة".
وبعد حصوله على عقد ملكية شقته، قال أحمد، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا: وهو شاب مقعد إثر أصابته برصاصة إسرائيلية في حرب نهاية 2008، أنه يتمنى من دولة قطر "مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في حل أزمة السكن لهم".
ويوجد في قطاع غزة آلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب الحروب.
ودمر الاحتلال أكثر من مائة ألف منزل كليا أو جزئيا في حرب الصيف الماضي، ولم يتم إعادة بناء سوى عدد قليل جدا من المنازل والمنشآت المهدمة بسبب بطء إدخال مواد الإسمنت وعدم توفر الدعم المالي الكافي.
وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) أنها تواجه أزمة مالية في إعمار تسعة آلاف منزل دمرها كليا جيش الاحتلال في الحرب الأخيرة.
وبعد أن شكر إسماعيل هنية، نائب رئيس حركة حماس، دولة قطر لتمويل المدينة السكنية، قال موجها كلامه للحكومة الإسرائيلية: "دمرتم المؤسسات والمباني والمدارس وقصفتم الآمنين وها نحن بعد 7 سنوات نقيم المدن والمباني والعمارات على أرض غزة. اليوم هو يوم ترسيخ الانتصار لهذا الشعب ولكل من وقف مع شعبنا الفلسطيني".
م.ن