الأمم المتحدة قد تتحرك إذا وجد دليل على المؤامرة الإيرانية

alarab
حول العالم 15 أكتوبر 2011 , 12:00ص
الأمم المتحدة - رويترز
يمكن للولايات المتحدة كسب تأييد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قضية المؤامرة الإيرانية المزعومة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن إذا كان لدى واشنطن أدلة ولعبت بالأوراق التي في يدها بشكل سليم. واتهمت الولايات المتحدة قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني بتدبير مؤامرة لاغتيال السفير عادل الجبير، وقالت إنها قد تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضد إيران. وتنفي إيران المزاعم الأميركية ووصف السفير الإيراني في الأمم المتحدة محمد خزاعي في خطاب للأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ومجلس الأمن الدولي أميركا بأنها «داعية حرب» ووصف المزاعم الأميركية بأنها «مخطط شرير» ضد بلاده. وقدمت سوزان رايس سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة تفاصيل القضية إلى بان، وقالت له إن ما فعلته إيران يمثل «تهديدا خطيرا للأمن والسلام الدوليين». وأضافت أن واشنطن تتحدث مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي كما طلبت من بان تقديم تفاصيل القضية إلى الجمعية العامة. ولم يتوصل وفد الولايات المتحدة في المنظمة الدولية بعد إلى قرار رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي لكن دبلوماسيين يقولون إن واشنطن تبحث هذا الأمر. وقال سفير بالمجلس لرويترز «لم يضعوا خطة اللعب بعد. إنهم يدرسون كل الخيارات. مزيد من العقوبات واستصدار قرار والإدانة كلها أمور ممكنة». وإذا سارت الولايات المتحدة على نهج إدارات أميركية سابقة وقدمت القضية خلال اجتماع علني لمجلس الأمن المكون من 15 دولة فإنها قد تستطيع حشد الدعم في مواجهة المتشككين والمنتقدين الذين قالوا إن الاتهامات الجديدة الموجهة لإيران منافية للعقل. كان هذا هو ما حدث عام 1962 في أزمة الصواريخ الكوبية عندما كشف سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة آنذاك أدلاي ستيفنسون خلال اجتماع علني للمجلس نقله التلفزيون عن صور التقطتها طائرات تجسس من طراز يو تو لصواريخ سوفيتية ومنصات إطلاق في كوبا وواجه السفير السوفيتي في الأمم المتحدة فاليريان زورين بالاتهامات. وقال ستيفنسون «هل تنكر أيها السفير زورين أن الاتحاد السوفيتي وضع ويضع صواريخ متوسطة المدى ومواقع صواريخ في كوبا؟ نعم أم لا؟». ورفض المندوب السوفيتي الرد بإجابة محددة وقال لستيفنسون «أنا لست أمام محكمة أميركية». ورد ستيفنسون قائلاً «أنت أمام محكمة الرأي العالمي الآن ويمكنك أن تجيب بنعم أم بلا». ولم يرد زورين بإجابة واضحة قط لكن تمتع السوفيت بحق النقض (الفيتو) جعل من المستحيل اتخاذ أي إجراء رسمي ضدهم في مجلس الأمن. لكن واشنطن كسبت فعلاً القضية في «محكمة الرأي العالمي»، ففي نفس اليوم وهو 23 أكتوبر عام 1962 أيدت منظمة الدول الأميركية بالإجماع خطة أميركية لفرض حصار بحري على كوبا لمنع إرسال المزيد من شحنات الصواريخ. وفي عام 1983 قامت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة جين كيركباتريك بتشغيل تسجيل صوتي لطيار طائرة اعتراض سوفيتية كان ضالعاً في إسقاط طائرة الخطوط الجوية الكورية رقم 007 فوق بحر اليابان ما أسفر عن مقتل 269 من الركاب وأفراد الطاقم وكان من المستحيل على السوفيت أن ينفوا ضلوعهم في الأمر بعد ذلك. لكن التاريخ الحديث يظهر أيضا أنه عندما يكون الدليل ضعيفاً فإن أصوات المتشككين في مجلس الأمن الدولي ستعلو ولن تتمكن واشنطن من إسكاتها، والمجلس هو الكيان الوحيد التابع للأمم المتحدة الذي يملك سلطة فرض العقوبات أو السماح باستخدام القوة العسكرية. كان هذا ما حدث مع كلمة وزير الخارجية الأميركية الأسبق كولن باول في فبراير 2003 أمام مجلس الأمن عندما قدم معلومات مخابراتية أميركية عن مزاعم بوجود برامج للأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية لدى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وربما كان باول يحاول السير على نهج ستيفنسون وكيركباتريك فاستخدم وسائل مساعدة بصرية وعرض صوراً وشغل تسجيلات صوتية بل إنه عرض زجاجة بها مسحوق أبيض بدا كمسحوق الجمرة الخبيثة الفتاك. ولم تحقق هذه الكلمة التي استندت إلى أدلة تبين الآن أنها خاطئة أي نجاح في الحصول على تأييد الفرنسيين والروس والألمان المتشككين الذين أجبروا الولايات المتحدة وبريطانيا في نهاية المطاف على التخلي عن جهودهما للحصول على الضوء الأخضر من الأمم المتحدة للقيام بغزو العراق في مارس عام 2003. وقال ديفيد بوسكو وهو أستاذ في الجامعة الأميركية بواشنطن إن استخدام المجلس قد يكون «مسرحاً عاماً» جيداً لكنه قد لا يقنع الأعضاء المتشككين فيه. وأضاف «الخطب الدرامية عادة ما تكون فعالة في استمالة الرأي العام في الداخل أكثر من استمالة الدول الأخرى». وقال «خطاب باول لم يغير الحركة الديناميكية في المجلس فيما يتعلق بدعم الحرب لكن كان له تأثير كبير في الداخل». وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن واشنطن بدأت بالفعل في بذل جهود أولية لإقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بقوة القضية التي أثار عدد من المحللين شكوكاً حولها. ويرى بعض المحللين أنهم يجدون صعوبة في تصديق أن قوة القدس ستتصرف بهذا الشكل الأحمق الذي تشير إليه أوراق القضية. ووصف السفير الفرنسي في المنظمة الدولية جيرار أرو المزاعم بأنها «قابلة للتصديق ومقنعة للغاية»، وقال إن فرنسا «ستدعم كثيراً» أي مبادرة أميركية في المجلس. وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو «ستبحث الأمر بجدية شديدة للغاية»، وأضاف المبعوث الصيني لي باو دونغ أنه نقل تفاصيل القضية إلى بكين. وقال دبلوماسيون في المجلس إن واشنطن أرسلت فرق خبراء من وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي وإدارة مكافحة المخدرات إلى روسيا والصين وهما من أكثر الدول المتشككة في المجلس ولهما حق النقض (الفيتو). وبدا أن ماريا لويزا ريبيرو فيوتي السفيرة البرازيلية في الأمم المتحدة ليست مقتنعة تماماً، وقالت للصحافيين إن الإجراءات القضائية الأميركية يجب أن تأخذ مجراها أولاً. ويقول مبعوثون في المجلس إن كسب تأييد الهند وجنوب إفريقيا وهما العضوان الآخران في دول مجموعة (بريكس) للاقتصادات الناشئة إلى جانب البرازيل وروسيا والصين قد يكون صعباً على واشنطن، وكانت المجموعة قد رفضت جهوداً غربية للتحرك ضد سوريا وغيرها من القضايا.