قطر تدخل «مربعانية الصيف».. «البوارح».. موسم بدء القيظ ونضج الثمار

alarab
محليات 15 يونيو 2021 , 12:15ص
يوسف بوزية

عبدالله الحداد: مايو ويونيو الأكثر تأثراً برياح البوارح

سيف الحجري: هذه الفترة تساهم في تحقيق التوازن البيئي

ناصر الخلف: أنظمة الزراعة الحديثة تحيّد ظروف المناخ

بداية من منتصف مايو إلى منتصف يوليو، تدخل منطقة الخليج العربي وشرق شبه الجزيرة العربية، بالفترة المناخية التي تعرف باسم «البوارح»، وهذه الفترة تشتهر بهبوب الرياح الشمالية الغربية النشطة التي تثير الغبار والأتربة على اليابسة، كما تهيج أمواج البحر ويرتفع منسوبها. عن «موسم البوارح»، يوضح عبدالله الحداد، كبير المتنبئين الجويين بإدارة الأرصاد الجوية، أن رياح البوارح تأتي في مثل هذا الوقت من كل عام، وتؤثر على الناحية الشمالية الغربية من منطقة الخليج العربي؛ حيث تتأثر منطقة الجزيرة العربية والهضبة الإيرانية بتعمق المنخفض الهندي الموسمي وامتداده لمنطقة حوض الخليج العربي، متزامناً مع وجود امتداد لمرتفع جوي على شمال وسط السعودية.

وأضاف الحداد لـ «العرب» أن رياح البوارح تعرف في علم الأرصاد بـ «رياح الأربعين يوم الشمالية»، وتبدأ من أواخر مايو إلى منتصف يوليو، وتتميز بانخفاض سرعتها خلال الليل، خاصة على اليابسة، إلا أن سرعتها تتزايد مع الشروق وتبلغ أقصاها عند الظهيرة ومنتصف النهار.
وأضاف: كما تتميز هذه الرياح بالهبوب على شكل موجات من 48 ساعة إلى 144 ساعة، وتم رصد أطول موجة سنة 1986.
ونوه بأنه يصاحب هذه الرياح غبار مثار قد يتحول إلى عواصف ترابية أحياناً، والتي تؤدي إلى تدني في الرؤية الأفقية وانخفاض الرطوبة النسبية ودرجات الحرارة العظمى تتراوح ما بين 40- 46 درجة مئوية، كما تؤدي إلى ارتفاع كبير في الأمواج في عرض البحر، كما أن لهذه الرياح دوراً سلبياً على حركة الطيران؛ وذلك بسبب الفروقات الكبيرة في سرعة الرياح على  (wind shear)بالقواطع مستوى سطح الأرض وحتى ارتفاع 3000 قدم. وأكد الحداد أن شهر يونيو يعتبر الحاضن الرئيسي لهذه الرياح.

أبز سمات المناخ الصيفي
من جانبه، قال الدكتور سيف الحجري، الخبير البيئي: ان رياح «البوارح» التي تهب مع نهايات شهر مايو وتستمر حتى يوليو، وتعد من أبرز سمات المناخ الصيفي في مناطق الخليج العربي التي تساهم في إنضاج بواكير ثمار «الرطب»، موضحاً لـ «العرب» أنها تساهم وبشكل مباشر في نضج الرطب وإعطائه جودة عالية ولوناً أصفر يميل إلى الذهبي، وكبر حجم الثمرة، وهذه معايير جودة ثمرة الرطب، وأكد أن رياح «البوارح» من الرياح النافعة، وهي من التقلبات الجوية الصيفية المعروفة في منطقة الخليج منذ القدم، وتسهم بشكل كبير في تحول ثمرة الرطب من مرحلة «الخلال ذي اللون الأخضر» إلى مرحلة «البسر ذي اللون الأصفر أو الأحمر» وبالأخص بواكير الرطب، وهي الأصناف المبكرة كالطيار والغر والمجناز، وتُعرف عند الكثير من المزارعين المحليين بـ «طباخ الرطب». 
وأضاف الحجري أن المزارعين يحرصون كل الحرص على تغطية محصول «الرطب» بألياف وأكياس مسامية لمنع وصول الغبار للثمار للحفاظ على جودتها من الأتربة وذرات الغبار المتطايرة في الأجواء. وبيّن أن موسم البوارح يشهد انخفاضاً حاداً في الرطوبة النسبية، وخلو السماء تماماً من السحب، وتكون رياحه قوية، ودرجة الحرارة العظمى تصل إلى 45 درجة مئوية، وهي فترة يتغير فيها السعف السفلي للنخلة تدريجياً وبربط العذوق في السعف.
وأشار إلى دور التقلبات المناخية بما فيها الرياح الموسمية وتأثيرها على أحداث التوازن البيئي، مشيراً إلى العلاقة المتكاملة بين جميع عناصر البيئة بما فيها الرياح، وأشعة الشمس والنبات والحيوان والبلد والإنسان، وبعض مكونات الغلاف الغازي في اتزان مستمر.

التقنيات الحديثة
ويؤكد ناصر أحمد الخلف المدير التنفيذي ومالك مزرعة «أجريكو» أن الأنظمة المستخدمة في تقنيات الزراعة الحديثة ساهمت إلى حد كبير في تحييد الظروف المناخية، من خلال التقنيات الحديثة التي تساهم في زيادة الإنتاج على مدار العام، بما فيها تقنية الهايدروبونيك، والتي تساهم في استمرار عملية الإنتاج طيلة العام، مع زيادة إنتاج المتر المربع، وتقليل استهلاك المياه، وأضاف أن هذه التقنية تضمن أدق التفاصيل التي تساهم في استمرار الإنتاج وجودة المنتجات، من خلال درجة حرارة مياه السقاية والتربة والأسمدة المستخدمة.. إلخ، موضحاً أن الخطأ الذي يقع فيه معظم المزارعين في الإنتاج صيفاً هو استخدام بيوت مبردة للزراعة التقليدية، وهذا الأمر لا ينجح بسبب درجة حرارة التربة والمياه التي تصل إلى 45 درجة مئوية مما يؤدي إلى هلاك النبتة.
وعن تطوير البيوت المحمية قال الخلف: تطوير هذه البيوت يتضمن معالجة نوع الحديد المستخدم في تشييدها، بحيث يعكس درجة الحرارة، وكذلك نظام التضليل المستخدم في البيوت المحمية التي ابتكرتها بعض المزارع القطرية يختلف عن الأنظمة المستخدمة عالمياً، فهي توفر المناخ المناسب للنباتات للنمو والإنتاج.
وتطرق الخلف إلى بعض تفاصيل هذه الزراعة التي تتيح التحكم بدرجة الحرارة، قائلاً: تتيح هذه التقنية التحكم بدرجة حرارة مياه الري والبيت المحمي، والتحكم في درجة الحرارة يساعد على نجاح الموسم الزراعي؛ حيث إن الزراعة التقليدية تفشل أحياناً؛ لأن النبتة تزرع في أرض حارة، وحتى إذا سُقيت بمياه باردة، فإن ذلك لا يحدث فرقاً، فتموت جذور النبتة التي تمتص الغذاء من الماء.
ونوه الخلف بالتأثيرات الإيجابية لرياح (البوارح) التي تتمثل في كسرها لحدة الإشعاع الشمسي الذي يخفف بدوره من درجات الحرارة، بالإضافة إلى دورها لتحقيق التوازن البيئي.
أنواء ثلاثة في البوارح: الثريا والدبران والهقعة
وتشمل فترة البوارح (3) منازل للقمر لمواقع النجوم أو الأنواء وهي:
1 - نوء الثريا ومدته (13) يوماً، ويبدأ يوم 6 يونيو وينتهي يوم 20 يونيو، وفيه يكون هبوب رياح البارح العود أو (بارح الثريا)؛ إذ تهب رياح شمالية غربية جافة ومحملة بالغبار قادمة من الأراضي الصحراوية التي تقع بين الشمال والشمال الشرقي من شبه الجزيرة العربية، هذه الرياح عادة تكون نشطة، وقد تصل سرعتها في بعض الأحيان إلى أن تتجاوز (45) كيلومتراً في الساعة خلال النصف الأول من يونيو، وهذه الرياح المحملة بالغبار عادة تهب في النهار مع ارتفاع حرارة الجو، ويترسب غبارها في الليل.
2 - نوء الدبران أو التويبع ومدته (13) يوماً، ويبدأ في يوم 21 يونيو، وهو نجم أحمر منير يعتبر ألمع النجوم في برج الثور ومدته 13 يوماً، ويرجع السبب في تسميته بهذا الاسم؛ لأنه يتبع أو يدبر ويكون خلف نجم الثريا وظهوره يكون في اليوم 30 من برج الجوزاء، ويتبقى في هذه الفترة حوالي (63) يوماً على دلوق نجم سهيل، وفي هذا النوء يستلذ شرب الماء البارد، ويكون فيه النهار في أقصى طول له، والليل في أدنى طول له، وكانت العرب في الجاهلية تتشاءم من هذا النجم، وأنه عرف بالنحس والشؤم.
وفيه يكون الانقلاب الصيفي حيث تتعامد الشمس على مدار السرطان في شمال الكرة الأرضية في يوم 22 يونيو، فيكون تعامد أشعة الشمس في أعلى نقطة تصل إليها الشمس في شمال الكرة الأرضية في هذا اليوم من خطوط الطول والعرض، ويكون أطول نهار وأقصر ليل في النصف الشمالي من الأرض. والتويبع تذكره العرب بأنه فصل الجفاف فتقول العرب التويبع: «ما ذكر وادي في التويبع سال» أي تكون نهاية فصل الأمطار في شبه الجزيرة العربية مع نوء التويبع.
3 - نوء الهقعة أو الجوزاء الأولى ومدته (13) يوماً في يوم 3 يوليو، يبدأ هذا النوء كما تستمر هبوب (رياح السموم) حتى شهر أغسطس، وهي رياح شمالية غربية نشطة وجافة وشديدة الحرارة، وتهب مع موجات الحر التي ترفع درجات الحرارة لتتجاوز في النهار (48) درجة مئوية وتلامس (30) درجة مئوية أو تكون دونها قليلاً في الليل، ورياح (السموم) تساعد على نضوج البلح والرطب، فيطلق أصحاب النخيل وزراعها في وسط شبه الجزيرة العربية على هذه الفترة اسم «طباخ اللون»، حيث يبدأ فيها البلح أو التمور في التلون أو تغير لونه عند النضج مع اشتداد الحرارة  وسطوع الشمس.

نصائح طبية لمواجهة عواصف الغبار

كثيراً ما توصي مؤسسة حمد الطبية الجمهور باتخاذ الاحتياطات الصحية ومعايير السلامة الضرورية في مواجهة الرياح القوية التي تسود البلاد خلال الفترة الحالية، والتي تسبب بعض المخاطر الصحية المحتملة مثل التهابات وحساسية الجيوب الأنفية والجهاز التنفسي.
ويكون أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، الرضّع والأطفال، وكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من الربو، والأشخاص الذين يعانون من التهابات القصبات الهوائية، والأشخاص الذين يعانون من حالات انتفاخ حويصلات الرئة (الإمفيزيما) والأمراض والأعراض التنفسية، والأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، والحوامل، والأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق، مثل عمال البناء وعمال خدمات التوصيل، ويتعين على هؤلاء مراجعة الطبيب فور تعرضهم لأية التهابات.
وينصح الأفراد ممن يعانون من الأزمة أو الأمراض التنفسية الأخرى باستخدام البخاخات وموسعات الشعب الهوائية على الفور عند ظهور أعراض الربو مثل السعال المتواصل، والتوجه إلى أقرب مركز صحي.
ويتألف الغبار من جزيئات دقيقة من المواد الصلبة التي يحملها الهواء، ويمكن لهذه الجزيئات الدخول إلى أنسجة الدفاعات الطبيعية في الرئتين، وبالتالي الإضرار بخلايا وأنسجة الرئتين. وكذلك تعمل جزيئات الغبار على تهيّج الرئتين وإثارة الحساسية ونوبات الربو؛ لذا فإن التعرض للغبار المتطاير في الهواء يمكن أن يتسبب في الإصابة بأمراض تنفسية ونوبات مزمنة، بالإضافة إلى أمراض القلب.

المناطق المفتوحة
وتؤكد مؤسسة حمد الطبية أهمية اتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء العواصف الرملية.. مبينة أهمية تجنب الخروج إلى المناطق المفتوحة، خصوصاً أثناء اشتداد هبوب الرياح وانخفاض مستوى الرؤية، وعندما يكون مستوى الغبار العالق في الهواء مرتفعاً، والحرص على إبقاء النوافذ والأبواب مغلقة، وتغطية الأنف والفم بقناع واقٍ أو قطعة قماش مبللة عند الخروج إلى الهواء الطلق، وذلك للحد من استنشاق جزيئات الغبار.

التهاب العينين
وتابعت نصائحها قائلة: «عند قيادتك للسيارة أثناء الأجواء المغبرّة، احرص على إبقاء النوافذ مغلقة وعلى استخدام تكييف الهواء بدلاً من الهواء الخارجي، وتجنب فرك عينيك للحيلولة دون تعرّض العينين للالتهابات، علماً بأن التهاب العين أمر شائع خلال موسم العواصف الرملية. ولمزيد من الوقاية ينصح بارتداء النظارات الواقية المحكمة الإغلاق لمنع دخول الغبار إلى العينين.
وفي الحالات التي تشعر فيها بتهيّج في العينين ينصح بغسلهما بالماء مع التزام الحذر الشديد إذا كنت تستخدم العدسات اللاصقة، وأخيراً يتعين على الأشخاص الذين يكونون أكثر عرضة لأمراض الحساسية الشديدة البدء في استخدام مضادات الهيستامين الموصوفة لهم خلال هذا الموسم، حتى قبل ظهور أعراض هذه الأمراض عليهم.

ما رياح البوارح؟

رياح البوارح هي رياح شمالية غربية شديدة الجفاف، تثير الغبار والأتربة. تصل سرعة رياح البوارح أحياناً إلى أكثر من 55كم/ ساعة، وقد تؤدي إلى تشكل العواصف الرملية في الحالات الشديدة.
 
كيف تنشأ 
تنتج رياح البوارح بسبب ارتفاع الضغط الجوي السطحي على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وانخفاضه الشديد فوق شرق الجزيرة العربية وصحراء الربع الخالي، مما يساهم في اندفاع الرياح من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي مع إثارة الغبار والعواصف الرملية.

أين تحدث 
يكثر هبوب رياح البوارح على المناطق الشرقية من المملكة العربية السعودية، وتصل إلى المناطق الوسطى أحياناً، وتهب على الكويت وقطر والبحرين والعراق وصولاً إلى الإمارات.

متى يبدأ موسمها 
يبدأ موسم رياح البوارح على المملكة العربية السعودية عادة مع نهايات شهر مايو، وتستمر حتى يوليو، وتعتبر من أبرز سمات مناخ شرق المملكة في فصل الصيف. وتهب هذه الرياح من منتصف مايو إلى نهاية يوليو من كل عام، نتيجة تأثر المنطقة بمنخفض الهند الموسمي الذي يشتد خلال هذه الفترة، ويمتد حتى شمال الخليج العربي، يصاحبه ارتفاع في درجات الحرارة في حوض الخليج العربي وشمال شرق جزيرة العرب.

4 فترات
 تنقسم فترات البوارح إلى أربع فترات، هي: بارح البطين، وبارح الثريا، وبارح الجوزاء، والمرزم ومع طلوع المرزم في 29 يوليو إلى 10 أغسطس، تضعف البوارح، وتنشط الرياح الجنوبية الدافئة والرطبة (الكوس) على النصف الجنوبي من الجزيرة العربية، وتنشط البوارح من سقوط الثريا مطلع مايو إلى طلوع المرزم في نهاية يوليو، وعندما تشتد الحرارة مع طلوع نجوم الجوزاء والشعرى (المرزم) تشتد الحرارة الجافة والحارة، وتعتبر أشد البوارح حرارة، حيث تنشط بعدها رياح الكوس، ويبدأ هبوب الرياح الموسمية الجنوبية والجنوبية الغربية، وهي رياح دافئة رطبة، تعمل على تشكل السحب هطول الأمطار الموسمية على جنوب وجنوب غرب شبه الجزيرة العربية.