الصيف محطة لصرف «تحويشة العام».. والرجال ينفقون أكثر من النساء

alarab
تحقيقات 15 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة – هدى منير العمر
بين متطلبات الترويح عن النفس والتجديد في كل ما هو روتيني خلال العام لا بد من تحديد ميزانية خاصة للعطلة السنوية، هذا إن لم تتطلب خيارات الترفية والسياحة الصيفية صرف ميزانية العام بأكمله بالنسبة لبعض الأشخاص ممن حددوا في أجندتهم توجهات للخارج، لكن أينما كانت الوجهة (داخلية أو خارجية) فهذا لا يلغي من طبيعة الموسم الصيفي المُكلف الذي تزداد فيه عروض التسوق والترويج لكثير من الرحلات والشاليهات، فضلاً عن المناسبات الخاصة كالأعراس وحفلات النجاح. وتمتد مغريات الصيف إلى كل من الجنسين (الذكور والإناث) فإن كانت تميل جيوب النساء إلى التسوق والتجميل والنوادي الصحية، ففي المقابل يستمتع الشباب برحلات البر الطويلة والسفر والرياضة والتسوق أيضاً. من المجمعات إلى الفنادق كما هي توجهات البعض خلال العطلات الأسبوعية ستكون ذاتها خلال العطلة السنوية، فمن سيبقى في الداخل سيقضيها في الغالب بين المجمعات التجارية والفنادق وفقاً لميثه العلي التي تقول: «بما أننا لن نسافر هذا العام فربما لن أصرف كثيراً، لأني سأذهب لنفس الأماكن المعتادة من مجمعات تجارية ومطاعم، لكن قد نقضي بعض الأيام في أحد الفنادق، وفي كل الأحوال نصرف في عطلة الصيف أكثر من أي شهر آخر، وبما أني سأكون متفرغة فسأستعد من الآن لشراء حاجيات العيد من ملبس وحقائب، وسأذهب لتغيير مظهري قليلاً في صالونات التجميل من صبغ الشعر أو تنظيف البشرة وما إلى ذلك». وتلفت ميثه إلى أوجه الإسراف بالنسبة لبقية السيدات عموماً في الصيف فتقول: «كثيرات بالتأكيد سيسافرن هذا العام مع عائلاتهن، وخلال السفر قد ينفق الفرد الواحد عشرات الآلاف، خصوصاً السيدات، فلا يتركن شيئا إلا ويجلبنه من الخارج من ملابس ومجوهرات وأحياناً أثاث للبيت، بالإضافة إلى مصاريف الترفيه». موسم الأعراس تكثر خلال العطلة الصيفية مناسبات الأفراح والاحتفالات الخاصة، كحفلات التخرج من الجامعة والنجاح بالثانوية العامة، وكل شيء يحتاج لميزانية، وفرحة بدون إسراف معادلة غير صحيحة كما تقول المواطنة منيرة العنزي التي توضح أن مبالغات المواطنين في الأفراح متعارف عليها، ويمكن اعتبارها ضمن مصاريف الصيف حتى بالنسبة للمدعوات على الفرح، وتقول: «في هذا الصيف سيتزوج أخي، وفي المقابل أنا مدعوة على فرحين، وهم أقرباؤنا أيضاً، وأعتقد أن هذه المناسبات تضيف عبئا كبيرا على مصاريف الصيف، فلو أردت أن أستعرض لكم ما سأنفقه أنا شخصاً على نفسي استعداداً لعرس أخي فسندخل في لغة عشرة آلاف فما فوق، فثمن فستاني الذي طلبته من الخارج يصل إلى حوالي 8 آلاف ريال، أما مصاريف الصالون من تسريحة وماكياج فأيضاً ستتجاوز أربعة آلاف ريال، وطبعاً نفس هذه التحضيرات ستتكرر مع العرسين الآخرين، ولكن أكيد بتكاليف أقل من ذلك». وتتابع العنزي حول محافل الصيف المكلفة: «أعرف بعض المواطنات ينوين إقامة حفلات تخرجهن في الفنادق وأخريات في البيوت، وحتى لو كنا مجرد مدعوات فهدايا النجاح كثيرة، وستكون لصديقات مقربات، فلن نستطيع شراء هدايا رمزية». وعن خطط السفر تجيب: «بحكم عرس أخي لن نسافر إلى الخارج في هذا العام، وقد نذهب إلى دبي إما في نهاية العطلة أو سنؤجل الموضوع لعيد الفطر، واحتمال كبير سنسافر لأداء العمرة». مصاريف السفر رغم اهتمامات الإناث الكثيرة إلا أن هذا لا يعني أن الذكور أكثر اقتصاداً، خصوصاً وأن الحديث مقتصر على الإسراف في عطلة الصيف، فيقول فيصل المهندي إنه سيقضي إجازته في لندن مع رفقائه، مؤكداً أن السفر إلى أوروبا يختلف عن السفر إلى الدول العربية أو شرق آسيا، لأنها أغلى وتحتاج لميزانية أكبر، فيوضح: «أعتقد أن المواطنين الذين سيسافرون إلى أوروبا غالبهم من المقتدرين، لأن الإقامة هناك مكلفة، لذلك لو لاحظتم لوجدتم أن غالب المواطنين سيسافرون إلى ماليزيا أو تايلاند عوضاً عن الدول العربية التي يصعب السفر إليها في ظل هذه الظروف، لأنها أرخص من أوروبا، لذلك من الآن محسوب علي آلاف الريالات للتذاكر والفندق». ويتطرق المهندي إلى أوجه إسراف الشباب عموماً والتي يعتبرها منافسة لأوجه إسراف الإناث أيضاً فيقول: «أنا أرى أن بعض الشباب يصرفون أكثر بكثير من السيدات، فمنهم من يبدلون سياراتهم بشكل مستمر، ومنهم من يهتمون بالساعات الثمينة كاهتمام النساء بالمجوهرات، وممكن أن ندرج كل هذا ضمن مصاريف التسوق التي تكثر في عطلة الصيف أيضاً». على المتزوجين أعباء أخرى حال رب الأسرة في عطلة الصيف قد يكون أكثر ضيقاً، فهو أكثر من يصرف ومع هذا قد يكون أقل من يسعد، فعلى كتفه أعباء أسره بأكملها، فالمقيم أبو سامر (مدرس) استهل حديثه ضاحكاً: «كان الله في العون ماذا سنفعل مضطرين على السفر ومصاريفه، والمشكلة أن ضربات مصاريف الصيف متتالية فبعد إنفاق السفر سنبدأ بالاستعداد لرمضان يليه العيد ومن ثم تجهيز الأولاد للعودة إلى المدارس». وحول مصاريف السفر والهدايا يتابع: «والله التذاكر غالية، خصوصاً وأني سأسافر متأخرا؛ لأن إجازتنا نحن المدرسين لم تبدأ بعد، فلاحظت أن التذاكر في شهر 6 أرخص من 7، هذا عدا الهدايا الكثيرة وطلبات الأولاد.. عموماً تغيير الجو وكسر الروتين وتعب العام يستحق أن ندلل أنفسنا قليلاً في الصيف». منظور نفسي وفي هذا الصدد يقول الاستشاري النفسي الدكتور طارق عبدالرحمن العيسوي لـ «العرب» إنه من النظرة الأولى نستطيع القول: إن الشابات هن الأكثر إنفاقا، نظراً لتنوع أوجه الصرف لديهن في أمور متنوعة كالتجميل والماكياج والإكسسوارات التي تتناسب مع الزي وألوانه... والرغبة في لفت الانتباه أو التميز والظهور بمظهر يليق بمستواها الاقتصادي والاجتماعي أو الرغبة في محاكاة مستوى اقتصادي واجتماعي آخر رغبة في الزواج أو التوظف أو الصداقة مثلاً. ويتابع «ولكن نظراً لطبيعة مجتمعنا وتحليلاً لشخصية الشباب نجد كذلك أن للشاب القطري مصروفاته التي تزيد أحيانا عن الفتاة، وقد ترجع الأسباب إلى منح المجتمع مساحة أكبر من حرية التنقل والسفر والخروج والسهر والتزاور ومقابلة الأصدقاء، وأحياناً النوم خارج المنزل كالنزول في الفنادق أو عند الأقارب... وهذا كله يعطي مساحة أكبر للمصروفات، فضلاً عن التقليد أو حب الظهور أو رغبة الشاب في اقتناء أحدث الساعات والهواتف النقالة والأقلام الثمينة... فتنوع وكثرة الأصدقاء لدى الشاب تجعله يمارس العديد من الأنشطة وهذا يكلفه الكثير». أما إذا كانت للمتزوجين نسبة مختلفة في الصرف عن الشباب، فيجيب د. العيسوي: «القوامة في يد الزوج فهو الحامي لزوجته وأسرته والمكلف بالإنفاق وتوفير الاحتياجات، فيبدأ الشاب بعد الزواج في توظيف دخله لتحقيق أهدافه ووضع خارطة للإنفاق وتسديد ديون العرس ومستلزماته، وهنا لا نغفل دور الزوجة التي أصبحت شريكا أساسيا في عملية تحديد الأهداف والأصول في الإنفاق هي الأخرى، ويمكن ملاحظة أن أكثر الأزواج يعطي الزوجة الواعية مسؤولية الإنفاق على المنزل والأبناء لما لديها من حكمة ومعرفة بالأساسيات، ويتفرغ الزوج للعمل وكسب العيش. وقد يرتبط سوء الإنفاق وزيادة المصاريف بالمشاكل العائلية بين الزوجين، ويذكر د. العيسوي أبرز هذه المشاكل «الاختلاف وعدم التشاور بين الزوجين في أوجه الإنفاق، أو عدم النظر إلى متوسط دخل الأسرة مما يغرقها في الديون، أو الإصابة بالتسوق المرضي، أو الرغبة في توفير المستلزمات كالسيارة والأثاث والمنزل في بداية الحياة دون تنظيم، واللجوء إلى البنوك والاقتراض لأهداف غير مسؤولة». ويختم د. العيسوي إفادته بالعلاج المناسب لتجنب مشاكل الإسراف إن كان ذلك في عطلة الصيف أو غيرها من أيام السنة فيقول: «البعد عن أصدقاء السوء وإيجاد المثل الأعلى، والقناعة بأن لكل شخص دخله ومستواه الاقتصادي أمر مهم يجنبنا مشاكل المصاريف الطائلة، مع تحديد الأهداف وتوخي الحذر من الاقتراض إلا في أضيق الظروف، مع التوجيه الدائم للأبناء في هذا الشأن».