خبراء وشخصيات نسائية لـ «العرب»: التماسك الأسري.. حصانة للمجتمع

alarab
تحقيقات 15 أبريل 2022 , 12:44ص
يوسف بوزية

د. حسن البريكي: الصداقة الوالدية تسد الفجوة بين الأجيال

فاطمة الجابر: تعزيز قيم المواطنة على حساب الهويات الفردية

أبرار الجناحي: رفع الوعي بأهمية الأسرة لما تمثله من قيمة

روضة القبيسي: تحصين الأبناء في مواجهة كل ما يخالف ثوابتنا

أكد عدد من الخبراء المختصين والشخصيات النسائية، أهمية تنفيذ السياسات المجتمعية التي تهتم بالأسرة وتنهض بها وتمكنها من أداء دورها في بناء مجتمع متماسك ومستقر، منوهين بضرورة الحفاظ على كيان الأسرة القطرية في ظل الانفتاح الرقمي والثقافي والتغيرات المعاصرة التي طرأت على المجتمع ومعالجة أسباب التفكك الأسري بما فيه ارتفاع معدل الطلاق، وإيجاد الحلول لتذليل العقبات المادية للمقبلين على الزواج.

واستعرضوا بعض الحلول التي تساهم في تحصين الأسرة والمجتمع في مواجهة المتغيرات التي يفرضها عصر المعلومات والانفتاح، وكذا حماية أبناء المجتمع من كل ما يخالف ثوابتهم الأخلاقية، مشددين خصوصاً على جانب التربية، بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغير.

حلول مقترحة
واستعرضت السيد فاطمة الجابر أبرز التحديات التي تؤثر على التماسك الاسري والحلول المقترحة، بدءاً من التعليم ودوره في بناء الشخصية المتوازنة في ظل ارتباط المراحل التعليمية بالمناهج الغربية، وأكدت ان الحل يكون بالاستفادة من المنهج الغربي بما يتوافق مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس والكون علينا واعتبارها ايجابية في الجانب الذي يخدم ويطور المجتمع وفي الجانب البحثي والعلمي وهنا دور الاسرة والتنشئة السليمة الذي يساعد في عملية الفلترة والاختيار وكذلك دور المعلمين في الشرح والتوعية للجوانب الإيجابية والسلبية في كل علم. 

التغيرات المحيطة
وأكدت أن التحدي الثاني يتمثل في قدرة الأسرة على تطبيق مجموعة من الافكار والقيم والثقافات المحيطة مع الاخذ بعين الاعتبار اختلاف الافراد والسلوكيات داخل الاسر الواحدة، مشيرة الى ان الحل يتلخص بالتعامل مع التغييرات المحيطة على انها شيء ايجابي وجيد وليس بالضرورة انه عامل هدم ومهدد لكيان العائلة خاصة اذا كانت هذه التغييرات في نطاق المعقول مع السعي الى التعلم من تجارب الاخرين والقدرة على مشاركة الاراء والافكار بين افراد الاسرة ومحاولة تبني الادوار الايجابية بقدر المستطاع لنعبر بالأسرة الى بر الامان ونجعل منها أسرة سعيدة وآمنة ومستقرة.

القدوة على صعيد الأسرة
وأكدت ان التحدي الثالث يتمثل في وجود عامل القدوة على صعيد الأسرة وذلك لأن للقدوة دورا بالغ الاهمية في توجيه الافراد وتشكيل الشخصيات والحل يكون بضرورة حسن الاختيار لدى الرجل والمرأة عند الزواج والرغبة في تشكيل أسرة. 
في حين يتلخص التحدي الرابع في ايجاد وتشكيل الوعي الجمعي لدى جميع افراد الاسرة وبالتالي المجتمع ككل والذي يقوم على مفهوم المواطنة والشراكة والاندماج والتراحم بعيدا كل البعد عن الهويات الفردية والطبقية والانانية المدمرة للمجتمعات والحل يكون بجعل أجواء الاسرة محاطًا بأجواء ايجابية ويجب ان تكون هذه الايجابية مستمدة من القيم والاخلاق والتقاليد عبر الاجيال.
أما التحدي الخامس فهو التغلب على المشكلات النفسية التي قد تنشأ في نطاق الأسرة الواحدة مثل شعور البعض داخل الاسرة بالتفرقة والتمييز وتفضيل فرد على فرد آخر، والحل يكمن مرة اخرى في وعي الاسرة وحكمة جميع أفرادها في استيعاب وحل المشكلات أولاً بأول حتى لا تخرج الى النطاق الخارجي وتتفاقم الى مشكلات جديدة من نوعها وتؤدي لا سمح الله الى كوارث من نوع آخر.

تحصين الأبناء
من جانبها، دعت السيدة أبرار الجناحي، المدربة المعتمدة والمرشدة في صناعـة الواقع، إلى رفع الوعي بقيمة الأسرة لما تمثله من قيمة اجتماعية هامة، ودورها في تحصين الأبناء من عوامل التغريب من خلال غرس القيم الرصينة وتأصيل المبادئ القويمة في نفوسهم، لكي تتقوى الحصانة الذاتية لديهم، ليتمكنوا من التمييز بين الصالح والطالح.

سد الفجوة بين الأجيال
من جانبه، نوه الدكتور حسن سالم البريكي، مستشار أسري، بأهمية التشريعات والسياسات الأسرية في تعزيز المخزون الأخلاقي والقيمي للمجتمع القطري في مواجهة التحديات والمتغيرات. 
واستعرض د. البريكي لـ «العرب» كيفية تحصين الأسرة من التفكك والمجتمع من التغريب، بمن فيه الأبناء في نطاق الأسرة، من تأثير السلوكيات الهدامة والأفكار الدخيلة، مؤكداً على جانب التربية بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغير، ودعا الدكتور البريكي أولياء الأمور إلى معرفة أصدقاء أبنائهم وروافدهم المعرفية؛ لضمان عدم تعرضهم للوقوع في أيدي الفئات المنحرفة فكرياً، منوهاً بضرورة فتح باب الحوار الأسري بين الآباء والأبناء في جميع الأعمار، حتى يتمكنوا من إخراج ما في نفوسهم أولاً بأول.
وأشار د.البريكي إلى دور الصداقة الوالدية مع الأبناء في تعزيز قيم الأبناء وسد الفجوة بين الأجيال وعقد الجلسات التثقيفية المعرفية البيتية بين الآباء والأبناء. وكذلك الإجابة الشفافة على تساؤلات الأبناء أولاً بأول دون حرج من سؤال الغير عندما يعن للابن سؤال لا يعرفه أحد الوالدين، إلى جانب عدم ترك الأولاد فترات طويلة منذ الصغر لمواقع ذات معطيات ثقافية هدامة، أو ذات مواد إعلامية مضللة، مع تعريضهم لبعض الأماكن التي تمكنهم من تحصيل بعض المفاهيم والمعلومات السليمة بشكل مباشر أو غير مباشر.
تحديات اجتماعية
واستعرضت السيدة فاطمة جمعة المهندي، أبرز التحديات الاجتماعية التي تواجه الأسرة في عصر توفر التكنولوجيا وتطورها وتواجدها في يد كل بالغ وطفل وتبني أسلوب التربية المتساهلة مع غياب الرقابة وضعف المحتوى الهادف، وتتمثل هذه التحديات على سبيل المثال في الحفاظ على الهُوية، وضعف العلاقات والتواصل داخل محيط الأسرة فقد تجد أفراد الأسرة مجتمعين ومنفصلين في آن واحد كل منشغل بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي دون التحادث وبناء العلاقات الاجتماعية، ازدياد مشكلة العزلة النفسية والاجتماعية، وكذلك اضطراب العلاقات الاجتماعية بين الزوجين وبينهم وبين الأبناء.
وأكدت أن مواجهة هذه التحديات تكمن في الاسرة نفسها، فكلما زاد وعي الأسر تجاه هذه التحديات وطرق معالجتها ساهم ذلك في تجاوز الكثير من المُشكلات والعقبات. فأفراد الأسرة عليهم المسؤولية الأكبر ابتداءً من دور الأب ودور الأم في عدم التجاهل والتحصين ورقابة بلا استجواب والتعلم والمشاركة والتقنين ومواكبة التطورات، ومن ثم بقية أفراد الأسرة في تعزيز ركائز الأسرة المتماسكة من الايمان والحب قولا وعملا والحكمة في التعامل مع الأزمات والتحديات والتوجيه والتحفيز والتدريب واستثمار الوقت وابراز القدوات الصالحة. 
توجد العديد من الجهود المبذولة من أجل تعزيز العلاقات الأسرية وتوفير سبل الحماية والدعم بهدف الوصول إلى أسر متوازنة. فهناك توجه من المؤسسات إلى التركيز على العمل الوقائي من خلال توفير التدريب والدعم للمقبلين على الزواج والأباء الجدد مما يسهم في بناء قدراتهم على التنشئة، والتربية، والتوجيه، والإعداد الجيد للمواقف المختلفة التي تواجه أفراد الأسرة في حياتهم المستقبلية، وتوفير السبل لتحقيق التوازن بين الأسرة والعمل للمرأة من خلال نظام العمل المرن أو الجزئي أو العمل عن بُعد. 

القيم النبيلة
وأكدت السيدة روضة القبيسي، خبير التنمية البشرية، أهمية القيم النبيلة المستمدة من ديننا الحنيف، في تعزيز التماسك الأسري وتحصين الأبناء في مواجهة كل ما يخالف ثوابتنا الأخلاقية، منوهة بدور القيم الأخلاقية في مقاومة المتغيرات التي تفرضها وفرة التقنيات التي جعلت العالم ينساب بعضه على بعض، بشقيه الواقعي والافتراضي، مشددة خصوصاً على جانب التربية بما فيها قيم الإحترام والعطف وحسن التعامل وانتقاء المفردات الجيدة داخل وخارج المنزل وتهذيب الآراء والانتقادات وكل مظاهر التربية بوصفها أكثر جوانب المجتمع المسلم عرضة للتغير.