رصدت «العرب» الأجواء الرمضانية في الساحة الشرقية لسوق واقف التي تعرف بـ «ساحة الحمام» والتي تحتضن مدفع الإفطار طيلة شهر رمضان المبارك، حيث توافدت العائلات من المواطنين والمقيمين مع غروب الشمس لحضور لحظة إطلاق مدفع الإفطار إيذانا بمباشرة المسلمين لطعامهم وشرابهم حتى موعد الإمساك، حيث يُعد مدفعُ الإفطار من العادات الرمضانيَّة المحبَّبة التي تدخل البهجة والسرور على قلوب الجميع، وتحرص معظم العائلات على زيارة موقع مدفع الإفطار مرة واحدة على الأقل كل رمضان، كما يحرص الكثيرُ من الكبار على حضور لحظة إطلاق المدفع لارتباطِها معهم بالذكريات الجميلة التي عاشوها خلال الطفولة.
وقام عدد من المواطنين بتوزيع وجبات خفيفة على الجمهور المتواجدين في ساحة الحمام بسوق واقف لمشاهدة إطلاق المدفع مع وقت أذان المغرب، ويعد مدفع الإفطار من الصور التي تحافظ على الماضي رغم التغيير الذي أحدثته التكنولوجيا والتي أغنت عن صوت المدفع بالكثير من الوسائل التي يمكن أن يتنبه بها الصائم إلى موعد الإفطار إذا كان بعيداً عن المساجد. إلا أن المدفع بقي صادماً ويؤدي دوره التقليدي إلى جانب العديد من المفردات الشعبية التي تلاشى دورها في هذا الشهر الفضيل.
عندما يحين موعد أذان المغرب ينصب المدفع بعنفوان وشموخ وسط الحضور الذين حضروا لرؤيته من جميع الشرائح خاصة الأطفال، وعلى جانبيه أربعة عسكريين بزيهم الرسمي على اليمين والشمال وقد وقفوا في ترتيب عسكري خلفه ينتظرون الآمر بإعطاء شارة إطلاق القذيفة مع انطلاق صوت أذان المغرب الآتي من المسجد العتيق بسوق واقف، وما إن يأتي الأمر للعسكريين بصوت جهوري من القائد قائلاً: «مدفع.. ارمي»، حتى يجلس أحد العساكر على كرسي المدفع ويهوي بقبضة يده على أحد أزرار المدفع عند سماع «اضرب»، معلنا انطلاق القذيفة التي يجلجل صوتها الفضاء راسمة من فوهة المدفع وهجا أصفر ممزوجاً باللون الأحمر، سرعان ما تتلاشى لتعلوها كومة من الدخان تداعب المكان، فينطلق الحمام مصفقا بجناحيه في الهواء بينما يصفق الصغار ابتهاجاً وسروراً بهذا المشهد الرائع، وليتسابق بعدها الأهالي لالتقاط صور تذكارية مع المدفع لتبقى معهم ذكرى رمضانية.
عدد من زوار سوق واقف أعربوا لـ «العرب» عن سعادتهم وبهجتهم بالأجواء التراثية التي تصاحب هذا الشهر الفضيل، خاصة مدفع رمضان الذي ارتبط بالذاكرة مع هذا الشهر الكريم حيث أصبحت مشاهدة المدفع أحد الأشياء التقليدية في رمضان خاصة مع اصطحاب الصغار لاطلاعهم على العادات والموروث الشعبي، ليعرفوا أن المدفع كان أهم الوسائل آنذاك لإعلام الصائمين بحلول موعد الإفطار قبل مكبرات الصوت والراديو والتلفزيون ووسائل الاتصال الحديثة.
أيقونة رمضانية بامتياز
من جهته، قال أحد المقيمين الأجانب كان برفقة أسرته، إن مدفع رمضان لإعطاء شارة الإفطار يثير فضولنا، ولهذا أتيت خصيصا لمعاينته برفقة أبنائي وزوجتي والتقاط صور له، مشيرا أن هذه العادة يفتقدها بلده وكثير من البلدان الأوروبية.
في حين أوضح أحد المقيمين، أن مدفع رمضان، أصبح أيقونة رمضانية بامتياز، ولا يخلف موعده مع إفطار الصائمين، إلى جانب مفردات رمضانية أخرى مثل الفوانيس والأكلات الشعبية التي لا تزين موائد الصائمين إلا في رمضان، بالإضافة إلى الاحتفال بليلة منتصف هذا الشهر (القرنقعوه).