نتنياهو وضع أسس تقسيم القدس

alarab
حول العالم 14 نوفمبر 2015 , 12:47ص
معاريف
آخر ما قد يخطر ببال رئيس الحكومة الإسرائيلي هو إيجاد حل سياسي أمام الفلسطينيين لمشكلة القدس. نتنياهو مصر على كلامه عشية الانتخابات بأنه سيمنع قيام دولة فلسطينية، وبذلك حكم على إسرائيل أن تصبح دولة مزدوجة القومية من البحر إلى النهر، إذ إن نصف سكانها اليوم هم من العرب. ونحن نشهد نتائج هذه السياسات في شوارع الدولة هذه الأيام.
ولكن للمفارقة، وليس طوعا، نتنياهو يضع ببطء الأسس لحل سياسي لقضية القدس، وهو، بلا شك، الموضوع الأصعب على الحل بين جميع قضايا الوضع النهائي. القدس اليوم مقسمة بالفعل (de facto) بين الغرب والشرق. معظم أحياء القدس العربية مطوقة، والحواجز الخرسانية والأمنية تقسم اليوم المدينة إلى أقسام. وقد أقنع الوضع الحالي، لأول مرة منذ 1967، غالبية الرأي العام الإسرائيلي بالاصطفاف إلى نقل الأحياء العربية في القدس الشرقية إلى أيدي السلطة الفلسطينية.
ووفقا لاستطلاع مينا تسيمح لقناة الكنيست، فإن %50 من الإسرائيليين يؤيدون التنازل عن أحياء القدس الشرقية، في مقابل %41 يعارضون ذلك.
وفيما يخص الأقصى، فقد ترك نتنياهو الحكم الإداري بأيدي الأوقاف الأردنية، والتي تنسق مع وزارة الشؤون الدينية الفلسطينية في رام الله. المسلمون فقط يمكنهم الصلاة في المسجد الأقصى بحسب تعليمات نتنياهو. يستطيع الوزراء الفلسطينيون أن يصلوا في الحرم، أما أوري أريئيل فممنوع. ليس سرا أن السلطة الفلسطينية تعمل على مستوى المجتمع، التعليم والرياضة بين العرب في القدس الشرقية.
ويمكن لهذه العناصر، التي تعززت فقط في الأسابيع الأخيرة، أن تشكل، في الوقت المناسب، أساسا لحل سياسي لقضية القدس. عندما يصل إلى السلطة رئيس حكومة يؤيد بشكل حقيقي حل الدولتين، فإنه يستطيع، وذلك من أجل حل القضية الأكثر إلحاحا، أن يحول الوضع القائم بالفعل إلى وضع ملزم من الناحية القانونية، أي يحول الانقسام القائم في المدينة إلى انقسام سياسي بين دولتين. وستنتقل الأحياء العربية والأماكن المقدسة في الإسلام إلى السيادة الفلسطينية، وتكون الأحياء اليهودية والأماكن المقدسة في اليهودية (بما في ذلك الحي اليهودي وحائط البراق) تحت السيادة الإسرائيلية. ورغم أن حلا كهذا ليس بعيدا عن الواقع اليوم، فهناك حاجة إلى زعيم ذي رؤية تاريخية، يري ضرورة التوصل لحل سياسي، من أجل الحفاظ على طابع إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، زعيم لديه الجرأة، ويعرف كيف يواجه اليمين المسيحاني بشجاعة.
إذا أصبحت القدس جزءا من عملية سياسية في إطار فكرة حل الدولتين، فإن ذلك سوف يسهل حل القضايا الأخرى في النزاع بيننا وبين الفلسطينيين: الأمن، والحدود، والمستوطنات، واللاجئين. الاستعداد للتوصل إلى حل سياسي لقضية القدس سيتيح تحولا تاريخيا للعلاقة بين إسرائيل والدول العربية، مثل مصر، والأردن، والسعودية، والمغرب، وتونس، وكذلك مع دول إسلامية أخرى. علاوة على ذلك، فإن القدس الإسرائيلية سوف يعترف بها من قبل معظم دول العالم كعاصمة لإسرائيل (لا تعترف بذلك أي دولة اليوم، بما في ذلك الولايات المتحدة). إن ذلك الزعيم الذي سيحتم الواقع مجيئه، يمكن حينذاك أن يشكر نتنياهو لأنه وضع الأسس لحل قضية القدس.